رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 9 - 1 - الجمعة 1/3/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل التاسع
1
تم النشر الجمعة
1/3/2024
تسللت أشاعة الضوء المُنبعثة من نافذة الغُرفة، إلي عينيها السوداء، هواء يَناير الخفيف يُداعب بشرة وجهها، تململت في فِراشها بتكاسل، من ثم رفعت يديها تحمي عينيها من أشاعة الضوء الذي قلق نومها، ببطء شديد كانت تفتح عينيها الواسعة شيئًا فشيئًا، ثم أخذت تتأمل الغُرفة من حولها، أنها ليست غُرفتها في منزل والدها، أين دولابها الصغير، وسريرها ومكتبها، الغُرفة مُتغيرة كُليًا بداية من ألوان الحائط الهادئة باللون الرمادي الفتاح علي عكس ألوان غُرفتها البيضاء المُختلطة باللون الوردي، وأيضًا الأثاث المُنمق بعناية، أخيرًا أستوعبت أنها ليست بغُرفتها وأنها الآن بغُرفتها الجديدة في منزل الزوجية.........
وأن البارحة كانت ليلة زفافها علي "عُمر"، وأن اليوم هو يوم صبحيتها،نظرت إلي الناحية الأُخري من الفِراش مكان نومهِ، فـ لم تجده نائم بجانبها،أيقنت أنهُ ترك الغُرفة بعد نومها،ترقرقت الدُموع في عينيها ما أن عاد مشهد ليلة البارحة أمامها، تقلصت عضلات معدتها كـ حركة تلقائية تَحدثُ دائمًا عندما تشعرُ بالضيق والحُزن
نظرت بحُزن إلي الشريط أبيض اللون الموضوع أعلي الطاولة الصغيرة بجانب الفِراش، والذي تم تناول حبة واحدة مِنهُ فقط، رجعت بظهرها إلي الوراء تتنهد تنهيدة خرجت حارة مُحملة بكم كبير من الحُمم البُركانة التي تغلي بداخلها الآن...
أنتبهت إلي صوت جرس الباب الذي صدح عاليًا في الشقة بأكملها، فنظرت إلي الساعة الصغيرة الكامنة بجانبها أعلي الكمود،تتسأل في نفسها عن هوية الطارق الذي أتي في هذا الوقت المُبكر من الصباح، ظنًا منها أن الوقت لازال مُبكرًا، فتحت عينها بصدمة ما أن وجدت الساعة تُشير إلي الخامسة عصرًا، كيف نامت كل هذا الوقت، آخر شيء تتذكرهِ هو بُكائها المرير علي ما تفوه بهِ زوجها، لا تعلم كم مر علي بُكائها لكن ما تعلمهُ أنها بكت كثيرًا بقلب مُنفطر..؟.
إستمعت إلي أصوات بالخارج ولم تكن سوى أصوات والداتها وعمتها و" سمر"، وكان" عُمر"يستقبلهم، فنهضت هي مُسرعة من مكانها ما أن سمعت صوت والداتها تسأل زوجها:
_أُومال فين عروستنا؟.
_فـ الحام دقيقة وهتخرج، اتفضلوا اتفضلوا...
بحركة سريعة التقطت أول ما قابلتهُ يدها من حزانتها، ثم هرولت إلي المرحاض، وبعد عدة دقائق خرجت مُرتدية روب طويل من اللون الزهري الفاتح ينعكس علي بياض بشرتها، وقد وضعت بعض المستاحيق علي بشرتها كي تُخفي أثار البُكاء، فخرجت لهم تستقبلهم، ما أن راتها والداتها حتي نهضت سريعًا تحتضنها بأشتياق كبير وكأنها لم تراها مُنذ سنة مضت، وليس فقط ليلة واحدة.
_صباحية مُباركة يـا نور عيني.... مشاءالله الله وأكبر وشك منور وزي القمر.
أبتسمت أبتسامة باهتة، أرغمت شفتيها علي رسمها، فتابعت والداتها تُوجه حديثها لعمتها:
_الحمدلله أن إلهام مجاتش معانا، كان زمانها ضربت البت عين جابت أجلها!.
ارتفعت ضحكاتهم جميعًا، من ثم نهضت "نجلاء" تُقبل "غالية" وتحتضنها مُتمتمة بسعادة صادقة:
_مبروك يا حبيبة عمتك....مشاءالله فعلاً وشها نور يا سُعاد مشاءالله، لو نعرف أن الجواز هينورك كده كُنا جوزناكِ من زمان، بركاتك يا عُمر!.
رمت لها بغمزة في نهاية حديثها، فنظرت هي إلي الأسفل وقد ظهرت مسحة صغيرة من الحزن علي وجهها، همست بنبرة مُنخفضة تسأل والداتها:
_بابا مجاش معاكم لي....
نظروا إلي بعضهم، ثم اطلقت "نجلاء" ضحكة صاخبة، مُقتربة منها تقول بخبث:
_وأنتِ عايزة حلمي في أي؟خليكِ في جوزك..... وبعدين أحنا جايين نطمن عليكِ بس وماشيين بسرعة، مش عايزين نبقي تُقال علي العرسان علشان ياخدو راحتهم.
ثم تابعت بمكر:
_قوليلي يا حبيبة عمتك أي اللي حصل، أحكيلي احكيلي، عُمر باينه دخل جوه....
سكتت مُتقمصة الخجل، ثم رفعت نظرها إلي والداتها وكأنها تترجها أن تُبعد عنها عمتها، وكأن الاخري فهمت نظراتها فهتفت بشقيقة زوجها:
_عيب يا نجلاء متكسفيش البت بقا.... ما أنتِ عارفة بنات اليومين دول بيتكسفوا ازاي....
_وهي هتتكسف برضو من عمتها حبيبتها؟.
_خلاص بقا يا ماما.....أحنا كُنا جايين نطمن عليها وأدينا اطمنا أهو يلا ننزل بقا!.
رفعت حاجبيها قائلة:
_أطمنا فين ده؟ هي نطقت بـ حاجة من ساعة ما جينا...
_يلهوي عليكِ يا نجلاء خلاص بقا، يلا نسيبهم براحتهم، عيب نتقل عليهم أكتر من كده
❈-❈-❈
أسبوع كامل قَضتهُ هي حبيسة جُدران غُرفتها، لا تُريد أن تتعامل معهُ، فكانت تخرجُ فقط لإعداد الطعام في كل وجبة وتضعهُ علي مائدة الطعام وتدخل مرة آخري إلي جُحرها مُتفادية أي تَصادم معهُ، حتي أنها لم تتحدث معهُ بكلمة واحدة طوال الأسبوع هذا، لم تتحدث من الأساس معهُ أو مع غيرهِ، حتي ظنت أنها نسيت كيف تتحدث، حيثُ أن والداتها أردات أن تتركهم علي راحتهم ولا تُزعجهم بزيارتها فـ هُم يُعتبر في فترة شهر العسل، أي عسل هذا الذي يتحدثون عنهُ، مُنذُ الليلة الأولي وهي لم تذُق سوى الألم، عقلها يصرخُ كُل ليلة بمئات الأسئلة التي ستقودها إلي حافة الجنون لا محالة، لا أحد يشعرُ بكم المُعاناه التي تعيش فيها الآن بسبب ما حدث، أن يُناديها زوجها بأسم إمرأة آخري لا تعلم هويتها وهو بين أحضانها هي، أعتصر قلبها قهرًا حينها.........
أنتبهت إلي صوت رنين هاتفها الذي أرتفع يدقُ بألحالح يشقُ السكون المُخيم علي الغُرفة، مدت يديها تلتقتهُ، لم تنتبه إلي هوية المُتصل حيثُ أنها فتحت الخط سريعًا حتي دون النظر إلي هوية من يتصل، أجابت بهدوء:
_أيو!.
أتاها صوت مُحبب إلي قلبها، يقول بنبرة حنونة مُشتاقة لها:
_قلب أبوها اللي وحشتني قد الدُنيا ومش عايزة تحن عليا وتنزل تقعد مع أبوها شوية..
لا اردايًا احتلت إبتسامة جميلة وجهها، وتناست كل شئ، وقالت بحماس وفرحة:
_بابا حبيبي وحشتني أوي أوي والله العظيم....
_لو وحشتك بجد كُنتِ جيتِ شوفتيني، ده بينا وبينكم دور واحد، أنا لولا تعلمات سُعاد الصارمة أن محدش يطلع عندكم ونسيبكم براحتكم كان زماني عندك كُل يوم....
وكأن الأشراق عاد لوجهها مرة ثانية بعد أن كان مُنطفئ لا حياة فيهِ، لا تُريد سوى أن ترتمي بأحضانه وتتناسى كل هُموم الحياة، فتابع والداها سائلاً:
_أُومال العريس فين.... هو ما صدق أنه خلاص بقا عريس ومش هينزل شُغله؟الشُغل واقف، وبرن عليه مش بيرد
حمحمت بتوتر، ثم قالت بعد دقيقة من الصمت:
_عُمر نايم وأكيد مش سامع التليفون
_طيب صحيه بقا كفاية دلع لحد كده الشغل اتراكم عليه، خليه ينزلي عايزه ضروري!.
_حاضر!
أنهت المُكالمة، من ثم نهضت من مكانها بعد أن ارتدت وشاح حريري علي أكتافها، تخفي فتحة الييجامة من عند منطقة الصدر، فتحت الباب بهدوء، ثم أخرجت رأسها اولاً تتفقد هل هو بالصالة أمّ لا؟، لم تجد لهُ آثر، فأيقنت أن توقعها كان صحيحًا أنهُ نائم....
وقفت أمام باب غرفة الاطفال والذي اخذها هو غرفة له من بداية زواجهم،طرقت علي الباب عدة طرقات خفيفة ولكن لم يأتيها الرد، فركت يديها بتردد، أتدلفُ لهُ أمّ لا؟! وفي النهاية حسمت قرارها، ثم فتحت الباب بهدوء، أحمرت وجنتيها متوهجة من شدة الخجل من هيئتة وهو نائم، حيث كان نائمًا علي بطنه ولا يستر جسده سوي سروال داخلي قصير فقط......شعرت ببعض التوتر للحظة أرادت الخروج وتجنب تلك الدقة الغريبة في قلبها عند رؤيتهِ.، كيف ستجعله يستيقظ الآن؟
بالتأكيد لن تقترب منه وهو هكذا ويستيقظ امامها بتلك الهيئة التي ستتسبب في أصابتها بجلطةٍ ما، تقدمت بهدوء إلي حيث خزانة الملابس، ثم فتحت باب الخزانة بهدوء كي لا تُزعجه في نومتهِ، أو تجعله يستيقظ،ثم إلتقطت لحاف أطفالي صغير بعض الشي يُناسب ذالك السرير الصغير الذي ينام عليهِ ....
للحظة شعرت بالشفقة عليه كيف له أن ينام علي مثل هذا السرير الصغير، بالتأكيد لا يأخذ راحتهِ وهو نائم، تقدمت منه مرة ثانية، ثم وضعت اللحاف الصغير أعلي جسده بالكامل، حتي نصف ضهره، زفرت انفاسها قائلة بصوت خفيض وهي تهزه بيديها برقةٍ الناعمة:
_عُمر.....عُمر!.
لم يأتها رد منهُ، فأخذت تُنادي بأسمهِ عدة مرات، وبعد محاولات كثيرة أخيرًا أستيقظ، أنتفض من مكانهِ كـ من لدغتهُ حيةٍ ما، فور أن بدأ يستعيد تركيزه ووجدها واقفة أمامه، أعتدل يفركُ عينيهِ بنُعاس، أستغرب من الغطاء الموضوع أعلي جسدهِ، لا يتذكر أنه كان موجود قبل نومهِ، علي ما يبدو أنه لم ينتبه، حمحمت هي ثم قالت بنبرة خرجت باردة :
_بابا بيتصل بيك مش بترد...
نظر إلي الهاتف بجانبهِ وجد بالفعل مُكلمات عديدة من والد زوجتهِ وأيضًا "وليد"، لم تدري هي لماذا شعرت بغصة مريرة بقلبها، فـ هاهو ينام بكل إرياحية وكأنه لم يَتسبب في وجود جرح غائر بداخلها، وكأنه لا يتذكر كلماتهِ التي جرحت كبريائها وأنوثتها.....
_بيقولك أنزل له عايزك ضروري علشان الشغُل...
قالت كلماتها بحُنق ووجه أصبح مُحتقن من الغضب، كُلما نظرت إلي وجههِ تذكرت ما قال، فتتفاقم بداخلها رغبة مُلحة في البُكاء، و أن تسألهُ عن هوية تلك المرأة التي نطقَ بأسمها هو بأحضانها...... هرولت تخرجُ من الغُرفة بخطوات سريعة وكأنها كانت بداخل قفصٍ ما وللتو نالت حُريتها......