-->

رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 12 - 1 - السبت 9/3/2024

  

قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية جوازة ابريل

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر 

من روايات وقصص 

الكاتبة نورهان محسن

الفصل الثاني عشر

1

تم النشر يوم السبت

9/3/2024


 

طالما كان يهوى المخاطر ، ويذهب إليها بكامل إرادته ، ويخبره حدسه أن طريق هذه المتمردة محفوف بالعديد من العثرات الصعبة ، وهذا ما يجعل عروقه تشتعل بنيران التحدي والإثارة في مواجهة تيارات أمواجها الفيروزية التى على الدوام متأججة بالعداء والاستهجان ، فاصبر أيها القلب ، لدينا الوقت لترويض هذه النمرة الشرسة ، سنصمد بقوة مهما صعب علينا الوصول إليها.


❈-❈-❈


فى منزل مصطفي الترابلسي


داخل غرفة نبيل والده


اقتربت منه هناء ، تضيق عينيها عليه في حيرة ، وهي تراه بكامل ملابسه ، وقالت بإستغراب : انت خارج ولا ايه يا نبيل؟


هز نبيل رأسه بالإيجاب ، مهندمًا عنق قميصه الأبيض ، وهو يشرح لها بقلق بالغ : رايح ورا ابنك الحقه مش ناقصين فضايح .. وفوق الخسارة اللي حصلت كمان يعمل حاجة مجنونة يضيع بيها نفسه


هزت هناء رأسها بإيماءات متتالية بتأييد ، وهتفت بتعجل : طيب انا هلبس وهاجي معاك عند سلمي


استدارت على الفور نحو خزانة الملابس ، وخطت عدة خطوات نحوها ، لكن صوت نبيل الأجش أوقفها : لا ابنك مش رايح البيت عندهم .. رايحهم علي المستشفي


ادارت جسدها نحوه ، وبزغ الفزع على محياها ، وهي تستفسر : مستشفي .. ليه؟


نهج صدره علوًا وهبوطًا مع تزايد القلق داخله ، مع إجابته بصوت متوتر : ابريل تعبت امبارح بليل ونقلوها علي المستشفي .. و اكيد هتبقي عيلة صلاح هناك وانا ماضمنش ممكن ابنك يعمل ايه!؟


اقتربت هناء منه ، لتربت على ذراعه بحنان ، محاولة أن تبثه بالاطمئنان بينما نجح القلق ، والخوف في التسلل إلى قلبها : اهدا طيب .. اهدا ماتتوترش كدا غلط علي صحتك .. اكيد مصطفي هيقدر يتصرف صح انا عارفة ابني عاقل


هز نبيل رأسه بالرفض ، وهدر بانفعال لا إرادي ، وما زاده ردها إلا غضباً : عاقل !! انتي ماشوفتيش شكله وهو خارج يجري زي المجنون .. تقدري تقوليلي هيتصرف ازاي وهو متشتت بين اتنين ستات ها .. لا لا مش هيقدر يفكر صح طبعا ومحتاج للي يرجعله عقله انا سيبته يتمادي كتير اوي


ظهرت على وجهها علامات الاقتناع بصحة كلامه ، فهتفت سريعاً بعزم : خلاص .. انا هحضر نفسي في خمس دقايق واجي معاك


❈-❈-❈


عند ابريل فى الغرفة


أغلقت ابريل باب الخزانة بعنف ، وهي تفرك جبهتها في محاولة لإنعاش ذاكرتها المشوشة ، وأخذت تتمتم بصوت حائر ملون بأنواع كثيرة من الغضب : دا وقته دا .. ادور فين تاني .. انا متأكدة انه كان موجود معايا راح فين بس؟!


_محتاجة مساعدة؟!


استدارت أبريل في مفاجأة ، فور أن جاءها صوته العميق بنبرته رجولية الساخرة المميزة التي أصبحت مألوفة لها إلى حد ما ، فاشتعلت فيروزيتها استنكاراً من وقاحته ، وهي تشاهده يقف بجلال قامته الشامخة معها داخل الغرفة بعد أن ولج وأغلق الباب خلفه دون أن تشعر حتى بوجوده ، فخرج صوتها خافتا من نفاد الصبر : احنا مش هنخلص بقا


ارتفع مستوى صوتها ردًا على هذا الوقح ، وهي تصر على أسنانها بإغتياظ : انت مش كنت مشيت!! ايه اللي رجعك؟


إنفرجت ابتسامة باردة على فمه ، وعيناه الرماديتان تتألقان ببريق مفتتن بها ، وهي تضع يديها على خصرها بتحدٍ.


خطى باسم عدة خطوات حتى وصل إلى طاولة صغيرة أمام أريكة تتسع لشخصين ، ووضع عليها صينية الطعام دون أن يعير لسؤالها إهتمام ، و قال بهدوء مريب : باين عليكي فايتك كتير محتاجة تتعلميه .. اولهم ازاي تعاملي حبيبك وخطيبك؟!


رمقته بنصف عين مهسهسة بمقت : حبتك حية تتلف حولين رقبتك


زوي بين حاجبيه الكثيفين ، عابسًا بجاذبية طاغية لم تلاحظها أبريل وسط اضطرابها ، بينما يخبرها بحزن كاذب : واهون عليكي يا بندقة وانا اللي روحت مخصوص اجيبلك الفطار لحد عندك


أنهى باسم حديثه بابتسامة لطيفة داعبت على شفتيه ، فبادلته بأخرى بلا مرح مع نطقها بغضب ناعم : كتر الف خيرك .. حقيقي ميرسي اوي .. بس تعبت نفسك علي الفاضي انا مش هفطر..


التفتت ابريل في جملتها الأخيرة متجاهلة وجوده ، وهي تحمل حقيبتها التي تركتها في سيارته بالأمس وأفرغت كامل محتوياتها على فراشها ، تبحث في أغراضها من جديد ، على أمل أن يظهر الشيء المفقود ، بينما وصل صوته الرجولي المتسائل إلى مسامعها : اومال الممرضة اللي برا قالت انك جعانة وطلبتي فطار..؟!


تمتمت ساخرة دون أن يسمعها : شوفتك نفسي اتسدت


سرعان ما تومض روماديته بشرارة ماكرة في نهاية جملته ، وهمهم بإدراك ، بينما تركزت حدقتيه عليها شاملاً إياها بنظراته الثاقبة : شكل القطة فاقت وراقت وغيرت هدومها كمان وعايزة تهرب تاني مش كدا .. عموما ريحي نفسك اللي بتدوري عليه مش هتلاقيه


توقفت ابريل عما كانت تفعله بعد أن لفت انتباهها بكلامه ، فأدارت رأسها ببطء ، لتحدق به بهدوء مصطنع ، تخفي وراءه الانزعاج وعدم ارتياح من نبرة صوته الواثقة ، فبادلها النظرات بغموض ، هو يجلس على الأريكة ، واضعاً ذراعيه خلف رقبته ببطء ، وإرتسمت إبتسامة كسولة على فمه ، ناجمة عن سبقه لها بخطوة دائما.


إزدردت ابريل ريقها فى اضطراب ، وتساءلت بتوجس : وانت اش عرفك باللي بدور عليه اصلا؟!


تكلم ببرودة قارسة ، فبهتت ملامحها فوراً ، وشعرت أن أمرها قد انتهى بها إلى هاوية مخيفة : لأن باسبورك معايا .. مش هو دا اللي بتدوري عليه


اتسعت عيناها بإنشداه من كلماته التى تردد صداه بأذنها ، لتسأل بإستنكار شديد : يعني فتشت في شنطتي وسرقته يا حرامي ازاي تعمل حاجة زي دي؟!


حرك لسانه داخل فمه ببرود قبل أن يخاطبها بتحذير متذمر : عيب لما تكلمي خطيبك بالطريقة دي يا بندقة


خرجت من ذهولها ، تهز رأسها برفض ، وهى على وشك الجنون ، مجرد التخيل أن مستقبلها اللعين أصبح قسراً بين يدي هذا الرجل المتلاعب ، يجعل غضبها يضرم بتضاعف ، صرخت باعتراضا عنيفا : خطيب مين وبتاع مين .. ماتناديليش بالطريقة دي تاني .. و باسبوري ترجعولي حالا قبل ما اطربق الدنيا فوق دماغك


تابع بجمود تلك الكلمات الأخيرة الصادرة منها بنبرة تهديد مضحكة ، واضعًا قدمه فوق الآخرى ، متلفظاً باسترخاء : لو طربقتيها هتنزل علي دماغك معايا


برودة أعصابه الجليدية أصابتها بالجنون ، بينما كان باسم يستمتع بشكل غريب بحرق أعصابها ، فاندفعت نحوه بخطوات غاضبة ، وإستبدت كل ذرة فى خلاياه بتحفز للانقضاض عليه حتى تزيل هذه الإبتسامة عن فمه الغليظ ، مرددة دون تفكير فى خضم إستيائها الحارق : وانا اللي هفتحلك دماغك بإيدي .. هو انتو عاملين مؤامرة عليا يعني .. بأي حق عمالين تبيعو وتشترو فيا .. مرة هي تاخد موبايلي وتحبسني زي القرد جوا القرد .. ودلوقتي انت بتاخد باسبوري غصب عني .. ايه فاكرين الناس بتمشي علي مزاجكم!!!


كانت ابريل تتحدث بلاهث شديد ، وهو يضحك بذهول واضعاً يده بدفاع أمام وجهه مانعاً وصولها إليه ، لتسدد ضرباتها على ذراعيه بإصرار مجنون ، ودون سابق إنذار ، تمكن من إمساك معصميها بإحكام ، وإختطفها إليه حتى سقطت جالسة فوق ساقيه ، ليتساءل باهتمام : مين اللي حبستك واخدت موبايلك يا قردة؟!


تجمدت حركاتها للحظات من الصدمة مع شعورها بذراعه الذى إلتف حول خصرها ، ثم بدأت بسرعة تدفعه بعيدًا عنها بقوة فى محاولات فاشلة ، وصدرها يرتفع وينخفض بسرعة من شدة الجهد ، مستنكرة بصوت حانق مبحوح : ايه دا انت اجننت!! ابعد عني!!!


قالت ابريل ذلك بينما تدفعه فى صدره ، وتسحب نفسها بعيداً عنه ، جعلها تهرب منه طوعا ، لينظر إليها بعينين متسائلتين ، وهي تتراجع خطوتين إلى الوراء ، هاتفة بنبرة حادة ومضطربة : ماتدخلش في اللي ملكش فيه وهاته احسنلك


حدق فى يدها الممدودة إليه ، ليقول ببساطة : بعد ما تفطري


ردت بجفاء عنيد : مش عايزة اتسمم .. هي عافية .. رجعلي باسبوري بالذوق بقولك


ضحك بسخرية عندما سمع كلمة "ذوق" الذى تناقض مع نظراتها الشرسة ، ثم تابع بتهكم : هتعملي بيه ايه!! ولا له اي لازمة .. لو فاكرة انك هتعرفي تخرجي من باب المستشفي اصلا انسي .. ماتتعبيش روحك وتتعبيني معاكي انا من قلة النوم مش شايف قدامي


إندلعت جمرات الشك فى قلبها ، وهى تتسأل بريبة : تقصد ايه؟


_روحي بصي وهتفهمي قصدي 


قال باسم ببرود ، فتابعت بعينيها المذهولة إصبعه السبابة الذي أشار به نحو النافذة.


❈-❈-❈


فى غرفة مني


أصبح معدل تنفسها مرتفعاً ولاهثاً ، عندما وصل إليها صوته ، لتتمكن بصعوبة من تجاهل النظر إليه ، وتمتمت بالرفض : ماما خليه يمشي مش عايزة اشوفه قدامي


_عز اخرج الله يرضي عليك يا بني .. انت مش شايف حالتها بقت عاملة ازاي بسببكو .. بقي هي دي الامانة اللي امنتك عليها

تجاهل كلمات سوسن التوبيخية ، وكأنه لم يسمعها ، كل تركيزه كان على التي كانت تجلس ، تخفض وجهها لتجنب النظر إليه ، ليهمس بمرارة معذبة : خلاص يعني لدرجة دي مابقتيش طيقاني ولا قادرة تبصيلي


تجاهلت مني سؤاله بإبتسامة ساخرة مغمورة بالدموع وصوبت حديثها إلى دعاء : استريحتي خلاص يا دعاء هانم .. الف مبروك اللي كنتي عايزه توصليله حصل


الصفحة التالية