-->

رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 9 - 1 - الجمعة 1/3/2024

 

قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية جوازة ابريل

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر 

من روايات وقصص 

الكاتبة نورهان محسن

الفصل التاسع

1

تم النشر يوم الخميس

1/3/2024

 (كبرياء يقدح) 


‏أنه لا يشبه الطمأنينة بعد دهر من الخوف ، 

ولا هو شيئًا مألوفًا للقلب ، بالطريقة المذهلة التى ظننته.


يليه..


القلب معنا مظلوم ، يقتله الانتظار وسوء الفهم والصمت واللامبالاة ، فلا تترك شيئا في قلبك لأحد ، كن صادقًا معه بشأن ما تشعر به ، اسأله وألومه هذا حقك ، إذا كان لا يهتم لأمرك ، اتركه بسلام وارحل ، وعندما يستيقظ ولا يجدك بجانبه ، سوف يندم على فراقك ، ولكن المغزى من كل هذا هو علمك أنك تستطيع العيش بدونه ، حين يفهم ذلك ، فأن الأوان قد يكون فات ، وندمه لن يحيي ما مات.


❈-❈-❈


عند دعاء


التفتت دعاء نحو الباب ، فوجدت أم منى تتوجه نحوها بقسمات يغلب عليها الخوف ، وعيناها مرتكزة على منى التي كانت مستلقية على السرير شاحبة الملامح بعد إجراء العملية لها ، فهتفت بلهفة : دعاء !! بنتي مالها فيها ايه؟


تنفست دعاء الصعداء عندما أدركت أنها لم تنتبه لما كانت تقوله لمنى للتو ، بينما تابعت والدة منى بعتاب : ينفع كدا يا دعاء يرضيكي مني تبقي في المستشفي من الفجر وعز متعرفنيش الا دلوقتي


أنهت كلماتها بأنفاس متسارعة وهى تضغط براحة يدها على صدرها ، لذا سرعان ما اتجهت دعاء إليها وأسندتها من ذراعها ، قائلة بهدوء نسبى : علي مهلك خدي نفسك بس .. وماتخافيش هي كويسة الدكاترة طمنونا .. واهي قدامك  بدأ تأثير البنج يروح وهتفوق بس نبهنا الدكتور ان غلط عليها الاجهاد والانفعال يا سوسن امسكي نفسك


نظرت إليها بدموع ، وقالت بصوت منخفض مملوء بالأسى والحزن : قالولي وانا داخلة ان الطفل مات مش كدا .. يا حبيبتي يا بنتي مالحقتش حتي تفرح بالخبر بعد كل الوقت دا يوم مايجي تخسره قلبي حرقني عليها اوي


تقلصت ملامحها بالبكاء ، هامسة بتحشرج يفوح منه الندم : امسكي نفسك يا سوسن انتي ست مؤمنة .. الحمدلله انها بخير وربنا قادر يعوضهم يا سوسن يلا  خلينا نكلم برا احسن


هزت سوسن رأسها بالموافقة ، وهي تجر قدميها لخارج الغرفة بخطوات بطيئة بسبب صدمتها.


❈-❈-❈


في نفس الوقت داخل منزل فهمي الهادي


صاحت سلمى مناشدة ، وهي تنزل الدرج الرخامي ، بينما تنظر إلى ساعة معصمها التي تشير إلى العاشرة صباحا : تقي انتي يا بنتي


جاءت تقي مسرعة إليها من المطبخ ، لترد مبتسمة بأنفاس متلاحقة : نعم يا ست سلمي


وبّختها سلمى ، وهي تتجه إلى طاولة الطعام التي أعدتها تقى قبل دقائق : يا ام مخ طخين مية مرة اقولك ماتقوليش ست تقوليلي مدام سلمي 


كانت تقى تسير خلفها ، مقلدة إياها بطريقة سيرها بمرح قبل أن تجيبها مشددة على الكلمات محاولة كتم ضحكتها : اوامر حضرتك .. يا .. مدام .. سلمي .. كويس كدا


استدارت إليها فجأة بنظرة رادعة ، مما جعل تقى تجفل ، وتتسمر في مكانها ، لتخفض رأسها باحترام خائف ، بينما تخاطبها سلمى بنبرة آمرة : اسمعي ابريل راجعة من المستشفي انهاردة .. حضريلها اوضة الضيوف اللي تحت وانقلي جهاز فلتر بتاعها هناك لازم تتنفس هوا نضيف دايما ..


_حاضر فوريرة


أشرقت ابتسامة تقى ، وأضاءت وجهها بالمحبة الصادقة والسعادة لسلامتها ، وعلى الفور أومأت برأسها عدة مرات متتالية ، هاتفة بحماس عفوي ، لم تستغربه سلمى التى هزت رأسها بقلة حيلة ، لعلمها بمحبة الإثنان لبعضهما


همت تقي بالتحرك ، لكن استوقفها مواصلة سلمى بالحديث محذرة إياها : بت يا تقي .. ابريل ماتطلعش اوضتها خالص لحد ما تتهوي كويس وتروح منها ريحة الدخان .. والله يسامحها علي اللي عملته


قالت سلمي جملتها الأخيرة مع تنهيدة مستسلمة ، فأطرقت تقى رأسها نحو الأسفل ، وتمتمت بهمس مضحك مليء بالاستياء : ماهي معملتش كدا من فراغ يا اهل قريش


تساءلت سلمى التي كانت منشغلة قليلاً بالنظر إلى محتويات الطاولة ، قبل أن تستمع إلى همهمة غير مفهومة من خلفها فتدير وجهها نحوها باستياء : بتبرطمي بتقولي ايه؟!


هندمت تقى حجابها بتوتر ، ورسمت ابتسامة بلهاء على وجهها ، لتجيبها بالكذب ممزوج بالقلق : في قراقيش عملتها بإيدي ولسه سخنة اجيب منها لحضرتك مع لشاي؟!


برقت عيناى سلمى بإشتهاء ، وكادت تجيب بالموافقة ، لكنها تذكرت الحماية الغذائية الخاصة بها فقالت بتبرم : لا مش عايزة .. روحي علي شغلك


تقى بإبتسامة مرحة : تمام يا مدام سلمي .. حلو كدا!!


تأففت سلمى بضجر من تلك المشاكسة الصغيرة ، وأشارت لها بالمغادرة متمتمة بتذمر : والله معرفش مين اللي شغال عند التاني في البيت دا هتجننوني خلاص


غادرت تقي بخطوات مهرولة ، لكن قبل أن تدخل المطبخ ، شعرت بالهاتف يهتز في جيب تنورتها ، وتبادر إلى ذهنها خطيبها حسن ، مما جعلها تلقي نظرة سريعة على والدتها في المطبخ قبل أن تسحبه من جيبها.


نظرت تقى إلى الشاشة ، وعقدت حاجبيها متعجبة من رؤية هذا الرقم الغريب ، فقررت أن تتلقى المكالمة بسرعة قبل أن تلاحظها والدتها : السلام عليكم .. مين معايا؟


أتاها من الطرف الأخر صوت رجولى واثق أجش : وعليكم السلام .. انا احمد ابن خال ابريل


❈-❈-❈


فى مكانا ما داخل مدينة دبى


_داغر باشا


قالها أحد الحراس باحترام ، وهو يسير بخطوات متوازنة في أرض خضراء واسعة. 


استدار نحو مصدر الصوت ، رجل بملامح حنطية تتصف بالجاذبية والرجولة الطاغية ، يحمل مضرب الغولف ويرتدي ملابس رياضية بيضاء تبرز جسده العضلي الطويل ، ذو لحية خفيفة تخطف أنفاسه ، ليحدق فى الحارس بعيون عسلية بها لمحة لا بأس بها من الخضار تتميز بنظراتها الحادة التى تبث الخوف فى من يتطلع بهم ، ليقف على بعد خطوتين منه ، وهو يمد يده إلى سيده بالهاتف ، فأشار إليه داغر بطرف عينه ففهم الآخر الإشارة ، فأعطاه سماعة سوداء ليضعها خلف أذنه ، ثم جعل الحارس يغادر على الفور بحركة من يده.


_ها ايه اخر الاخبار ابن الشندويلي زمانه بيلف حوالين نفسه مش كدا؟؟!


قالها داغر مستفسرا ، بصوت ثقيل خطير ، ممزوج بالسخرية والشماتة ، وعلى وجهه ابتسامة جانبية.


أتاه الرد بصوت رجولى شديد الثقة : تعليمات سعادتك اتنفذت بالحرف يا باشا ومحدش في البلد الا وشاف وسمع عن الفضيحة


_اها .. وايه كمان؟


تمتم بها داغر ، مثبتًا عينيه الثاقبتين على الحفرة الضيقة التي على بعد أمتار قليلة منه ، بينما الرجل يستكمل حديثه بجدية : بلغنا الصبح وصول مصطفي التربلسي من السفر واللي منتظره زمانه بيحصل دلوقتي ومحدش هيقدر يعرف مين ورا الشوشرة دي


_كمان شركة الشندويلي والترابلسي كل ساعة بتمر اسهمهم نازلة واحنا متقدمين عنهم كتير


استمع داغر إليه بتركيز شديد ، وكانت الريح تلعب بشعره الأسود ، وهو يضرب الكرة بالعصا بمهارة ، وتدحرجت بسرعة إلى الحفرة ، فاتسعت على فمه ابتسامة منتشية انتصاراً ، تحولت إلى ضحكة رجولية جذابة ترددت صداها فى الملعب قبل أن يهمس بأسف ساخر : العروسة شكلها قدمها نحس علي الاتنين.. 


تغيرت لهجته إلى نبرة جدية آمرة ، مما يدل على قوة الشخصية المسيطرة والشرسة التي يتميز بها هذا الرجل الخطير : اسمع تفضل متابع كل تحركاتهم .. عايز كل معلومة صغيرة وتفصيلة عن حياة اصغر واحد لأكبر واحد كل حاجة سامعني!!


لم ينتظر رده ، بل تابع محذراً اياه بقسوة : ومش محتاج افكرك مش عايز اي مجال للغلط وترجعلي في كل تصرف .. مفهوم كلامي يا عزام


نطق عزام بطاعة آلية : مفهوم سعادتك


خاطب داغر نفسه بنبرة ماكرة مشحونة بالتوعد ، وهو يضع مضرب الغولف على كتفه : دا مجرد تسخين يا ابن الشندويلي .. لسه مابدأتش معاك الماتش


خفض داغر نظره إلى الهاتف ، وأضاء خلفية الشاشة ليكشف عن صورة ، فأخذ يتمعن النظر إليها عن كثب ، ولمعت عيناه بشوق شديد بزغ في صوته الهامس بثقة : هانت كلها فترة بسيطة وهنبقي مع بعض ومفيش قوة هتبعدني عنك ولا حد هيخرجك من حضني




الصفحة التالية