-->

رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 6 - 1 - الأحد 3/3/2024

  

  قراءة رواية ليتها تعلم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ليتها تعلم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مريم جمعة


الفصل السادس

1

تم النشر يوم الأحد

3/1/2024



الإنتظار..


شعورٌ مُقيت يكرههُ أي شخص، ولكنه يتحمَّلهُ غصبًا كي ترضيهِ النتائج، ولكن ماذا إن كان الإنتظار نتيجتهُ تحسم حياتُك أو مُوتك بالمعنى الحرفي مثل تلك الَّتي تجلسُ في صالة الإنتظار تحتضِنُ رأسها بكفيها وتُغمض عينيها بهدوءٍ خارجي عكس النار الَّتي تنهشُها من الداخِل بسبب الخوف والقلق الَّلذانِ لا يترُكانِها في الأوانة الأخيرة، ومضى على جلستها تلك خمسُ عشر دقائق، مرُّوا عليها وكأنَّهُم خمسُ عشر سنوات وكأن الوقت يُعانِدُها ويمضي ببطئ مُخلِفًا لها لأنَّها لا تُحب أن تنتظِر، ونادتها إحدى المُمرضات تُخبرها أن دورها قد حان، فوقفت وأخذتها قدماها نحو الغُرفة المنشودة الَّتي تعلمُ مكانها جيدًا لأنها جاءت هُنا مرَّتين من قبل، وبعد أن طرقت الباب وأُذِن لها بالدخُول، ولجت بخطواتٍ مُتثاقلة واقتربت من المكتب الَّذي يجلسُ خلفهُ طبيبًا وجلست على المقعد المُقابل لهُ مُتحدِّثة بتوتر ودون تجميل لكلماتِها..: 


_إزي حضرتك يادكتور.. أنا عملت الأشعة اللي طلبتها مني الإستشارة اللي فاتت، إتفضل. 


أنهت حديثها تمُد كفها المُمسكة بملف الأشعة ليأخذها الطبيبُ منها، واستغرق الأمرُ عِدة دقائِق في تفحصها تحت مُراقبتها لتعبيرات وجهه الَّتي ستستنتِجُ منها إن كانت النتيجة خيرًا أم لا قبل أن ينطق هو مُخبرًا إياها، ولكن الأمر لم يكُن يبدوا أنَّهُ جيدًا من ملامحهِ المُتوترة، وقد ألقى الملف من بين يديه على طاولة المكتب قبل أن يقول بنبرة تملئُها الأسف..:


_للأسف الموضوع ماطلعش صُداع وخلاص.. الوجع اللي بيجي في دماغك وبيلازمك دا طلع كانسر زي ماتوقعت. 



❈-❈-❈


خرجت زهراء من قسم الشُرطة بإرهاق رغم سعادتها بأنَّها نجحت في أخذ حُكم براءة لذلك المُتهم المدعو حسانين، وأخرجتهُ من المُصيبة الَّتي وُضِع بها، وقد توقفت عندما سمعت صوت الأخيرُ يُناديها، فاستدارت لهُ تسألهُ بنبرة عملية..: 


_خير يا أُستاذ حسانين.. في حاجة؟. 


_معلش أنا من حماستي فضلت أحضن في الكُل جوا ونسيت أشكُر اللي الفضل في إني أبقى حُر يرجع ليها.. انتِ ماشاء الله عليكي مُمتازة بجد. 


أعطتهُ زهراء بسمة بسيطة، وردت عليهِ بهدوء خافية سعادتها الداخلية الشديدة من إطرائِهِ لها الَّذي تحُبه دائِمًا من موكليها ويزيدها فخرًا..: 


_حضرتك بتشكرني على واجبي اللي المفروض إني أعمله 

يا أُستاذ حسانين.. ومُبارك البراءة، بس نصيحة مني تسيب المكان اللي بتشتغل فيه بهدوء عشان طالما عديت من الموضوع تمام هيبدأوا يستقصدوك. 


وتحركت من أمامهِ تارِكة إياهُ يُفكر في حديثها، وكان الحقُّ معها لأنَّ سبب القضية أن بعض الموظفين إستطاعوا تلفيق قضية سرقة تدينه لأنَّهُ كشفهُم صُدفة وهُم يُحاولون تزويرَ بعض أوراق العمل لصالحهُم، وإستطاعت هي بذكائِها إكتشاف الوضع وإخراجه، وبعدما جلست زهراء داخل السيارة الَّتي كانت تنتظِرُها، كان هُناك شخصًا يقفُ في زاوية قريبة منها ولكنه يتخفى كي لا ينكشف وهو يلتقطُ صورًا لها خلسة. 



❈-❈-❈


بعد أن عادت تسنيم من المدرسة وأخذت قسطًا كبيرًا من الراحة، جلست تتصفحُ في إحدى مواقع التواصل الإجتماعي "التوتير " بمللٍ شديد، حتى وقعت عيناها على تغريدة لشقيقها يُونس قد وضعها قبل دقيقتين وكان محتواها هو "مهما حاولت تتعامِل معاهم بتحضرك، هتلاقي أصلهُم الجربان غالب و هيفتكروك بتشتمهُم، فخلي المُعاملة معَ الناس بالمثل مش على حسب دماغك عشان تعيش" 


_بيقول حِكم والله. 


قالتها تسنيم بإعجاب وهي تضحك، وقد أصابها الفضول الشديد حول معرفة من الَّذي يقصدهُ يُونس، فنهضت من على الفراش الَّذي كانت تستلقي عليهِ مُردفة..: 


_أما أروح أجيب مية ورد من عنده في المحل وأرخم عليه شوية. 


وشرعت ترتدي عِبائتِها المنزلية وحجابها، وخرجت من الشقة بعد أن أخبرت والدتها بذهابِها، وبينما كانت تسيرُ نحو المحل الَّذي يبعد عن المنزل بحوالي أربعُ دقائق فقط، لم تكُف عيناها عن التأمُّل في شارع الحي كعادتها الدائِمة بإعجابٍ كبير، وذلك لأنَّهُ يحمل لمحة أثرية عتيقة وراقية تجعلُك تشعُر بالدفئ والسعادة وانت تتمشَّي بداخله مثل باقية شوارع حي الجمالية، ولم تكُن تسنيم مُنتبِهة لذلك الَّذي فور ما إن لمحها إقترب منها وتعمَّد أن يصطدِم بها، لتشهق بفزع عائِدة خُطوتين إلى الوراء تسألهُ بنبرة حادة ومُنزِعجة عندما أبصرته..: 


_هو انت حيوان يعني ولا ضارب حاجة مخلياك مسطول ومش شايف الطريق قُدامك.؟ 


أعطاها الأخيرُ إبتسامة سمِجة جعلتها تنظُر له تتقززٍ شديد وهو يُجيبُ قائلًا..: 


_ماهو انتِ اللي ماشية مش واخدة بالك فالغلط عليكي مش عليا. 


زفُرت تسنيم بقُوة، وتحرَّكت من أمامهِ مُتجنبة إياهُ كي لا تقتله، فأمسكها من ذراعها يمنعُها عن الحركة، مما جعل عينيها تجحضُ من فعلتهِ تلك ورفعت كفها تصفعهُ بقوة، وصاحت بهِ قائِلة بغضبٍ جارف..: 


_إنت إتجننت ياحيوان؟.. إزاي تتجرأ وتمسك إيدي كده؟. 


تجمَّع الناسُ حولهم على صوتها العالي، بينما وضع هو كفِّهِ على وجنتهِ يتحسس الصفعة بأعيُنٍ مُشتعِلة، ثُم أزالها وجذبها من حجابِها هاتفًا بغضب..: 


_انتِ بتضربيني بالقلم يابنت ال×××. 


_انت اللي إبن ××× وستين ××× كمان ياحيوان. 


لم يستطِع التحكُم في نفسه بعد أن ردت شتيمته، فرفع كفه الحُرة عاليًا كي يهوى بها على وجهها ويُرد لها مافعلته، لكنَّ كفِّهِ توقَّفت في المُنتصف بسبب ذلك الَّذي أمسكها، ولم يكُن سوى يُونس الَّذي كان عائِدًا من المتجر ورأى ذلك المشهد الأخير، وقد أمسك كفِّهِ الأُخرىٰ الَّتي كانت تُمسك شقيقتهُ  وبعد أن أبعد تسنيم ووقف أمامهِ بدلًا منه سحق كفهِ بين يديهِ بقوة كادت أن تكسرها، وأعطاهُ لكمة جعلتهُ يرتد للخلف من قوَّتِها، ثُم أعقب قائِلًا..: 


_ماهي المرا مابتتشطرش غير على اللي من جنسها يامرا. 


وتحرَّك مُقتربًا منهُ وجذبهُ من ياقةِ قميصهُ مُردفًا بهدوء..: 


_الإيد اللي بتتمد على حد يخُصني بقطعهالُه وبرميها للكِلاب.. وانت وأبوك عمالين تجروا في شكلي ومصممين إني أبادلكُم اللعب بنفس طريقتكُم الوسخة. 


وفور ما إن  أنهى حديثهُ دفعهُ بقُوة باصِقًا على وجههِ الَّذي ينزف بسبب لكمته وجذب كف شقيقتهِ وتحرَّكا من أمامهِ تاركين إياه ينظُر لأثرهِما ببغضٍ وتوعد شديد، وبعد أن إبتعد الشقيقين عن التجمُّع تحولت قسمات يُونس من البرود للغضب وسألها..: 


_إحكيلي بقى إيه اللي حصل و إبن الـ ××× كان هيمد إيده عليكي ليه.؟ 


_وأنا كُنت جيالك المحل لقيتُه وقف في طريقي ولما حاولت أمشي مسك إيدي فضربتُه بالقلم وكان هيضربني بس انت لحقتُه وقومت معاه بالواجِب.


عندما أنهت حديثها كانا قد وصلا للعمارة، فربَّت يُونس على ظهرها، وقبل أن يتُركها ويذهب قال..: 


_إدخُلي انتِ طيب دلوقتي وماتقوليش لحد على اللي حصل. 


الصفحة التالية