-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 14 - 1 - الأربعاء 6/3/2024

  

قراءة رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الرابع عشر

1

تم النشر يوم الأربعاء

6/3/2024



توقف بالسيارة داخل محيط الجامعة، وبالقرب من مبنى الكلية التي انتقلت اليه حديثًا، فقد أصبح مقرها الجديد للدراسة، بفضل سعيه طوال المدة الماضية وحرصه الدائم لتهيئتها بالإندماج ف الحياة المدنية معه:


- وادينا وصلنا اهو يا ست ورد

تمتم مخاطبًا لها بإسمها حتى تفيق من حالة الشرود التي تلبستها منذ استقلالها السيارة معه، حتى انها لم تنتبه سوى على صوته، لتنفض عنها دائرة الأفكار التي تلفها ، ثم شرعت بلملمة اشيائها بارتباك جعل الكتاب يقع منها فدنى هو يتلقفه لها وعلق بمزاح كعادته :


- ما براحة يا قلبي ع الكتاب لا يتعور.

- يتعور!


رددت بها من خلفه بملامح اظهرت امتعاضها لسخافة ما تفوه به

اضحكته هيئتها ليتابع بتسلية:

-يا كبستك يا يوسف، طب جامليني بنص ابتسامة حتى لو بايخة النكتة، راعي إحساساتي ع الأقل. 


تمكن بطرافته ان يسحب استجابة منها ، بابتسامة صغيرة لكن ما اروعها، لاحت على ثغرها الصغير، لتنبت بقلبها ورودًا وازهار ، ومدينة كاملة للألعاب والمرح، ليتابع متغزلًا:


- شوفتي بقى اهو وشك بينور وبتبقي زي البدر لمجرد بس ما تبتسمي، ياريتك تفضلي كدة على طول .


خبئت ابتسامتها تسبل اهدابها عنه بخجل زاد عليه الحرج، فهي ليست غبية لتدرك حجم ما يبذله معها من افعال كي يخفف عنها، ويضكحها، بالإضافة لمساندته الدائمة لها، انها بالحق مدينة له،  لتعبر عما جال بخاطرها له بامتنان:


- انت طلعت جدع جوي يا يوسف ، بصراحة من غيرك معرفش كنت هعمل ايه؟ 

- ويعني انا كنت عملت ايه؟

قالها ببساطة ، لتزداد خجلًا في الرد عليه:


- كل ده وبتسأل عملت إيه؟ خبرا ايه يا يوسف؟ هو انا جبلة عشان مقدرش ولا احس....


إلا هنا وتحفزت كل خليه من جسده ليقترب سائلًا بلهفة:

- حاسة بإيه؟ قولي يا ورد.

قالها وقد تقرب برأسه منها حتى بات يأسر ابصارها بخاصتيه، لتبتلع ريقها باضطراب اصابها على الفور ، فباتت تتطلع له بلسان منعقد، وارتباك بدى جليًا على ملامحها امامه، وهو يحثها بنظرته لتبوح بما تشعر به وقد جذبه هذه الهالة الغريبة بها، لتنسيه الشعور بالوقت او المكان، يتمنى لو يتوقف الزمن بهما، فلا يتركها سوى بعد ان.....


- انتوا بتعملوا ايه؟

انتفض مصعوقًا، يلتف بجذعه نحو صاحبة الصوت الذي صدح من خلفه، ليجد ابنة خالته الثقيلة كما يلقبها دائمًا، تدخل رأسها داخل نافذة السيارة وعينيها تطالعه بمكر مرددة للمرة الثانية:

- ايه يا يوسف؟ كنت بتحطيلها قطرة في عنيها؟

جز على اسنانه يطالعها بتوعد يود ان يقفز من محله ويفتك بها:

- ودا وقت غلاستك واستخفافك يا جزمة.

تبسمت تزيد عليه بسماجة اما ورد فتداركت لتهم بالترجل مرددة بضجر:


- جطرة ايه وكلام فارغ ايه انتي كمان؟ واحنا في الجامعة وامة لا اله الا الله محاوطانا، يا باي عليكي وعلى افكارك يا نانسي؟ 

وقبل ان تحط قدميها على الأرض اوقفها الهاتف لتفاجأ بالرقم المحفوظ لديها مرددة بهلع نحوه:


- دا رقم المستشفى، يا ترى بيرنوا عليا ليه يا يوسف؟


❈-❈-❈


كالكورة المطاطية التي يلعب بها الطفل صغير، كان قلبها يتقافز داخل اضلعها بعبث وشغب، ولهفة تجاهد لأخفائها بادعاء الجدية امام الطبيب الذي كان يملي عليها بعض التعليمات الجديدة بعد انتهاء فحصه مع مجموعة الأطباء المريض الذي استفاق اخيرًا من غيبوبته، وهي تخطف النظرات نحوه كل لحظة:


- بلاش سرحان يا مشيرة وانتبهي للي بقوله 

هتف الطبيب بحزم جعلها تجيبه على الفور:

- معاك يا دكتور والله، وحفظت كل التعليمات اللي قولت عليها .

- اما نشوف. 


تمتم بها الطبيب بانفعال قبل ان يعود لمريضه الذي يتطلع حوله في الأجواء بتشتت، بالكاد يستوعب عودته للحياة مرة أخرى، فخاطبه بابتسامة مشرقة:

- ياللا بقى كدة شد حيلك يا بسيوني، عشان تخف بالمرة وتسيب المستشفى......... حمد الله على سلامة رجوعك للحياة.


اوما له الاَخير يستجيب بتحريك اجفانه، ثم غادر الطبيب ولم يتبقى في الغرفة سواها معه:


- حمد الله على سلامتك يا بسيوني، اخيرا سمعت كلامي وفوقت، دا انا لساني اتدلدل معاك، لحد ما يأست لدرجة اني كنت هوافق على الواد محروس انه يتجوزني، يرضيك كدة؟


توسعت عينيه في النظر إليها لمدة من اللحظات، ثم عقب على قولها:

- محروس مين؟ وانتي مين ؟

شهقت امامه تزيده حيره برد فعلها:

- يا نهار اسود، بعد دا كله ولساك بتسأل يا بسيوني؟

- اسأل مين وفين؟ انتي مين؟


للمرة الثانية يسألها عن هويتها، وهي التي ظلت على رأسه لمدة تقارب الشهر، بأحاديثها، عن كل شيء يخصها حتى تيقنت داخلها انه يسمعها ويشعر بها، كان الحزن يرتسم جليًا على ملامحها، حتى ابتأس هو الاَخر لحالتها، لتضاعف من حيرته بقولها:


- كنت فاكرة ان قلبك هيحس بيا، وان اللي واصلني دلوقتي واصلك، ما هي مش محتاجة طب ولا دوا دي، دي حاجة كدة ملهاش اسم، قال وانا اللي قولت انه سمع نداي ورجع على صوتي. 


- رجعت على صوتك!

ردد بها بسيوني بذهول ليردف بما توصل اليه عقله:

- يا مرك يا بسيوني،  ليكون فقدت الذاكرة كمان،  حجة دي تبجى وجعة. 


- اخوي. 

صدح الصوت من مدخل الغرفة،  ليفتر فاهه بالابتسام يتلقى حضن شقيقته وابنة قلبه، التي القت بنفسها عليه، ليضمها بذراعه الحرة، يربت على ذراعها ويهون،

- جلب اخوكي يا بت بسيوني.


ابتعدت مشيرة لتغادر بحزن اصابها، تلفت ابصار يوسف الذي دلف خلف زوجته، لينتبه عليه الاَخر، مرددًا له بحفاوة:


- يوسف بيه  طب ما انا فاكراك أنت كمان اها، امال ايه الحكاية امال؟ 


- حمد الله على سلامتك يا بسيوني 

تمتم بها كرد له، اما ورد فقد رفعت رأسها عن صدره تساله باستفهام:

- حكاية ايه؟

رد يجيبها على الفور باستفهام:

- هو انا مش فقدت الذاكرة برضوا؟

- فقدت الذاكرة!، مين جالك كدة يا واد ابوي؟


❈-❈-❈


- ناادية انتي فين؟

بخطوات سريعة اندفع لداخل الغرفة مرددًا بإسمها، حتى انتفضت عن جلستها على طرف التخت مجفلة وقد كانت تطوي بعض الثياب التي جفت بعد غسيلها، لتجده متجهًا نحو خزانة الملابس على الفور:


- انا هنا بطبج الغسيل يا غازي، مالك هتجلع جلبيتك ليه؟

رد بجيبها ويده تخرج الملابس المعلقة ليرمي بها على التخت؛

- مسافر دلوك حالا، اصلهم بلغوني ان بسيوني فاق


سمعت منه لتمتم مرددة بفرحة

- بسيوني فاق، يا ألف نهار أبيض يا ألف نهار مبروك، وربنا فرحتني يا غازي، وانا اجول وشك نور ليه؟


قالتها بشقاوة جعلته يلتف اليها، ثم قرص على وجنتيها بمرح:

- ولحجتي تاخدي بالك من وشي امتى، دا انا يدوب داخل يا عفريته. 


ضحكت تنزع يده عنها لتردد بابتهاج يغمرها:

- ودي محتاجة مفهومية، يا غازي دا انت من دخلتك دلوك انا فهمت وعرفت، الحيوية اللي ردت في خطوتك وصوتك كمان، الحمد لله ربنا جبر بخاطرك وجبل دعواتك وجومه بالسلامة، انا مكنتش اعرف انه عزيز جوي كدة عليك. 


توقف ليزفر بتنهيدة ارتياح خرجت من العمق حتى استند بظهره على خشب الخرانه يخبرها:

- يااه يا نادية، انا مهما وصفت دلوك ولا مهما حكيت، عمري ما هجدر اعبر ع اللي حاسه، انا حاسس بفوجته دي،  ردلي روحي معاه ، مش بس عشان غلاوته ولا احساس الذنب اللي كان هيموتني لو لقدر الله راح فيها، لا دا كمان لأهمية جومته....


أستقام يردف ملوحًا بسبابته:

- جومة بسيوني دلوك هيتبني عليها حاجات كتير، ومش بعيد يكون سبب في ظهور حقايق كانت مخباية ولا مردومة مع التراب .


استدركت للمغزى من خلف كلماته،  لتخبوا ابتسامتها،  وتبتلع ريقها بارتجافها اهتز له قلبها، حتى ظهرت في ارتعاش صوتها:


- جصدك انه ممكن من تنكشف من وراه حجيجة موت حجازي؟


سهم حاد شعره بنصله في وسط صدره، بعدما سمع همسها بإسم من كان رجلها الاول، ليطالعها بنظرة متألمة،  انتبهت عليها لتفاجأه بفعلها، وقد القت بنفسها عليها تلف ذراعيها حول خصره مرددة:


- بلاش تسافر يا غازي وخليك جنبي .

رفرف بأهدابه لا يستوعب جملتها ليحاوطها بذراعيه معقبًا بدهشة اختلطت بمرحه لفعلتها:

- وه، ايه اللي بتجوليه دا يا جلب غازي؟ بجى من خمس دجايج كنتي بتزغرتي، ودلوك شابطة فيا كيف العيل الصغير عشان تمنعيني اسافر، دا باين الهرمونات عاملة شغل عالي معاكي؟


ضحكت باضطراب دون ان تفلت ذراعيها عنه قائلة:

- سميها زي ما تسميها، بس انا فعلا عايزاك تجعد جمبي، بلاها من السفر ولا النبش في اللي فات، خلينا في اللي جاي، وان كان على بسيوني،  كلف رجالة يحرسوه لحد ما يرجع


بلطف يقارب الحزم ابعدها عنه ممسكًا بأكتافها، ليركز ابصاره بخاصتيها يرى فيهما ما أثلج قلبه، ليلاطفها بمزاحه:


- طب دا برضوا كلام؟ جلبك بجى خفيف جوي يا ام الغايب، اللي يشوفك كدة يجول رايح احارب؟ 


اهتزت رأسها بعناد، لتشيح بوجهها عنه، قبل ان تعود اليه باستجداء  قائلة:

- لكنك برضوا بجيت في دايرة الخطر، طول ما الشاهد المهم تبعك يبجى انت وهو مجصودين، انا خايفة عليك يا غازي  


شعر انه لم يعد للكلام فائدة معها،  لذلك لم يجد افضل من احتوائها، ليضمها اليه، يدفن رأسها بوسط صدره العريض، ويقبل اعلى شعرها بحنان يمتص فزعها

- وانا بعد ما لجيتك خلاص والدنيا ضحكتلي بمحبتك دي، تفتكري يجيني جلب اهمل ولا افرط ف نفسي،  

زفر مطيرا بعد من خصلاتها:


- انا دلوك بس يا جلب غازي ، بجيت اخاف على غازي.


الصفحة التالية