رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 14 - 2 - الأربعاء 6/3/2024
قراءة رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع عشر
2
تم النشر يوم الأربعاء
6/3/2024
وفي داخل المجمع التجاري الشهير
شهقت فتنة تعبر عن انبهارها وهي تتأمل بباطن كفها تلك الهدية التي أتى بها اليوم اليها:
- يا بوي، ايه الحلاوة دي يا صلاح؟ معقول البروش الحلو ده انت جاببهولي انا ؟
رد بثقة بعدما ارتشف من كوب العصير امامه:
- ومش معقول ليه يا روحي بقى؟ هو انتي اقل منه مثلا؟ ولا هو في الأصل يناسب واحدة احلى ولا أشيك منك، على فكرة، دا مفيش منه في مصر كلها دلوقتي، انا وارثه عن المرحومة تيتة ودي ورثاه عن مامتها، دول هوانم وانتي متقليس ابدًا عنهم
انتابها الزهو، وكلماته تطربها فتجعلها محلقة في سماء وردية، هذا مكانها، هي بالفعل يصدق عليها القول ، ويقين داخلها يخبرها انه قد حان الوقت لتحصل على ما تستحقه، لتقهر المتجبر ابن عمها الذي رأى غيرها امرأة غبية تناسبه.
بصعوبة كانت تجاهد لإخفاء فرحتها، حتى لا يظن بها اللهفة، لكن سرعان ما استدركت فداحة الخطأ الذي كادت توقع نفسها به، ان قبلت هديته، ف ابتعلت لتضعه داخل العلبة المخملية العتيقة وتقربها نحوه:
- بس انا مينفعش اجبله منك، أصلي هجبله بصفة ايه؟
لاحت على ثغره ابتسامة ماكرة وقد علم بمغزى ما تفصده ليرواغها كالعادة:
- يا قلبي ما انا كمان مستعجل ع الصفة دي اكتر منك، بس انا فهمتك وضعي من البداية، لازم ارتب اموري الاول، عشان لما اتقدملك ابقى قد القول مع والدك وأهلك، انا مش أي حد، يعني،
عوجت فمها لتشيح بنظرها للناحية الأخرى مرددة بامتعاض:
- اممم ماشي، ع العموم براحتك.
دوت ضحكة صاخبة منه، ثم حط بكفه على كفها اعلى سطح الطاولة الصغيرة بينهم ، لتجفل بنظرة شرسة نحوه، لحق عليها ليرفعها امامها مرددًا:
- اهي شيلتها أهي، انا كان قصدي بس اصالحك بعد ما شوفتك مكشرة.
زفرت تقلب عينيها ليتابع لها بمهادنة:
- انا كنت واضح معاكي من الأول يا فتنة ، معظم السيولة اللي عندي حطيتها في المشروع اللي قولتلك عليه، مستني بس ترجع تتوفر معايا وانا اجي اخطفك من أهلك خطف حتى، هو انا اطول ارتبط بالقمر.
عادت تشرق على وجهها ابتسامة اشعرته باستجابتها قبل ان تعبس فجأة تخاطبه بتحذير:
- بس يكون في علمك انا مش هستمر كدة كتير، يعني تعمل حسابك تخلص موضوعنا في اجرب وجت، انا مش فاضية للمرواح والمجي، لولا بس عارفة انك داخل على حلال ما كنت ابدًا سمحت لنفسي اجعد معاك على طرابيزة واحدة.
❈-❈-❈
وفي جهة أخرى
اعتدل ذاك الرجل منتفضًا عن تخته الذي كان متسطحًا عليه ، ليهدر نحو محدثه عبر الهاتف الذي يتحدث به:
- بتجول ايه يا زفت الطين؟ صحي كيف الجزين ده؟ وانت كنت فين لما دا حصل؟ انا مش منبه عليك تخلص.......
وصله الصوت بلجلجة:
- طب ما انا حاولت كذا مرة يا بيه؟ لكن اعمل ايه في حظي الهباب؟ وهو ليل نهار معاه اللي يرافجه، اخته والبت الممرضة كأنها واخدة عجد حراسة عليه، مكنتش لاجي عدلي واصل عشان ادخل اؤضته.
- واهي طبلت ع الكل يا زفت الطين، زمان الحكومة عنده دلوك عشان تستجوبه.
- لاه يا بيه، انا اتأكدت من واحد تبعي انه الدكتور مشدد على تأجيل التحجيج، لأنه لازم يريح الاول ويستوعب ، لا يحصل مضاعفات للمخ لو زاد الضغط عليه بالتفكير.
زمجر متمتمًا:
- اممم برضك مش مضمون يا هباب البرك، انت تخليك مكانك وانا هاجي بنفسي اباشر، ما انا عارف اخرتي هتيجي على يد شوية حمير زيك، اجفل ياد اجفل.
انهى المكالمة ليزفر ضاربَا بكف يده على الحائط وغليل رأسه كمراجل من نيران لا تهدأ، زفر بخشونة يرفع الهاتف مرة أخرى يتصل بمن يعنيه الأمر ، فجاءه الرد سريعًا:
- صدجي باشا، يا اهلا يا كبير.... اكيد بتتصل بعد ما جمعت الفلوس
رد بسخرية لا تخلوا من تهكم:
- لا وانت الصادج، متصل عشان فرحان بيك وبجمالك،..... يا عيلة فقر، قال وانا اللي كنت فاكر فايز بس وش شوم، اتاريه وراثه فيكم
- وه وه ما تنجي كلامك يا راجل يا مخلول انت، دا بدل ما تجيب المفيد وتجول جمعتلنا الفلوس .
- اجمع فين؟
صرخ بها صدقي قبل ان يتابع بحزم:
- اسمع واصحى للي هجوله، احنا دلوك في مركب واحدة يا نغرج مع بعض، يا ننجى ونعدي مع بعض...... بسيوني فاق من الغيبوبة.
- بتجول ايه؟ معناته ايه الكلام ده؟ وانت ازاي تسمحله اساسًا يفوج؟ فين اتفاجنا يا عم الحج؟
ضرب بقبضته على قائم السرير، ليجيب بحسم:
- اتفاجنا مازال قائم، بس الأمور دلوك اخلتفت ومحتاجة التدخل الشخصي منينيا، انا رايحلوا مصر بنفسي
❈-❈-❈
يا حبيبي يا خوي.
للمرة الألف صارت تردد بها ، تحتضن بين يديها كفه الكبرى، وتقبلها كل دقيقة بفرحة عودته لها، وبصورة ازعجت هذا الجالس كالغريب بينهم، حتى عبر بسيوني عن استهجانه:
- يا بت كفاية انتي محسساني اني بجالي سنين غايب، هي مش كلها شهر زي ما بتجولي.
صاحت به معاتبة:
- وهو شهر دا جليل، دا انا كنت يتيمة في غيابك ، ربنا ما يرجدلك جتة تاني ولا تغيب عني واصل.
ختمت تقبل كتفه، لتزيد من حنق الاَخر دون ان تدري، واحساس غريب يتسلل اليه بغيرة لم يكن يتخيل ان يشعر به تجاه من هو اقرب الناس اليها، شقيقها،
لينهض عن كرسيه بعنف، ويتحمحم بصوت خرج كزمجرة انتبها لها الاثنان، ليستغل مخاطبًا لهما:
- طب انا شايف اننا نخرج دلوقتي عشان نسيبك تريح شوية، الدكتور موصي ان ما نتعبكش، ياللا بينا يا ورد.
وقبل ان يخرج ردها بالرفض او الاعتراض، سبقها بسيوني بقوله:
- تروح معاك فين؟ هو ابويا مش جاعد مع ورد برضوا؟ مفيش حد من البلد تاني هنا كمان اشوفه؟
صمتت تبتلع ريقها الذي جف سريعًا تنقل بنظرها نحو يوسف الذي تدارك يجيب بمراوغة، مؤجلًا إعلامه بخبر زواجه من شقيقته حتى يسترد صحته جيدا:
- والدك كان هنا وروح، البلد كانت هنا تقريبًا، وغازي وعارف مرجعوش غير من اسبوعين، انا اتصلت بيهم وهما اكيد في الطيارة دلوقتي عشان يطمنوا عليك بنفسهم.
اومأ برأسه يدعي تفهمًا ثم عاد موجهًا سؤاله لشقيقته:
- طب وانتي يا ورد، جاعدة مع مين هنا؟ ولا بتبيتي فين؟
هذه المرة زاد خفقان قلبها بخوف جعل البرودة تتسلل بأطرافها، تخشى ان تخبره بحقيقة زواجها من اجل البقاء بجواره، فيصيبه الحزن ويديرتد بأثره على صحته، ولكن يوسف لحق عليها بقوله:
- ايه يا عم بسيوني على طول كدة اسئلة، يا حبيبي خف شوية انتي لسة قايم، براحة على مخك الضغيف، دا احنا ما صدقنا
تبسم لطرافته، وقبل ان يهم بالرد عليه ، اندفع باب الغرفة لتدلف منه هذه الفتاة الغريبة بزي الممرضات:
- مساء الخير عليكم .
تلقي التحية بروتينة ثم توجهت بخطابها نحو شقيقته، وهي تخطو نحوه لفعل المطلوب منها في رعايته، تنفيذًا لتعليمات الطبيب:
- الف مبروك لسلامته.
ردت ورد بلهفة:
- الله يبارك فيكى يا مشمش، ليكي الحلاوة يا حبيبتي على تعبك ووشك الحلو علينا.
- على ايه بس؟ انا عملت اللي عليا.
قالتها بفتور تطالعه بنظرة عاتبة، تعيده لنفس الحيرة، مع ترديد اسمها في اذنه ، مشمش مشمش. مشمش
حتى اذا انتهت وخرجت بنظرتها التي لم تتغير نحوه، امام دهشة يوسف الذي عقب فور خروجها بمرح:
- هي مالها النهاردة عاقلة اوي كدة؟
حدجته ورد بغيظ ليعلق شقيقها متسائلًا:
- هي مين دي وتجربلي ايه بالظبط ؟
❈-❈-❈
تقطع المنزل ذهابا وايابًا بتفكير يفتك برأسها منذ ان عادت من المدافن وعقلها يذهب في كل الاتجاهات، في دائرة بحث مفرغة لا توصلها لأي نتيجة تذكر .
كانت عينها تتجه صوب المدخل كل دقيقة، حتى دلف اتى اخيرًا من كان تنتظره، ليخاطبها بقلق على الفور:
- سالخير يا سليمة، هي فين امي؟ لتكوني بعتالي عشان جرالها حاجة؟ اما......
هتف الأخيرة بهلع ليتجه الى الداخل ولكنها
أوقفته تجذبه من ذراعه:
- استني يا فايز امك بخير ونايمة في الأوضة مفيهاش حاجة .
سألها بحيرة:
- امال ايه امال؟ انتي اتصلتي وجولتي تعالى البيت ضروري، يبجى انا مخي هيروح فين؟ اكيد امي تعبانة، سيبني اروح اطمن بنفسي.
هم ليتحرك ولكن هي سبقته بردها:
- انا اللي عايزاك يا فايز مش امك، انا طلباك مخصوص في موضوع مهم، عايزة مساعدتك:
زوى ما بين حاجبيه ، بعدم استيعاب لما اردفت به، يردد :
- انتي عايزة مساعدتي انا؟! انا يا سليمة ! طب تيجي كيف دي، ولا تخش عجلي ازاي من اساسه؟
برقت عينيها بشعاع من تحدي وعزم تجيبه:
- عشان مفيش غيرك هيجدر يساعدني فيها دي، دا موضوع يخص ولدي اللي راح، ويمكن يكون ليه صلة بموت ولدك من شربات.....
تحركت تفاحة ادم بحلق فايز الذي جف فجأة ليصحح لها بأعين التمعت بدموع الحصرة:
- الاتنين عيالي يا سليمة، انا راح مني اتنين؟
اومأت رأسها ببعض التفهم ، ثم ما لبثت ان تقول:
- تمام يا فايز هما الاتنين عيالك، بس انا دلوك عايزاك تساعدني اعتر في اللي عارف الحجيجة ورا جتلهم.
اشتدت تعابيره فجأة، وتجلى تصميم جدي في بؤبؤ عينيه، ليجيب بعزم:
- مين هو ده؟ دليني عليه.
زفرت تطرد انفاس محبوسة بصدرها، قبل ان تجيبه؛
- انا هحكيلك دلوك واجولك، وانت اكيد من المواصفات جادر تعرف مين هو الشخص اللي انا بدور عليه