رواية رومانسية جديدة حرب نواعم 

(قواعد عشق النساء)

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي

وضعت وصيفة يدها خلف ظهر ميرال حتى تساعدها على الوقوف، وقالت وهي تنظر إلى زينات:

_سرير الهانم جاهز؟! 

قبل أن تجيب زينات دخل إلى الصالة جاسر وجلال ثم أشار إلى وصيفة قائلاً:

_روحي هاتي ليها حاجة تاكلها، طول اليوم في عزا الستات ولا اكلت ولا شربت٠

تمتمت ميرال في صوت مخنوق:

_مش عايز أكل، أنا هطلع اوضة بابا ارتاح٠

جلال قال في نفاذ صبر:

_احنا من الصبح واقفين على رجلينا احنا كمان وعايزين نرتاح، بس قبل ما ترتاح لازم تتكلم مع بعض، لازم النقط تتحط على الحروف٠ 

نظر جاسر إلى زينات و وصيفة وقال:

_روحوا المطبخ جهزوا حاجة خفيفة اكل وقهوة  لينا٠ 

انصرفت زينات  في سرعة، في حين وضعت وصيفة ميرال في مقعدها مرة ثانية في حرص وهدوء شديد وهي تشعر أن ميرال  مثل كأس زجاج تكاد تتكسر عظامها من الحزن ، جلال جلس في مواجهه ميرال وقال:

_من الصبح هتيجي معانا٠ 

نظرت له ميرال في تعجب وقالت:

_معاكم!!!؟ 

جاسر أعقب في لهجة حاسمة:

_ايوا معانا، ولا انت عايزة تقعدي في الصعيد مع نفسك؟ 

ميرال رفعت رأسها إلى شقيقها وقالت:

_ايوا ناوية اقعد هنا ومش همشي٠ 

تبادل جلال و جاسر  نظرة عميقة قبل أن يقول جاسر:

_خلاص ظاهر أن دا قرار وهي مصممة عليه، بالعموم يمكن بعد كام شهر تضايقي٠ 

جلال وهو ينظر إلى جاسر:

_ما هو في قرارات بتتغير مع الايام، كدا كدا فيلا أبونا هتفضل زي ما هي٠ 

ساد صمت دقيقة قبل أن يقول جاسر:

_املاك ابونا اللي هنا احنا اللي هنوقف ناس عليها ناس عارفينهم  يديروها و هنبقي نيجي بين الأيام نشوفها، ومصروفك من الأرباح هنبقي نحسبه  و نبعته ليك٠ 

لم تجب ميرال نظرت إلى صورة والدها المعلقة في منتصف الصالة، جاءت وصيفة وزينات بالطعام، قالت ميرال وهي تشير إلى وصيفة:

_طلعيني  فوق٠ 

هاتف جلال رن في تلك اللحظة، نظر جلال إلى الهاتف وقال في تعجب:

_اي دا؟ الاستاذ مكي عبد الحق المحامي، غريب اوي الراجل هنا في الصعيد ومهنش عليه يجي يعزي فالح بس يتصل٠  

جاسر نظر إلى جلال في شك ثم قال:

_شوفه عايز اي؟ 

كانت ميرال قد تحركت بالفعل وهي مستندة على وصيفة إلى أعلى في حين قال جلال و هو يفتح الهاتف:

_شكر الله سعيك يا افوكاتو  مكي٠ 

جاء صوت الرجل به نبرة غضب:

_البقاء لله وحده يا ابن الغالي واهم راجل اشتغلت معاه في الصعيد كله، لو  كنت في الصعيد 

كنت مسبتش العزا من اول النهار لاخره، أنا في اسكندرية من يومها  عندي قضايا هنا بخلصها، وبالعموم لازم تعرفوا أن ابوكم قبل ما يموت ساب معايا عقودات لازم تطلعو عليها، أنا هوصل البلد على اذان العشا بكرة وهاجي لك على فيلا ابوك الله يرحمه٠ 

نظر جاسر إلى جلال وأشار له أن يسأله عقودات بيع مصانع جديدة أو عقارات أو سيارات، مما دفع جلال أن يسأله في مكر وخبث:

_عقودات اي؟ تقصد عقودات المصنع الجديد اللي اشتراه؟؟ 

أشار جاسر إلى شقيقة علامة النصر، مما دفع جلال أن يقوم على فتح الميكروفون بالهاتف حتى يسمع شقيقة إجابة مكي الذي قال:

_مصنع اي؟ لا ابوك الله يرحمه مسبش معاي عقودات مصانع  جديدة، دا عقودات تمليك، بقولك اي بكرة اجي لك واوريك كل حاجة، يا سلام٠ 

تبادل جلال وجاسر نظرة تفكير قبل أن يسأل جاسر:

_أبوك مش قالك على اي حاجة وهو برا؟ 

جلال نظر له في إهتمام وقال:

_لا أبداً، مش غريبة الموضوع دا؟؟ 

جاسر وهو يؤكد على كلام شقيقة:

_ايوا غريب اوي كل أوراق  أملاك أبوك معروف أنها في الخزنة اللي هنا، اي اللي هيخلي ابوك يسيب عقودات معينة مع مكي؟ 

نظر جاسر إلى أعلى وقال:

_أنت متأكد أن العقودات في الخزنة هنا؟؟

أشار جلال إلى جاسر أن يتبعه، نفذ شقيقة الأمر، دخلا إلى غرفة المكتب الخاصة بوالدهم، فتح جلال الخزنة كانت ممتلئة بالعقودات التي تثبت ملكية والدهم لأشياء كثيرة، بعد أن تفحص حلال الأوراق قال وهو ينظر إلى جاسر:

_ دي اوراق عشر مصانع بتوع ابوك اللي في اسكندرية  ، ودي اوراق شركات القاهرة، ودي اوراق عمارات القاهرة وادى كمان اوراق عمارات اسكندرية ، الورق سليم  متخافش من ميرال، أنا عارف وفاهم كويس اوي انها مش في دماغها تلعب في أي اوراق٠

جاسر جلس على مقعد إلى جوار الخزنة وفكر قليل وقال:

_ما الأوراق هنا اهي، اي بقا اللي مكي بيتكلم عنه؟ 

جلال اغلق الخزنة في حرص شديد وقال:

_يمكن حاجة ابوك كان ساب الورق مع مكي علشان يثبتها في الشهر العقاري، اسمع أنا عارف مكي دا كويس اوي، لو ليك عنده ورقة بيحافظ عليها حتى لو ورقة بيضا، ولو ليه عندك شلن مش بيسيبه، راجل معاملته ميري، اللي عليه يعمله وحقه مش يسيبه، 

اكيد حاجة بسيطة وهو عايز يجيب ورقها وياخد الفلوس، ادي كل المشكلة، كبر دماغك منه٠

جاسر نظر له في هدوء وقال:

_لا احنا هنستني هنا بكرة لحد ما نشوف الموضوع اي؟ 

جلال هز رأسه علامة الموافقة وتابع:

_ خلاص مش فارق يوم نسافر بالعربيات بليل بعد ما مكي افندي يمشي، كدا كدا أنا عايز أنام حاسس اني متكسر، بقالي كام يوم منمتش٠

جاسر هز رأسه علامة الموافقة وقال:

_وانا كمان زيك ٠

جلال في صوت حزين:

_تعرف أن فراق أبوك مش هين على الواحد بردوا٠ لما ببص في كل ركن هنا واحس أنه خلاص مش هشوفه هنا تاني احس بحزن  كبير٠

جاسر في صوت منخفض:

_كنت حاسس أنه متضايق مننا اوي، حاسس أنه مش راضي عن أي حاجة، مش مبسوط أن احنا ناجحين مش عارف كان ماله؟ 

جلال وهو يشير إلى أعلى:

_كان حاطط بنت مراته حاجز هي دي كل المشكلة٠ 

جاسر نظر إلى شقيقة وتابع:

_ما هي اخر العنقود بقا وجت بعد ولدين كلت عقله وخلت ميزان التفكير يميل ليها٠ 

جلال صمت قليل ثم قال:

_كان عايز نبص ليها أنها شقيقة بس انا طول عمري قلبي مقفول من ناحيتها مش عارف ليه، من يوم ما جت للدنيا دي وأنا حاسس أن هي دي اللي بعدت ابونا عنا٠

جاسر نظر له في عمق ثم تابع:

_امها بقا لافت عليه  واتجنجلت بعد ما امك ماتت علشان تلهف منه،  ماتت هي وسابت بنتها لقمة في الزور٠

جاسر نظر إلى جلال ثم قال:

_اسمع البت دي يطلع لها مصروف شهري علشان مش عايزن وش٠ 

جلال:

_مفهوم علشان الكل يكون عارف ان احنا اللي بنصرف عليها ، وبركة يا جامع انها مش هتيجي 

معانا، مش عايزه تفهم طبيعة شغلنا هناك ماشية ازاي٠ 

جلال نظر إلى ساعته وقال:

_يااااه الساعة جت ٣ دا الفجر قرب يأدن أنا هنام هنا في الأوضة اللي على الشمال٠

جاسر نظر إلى جلال وقال :

_أنا كمان هدخل وراك بس  هشرب فنجان قهوة قبل ما انام٠