-->

رواية جديدة حرب نواعم (قواعد عشق النساء) لهالة محمد الجمسي الفصل 14 - 1 - الأحد 31/3/2024

  

رواية رومانسية جديدة حرب نواعم 

(قواعد عشق النساء)

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي





رواية جديدة 

حرب نواعم (قواعد عشق النساء)


تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الرابع عشر

1

تم النشر الأحد

31/3/2024



تحسست داليا بيدها في قلق  على مفرش  السرير بحثاً عن أثر لزوجها قاسم ولكنها لم تجد له أثر أو تجد اي مكان دافيء في الفراش، مما جعلها تنهض من مكانها في سرعة تنتعل خفها الخفيف وتضع روب على كتفها وتفتح نافذة غرفتها، شاهدت قاسم يجلس على إحدى المقاعد الخشبية في الحديقة وينظر إلى السماء التي تزين الليل، تنهدت في ارتياح حين شاهدته، ثم هبطت في سرعة إلى حيث يجلس، 

همست وهي تضع يد على كتفه:

_خيىر يا قاسم!؟ قاعد في الهوا والليل لوحدك ليه؟ ومن امتا وأنت هنا؟ 

نظر له قاسم في هدوء ثم قال:

_اطلعي نامي٠

نظرت له في استنكار ثم جلست إلى جواره قائلة:

_انام كيف؟ وأنت صاحي ودماغك مش مرتاحة! فيك اي ؟ مش عاداتك ولا فكرني ماليش قلب عشان احس بيك، اي يا قاسم مالك؟ 

تنهد قاسم في نفاذ صبر ثم قال وهو يلوح بيده:

_عايز اقعد مع حالي شوي فيها حاجة دي؟ 

نظرت له داليا في عتاب وتابعت:

_حالك هو حالي يا قاسم ولا نسيت؟ ما تقولي وتريحني ولا عايز عقلي يشت عليك؟ 

القي قاسم نظرة إلى السماء وقال:

_معرف لو كنت غفيت ولا لا، صحيان وحاسس بكل شي، بس جسمي تقيل زي غريق في الهوا مش ف البحر في أول الليل، بس انا حسيت بأبوي وهو بيكلمني صوته كان جوا ودني و لمسته على يدي٠ هو ابوي جالي وحديته معاي خلاني أقوم وانزل للهوا 

تنهدت داليا في صوت مسموع ثم تابعت:

_الله يرحمه ويغفر له ابوك وأبويا، يرحم أمواتنا كلهم،دا حلم يا قاسم، حلم وراح لحاله خلاص ٠ 

قاسم نظر لها دقيقة ثم نظر إلى الأرض وقال:

_طيب ولمسته اللي حسيت بيها؟ أنا مش تايه عن يد ابوي، هي ايده وهي لمسته، هو صوته هو بنفسه ابوي ٠ 

أعقبت داليا في سرعة:


_انت بس تلاقيك توحشته، عشان كدا حسيت بكدا٠ 

كاد قاسم أن يعترض ولكن داليا أعقبت في هدوء:

_كان بيكلمك في أي؟ احكي لي قولي٠ 

قاسم نظر لها في عمق ثم قال:

_كان بيعاتبني، عتاب كبير اوي، عتاب شديد مع أنه عمره ما عاتبني قبل كدا ٠ 

صمت قاسم فجأة مما دفع داليا أن تحثه على الكلام:

_قولي قالك اي وأنا أفسر لك كلامه،٠ 

قاسم نظر إلى وجهها وظهر حزن عميق على وجهه  وتابع:

_كان بيقولي سبتني أموت ليه؟ صوته كان بيلوم عليا، كان متضايق وزعلان، كان صوته مش زي ما وعيت له، لا لا عتابه هدني اوي، كسر لي ضهري٠ 

وضعت داليا يدها على صدرها وقالت:

_ما قصرتش معاه في حاجة يا قاسم والكل عارف،  عمي مات راضي عنك والكل هنا كان يحبه، عمي لا تعب ولا مرض ولا اشتكي حتى من شي, صلى الفجر ورجع البيت  وربنا أراد يا واد عمي، مالناش  يد في العمر دا بس وسوسة شيطان عايز يقلق منامك،

هز قاسم رأسه علامة الرفض وتابع:

_لا يا داليا، أنا حاسس اني محتاجة له أوي اوي، حاسس اني مشتهي قعدته،مشتهي طلته، زي ما يكون سافر بعيد عني ونفسي اشتاقت له، حاسس اني عيل صغير منتظر أبوه يعاود والانتظار طال وزاد، نفسي اوي يرجع للدنيا  ولو ساعة واحدة معاه، ولو يفضل هو ساكت وانا اقعد جاره، يا ريت٠ 

تنهدت داليا ثم قالت: 

_الله يرحمه يا غالي عمره وفا وسيرته عطره ولسه فاضلة البركة فيك انت٠

سادت لحظات صمت قبل أن يقول قاسم:

_تعرفي يا داليا، أبوي كان بيشاورني في كل شي، كبير او صغير، كان بيقولي أنت دماغي وحسي وصوتي، وكان أوقات كتير يختلف وياي لو حس أن كلامي لسته كلام صبيان مش كلام رجالة، يقولي فكر فيها تاني وأعقلها عشان تتوزن يا ابن الجارحي، الجارحيه دماغهم حكم وكلامهم ميزان٠ 


نظرت دااليا إلى النجوم وقالت:

_معلوم وأنت زينة شباب الجارحي كلهم، دا أنت عقلهم وتاج راسهم٠ 

استطرد قاسم:

_كان كاره الهندسة والجامعات والعلام،  وكان بيقولي، المهندزين كتير بس العمد اللي على  حق قليلين،  مكانك العمودية، هو دا اللي هيكون ليك وأنت ليها، مش هتطلع من الجارحيه٠ 

هزت داليا رأسها علامة الموافقة وتابعت:

_ولما قاله ابوي طيب ومنذر؟! ما هو كمان ينفع يكون عمده،  رد عليه وقاله منذر هو اللي مهندز ولا يعرف يستغني عنها، تربية جامعات، تربية بندر  وروحه هافه برا البلد، زي طير فارد جناحه نفسه يشوف الدنيا كلها ولا يقعدش في عشه واصل، ملهوش طاقة يسمع الهم، ولا صبر على الحزن، ولا يحبش مشاكل الناس، يقول عنها وجع راس,

قاسم اللي روحه هنا وهو وريث العمودية في العيلة، ربنا اداله العقل والصبر والحكمة عشانه هو  يحكم، طلته طلة هيبة  وقسوته على الظالم ولينه مع المظلوم ٠

اهتزت الأشجار في الحديقة من أثر الهواء الشديد، تمايلت بعض الأغصان أحدثت صوت 

في الجهة المقابلة لكل من داليا وقاسم


تنهدت داليا ثم تابعت وهي تتحسس ذراعيها :

_الهوا برد هنا، وشكل الريح عايزة تسيب لها حس و اثر، شويات والتراب هيلف المكان، والليل في نصه فزعة، 

جوف الليل صعيب في الخلا، بلاش القعده هنا، يا لا نطلع فوق وانا وياك نتكلم براحتنا، روح ابوك طلبت الرحمة وعازت من حبايبها ذكرى، يا لا يا واد عمي٠


استجاب قاسم إلى توسلات داليا، صعد إلى غرفته، وألقي بجسده المنهك من التفكير إلى الفراش، أغلقت داليا نافذة غرفتها، اغمض قاسم عينيه وتمتم لها :

_تصبحي على خير٠ 

ابتسمت داليا ربتت على كتفه وتابعت وهي تغلق نور الاضاء ة التي يجاور فراشها:

_وانت من أهل الخير يا غالي٠ 


ولكن كل منهم لم ينم، كل منهم تظاهر بالنوم، قاسم كان يشعر بوحدة قاتلة، أن دقيقة واحدة من الفراغ كافيه أن  تحيل يومه كاملاً  إلى جحيم، حياته التي لا يملأ أركانها ولد من صلبه يملأ تلك الوحشة التي تزأر فيه، سنوات تمر وتمضي ولا جديد 

يبعث على الامل، يمضي بين هموم الناس يجد لها حلاً، وهو صامت عن همه، لا يخبر أحد به، 

حتى أصبح الهم مثل حجر ثقيل يكاد يخنق انفاسه، وهو بكل ما أوتي من قوة يحاول أن لا يظهر ما بداخله، فهو يعلم أن كلمة واحدة كافية أن تجعل داليا في جحيم هي الآخرى،

وجحيم داليا التي تحاول أن تخفيه عن زوجها قد زاد أضعاف بعد حديث قاسم لها، هي تفهم جيدا حاجة قاسم إلى والده، حاجته إلى العائلة إلى الولد، والده الذي رحل قبل أن يشاهد بذاته سنوات حرمان كل منهم من الأبناء ، عادت كلمات قاسم ترن في اذنها مرة ثانية عن الحلم وعن والده وعتابه له، فتحت داليا عينيها ونظرت إلى سقف الغرفة، لقد كان عتاب والده أن ترك اسمه للموت وليس كما فهم قاسم، أنها الذرية الصالحة التي تجعل اسماء من رحلوا باقية الذكر