رواية رومانسية جديدة حرب نواعم 

(قواعد عشق النساء)

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي

في الساعة الرابعة عصراً في ذات اليوم

ميرال في الطريق الى ورشة الذهب الخاصة بها

وضعت ميرال يدها على سيارة والدها وقالت في صوت منخفض:

_معقول نفس الموقف،  وف نص الطريق كمان لأ كدا كتير أوي، لازم اروح ورشة الدهب اجيب التصميمات٠

نظرت في كل اتجاه في الطريق ثم قالت في صوت به نبرة ألم وحزن:

_طيب الحل اي؟ 

نظرت إلى الهاتف المحمول الخاص بها، ثم قالت في صوت خجول:

_وبعدين شكلي اي قدامه طفلة صغيرة في كل المواقف ولا اي؟ 

وضعت الهاتف جانباً ثم فكرت أن تقوم على الاتصال بأحد القائمين على الورشة من أجل مقابلتها في المكان، ولكنها رفضت اتخاذ وتنفيذ الفكرة ونحتها جانباً، هي لا تملك سوى 

رقم هاتف مرقص الرجل العجوز المسن الذي يريد 

ورشة الذهب الخاصة به 

لان معظم العاملين في الورشة غير منتظمين في الحضور اليومي إلى الورشة، الرجل العجوز 

لا يملك طاقة كبيرة حتى يأتي إلى الطريق الصحراوي ويضع التصميمات في يد ميرال ثم يبحث لها عن ميكانيكي يساعدها في هذا الموقف، وإذا فعل هذا الأمر بسيارته الشبه متهالكة، إلى من يترك أمر الورشة؟ هذا مأزق حقيقي له إذا طلبت منه المساعدة؟ مرقص يمتلك إذن واحدة فقط صالحة إلى السمع والاذن الأخرى لا يسمع بها جيداً، لهذا سوف يضيع وقت اكبر في الحديث معه حتى يفهم منها أنها في حاجة إلى ميكانيكي، ظلت صامتة جالسة داخل السيارة   خمسة عشر دقيقة كاملة قبل أن تشعر بالقلق والضجر أيضاً، ضغطت على زر الاتصال وشعرت بالحرج الشديد وهي  تستمع إلى صوت قاسم:

_اهلا ميرال٠ 

ميرال وهي تضع يد على شعرها وتشعر بالخجل:

_انا آسفة بجد اني بتصل وبشغلك بمشاكلي، بس العربية اتعطلت تاني وأنا في طريقي للورشة ولازم 

اروح اجيب التصميمات 

علشان احطها في المحل٠

قاسم :

_يعني انت حالياً  في طريق الورشة؟ 

ميرال في احراج:

_ايوا جنب يافطة اعلان الدوناتس اللي على الطريق٠ 

قاسم في سرعة:

_طيب انا هاجي اخدك بعربيتي أنا في البلد بخلص مصالح وهاطلع عليك مسافة السكة، وهسيب خبر الميكانيكي يبقى ياخدها من الطريق٠ 

ميرال في صوت منخفض:

_انا بجد متأسفة على الازعاج اللي بسببه ليك٠

قاسم في عجالة:

_لا مافيش ازعاج ولا حاجة، بس اقعدي في العربية ومتقفيش على الطريق واقفلي ازاز العربية كويس اوي ، حوالي تلت ساعة واكون عندك يا لا سلام ٠ 

شعرت ميرال بالخوف يتسرب لها بعد كلمات قاسم، هل من الممكن أن تتعرض إلى اعتداء ما في هذا المكان؟ هل من الممكن أن يتم سرقتها هنا؟  أغلقت زجاج نوافذ  السيارة الخلفي في احكام شديد، ثم أغلقت زر التسجيل الذي كان يبث موسيقى اغنية ويتني هيوستن، وفكرت 

ربما كان صوت الموسيقى يرشد اي شخص عنها، لهذا من الأفضل أن تغلقه، 

مضت ربع ساعة كاملة قبل أن تشاهد ميرال سيارة قاسم تتوقف إلى جوار سيارتها، أشار لها قاسم أن تنضم له في السيارة مما دفعها أن تنزل في سرعة وهي تحمد الله أنه جاء قبل موعده فلقد كادت تموت خوف وقلق من الأفكار التي نبهها قاسم إلى خطورتها، فور أن صعدت إلى جواره، نظرت إلى وجهه وقد توقعت أن يكون غاضب ولكن العكس كان هو ما شاهدته، ولقد شعرت ببعض الهدوء يتسلل لها حين تحدث قاسم أولاً:

_انا كلمت شرف  الميكانيكي  يوديها التوكيل على طول واضح أن في سوء تصنيع

نظرت ميرال له في امتنان وقالت:

_انا متشكرة اوي بجد، 

ومرة تانية متأسفة على مشاكلي اللي مورطاك فيها٠

قاسم نظر لها في دهشة ثم تابع:

_انا قطعت عهد مع زهران ابو المجد أن أخد بالي منك خلال فترة سفرة، واللي بقوم به دا واجب عليا، مافيش داعي يبقى في كلفة في التعامل٠ 

اعترضت ميرال في صوت منخفض:

_ايوا بس انت اكيد وراك مشاغل أهم من كدا وأنا خدت من وقتك ونفس المشكلة٠ 

قاسم وهو ينظر إلى الطريق في إهتمام:

_ عمدة البلد يبقى يحل اي مشكلة تتحط قدامه، وأنت مسميه عربية عطلانه مشكلة!؟ المشاكل الحقيقة اللي بعمل ليها جلسات يا ريتها تكون زي كدا بجد، وبعدين أنت بنت البلد واجب على الكل هنا يشوف طلباتك لان السيد الوالد مسافر، والوالد اختارني أنا نيابة عن الكل٠

ميرال وهي تنظر من النافذة وقد شعرت بتأنيب الضمير:

_انا اتصلت في وقت كنت بتخلص فيه مصالح الناس٠

 قاسم في هدوء :

_مصالح العباد ربنا بيخلصها من عنده فوق في سرعة وسهولة، دي حاجات بسيطة اوي وزي ما قلت لك تدابير ربنا خلصتها٠ 

نظرت له ميرال نظرة اعجاب ثم قالت:

_مسئولية العمدة مش بسيطة ابدأ انك مسئول عن بلد كاملة  أمنها، ناسها،  وهمومها وعندك استعداد تسمع للكل من غير ما تمل أو تزهق، وعندك استعداد انك تكون موجود في أي لحظة شيء مش اي حد يقدر عليه، ولا اي حد يتحمله ٠ 

أوقف قاسم السيارة ونظر إلى الورشة وقال وهو يشير إلى ميرال:

_وصلنا٠ 

ثم انتبه الى ما كانت تتحدث عنه فقال:

_اتربينا على كدا، شوفت تصرفات عمي وأبويا،  لازم نكون عندنا صبر وطولة بال على الدنيا كلها، وأمن البلد دا ستر من الله،  وبعدين احنا هنا أهالي 

وعيلة واحدة زي ما بنقول ديما لبعض، علشان كدا أنا بشوف أن الواجب 

في لم شمل العيلة وتنبيه الغلطان واجب على اعمله، وربنا جعل القبول ومحبة   الناس في العقول و القلوب اللي هنا   رزق أنا بحمد ربنا عليه٠

سارت ميرال إلى جوار قاسم إلى داخل الورشة، 

مرقص كان يجلس في منتصف الورشة تماماً، فور أن شاهد قاسم وميرال نهض من مكانه وهو يهلل فرحاً

_العمدة والست ميرال والمسيح الحي أنا مش مصدق نفسي باللي شفته، بركات العدرا مريم في اليوم من اوله٠ 

صافح قاسم مرقص وهو يقول له:

_سنين كتير ما شفتك يا مقدس مرقص٠ 

أبتسم مرقص ثم قال:

_والمسيح الحي كنت في فكري من كام يوم، وكنت ناوي اجي لك مخصوص، الرب حقق لي اللي كنت عايز اعمله٠

ثم نظر إلى ميرال وقال:

_اهلا وسهلا بست الكل٠ 

ميرال وهي تنظر له في عطف وشفقه، فهي ترى أن الرجل ذو السبعين عام الذي لا يريد أن يفارق المكان رغم التعب والشيخوخة يستحق الشفقة:

_ أهلاً عمي مرقص٠

اتجه مرقص في خطوات سريعة إلى إحدى الزوايا وقال وهو يفتح ثلاجة صغيرة:

_عندي هنا تلات انواع مشروب برتقال ورمان وليمون، أنا بجيب المشروبات دي من البيت مخصوص علشان العمال اللي معاي هنا، الجو بيكون حر ويشوف أن مشروب واحد في اليوم بيجدد الطاقة ويخلي الكل منتعش٠ 

قاسم في لهجة أمتنان:

_مافيش داعي احنا هنرجع تاني بسرعة لأن ميرال وراها شغل٠ 

هزت ميرال رأسها علامة الموافقة على كلمات قاسم:

_ايوا لازم  اخد التصميمات وارجع بسرعة٠ 

فتح مرقص باب الثلاجة ثم قال في لهجة اعتراض:

_لأ كدا بقا ماتيلدا بنتي هي اللي هتزعل لأنها هي اللي بتعمل المشروبات دي، وهي كمان شغالة هنا النهاردة معايا  علشان تنهى تصميماتك يا ست ميرال، يبقى كدا كسرنا خاطرها هي٠

أشار مرقص إلى فتاة في الثلاثين من العمر، تجلس في إحدى الزوايا منهمكة في العمل ولا تشعر بما يدور  حولها

يتبع