-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 21 - 2 - الإثنين 1/4/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الواحد والعشرون

2

تم النشر الإثنين

1/4/2024


عقد حاجبيهِ، مُتقمصًا عدم الفهم: 


_مش فاهم أي إللي أنا بعمله؟ 


_لا أنتَ فاهم، مش أنتَ عملت كل ده علشان أعترف إني من غيرك ولا حاجة، وأني وصلت لكل إللي أنا فيهِ ده بسببك.... 


تنهد مُكملاً: 


_أنا جاي لك أهو وبقولك، أنا مُعترف بأنك السبب في كل إللي وصلنا ليه،وأنا من غيرك ولا حاجة يا عُمر، وعرفت قيمتك دلوقتي، وجاي أقولك أرجع بيتك وأرجع شُغلك وحياتك وكفاية لحد كده 


كان يتحدث بكل جدية وقد ظهرَ ذالك واضحًا علي نبرة صوتهِ وملامح وجههِ، قابلَ هو حديثهِ، بضحكة مُستهزئة قائلاً بأستهزاء: 


_المشكلة أنك فاكر أنها بالبساطة دي! 


لم يحتمل "يوسُف"، سُخرية إبنهُ منهِ، وعدم أحترامه لهُ، فنهض بعصبية يصرخ بهِ: 


_أنتَ عايز أي، جيت لك وقولت لك خلاص أحنا مُعترفين أننا كلنا عايشين في خيرك، عايز أعملك أي تاني أجي لك شايل كفني في إيدي يعني علشان تعقل بقا وتبطل شُغل المُراهقين ده... 


قاطعهُ قائلاً: 


_برضو برضو بتقول شُغل مُراهقين، عُمرك ما هتتغير يا بابا عُمرك.... بس أحب أقولك أن ده مش شُغل مُراهقة ولا حاجة، بالعكس القرار ده أكتر قرار صح أنا خدته في حياتي  ومش ندمان عليه ولا احد في المية!. 


_أنتَ عايز أي يا عُمر؟ 


طالعهُ" عُمر"، بنظرات مُتخاذلة، وقد أختفت لمعة البرود من عينيهِ وحل محلها ترقرق الدموع، أجابهُ بتأثر قائلاً: 


_عايز أي؟ من ناحية عايز فـ أنا عايز كتير، كتير أوي..... عايز كل حاجة بيعوزها أي أبن من أبوه، يمكن أنتَ تشوف إللي أنا هقوله ده حاجة تافهة وملهاش أي قيمة بس بما أنك بتسأل دلوقتي، فـ أنا هقولك أنا عايز أي؟ 


تنهد بحرارة يُتابع قائلاً: 


_كل إللي كُنت محتاجه حاجة بسيطة جدًا جدًا، كُنت محتاج أحس إني ليا لازمة وإني مش مُجرد تابع، كُنت محتاج أبقي أنا الوحيد المُتحكم في حياتي وأختياراتي.... 


قاطعهُ "يوسُف"، قائلاً: 


_يعني كل ده علشان بس أختارت أنك تدخل كلية التجارة بدل كلية الهندسة، ما أنا عملت كده علشان ده مجال أبوك ومجال شغله إللي أنتَ هتمسكه من بعده!. 


_ياريتها جات علي كده وبس..... بابا أنتَ كُنت محسسني أني مليش لازمة، وإني مجرد آلة في إيدك بتحركها وتوجهها زي ما أنتَ عايز 


للمرة الثانية يُقاطعهُ، ينفي كلماتهِ: 


_متقوليش علي نفسك كده يا عُمر، أنا أكيد عمري مقصدت أعمل كده 


_بقصد بقا ولا من غير قصد، أهو حصل، طول الوقت بتحسسني إني مليش الحق في إني أختار أي حاجة، دراستي شُغلي حتى صُحابي 


رفع زاوية فمهِ بتهكم قائلاً بسُخرية: 


_آه قصدك الواد الشمام إللي خليتك تقطع علاقتك بيه..... أنتَ لي مش فاهم إني عملت كل ده لمصلحتك، كنت بختارلك كل حاجة لأني شايف أن ده الصح 


_لي هو أنا مش بشوف، مش بعرف أميز الصح من الغلط


_لا، بأمارة أي؟ بأمارة إنك كنت عايز تدخل كلية الهندسة بس علشان صاحبك دخلها، وأنا عارف ومُتأكد يا عُمر أنك عُمرك ما حبيت الكلية دي، علشان كده أنا منعتك من دخولها، وشُغلك إللي مش عاجبك، أنتَ كنت أبن صاحب الشركة يعني الشركة شركتك، أختياراتك كلها كانت غلط في الغلط، وأنا بقا معنديش أوبشن أغلط وأعرف بعدين...... 


_وبالنسبة لرفضك إني أتجوز أمل بدون سبب، إللي المفروض بنت أخوك ومربيها علي إيدك!. 


تبدلت ملامح الآخر من الهدوء إلي الضيق والبغض، مجرد الحديث في هذه النقطة خصيصًا، يتسبب في أختناقه، زفر الهواء دُفعة واحدة بضيق، قائلاً بحدة كي يُنهى النقاش في هذه النقطة:


_ده موضوع خلاص فات، ودلوقتي أنتَ راجل متجوز ولا أي؟ 


_جوازي ملهوش علاقة، بسؤالي.... لي رفضت يا بابا، ولي عملت اللعبة الخايبة إللي حصلت علشان تبعدنا عن بعض 


نهض والدهِ واقفًا بعصبية، يصرخ بهِ: 


_متحترم نفسك يا واد أنتَ... أنتَ بتتكلم مع أبوك


_ماشي هقولك الكلام بصيغة تانية، لي قصدت تبعدنا عن بعض أي مصلحتك في كده، ولا هو مش عايز تشوفني مبسوط وخلاص؟ 


_مينفعش، رفضت لأنه مينفعش أنكم تتجوزو، فهمت!. 


رفع حاجبيهِ قائلاً: 


_نعم هو إللي مينفعش هو أي كلام وخلاص؟ 


أكد علي ما قالهُ: 


_لا مش أي كلام وخلاص، أنتو فعلاً مكانش ينفع تتجوزو نهائي، بعدين هتفهم إني كان عندي حق..... ودلوقتي سيبك من كل الكلام ده، أنتَ تطلع تلم حاجتك أنتَ ومراتك ويلا علشان هترجع معايا البيت 


_لا مش هرجع أنا مرتاح كده. 


تنهد بتعب: 


_أرجع بيتك وحياتك يا عُمر، أبوك محتاجك جنبه، أنا محتاج أبني جنبي، أنسي إللي فات وأوعدك إني هحاول أعوضك إللي فات، العمر مبقاش فيه كتير، وأنا حاسس إني أيامي قربت، سامح أبوك علي أي حاجة عملها وكان هدفه مصلحتك، أنا دلوقتي بقولك أنا محتاج عُمر إللي كان شايل كل حاجة فوق كتافه بس أنا مكنتش مقّدر، أرجع أسند أبوك تاني يا عُمر، أرجع لشركتك وأوعي تفرط في الشركة إللي تعبت فيها وبنيتها وطلع عيني السنين إللي فاتت دي!. 


كلماتهِ خرجت صادقة نابعة من صميم قلبهِ، لكن الآخر لم يتأثر، أو هكذا تظاهر، ظل الصمت بينهم لعدة ثواني، كلٌ منها يفكر بعالم غير الآخر، قطع هذا الصمت صوت"عُمر"، الذي تحدث بجدية وبرود أتقن أصتناعهم: 


_كلام متأخر أوي أوي...... المكتب نور شرفتني والله. 


قال كلماتهِ كنوع من إنهاء النقاش بينهم، طالعهُ الداهُ بنظرات مُعاتبة مُتخاذلة، لم يكن يتوقع أنه أصبح بكل قساوة القلب هذهِ، أين "عُمر" اللين الحنون والمُتسامح، علي ما يبدو أنهُ هو السبب في وصوله إلي هذهِ النُسخة، فقد تحول إلي نُسخة آخري قاسية، نُسخة تُطابق نُسخة "يوسُف التركي"، هو الآن يرى نتيجة ما كان يفعلهُ، لماذا يستبعد ما رد فعلهُ، بل أنه رد فعل مُتوقع جدًا، لكن كان هناك شئ بداخلهِ يأمل أن يُسامحه وتعود الأمور والحياة كما كانت....... 


❈-❈-❈


بعد مُحادثتهُ مع والدهِ، وإنتهاء النقاش بينهم إلي هذهِ النُقطة، وبعد رحيل" يوسُف "لم يطيق المكوث في الوكالة، شعر أن الجو من حولهِ أصبح خانق، فـ رحلَ، وأول شخص جاء ببالهِ هي" زوجتهُ"، وجد نفسهِ يصعد إلي شقتهم، ويبحث عنها في الشقة بأكملها، حتي وجدها جالسة في غرفتهم، وبين يديها الحاسوب تتصفح شيئًا ما، وكانت تصبُ جم تركيزها، وكأنهُ أمتحان...... 


أنها الوحيدة التي أصبحت قادرة علي فهمهِ في الآونة الأخيرة، أصبحت تفهم ما يُريده قبل أن يتحدث، تعمدَ هو أن يجعلها تفهم تفكيرهُ ومُخططاته وأعتقاداتهِ، لكي أذَا خانهُ التعبير، أو كان مُتعبًا بما يكفي ولا يقدر علي الشرح أو التبرير حتمًا ستفهم من نفسها ماذا يُريد أن يقول، ما أن رأتهُ جعدت جبهتها بإستغراب، من ثُم تركت الحاسوب جانبًا ثم سألتهُ قائلة بنبرة يتغلغلها القلق الواضح، ما أن رأت ملامح وجههِ المُكفهرة: 


_أي ده جاي بدري يعني؟ 


تنهد بتعب، ثم تقدم يجلسُ بجانبها، قائلاً: 


_عايزة أتكلم معاكِ في حاجة مضيقاني... مقدرتش أستني!. 


قلقت قليلاً، فما قالهُ يُقلق حقًا، أعتدلت في جلستها، حيثُ أصبحت مُواجهة لهُ، أخذت تستعدُ لسماعهِ بكل تركيز: 


_أنا سمعاك أهو!. 


_عارفة مين كان عندي تحت؟ 


ضيقت عينها قائلة: 


_مين؟ 


_بابا


حمحمت، تحاول ربط الخيوط ببعضها البعض وتُخمن لماذا أتي، فقد أخبرها زوجها  مُنذ فترة عن المشاكل التي بينهُ وبين الدهِ، وأخبرها أيضًا سبب تركهُ لمنزل والدهِ، فسألتهُ ببعض القلق من أن يكون قد قال لهُ شيئًا يجرحهُ كما المرة السابقة، فقد أخبرها "عُمر"  عن ما حدث أيضًا في تلك الليلة التي جاء فيها يبكي يرتمي بأحضانها: 


_كان جاي لي؟ 


تنهد "عُمر"، ثُم بدأ يسرد لها الحوار الذي دار بينهم، أنصتت لهُ بتركيز، وفي نهاية الحديث زفر الهواء دُفعة واحدة قائلاً: 


_مكنتش متوقع أنهُ ييجي يا غالية، آخر حاجة كُنت أتوقعها. 


_وأهو جه


_بابا مش زي ما أنتِ مفكرة، أنا مُتأكد أن ورا إللي قاله ده حاجة في دماغه وعايز ينفذها... 


كانت كلماتهِ شبه منطقية، فهو أكثر من يفهم تفكير أبيهِ ونواياه، لكن" غالية"، عارضتهُ الرأي تمامًا، وكان لها رأي آخر إيجابي: 


_بس أنا مصدقاه بقا، وشايفة أن مفيش أي دافع ورا زيارته دي غير أنه فعلاً عايزك ترجع يا عُمر!. 


_أومال أنا لي مش حاسس كده، حاسس أنه في حاجة جديدة بيخطط لها، أنا بقيت خايف أصدقه 


تفهم شعوره، أنهُ المُتوقع، شخص مثلهُ عاش لفترة طويلة بين جُدران أبيهِ وتسلطهُ، وتصرفاتهِ المُتناقضة، بالطبع من حقهِ أن يخاف من أي شئ يقوله، لأنه وببساطة قد أعتاد علي تصرفات والدهِ وأصبح يحفظها، إبتسمت له قائلة: 


_بُص يا عُمر أنا فاهمة قد أي أنتَ مبقتش بتثق في عمي يوسُف، وقد أي عارف تفكيره وأنه مش بيعمل حاجه غير لما يكون ليه مصلحة فيها..... بس حاول المرة دي تصدق، يمكن يكون بيتكلم بجد وحقيقي ندمان وحاسس قد أي هو ظلمك في تحكمه في حياتك.. 


إرتفعت زاوية فمهِ، بسُخرية قائلاً: 


_ندمان! أنتِ لي محسساني أنك بتتكلمي علي حد تاني، مش علي أبويا، يوسُف التركي بيندم علي حاجة ولا بيحس بالذنب؟؟ 


زفرت قائلة: 


_طيب ماشي هنعتبر نفسنا أقتنعنا بإحساسك ورأيك... تقدر تخمن عمي أي مصلحته من الزيارة دي، أو أي هدفه من الكلام إللي قاله، بما أنك بتقول أنك عارفه كويس؟؟ 


_يا غالية أفهميني، أنا آه عارف تفكيره لأني كُنت عايش معاه 29سنة، يعني طبيعي أفهمه، بس مش معني كده أني أبقي عارف هو كان جاي لي، أنا مش عايش في دماغه يعني. 


_أقولك أنا بقا هدفه، أبوك فعلاً ندمان يا عُمر كلامه مش بيقول غير كده، أنا عايزاك تصدقُه وتسمع منه خلي علاقتكم تبقي كويسه بقا، آن الآوان أنكم تصلحوا كل إللي فات أنت أبنه وهو أبوك مهما عمل هو هيفضل أبوك غصبن عنك، وبيحبك جدًا كمان، يمكن هو مكانش عارف يوصلك ده، وطريقته في التعبير كانت غلط بس بيحبك 


تنهدت، ثم أكملت بهدوء: 


_مفيش أب في الدنيا دي كلها مش بيحب ولاده، حتي لو كان قاسي، برضو بيرجع في الآخر مشاعره كأب بتغلب، عمي بيحبك جدًا جدًا ومفيش، حد هيحبك قده، بدليل أنهُ كان بيتدخل في حياتك في كُل كبيرة وصغيرة علشان عايز مصلحتك وعايزك دايمًا تبقا في المكان الصح وتعيش مبسوط، يمكن كان مُتحكم بطريقة فعلاً تُخنق، بس أكيد هو مكانش يقصد كده، طيب أنا هسألك سؤال دلوقتي وتُرد بصراحة؟ 


قد بدأ يقتنع قليلاً بكلماتها، لكنه لا يزال هُناك جزء كبير بداخلهِ يخشي التصديق والإقتناع، رد عليها بهدوء: 


_اسألي؟. 


_تقّدر تقولي أي إللي وصلك أنك تبقي راجل كده وقد المسؤلية، غير أبوك!، تقّدر تقولي أختيار أبوك للكُلية إللي تدخلها مكانش صح، وأن فعلاً ده مكانك، تقّدر تنكر أن حابب شُغل الحسابات وبقيت شاطر فيه وأثبت مكانتك في شركة أبوك حتي لو أبوك كان رافض يعترف بـ ده؟ أبوك عمل كل حاجة علشان مصلحتك بس طريقته كانت غلط كان دائماً بيظهر لك أنه بيتحكم فيه مش العكس، مع أنه كان يقدر يفهمك أنه مش بيتحكم فيك كده، وبرضو كان مُمكن أنتَ كمان تتكلم معاه وتقوله...... 


_علي فكرة أنا أتكلمت معاه كذا مرة وبرضو مكانش بيتغير


قاطعتهُ قائلة: 


_وأديه أتغير، تغيير متأخر شوية، بس المُهم أنهُ أتغير، مش أنتَ كنت عايزه يتغير أهو حصل كده أهو، لي أنتَ مش عايزة تديله الفرصة، إللي أنتَ نفسك كنت مستنيّه يتغير علشان تدهالو... 


ضيقكَ عينيهِ بتفكير، من ثم هتف قائلاً: 


_تفتكري؟


الصفحة التالية