رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 1 - 1 - السبت 13/4/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ما بين العشق والهوس
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الأول
1
تم النشر يوم السبت
13/4/2024
في المنزل الكبير والذي توسط المنطقة الشعبية بمساحته الشاسعة وبناءه المختلف عن باقي المباني المجاورة، بعد أن اسسه قديمًا الدكتور رفعت فؤاد، فاتخذ مسكنه وأسرته في الطابق الثاني.
ليترك الطابق الأول كعيادة كبيرة لاستقبال المرضي من أهل منطقته، يُعالج مرضاهم بأسعار زهيدة، ولأجل أن ينشأ أبناءه أيضًا في هذا الوسط الذي تربى عليه، رغم تعليمهم بمدارس أجنبية.
أثمرت التربية الحسنة في ابنه الأكبر عزيز والذي تابع استكمال الرسالة في معالجة الفقراء كنفس فعل والده بل وزادهم بعيادة أخرى لزوجته في نفس المبنى؛ الذي هجره سكانه بعد رحيل الطبيب الأب.
فقد وجد كل فرد منهم طريقه، سافر شقيقاه بهجرة إلى إحدى المدن الأوربية، ولحقت بهما والدتهما أيضًا، وظل الدكتور عزيز مع الدكتورة فاطمة زوجته في الوطن وحدهم مع ابنائهم.
يسكن في إحدى المدن الجديدة ويعالج في عيادته هناك بأسعار خيالية، ثم يأتي اَخر ثلاثة أيام في الشهر ويعمل ليل نهار، بهذا المركز المتواضع لفحص الأعداد الكثيفة من الأهالي الذين سجلوا أسمائهم خلال الشهر.
وحجزوا دورهم قبل أن يأتي الميعاد لزيارة عيادة العظام خاصته، ومثلهم يكون بالضعف مع عدد النساء الاَتي يتوافدن لعيادة زوجته والتي تاتي مع مساعدت لها من طبيبات صغيرات أو ممرضات ذات كفاءة عالية.
حتى إذا انتهى الشهر وعاد الرجل مع زوجته إلى مكانهم الحقيقي بين علية القوم، يظل المنزل ساكنًا على حالته مع مراعاة الحارسين، عصام وعمران اللذين يسكنان بالمبنى الملحق بالمنزل.
عمران والذي تولى العمل به منذ سنوات عديدة بصفته احد أبناء المنطقة وبوساطة من عمه الذي كان يعمل ممرضًا للطبيب الكبير، استوطن بالمنزل منذ عمر الثالثة عشر، بعد وفاة أمه وزواج ابيه بأخرى رفضت وجوده معها في المنزل.
لعدم تقبلها له بينهم؛ بحجة أنه فتى بالغ فلا اَمان لزوجة شابة معه في منزل واحد، فانتقل للعمل في حراسة مسكن الطبيب، والمبيت في غرفة بالحديقة، حتى كبر فوصل لسن الزواج، ليكمل جميله الطبيب الكبير ببناء ملحق للمنزل قبل وفاته.
فنال نصيبه عمران بالسكن بإحدى شققه بعد ان تمكن بصعوبة ليجد من تقبل به زوجًا وهي عزة يتيمة الأب الفقيرة التي قبلت به افضل من بلوغها سن العنوسة بدون زواج، ليُتبعه شريكًا في السكن في الشقة الأخرى في نفس المبنى عصام.
الشاب الذي عُين بعد وفاة الطبيب الكبير وسفر الأشقاء والأم ليكون عونًا لعمران بحراسة المنزل، وقد أتى بزوجته ابتسام من بلدتها الريفية في تجربتها الثانية للزواج، كزوجها الذي طلق قبلها امرأة أخرى أيضًا.
وأصبح المبنى مقتصرًا على أربعتهم، وقد مضى على هذه الجيرة عامان الاَن.
❈-❈-❈
ولج عمران لداخل شقته صباحًا بعد انتهاء نوبة حراسته الليلية بمساعدة شريكه عصام، فهذا وقت استراحتهم اليومية، وقد أتى عامل الحديقة لرعايتها وأتى بعض الموظفين المكلفين بدوام عملهم في المركز الطبي، وضجت الحركة قليلًا بالبشر .
- صباح الخير.
هتف بها كتحية لزوجته التي كانت جالسة في وسط الصالة الضيقة في انتظاره، رددت خلفه وهمت بالوقوف لتتبعه ولكنه منعها على الفور:
-إلى أين يا عزة؟ ظلي مكانك ولا داعي للتعب.
تبسمت بحرج تقول بإصرار رغم امتنانها لقوله الشهم لها:
-وأين هذا التعب يا عمران؟ سوف اَتي لمساعدتك في تبديل ملابسك قبل أن اقوم بتحضير وجبة الإفطار.
زجرها بنظرة محذرة وهو يخلع عنه معطفه الثقيل قبل توجهه لغرفة النوم:
-لا تُجادليني يا عزة بالثرثرة الفارغة، جسدي المُنهك يئن لطلب الراحة والنوم ولست بحاجة للطعام، فقد تناولت إفطاري بشطيرتين من عربة العم رمضان بائع الفول والفلافل، وعن تبديل ملابسي فلدي ساعدين والحمد لله لم أفقدهم حتى ألجأ أليكِ
تمتمت بالأدعية الحافظة، وقد تشاءمت من لفظه لهذا الفأل السيء أمامها فشهقت قائلة بجزع:
-بسم الله الحفيظ، لا تكرر بقولك هذا يا عمران
ضحك ساخرًا من فعلها فقال يشاكسها ليستفز طيبتها وخوفها الشديد:
-كل هذا من مجرد عبارة عابرة يا عزة، وإن افترضنا أنه حدث بالفعل.
صرخت معارضة بارتياع:
-أعوذ بالله من كل شر، ولما نفترض السوء حتى لو بالمزاح؟ بالله عليك لا تكررها يا عمران.
ضحك يرمقها بنظرة حانية وقد سره فعلها، وارتياعها لمجرد التخيل فقال لها ينهي المناقشة:
-سوف ادخل الاَن لأتحمم قبل أن أسقط بجسدي داخل الفراش لكي أنام، أرجو منك عدم الإزعاج وفتح الغرفة،
حتى لا أستيقظ وأنت أعلم الناس بنوم زوجك الخفيف.
اومأت له بطاعة مغمغمة بصوتها الخفيض كعادتها من وقت زواجه بها، فتابع لها بشبه ابتسامة قلقة اعتادت عليها منه من وقت حملها بهذه الطفل:
-واعتني بطفلي وبنفسك جيدًا .
قالها وذهب من أمامها لتنظر في أثره وتعيد بترديد الأدعية التي تكررها ليلًا نهارًا، حتى يحفظ هذا الطفل ويكتمل حملها على خير، فقد مر على زواجها اربع سنوات اجهضت بهما عدت مرات، أرهق بسببه جسدها الضعيف.
حتى توقفت عن الحمل بالأمر المباشر من الدكتورة فاطمة زوجة الدكتور عزيز التي تكفلت بمتابعتها لتُعطيها كورس علاج مكثف وراحة من الحمل الاَخير لأكثر من سنة، حتى يستعيد جسدها بعض القوة التي تعينه على تحمل الجديد.
دنت برأسها تتطلع لهذا البروز الصغير الذي ظهر من جلبابها البيتي الخفيف رغم مرورها بالشهر الخامس الاَن، ولكن يبدوا أن نحافتها الشديدة أيضًا سيرتُها طفلها الصغير، تنهدت بعمق رافعة رأسها للسماء.
تناجي ربها كي يستجيب هذه المرة وينجي جنينها، فما الفائدة التي تجنيها من زواج كهذا خالي من المشاعر بين الزوجين، ورجل غريب كزوجها، سوى طفل يعيد إليها دفء الأسرة التي افتقدتها منذ وفاة والدتها.
❈-❈-❈
في الشقة المجاورة دلف عصام عائدًا من نوبة عمله والسهر في الحراسة هو الاَخر ولكنه لم يجدها في انتظاره في أي ركن أمامه في المنزل، أو حتى داخل المطبخ، فخمن وحده أين هي واقفة الاَن!
-كما توقعت، وقد صدق حدسي، البرنسيسة مازالت تتأمل في جمالها أمام مراَتها العزيزة .
قالها بتهكم لا يخلو من السخرية بعد فتحه لباب غرفته مباشرةً وقد ذهبت انظاره علي الفور نحوها.
أما هي فقابلت كلماته بعدم اهتمام لتلتف إليه متخصرة وتُجيبه بنبرة تفيض بالثقة عن قصد:
-وهل هذا عيب يا زوجي العزيز، إن الله جميل يُحب الجمال، وأنا جميلة فلمَ لا أحب نفسي؟ كي أنظر وأتأمل في ما وهبني الله به؟ من جمال وفتنة حرم منها الآخرون.
أصدر من فمه صوت مستهجن وقد مل وسئِم منها ومن حديثها هذا، وهي لا تنفك تذكره بجمالها وكأنه لا يعلم، ولكن في الحقيقة هو ليس بالغبي حتى لا يعي بقصدها.
بمحاولاتها المستميتة للفلت انتباهه، حتى تحصل منه على كلمة غزل أو حتى نظرة تغذي هذا الوحش بداخلها، المتعطش وبشدة دائمًا للإطراء عليها وعلى حسنها الفتان، وكأن الأرض لم تأتي بنساء غيرها؟
تجعد وجهه بامتعاض يغمغم بالكلمات الحانقة وهو يقوم بخلع ملابسة الثقيلة، قبل أن يلتفت إليها يسألها بابتسامة سمجة متعمدًا عدم الرد على حديثها :
- وهل قامت سيدتي الجميلة والتي تعشق نفسها بإعداد وجبة الفطار؟
أخرجت من فمها زفرة طويلة محبطة، ناظرة إليه بيأس، هذا الجلف تجاهل الرد على كلماتها، ويطالبها بإعداد الطعام، وكأن أصابه العمى عن رؤية ما أنعم الله عليه به حينما تزوجها.
إنه حتى لم يلتفت لمنامتها الحريرية القصيرة بلونها الوردي والتي انعكست على لون بشرتها البيضاء لتساعد في ابراز جمالها بسخاء وإغواء؛ يعلمه جيدًا زوجها ولكنها دائمًا ما ينكر ويتصنع التغافل