-->

رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 2 - 1 - السبت 13/4/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية ما بين العشق والهوس

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني

1

تم النشر يوم السبت

13/4/2024


في الساعة السابعة

خرج عمران من شقته بالزي الرسمي للعمل، البنطال الأسود وفي الأعلى قميص باللون الأزرق، والمعطف الثقيل على ساعده يتجهز لأرتداءه، في انتظار عصام 

الذي هاتفه منذ قليل.


فقد حان موعد نوبتهما الليلية في حراسة المبنى، انفتح باب الشقة ألمقابلة لشقته ليفاجأ برؤيتها هي أمامه:

-مساء الخير.


 القت تحيتها بروتينية ككل مرة تراه بها، وهي تٌخرج الكيس الأسود للقمامة خارج الشقة، لا تضع عينيها بعينيه وتنظر إليه جيدًا، يعلم في قرارة نفسه ان ما يمنعها من ذلك ليس الخجل .


ولكنه النفور من التطلع إلى وجهه الملئ بالحفر، هذا بالإضافة إلى الحرق الذي شمل أكثر من نصفه، فجعل هيئته تقارب المسخ؛ بالتشوه الذي رسم كلوحة فنية بائسة تثير الفضول في النظر إليها من البعض، ويفر من أمامها المعظم.


أجلى حلقه ليرد بلهجة جعلها عادية:

-مساء النور، الم ينتهي عصام بعد من ارتداء ملابسه؟ لقد هاتفته منذ قليل ولم يرد .


أجابت وهي تدعي لف طرحتها جيدًا حول وجهها:

-لقد انتهى وعلى وشك الخروج الاَن، دقيقة وينضم إليك، اتريد مني الدخول إليه واستعجاله؟


من جديد تجيب عن سؤاله متعمدة عدم النظر إليه، ليأخذ هو فرصته كاملة للتأمل جيدًا في ملامحها الفاتنة، هذا البشرة البيضاء الصافية التي لا تشوبها شائبة، عكس زوجته التي انعكس ضعفها الجسدي على بشرتها فجعلها دائمة الشحوب.


 رغم كل ما تفعله من اهتمام بها من أقنعة طبيعية في المنزل وكريمات التغذية العلاجية من الصيدلية، فلا يفلح شئ في تصفيتها ولا بتغطية العظام البارزة لوجنتيها الغائرتين، كم ود لو كانت بوجه مستدير كهذه، وجنتين مكتنزتين بلونهما الوردي.


وكأنهن تفاحتين ناضجتبن تنادي صاحب النصيب، 

ويا ليته كان هو؟

ارتفعت عيناها فجأة بتساؤل فانتبه من شروده ليرد على الفور بعملية:


-سوف أكون شاكرًا لكِ لو هتفتِ عليه كي يأتي سريعًا،  ويستلم النوبة، فلابد من ذهابي الاَن كي اَتي بالعلاج الناقص لعزة من صيدلية أخرى تبعُد عن هنا كثيرًا.

تطلعت وبدا عليها التأثر لتقول بلهفة:

-حسنا سريعًا سأدخل إليه؟


قالتها والتفت لتجد زوجها أمامها بملابس العمل هو الاَخر يردد:

-لا داعي لاستعجالي فقد خرجت وحدي، كيف حالك يا سيد عمران؟


قال الاَخيرة بلهجة مازحة لرفيقه الذي تبسم له فظهرت أسنانه البيضاء وهو يرد :

-جيد جدًا يا سيد عصام، مشتاق ففط لرؤيتك عزيزي. 

أطلق عصام ضحكة رنانة ليكملا الرفيقان مزاحهما 


وهما يهبطان درج الملحق الذي يسكنان به، أصابتها ابتسام عدوى الضحك خلفهما، لتغلق باب شقتها سريعًا وتنضم للحديث مع جارتها في الشقة الثانية.


❈-❈-❈


جلس عصام على الكرسي البلاستيكي يرتشف من الكوب الزجاجي لمشروبه الساخن وقد جاء به عمران من القهوة القريبة في اَخر الشارع، والذي كان منشغلًا الاَن بإشعال النيران في الأسفل لتعمل على تدفئتهما وقد 

زحف تيار الهواء البارد وشعرت به أجسادهم. 


-أممم كوب السحلب الساخن جاء في وقته يا أبا عمران. 

قالها عصام متلذذًا بالطعم الجميل بفمه، تبسم له المذكور يرد بامتعاض


-لا أدري يا رجل كيف تُعجبك هذه الأشياء الغريبة؟

ولا يعجبك الشاي الذي يعدل الرأس بالفعل ويدفئ الجسد من كل برد 


تبسم عصام يقول متفكهًا:

-لأني كالأطفال يا عزيزي، يعجبني اللون الأبيض وتناول المكسرات بالمعلقة، اقسم انه لمن امتع الأشياء،  لا أدري لما لا يُعجبك؟


-لأني لست طفل

قالها عمران بابتسامة متوسعة بمرح، والتي قابلها عصام بالضحك عاليًا،  حتى انتبها الاثنان على الصوت النسائي القريب منهما.. 


-أنت يا هذا أنت يا أخ ؟

أجاب عمران على المرأة التي تبدوا في عمر الثلاثين وبجوارها فتاة تبدوا في الرابعة عشر:

-نعم سيدتي هل تقصدينني أنا؟


نفت برأسها سريعًا المرأة لتلتف نحو عصام تسأله بلهفة متهربة هي وابنتها من النظر إلى عمران:

-هل تعرف اين يسكن الدكتور محس عثمان استاذ الطب النفسي؟


أجابها عصام بحرج من صديقه الذي تجاهلت المرأة سؤاله عن عمد، في حدث تكرر أمامه قبل ذلك كثيرًا، حتى انتابه الإشفاق عليه من هذه الأفعال التي تؤذي مشاعر الاَخر:


-استاذ محسن عثمان في الشارع التالي من هنا، هذا مركز الدكتور عزيز لعلاج العظام وزوجته الدكتورة فاطمة استاذة النساء والتوليد .


ردت المرأة بمسكنة أصابته بالضيق:

-أين هذا الشارع الذي تقصده؟ انا غريبة عن هنا ولا اعلم الطرق ولا حتى انتبه جيدًا لقراءة اليافطات المعلقة، هل تتطوع وتذهب معنا ارجوك؟


التف لصاحبه بتساؤل لإنقاذه ولكن الاَخر ابتلع الغصة المسننة بحلقه، واغتصب ابتسامة يومئ له بذقنه مشجعًا:

-أذهب يا عصام كي تدلها على العنوان الصحيح، وسأنتظر أنا هنا ولن اتحرك من مكاني، 


تنهد عصام بضيق ليتبع المرأة نحو العنوان المذكور،  ونهض عمران كي يجلس محله يرتشف من كوب الشاي الذي برد، يتطلع لانصرافهم ويراهن بداخله على شئ ما، وكما توقع التفت رأس الصغيرة لتُلقي بنظرة فضوليه نحوه، فشاكسها برفع حاجبه، مع ابتسامة ذات مغزى.


شهقت الفتاة برعب لتعود بنظرها بعيدًا عنه، لدرجة جعلته يشعر نحوها ببعض الشفقة قبل أن يعود ويذكر نفسه أنه لم يخطئ بشئ، هو لم يحُثها على الإلتفات كي تشاهد من جديد الوجه الغريب لتتسأئل عن المتسبب في تشويهه، او عن حجم هذا التشوه.


والأصح قبل كل ذلك، هو ليس مسئولًا عن هذه الهيئة التي خلق بها، وجهه الخالي من المواصفات الجمالية حتى الأقل من العادية، يشبه والدته التي كانت تًعاير من زوجها به؛ بأنها أنجبت نسخة ثانية منها، قبل أن يتوفاها الله في هذا الحريق الذي شب بمنزلهم قديمًا. 


فالتهم ألأثاث والتهم نصف وجهه مع محالاته البائسة  في النجاة من النيران التي اخترقت غرفته ليلًا وهو نائم، بعد انفجار أسطوانة الغاز، إثر إشعالها بخطأ من والدته راحت ضحيته. 

 وبعدها يزداد الطين بله في حظه المشؤم 


نفض رأسه من ألأفكار السيئة بالغوص في ذكرايات الماضي، حتى لا يجدد على نفسه شعور الحسرة والحزن، تناول هاتفه من جيب بنطاله، لتتغير ملامح وجهه.


 وينبت بداخله الفرح المؤقت، بدخوله على وسائل التواصل الإجتماعي وشخصية أخرى غير شخصيته،، قبل أن يدخل بتطبيق الرسائل ويعيد محاولاته في التواصل عبر حساباته 

العديدة المزيفة.


❈-❈-❈


داخل غرفة النوم والتي تقضي فيها معظم وقتها بالمنزل، تُشعل شاشة التلفاز أمامها لتشاهد مسلسلاتها المفضلة في غياب زوجها الذي يُصر دائمًا على مشاهدة مباريات كرة القدم وحلقات المصارعة الحرة.


 تتكتئ على وسادتها وتتناول المسليات أو الفواكه كما تريد، مدامت ستنظف كل هذه الفوضى قبل أن يأتي أبا الغضب بعواصفه، فلا يوجد حماة تعكر صفوها بالشجار والتدخل في كل صغيرة وكبيره تخصها، ولا شقيقة تراقب عليها وتعُد عليها أنفاسها.


هذه مملكتها ولا يشاركها بها أحد، وقد حصلت عليها كتعويض من الله بعد معاناتها في الزواج السابق، فلا داعي لتذكر هذه الأيام العصيبة الاَن، حتى تستمع باسترخاء بمشاهدة الفيلم العربي المذاع أمامها.


كما تُسلي نفسها أيضًا بمتابعة هذه الرسائل المتتالية الغريبة التي تصل إلى حسابها في تطبيق المحادثات، بعدم معرفة حقيقية او حتى صداقة عابرة مع صاحبها عبر وسيلة التواصل الأكثر شهرة:


-عرفيني عن نفسك

-انا معجب بكِ

-لما لا تردي وتُريحي قلبي المتعب بعشقك يا أجمل من رأت عيني. 


أطلقت ضحكة مدوية بمرح يكتنفها مع قراءة الرسائل ودعوات صاحبها الحثيثة لها بالرد والإجابة منذ عدة أيام، وهي تقرأ مستمعة ولكنها لا تريد إجابته حتى لا يظنها سهلة المنال، مع شعورها بتافهة المرسل.


بهذه الجمل النمطية والتي تتكرر معها كثيرًا برسائل عديدة تصلها من عدة أشخاص:

-أين أنتِ يا جميلة؟

- طاوعكِ قلبك على تركي، لأناجي وأتحدث هكذا مع نفسي؟

الصفحة التالية