-->

رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 3 - 2 - السبت 13/4/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية ما بين العشق والهوس

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثالث

2

تم النشر يوم السبت

13/4/2024

إلى أين أنت ذاهبة؟

تفوه من خلفها فجأة لتشهق منتفضة واضعة كفها على موضع قلبها وقد أجفلها الاَن بحضوره، فتسائلت بأنفاس متهدجة:

-متى جئت يا عمران؟


تقدم نحوها بوجه عابس فقد استفزه استمرار خوفها الغريزي منه في كل مرة تتفاجأ برؤيته رغم مرور السنوات التي جمعتها معًا، وكأنه تذكره عن غير قصد بتشوه وجهه، فقال مشدد على أحرف كلماته:


-أنا من بدأت بالسؤال، إذن فعليك الإجابة وليس الرد بسؤال اَخر.

ابتعلت لتجيبه ببعض الثبات وقد هدء ارتياعها قليلًا:

-لن أذهب بعيدًا بإسدالي هذا يا عمران، هما خطوتين فقط للشقة المقابلة لشقتنا، سأذهب لجارتي ابتسام.


أخفى ارتباكه لمجرد ذكرها بالإسم، وسألها بنبرة طبيعية:

-ولما لا تأتي هي؟ ألا تعلم بأنك متعبة وكثرة الحركة خطر عليكِ وعلى حملك؟

أجابته بعفوية:

-تعلم كل ذلك وهي دائمًا ما تأتيني وتساعدني أيضًا. 


-ولكنها اليوم بحال بائسة ومنهارة من البكاء بعد شجارها مع زوجها، لقد اتصلت بها وعلمت منها ذلك، أود الذهاب للاطمئنان عليها، فهي لم تقصر معي أبدًا. 

سألها بفضول تملكه للمعرفة؛

-ألم تعلمي منها سبب الشجار؟


-سوف اعلم حينما أذهب.

قالتها سريعًا وهي تعيد لف حجابها قبل الذهاب، ولكنها تذكرت لتساله:

-لم تخبرني يا عمران، عن سبب حضورك من نوبة عملك بالأسفل الاَن؟


لوح أمامها بالعلبة الفارغة قبل أن يذهب لوجهته في المطبخ، لتعلم انه قد أتى من أجل تعبئتها بالسكر من أجل إعداد الشاي والمشروبات الساخنة كي تساهم في تدفئته ومعاونته على السهر مع رفيقه في الأسفل، اومأت بتفهم وانصرفت بعد ذلك ذاهبة. 


وبداخل المطبخ توقف مستندًا بظهره على طرف حوض غسيل الأطباق من خلفه، وقد ذهب عقله إليها، يتسائل بداخله عن المتسبب في المشاجرة التي حدثت بينها وبين عصام الذي تركه بحالة لا يرثى لها في الأسفل، هي منهارة في البكاء وهو متجهم الوجه بشرود. 


لكم ود اختراق الشقة المجاورة الاَن ليسمع منها كل  ماحدث بأذنيه كفعل ما يقوم به كل صباح، وليس تلخيص مبهم من عزة التى لا تتحدث بغير المفيد، وهو مغرم بالتفاصيل في كل ما يخصها.


❈-❈-❈ 


على أرض الغرفة الباردة جلست أمام الأخرى والتي كانت تهتف بالكلمات الغير مترابطة، بانهيار جعلها تخرج ما يعتمل بصدرها أمام جارتها:


-لقد هددني بالطلاق يا عزة، وعلى سبب تافه، اقسم بالله إنه شئ لا يستحق ولكني أعلم أنه يريد التخلص مني ومنذ فترة طويلة وليس اليوم فقط، وربما يريد الزواج بأخرى... 


كانت تهذي بالكلمات مع بكاءها المستمر دون توقف والأخرى تربت على ذراعها بدعم لتهدئتها.

-لكن لما يفعل معي هكذا يا عزة؟ يتهمني بالتواقح وقلة الحياء، لأني فقط طبت منه اغلاق الهاتف المزعج؟ عصام لم يعد يُطيقني، لم يعد يريدني..


للمرة الثانية تقطع كلماتها بالبكاء الذي على صوته بشهقاتها، فردت عزة بأسلوبها الرزين الهادئ والذي دائمًا ما يلامس المنطق لتُذهب عنها الأفكار السيئة


-يا حمقاء تعقلي ولا ترهقي نفسك بالتفكير والتنبؤ بالشر،

تلك مجرد كلمات؛ لا تحملي لها هم وأخرجيها من رأسك.

فلقد تفوه بها زوجك في لحظة غضب.


-الرجال أو البشر عموما في أوقات الغضب لا أحد منهم يعي ما يتلفظ به وقتها، لقد علمتني أمي ان من يفعل لا يتكلم، ومن يتكلم لا يفعل، هو فقط يفرغ ضيقه بالضغط عليكِ كما يفعل باقي الرجال. 


توقفت عن البكاء وقد لفت نظرها مغزى الكلمات، فتساءلت متناسية ظرفها وما تسبب لها في البكاء:

-وهل عمران يفعل معكِ ما يفعله باقي الرجال بالظغط وإفراغ الغضب؟


تبسمت عزة لقولها قليلًا قبل أن تجيبها بتفكه:

-وكيف يفعل وهو لا يراني من الأساس؟ إنه لا يشعر بوجودي اصلآ!

تعقد حاجبي الأخرى بشدة وتجعد جبينها باستغراب لتسألها على الفور:


-وكيف لا يراكِ او لا يشعر بوجودكِ وهو زوجك؟ أعقلي كلماتك يا عزة حتى أقتنع.

هزت برأسها المذكورة بابتسامة غير مفهومة وردت متنهدة بشرود:

-لا يهمني اقتناعك صديقتي، لأنه وبصراحة لن يفيدني .


نعم لن يفيدني بشئ، فقد علمت بمكانتي عنده من وقت زواجي به، دائما صامت وكلماته بالتنقيط، لدي مساحة محددة لا أقوى على تجاوزها معه، ضيفي على كل ذلك، أني لا أشعر معه بالدفء الأسري، الذي يكون بين الرجل وامرأته


 لا يحكي ولا يتحدث معي عن تفاصيل يومه وما يحدث معه، حتى أنا لا أجد الفرصة لفعل ذلك، في بداية زواجي به كنت افعل بفتح الموضوعات العديدة والتحدث بالكثير ولكن ومع شعوري بعدم انتباهه فتر حماسي، وقل حديثي تدريجيًا حتى أصبح عدة الكلمات بسيطة.


تتكرر يوميًا بروتينية ليظل هو بشروده الدائم، وصرفت أنا النظر عن المحاولة لكسر الجمود بيننا، ووضعت أملي بالطفل القادم، لو كان فتاة تُصبح شقيقتي وأمي، وإن كان ولد سصير أبي وأخي، أو لا شى من كل ذلك، ويكفي أن يكون طفلي وفقط، اليس هذا أحب الأشياء؟


-نعم حبيبتي إنه لمن أعظم الأشياء.

قالتها ابتسام قبل أن تجذب رفيقتها تضمها إليها، وهي تتمتم بالدعوات الصادقة حتى يتم الحمل على خير، وتنل صديقتها أمنيتها بهذا الطفل.


نزعت نفسها فجأة عنها لتسألها بفضول:

لا أريد التواقح معك يا عزة ولكن ينتابني الفضول بشدة كي أعرف منك حقًا، كيف تقبلتي زوجك بهذا التشوه الواضح بوجهه، ألم تخافي وتتراجعي لانتظار الأفضل؟


تبسمت عزة بمرح لالتهاء صديقتها في الحديث ونسيان البكاء ومشاجرة زوجها، فردت تجاريها:

-لم أتراجع ولو دقيقة، فقد كانت وجهة نظري التي بنيتها بداخلي منذ أول لقائي به؛ أني لن انظر إلى وجهه، وسوف أنتظر منه أن يأتيني بقلبه ولكن هذا لم يحدث.


أما عن قبولي بالتشوه الكبير بوجهه فقد تعودت حبيبتي، بالتعود يتقبل المرء كل شئ، ثم إني لست ملكة جمال حتى اتكبر عليه. 

قالتها بعدم ثقة لم تتقبلها ابتسام فهتف معترضة على الفور:


- لا تقولي هذا يا عزة، أنتِ جميلة ولا يعيبك شئ، ينفصك فقط بضع الدهون التي تسبب زيادة في الوزن لتدور على جميع أعضاء جسدك، خاصة الوجه، وبعدها صديقتي، ستكوني جميلة على حق.


❈-❈-❈


تحرك من أمام النار التي أشعلها منذ قليل بعد أن انتهى من صنع الشاي عليها، فاقترب يناول رفيقه بالكوب الكبير مرددًا له ببعض المرح:


-الشاي التمام، لعصام الهمام.

أومأ له بشبه ابتسامة الاَخر يتناول الكوب الساخن ليرتشف منه على الفور متلذذًا بطمعه ثم عاد لشروده مرة أخرى 


يشعر بعظم ما فعله اليوم مع زوجته، ولكنه لا يملك غير ذلك، لن يكون ضعيفًا بعد اليوم لامرأة مهما كانت مكانتها بقلبه، لقد علم وعرف جيدًا أن المرأة إذا اطمانت من جانب الرجل وشعرت بامتلاكها له، لا تتورع بعدها عن الدهس عليه بكل قوتها.


مدامت تملك بيدها صك غفرانه، وإن كانت الأولى تكبرت عليه بشهادتها الجامعية، فهو لن يسمح لهذه الريفية الساذجة ان تتكبر عليه بجمالها، 


-كف عن شرودك يا رجل وانتبه إلي.

قالها عمران ليخرجه من حالة الشرود التي تلبسته منذ أن اتى وجلس بجواره، وباستجابة منه التفت إليه بتساؤل، ليكمل له عمران:

-لقد مللت من التحدث مع نفسي وأريدك معي.


أومأ له برأسه ليرد وقد استفاق قليلًا إليه:

-أنا معك يا عمران فلا تشغل بالك.

-كيف لا اشغل بالي يا رجل وأنت تغفل عن عملك معي؟ وقد يأتي اي لص أو مهاجم ليضرب رأسي من الخلف، 


وقتها من سينجدني ويرد بالمقاومة؟ إن كان شريكي غافلاً؟

قالها عمران وهو يستند بطرف كتفه على السور الحديدي للمبنى من الداخل، ليكمل وهو يشير بكفه للأمام .


-نحن في حي  شعبي قديم، والمبنى هنا كالدرة التي تميز المنطقة، يلفت الأنظار إليه من جميع الجهات، والنفوس الطامعة لن يهمها الخير الذي يقوم به الطبيب، إن نحن غفلنا عن الحراسة، وتهيئت الفرصة لديهم للسرقة. 


تحول وجه الاَخر للعبوس الشديد بعد سماعه لوصلة التقربع الغير مباشر من رفيقه، فنهص فجأة يعدل من ملابسه، ليقول بنبرة جدية يكتنفها اللوم:

-استفقت بالكامل يا عمران، رغم أني لم أصل لهذه المرحلة حتى يصيبك القلق، 


تحرك عمران من جوار السور ليقترب منه قائلًا ببعض اللطف:

-لا تأخذ كلماتي على محمل السوء، لقد كان غرضي التنبيه وفقط يا رفيقي.


أومأ له المذكور يدعي التفاهم، قبل أن يتناول كوب الشاي خاصته وقال بعملية وهو يتحرك بخطواته:

-أعلم يا عمران ولك كل الحق.


استوقفه بسؤاله:

-إلى أين انت ذاهب؟

اومأ بذقنه للأمام يجيبه:

-سوف أقوم بجولة تفقدية حول المبني، لأستكشف المكان وحركة الأمن من حولنا.


قالها وذهب تاركًا عمران ليفعل هو الاَخر ويراقب  متطلعًا بتفحص لكل ما تقع عليه عينيه، بجدية اعتاد عليها منذ الصغر وتوليه مسؤلية حرمته من الإستمتاع بمرحلة المراهقة كباقي أقرانه، ظل على بحثه حتى اطمأن.



الصفحة التالية