رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 8 - 2 - الثلاثاء 23/4/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ما بين العشق والهوس
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثامن
2
تم النشر يوم الثلاثاء
23/4/2024
ليتني اموت ولا يحدث هذا، ليتني أموت ولا أستعيد هذه اللحظات البائسة عقب خسارتي لكل طفل فقدته في السنوات السابقة، أدعو الله ألا تجربي هذا الإحساس يا ابتسام، أن تغمركِ الفرحة بطفل يتحرك داخل أحشائك وتنتظري صابرة على الألم والمعاناة على أمل أن تحمليه بين يديكِ، ثم تفقديه في لحظة.
وتجدي أحشائك فارغة منه، لا هو موجود ليتحرك ويخبرك بوجوده ولا انتِ مضطرة الإنتظار لشئ قد اختفي وانتهى، فلا يظل معك سوى الألم، ألم جسدي يفتك بكِ، وألم نفسي يكاد أن يقضي عليكِ بقسوته...
ليتني اموت ولا يتكرر، ليتني أموت ولا يتكرر هذا الإحساس مرة أخرى أبدًا.
كانت تهذي بالكلمات ودموعها لا تجف والأخرى تأثرت حتى أصبحت تبكي معها ونست دورها في التربيت والتهوين عليها،
لتُجفل فجأة على صيحة غاضبة من زوجها:
-ماذا تفعلين يا ابتسام؟
انتفضت تلتف إليه برأسها لتجده واقفًا على مدخل الغرفة متخصرًا لها بتحفز، وبجواره عمران زوج عزة الذي هتف يخاطبها بارتياع وهو يخطو لداخل الغرفة:
-ماذا حدث، هل جد شئ اخر في غيابنا؟
نفت برأسها سريعًا تجيبه:
-لا لم يحدث شئ والحمد لله، أنا فقط تأثرت بقول عزة وبكاءها.
تنفس قليلًا بارتياح وقد فهم مقصدها، ثم اتجه إلى زوجته يسألها:
-لما يا عزة البكاء؟ هل انتِ تبكين من الألم؟ أم من الخوف على فقدان الطفل؟
-الإثنان.. من أجل الإثنان.
كانت إجابتها وهي تُشيح بوجهها عنه، لتلتف سريعًا برأسها على قول عصام الذي نكز زوجته على كتفها بغيظ:
-استفيقي يا سيدة عزة واعذري غباءنا في تركك مع هذه الحمقاء.
هتفت على قوله ابتسام تُشير بسبابتها نحوها سائلة بصدمة:
-أنا حمقاء يا عصام؟ ماذا فعلت يا رجل كي تنعتني بهذه الصفة؟
مال برأسها يردد بتأكيد:
-بدون أن تفعلي يكفي فقط مشهدك الاَن، وهذا الشئ الذي حددتِ به عينيكِ قبل الخروج، قد فسد الاَن ولطخ وجنتيكِ باللون الاسود بعد ذرفك للدموع ونسيانه، فلا تجعلني اذكر اللقب الذي ينطبق عليك الان.
تدلى فكها بارتياع لتنهض من جوارهم وتتناول المراَة من حقيبتها وهي تردد:
-يا ألهي لو كان هذا حقًا؟ اقسم لأشرب من دمك إن كنت تكذب علي يا عصا.....
قطعت شاهقة بصوت عالي مع رؤية وجهها في المراَة ، لتجعل ثلاثتهم يضحكون، وتيقنها من صدقه، برؤية
تساقط لون الأيلينر كخيوط سوداء محددة أسفل عينيها.
حتى عزة هي الأخرى، تناست ألمها، ولم تقوى على كبت ضحكتها مع رؤية الزعر على وجه جارتها وهي تمسح بالمنديل الورقي بعنف حتى تتخفي الألوان العالقة بوجنتيها.
تسمر محله عصام يتطلع إلى عزة وضحكتها الرقيقة، فهذه المرة الأولى التي يرى فيها سنها الضاحك، كرؤية وجهها عن قرب أيضًا بنفس الليلة، فجارته العزيزة برغم سكنه معهما هي وزوجها لاكثر من عامين فى المبني والباب مقابل الباب، إلا أنه لم يتصادف برؤيتها سوى مراتِ قليلة جدًا.
وذلك الإلتزامها بالمنزل دائمًا، فلا تخرج إلا نادرًا مع زوجها أو بصحبة زوجته هو، ولا أيضًا تدخل منزله إلا بوجوده بمناوبة الحراسة مع عمران أو في الخارج لشئ ما، وقد ذكرت له ابتسام قبل ذلك، انها تخجل من المصافحة او الحديث مع أي رجل غريب، حتى لو كان هو، ولقاءه معها منذ ساعات يثبت ذلك.
ليكتشف الاَن جمالها المخبئ وضحكتها الصافية البريئة كبرائة الأطفال حينما يبكون على شئ ما يريدونه، ثم ينقلب حالهم في لحظة واحدة مع استرضاؤهم بقطعة حلوى أو شئ ما يحبونه من قبل الكبار.
-ها قد انتهيت يا أستاذ عصام.
هتفت بها زوجته تقطع عنه شروده، لتتبع وهي تتقدم نحوه:
-قولي الاَن، هل ترى شئ ما بوجهي يستحق الضحك؟ نفى برأسه متبسمًا لتردف له بشراسة:
-إذن ما اللقب الذي كنت ستطلقه علي وقولت أنه يناسبني في هذه الحالة؟
تقرب برأسه يشاكسها بقوله:
-اعصري عقلك وأتي بها وحدك، حينما يتطلخ وجه المرء بالألوان ماذا يطلق عليه.
صمتت برهة بتفكير ثم صاحت تمسكه من قماش قميصه:
-بلياتشو، أنا بلياتشو يا عصام؟
أطلق المذكور ضحكة مجلجلة ليزيد من اشتعالها بالغيظ وهي تهزهزه معترضة بالكلمات الحانقة، والاَخران يضحكان بمرح على مشهدهم، حتى انتبهوا جميعًا على طرقة خفيفة على باب الغرفة قبل أن يدفع وتدلف من خلاله الدكتورة فاطمة.
ألقت التحية بدعابة وهي تطالع قبضتي ابتسام على قميص زوجها:
-مساء الخير، يبدو لي أن هناك بوادر مشاحنة حامية بين زوجين، انتظر في الخارج حتى يزداد الجو سخونًا وتشويق؟
نزعت ابتسام كفيها عن زوجها على الفور بحرج ورد عصام مستجيبًا لمزاح المراة:
-بل احمدي ربك على إنقاذ روح بشرية من الهلاك، اليست هذه من ضمن وظائفكم يا ملائكة الرحمة؟
ضحكت الطبيبة وهي تكمل طريقها نحو عزة، لترد وهي تتجه لفحصها:
-وظائفنا تأتي بعد الشجار وليس قبله، نحن نطبب ونعالج الإصابات، لا أن نفصل في الشجار، كنت اتمنى المشاهدة يا رجل، فا انا من محبي المصارعة جدًا
ضحك عصام هو الاخر يهتف بتصنع البؤس:
-يا إلهي لم أكن أعلم ان ملائكة الرحمة قد تحولت قلوبهم، وأصبحوا يميلون الى العنف، رحماك ربي ماذا تبقى لنا؟
اطلقت الطبيبة بضحكة كبيرة قبل أن تطلب من الرجلين الإنصراف بذوق، حتى تتمكن من الفحص الشامل لحالته .
خرجا الاثنان ولم يتبقى سوى ابتسام معهن تراقب الطبيبة عن كثب ورؤية قريبة، فالمرأة جميلة بحق، ومتواضعة في التعامل مع من هم أقل منها حتى لو كانوا عاملين حراسة عند زوجها، هذا بالإضافة ألى جمال روحها في التحدث بمرح والتفكه والمزاح.
إذن ماذا الذي ينقصها لكي يفكر زوجها بالحديث مع غيرها؟ أم أن أنها تهمله كما ترى دائمًا في حديث المسلسلات، عن الزوجة الطموحة العاملة؟ الجيدة في كل شئ، سوى في العناية والأهتمام بزوجها، قلبها يقول غير ذلك، ولكن رسائل الطبيب عزيز إليها تتجه بقوة نحو هذا التخمين،
ترى ايكون قد زهد من الزواج وهذا الجو الروتيني بين الأطباء الأزواج؟ أم أنه أُعجب بها هي وهم للحديث معها دون البحث عن حجة تعطيه الحق بذلك؟ لا تنكر أنها تطمح لهذا، رغم عدم الجدوى منه حتى لو صدق تخمينها، فما فائدة الإعجاب إن كان هو رجل متزوج وهي أيصًا امرأة متزوجة.
ولكن ما الذي يضر وهو رجل محترم ولم يتجرأ معها في الحديث بأي شئ اَخر؟ كما تعرف دائمًا عن أي رجل يحادث امرأة عبر هذا التطبيق؟ ما الذي يضر أن تشعر امرأة باهتمام رجل في مكانته؟ وهي فاقد الإهتمام من زوجها؟
❈-❈-❈
فتح عصام باب الشقة على مصراعيه كي يدلف منه عمران الحامل لزوجته بعد أن سمحت لها الطبيبة فاطمة بالمغادرة من المشفى، دلفت خلفه ابتسام حاملة معها الحقائب وعدة أكياس بلاستيكية تحتوي بداخلها على علب الأدوية وأشياء أخرى خاصة لعلاج عزة.
توقف عصام محله بحرج بعد ان اعاد غلق الباب جيدًا، لتُكمل زوجته الطريق خلف عزة إلى غرفة النوم التي وضعها بداخلها زوجها.
تطلع بعينيه في أرجاء المنزل اللذي يشبه منزله في نفس البناء، غير أن ذوق منزل عمران في الأثاث والألوان يختلف كليًا، باختلاف اللمسات النسائية به