رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 9 - 1 - الثلاثاء 23/4/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ما بين العشق والهوس
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل التاسع
1
تم النشر يوم الثلاثاء
23/4/2024
يعود ويلعن حماقته بعد تذكره لما حدث اليوم بسببها وكاد أن يؤدي بحياة طفله، ولكن هي ماذنبها؟ إن كانت جميلة وتعشق جمالها وتلفت انظار الجميع نحوها، عاد ليلعن نفسه مرة أخرى ورأسه المشتعل بالأفكار يجعل السخونة تسري بجسده وتغنيه عن التدفئة بعدم الشعور بالبرد .
أطرق برأسه لعدة دقائق بهز اقدامه بعصبية، ثم ما لبث أن يحسم أمره، بتناول الهاتف والضغط لبدء محادثة وارسال رسالة لها:
-السلام عليكم.
انتظر الرد دقيقة دقيقتين وحينما فقد الأمل دفع الهاتف من يده على الطاولة البلاستيكية بجواره بقرف يتمتم:
-اللعنة عليكِ وعلى من يُراسلك، فلتذهبي للجحيم.
ظل يتمتم بالسباب على نفسه وعليها وعلى حظه وعلى كل شئ يأتي براسه، ليفرغ طاقة الغضب بداخله، حتى انتبه على عودة عصام ليطالعه بوجه مكفهر جعل الاَخر يسأله بقلق:
-ما الذي حدث يا رجل؟ هل جد شئ ما؟
تمتم يجيبه بطرف عينيه دون مواجهته مباشرةً:
-لم يجد شئ، ولكن غضبت لتأخرك، بالإضافة لظروفي التي تعلمها، تجعلني لا أطيق شئ
-اعتذر إن تأخرت عليك، فقد استغرقت وقتُا بالفعل وأنا أعود بالسيارة لصاحبها، ولكن عذري اني وجدت مواصلة بصعوبة لتُقلني إلى هنا في هذا الوقت المتأخر.
سمع منه والتوى ثغره المطبق على زاوية، وكأنه يتبلع عذره بصعوبة.
أما عصام فقد اقترب ليجلس بجواره ليربت بكفه على ركبته بتهوين يخاطبه:
-هون على نفسك، فلا تحملها بالهموم، وكن متفائل بالخير.
اومأ له برأسهِ يدعي التفهم، ثم سأله بمكر:
-لكنك لم تذكر لي عن هوية صديقك هذا، من هو يا عصام؟ هل اعلمه؟
نفى برأسه سريعًا الاَخير ليقول بارتباك؟
-لا لا لن تعلمه، فهذا صديق قديم لي، وقد كان زميلي في العمل السابق بالإضافة أنه كان يسكن في مدينة أخرى بعيدا عن هنا .
اومأ له مرة أخرى رغم عدم اقتناعه بالإجابة لعلمه الاَكيد أنه يكذب، وذلك يبدوا من حركة جسده وتوتره.
فعلى قدر المدة القصيرة التي قضاها معه، لكنه حفظه وأصبح كالكتاب المفتوح أمامه، يشتم رائحة نسائية في الشك به، هذا شئ يجزم به على غير علم، والايام القادمة سوف تُثبت له حسن ظنه.
-عندك شاي ساخن؟
هتف بها عصام يقطع عنه شروده، ليُطالعه الاَخر باستفهام، ليردد عصام بصوت أوضح:
-أسالك، هل يوجد شاي ساخن بالركوة؟
نفى عمران برأسهِ يجيبه:
-لا لا لم أعد اي شى على النار، لقد نسيت.
قطب عصام مندهشًا:
-في هذا البرد ونسيت ان تعد لك كوب الشاي الذي تعشقه، لابد أنك تمزح يا رجل...
تحرك من جواره يستطرد:
-سوف افعل أنا لي ولك حتى تتذكر الدفء أيضًا وترتدي معطفك.
قالها لينتبه عمران على وجود المعطف بجوراه على طرف الكرسي خلفه، ليتناوله ويرتديه على الفور، فيبدوا أن الشرود بها أنساه البرد كما ذكر عصام!
❈-❈-❈
-هل تريدين شيئًا ما حبيبتي؟
هتفت بها ابتسام بصوت ناعس بعد ان استيقظت مجفلة على بعض التحركات من خلفها لعزة؛ والتي كانت تحاول النهوض من جوارها رغم تعبها، وردت تُجيبها:
-اسفة إن ازعجتك، ولكني كنت أحاول الوصول إلى إناء الماء.
نقلت بعيناها ابتسام نحو الإناء الزجاجي على تسريحة الزينة وبجواره كوب كبير، لنتنهض على الفور متمتمة بعتب:
-سامحك الله يا عزة، وهل انا اختفيت من جوارك حتى لا توقظيني؟
اقتربت منها تعطيها الكوب الذي صبت به المياه من الإناء، تناولته منها لتتجرعه بسرعة من عطشها، ثم تعطيها لها لتُصب واحدًا اَخر، أعطتها الَاخر ابتسام ثم خاطبتها بانزعاج:
-كل هذا العطش يا عزة، ولم تكلفي نفسك أن توقظيني؟ اقسم بالله لو كررتيها مرة أخرى لن أسامحك.
-بالله عليكِ لا تُقسمي.
هتفت بها عزة وهي تحاول العودة للنوم، ولكنها توقفت على صيحة من الأخرى:
-لا تتحركي.
قالتها لتقترب منها لتُعدل وضع الوسادة، قبل ان تقربها برفق حتى استلقت جيدا ودثرتها، فخاطبتها يامتنان:
-اتعبتكِ معي يا ابتسام، شكرًا حبيبتي.
تجعد وجه الأخرى وهي تعود لتندس بجوارها تحت الغطاء:
-لا تجعلني أنعتك بالحمقاء، لقد اكتفيت من حساسيتك المفرطة هذه، وقد فاض بي منك يا امرأة.
هتفت بالاخيرة بغيظ اثار الضحك لعزة، فقالت لتزيدها:
-تلوميني وقد اشفقت عليكِ من الاستيقاظ بعد نومك بساعة واحدة، هذا ذنبي يعني؟
فغرت فاهها الأخرى لتهزهز رأسها بعدم استيعاب، قبل ان ترد صائحة بنبرة فكاهية:
-اشفقت علي ولم تُشفقي على نفسك؟ هل انتِ معتوهة يا امرأة؟ مين فينا المريض انا أم انت؟ تاركة شقتي،ونائمة بجوارك على التخت، ما نفعي إذن ان لم أساعدك بهذه الأشياء البسيطة؟
استمرت بالضحك عزة غير قادرة على التوقف لتستطرد ابتسام بغيظ رغم ابتساماتها:
-لقد احترق دمي منكِ
توقفت عزة لتردف لها على بهمس وكأنها تخاطب نفسها:
-لقد تعودت على هذا منذ الصغر، انا وحيدة ويتيمة الأبوين، كنت استحي الطلب من أحد.
بنات أعمامي كنا اكبر مني في السن، لم أجد بهن واحدة تصلح للصداقة معي، عمي رجل صالح وامرأته كذلك، ولكني كنت دائمًا احرص على ألا اثقل على كاهله بشئ ما، فهو رجل متوسط الحال ولديه العديد من الفتيات، ولكنه كان دائمًا يغمرني بعطفه ولا يقصر معي بشئ.
انهت لتجد ابتسام مستندة بمرفقها على الوسادة تحتها، وخدها مستريح على قبضة يدها وترمقها بنظرات غير مفهومة، ثم قالت:
-اتعلمين يا عزة أني لو كنت بظروفك هذه لكنت اخذت فرصتي.
سألتها باستفهام:
-كيف؟
اعتدلت الأخرى بجذعها لتُجيبها بانتباه:
-ذكرت ان عمك كان يغمرك بعطفه غير انه كان متوسط الحال، يعني ليس بفقير، بالإضافة أن امراته زوجة صالحة، وبناتهن كنا يكبرنكِ في السن، إذن ما الذي ينقصك يا حمقاء حتى تتدللي وتبتزي أيضًا؟
-ابتزهم!
قالتها عزة باندهاش على وجه ضاحك لتُكمل الأخرى:
-نعم حبيبتي، الدنيا فرص وأنتِ كانت لديكِ الفرصة لذلك، بما يفيد الإحساس الزيادة هذا والرقة، سوى بجلب التعب والمشقة لأصحابه، انظري حولكِ وانتِ تعلمي صدق قولي.
المستشفيات والعيادات مليئة بإصابات الجلطات والأزمات القلبية التي تأتي من الزعل والحساسية، إنما البشر عديمي الإحساس تجدينهم بأتم الصحة والعافية، وحمرة وجوههم تميزهم.
عقدت حاجبيها عزة لتسألها بانتباه:
-وكيف علمتِ أن عديمي الإحساس حمرة وجوههم تميزهم؟
اقتربت لتهمس لها بالإجابة:
-أمي علمتني ذلك، فقد كانت تنعت كل رجل لا يهتم بأبناءه بهذه الصفة.
اومأت لها عزة بإعجاب:
-والله امرأة جيدة، فهذه الصفة تنبطق بالفعل على هؤلاء البشر.
مصمصت يشفتيها ابتسام تردف لها بتصحيح:
-ولكنك لا تفهمي وجهة نظر والدتي حبيبتي، أمي تقصد بالاهتمام هو البناء والأدخار من أجل الغد.
يعني مثلًا، البنت بمجرد دخولها الصف الإعدادي فلابد من البدء بتجهيزها، والولد بمجرد مولده فلابد من الإدخار وعمل الجمعيات للبدء في بناء منزله، حتى إذا ما وصل لسن العشرين يكون جاهزًا للزواج ولا ينقصه سوى الاثاث او المهر.
هذا مبدؤها هي وأبي، لذلك تمكنت من الإنتهاء من تزويجنا انا وأخوتي كلنا وهي لم تُكمل الخمسين في العمر.
ردت عزة بجدية وقد ازداد إعجابها بالمرأة:
-وجة نظر جيدة يا ابتسام، ان تكون المرأة مدبرة هي وزوجها لأجل الأبناء هذا أمر عظيم.
-نعم جيد حبيبتي ان تكون كذلك.
قالتها ثم تنهدت لتستلقي بجوارها وتتابع بصوت متأثر: