-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 1 - 1 - الأربعاء 24/4/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الأول

1

تم النشر يوم الأربعاء

24/4/2024



البداية! 


وصلت السياره الي المشفي وهبط منها الأسرة بالكامل مكونه من الأب شاهين وآلام مايسه التي كانت تحمل طفلها الصغير معاذ بين ذراعيها بينما لم تتوقف عن البكاء لحظة خوفاً علي طفلها بينما كان الأبن الأكبر منذر الذي لا يتعدي عمر الخمس سنوات يركض خلفهم بخطوات سريعه وهو يحاول اللحاق بهم!. 


اتجه شاهين إلي الطبيب الذي يقف أمامه وهو يقول بقلق شديد


=الحقنا يا دكتور الولد تعب تاني؟ والمره دي التعب أشد حالته بقيت صعبه أوي


اتجهت إليه مايسه الأم ثم قالت بدموع غزيره


=ابوس ايدك يا دكتور اعمل حاجه الولد هيروح مني! ده صغير على التعب ده يا قلبي 

و مش حمل ادويه ولا عمليه تاني.


ابتلع الأب ريقه بتوجس وهتف قائلاً متسائلاً بحذر 


= لو في حاجه ممكن تشفي اسرع عن كده و غاليه قول لي يا دكتور وأنا مستعد اشتغل بدل الشغلانه 10.. بس ابني يخف من المرض ده حتى لو لازم الأمر يسافر بره.. بس حرام عيل عنده سنتين زيه يقضي عمره كده في المستشفى رايح جاي من ساعه ما اتولد 


تنهد الطبيب بقوة وهو يرد عليهما بجفاء 


= يا جماعه اهدوا صدقوني اللي هيعملوا بره نفس اللي عملنا هنا ما فيش حاجه زياده، و مش هينابكم حاجه غير المصاريف وخلاص! وهيفضل برده مريض بالقلب.. 


ثم تابع حديثه قائلاً بجدية أو ربما بقسوة


= عاوزين نصيحه الاخيرة تعيشوا مع المرض عادي لأنه لو عاش هيكمل بيه طول عمره حتى لما عملنا العمليه ما نجحتش معاه ومش هنقدر نعمل اكتر من كده حاجه؟ خطر عليه وهو في السن ده.. فخلاص بقى واقع في حياتكم أن ابنكم هيفضل طول عمره عايش بمرض القلب بالذات مع حالته !. 


نظرت مايسه إلي الطبيب بصدمة كبيرة و شعرت بالألم الذي تعانيه منذ معرفتها بمرض أبنها الصغير والآن الطبيب يخبرها بكل قسوة  إحتمال أن تفقده أو المرض يتملك منه طوال حياته! و الاختيارين أصعب من بعض حقا، بكت بقوه ثم قالت بحسره


= يعني ايه؟ أبني معاذ هيفضل طول العمر مريض بالقلب ومش هيخف خالص! وكمان احتمال يموت! لا أبني مش هيجرى له حاجه بعد الشر عليه ما تقولش كده يا دكتور انا ما اقدرش اعيش من غيره ده حته مني.. انت بتقول ايه؟


هز الأب رأسه بعدم تصديق بألم، ثم اختنق صوته يهتف بيأس


= اهدي يا مايسه ما تفرجيش المستشفى علينا.. لا حول ولا قوه الا بالله استرها علينا يا رب وما توجعش قلبنا عليه .


تطلعت فيه الأم وعيناها متورمه من البكاء و نظرت إلي زوجها الذي هبطت دموعه بألم شديد ولكنه ازالها بعنف وهي أردفت بتصميم وهي تتجه ناحيه باب المستشفى


=وانت ما تسمعش كلام الدكتور ده وتعالى نشوف غيره، انا ابني هيعيش غصب عنه مش هخسره فاهم يلا بينا!. 


تحرك الأب خلفها بخطوات سريعة وهو ينظر  إلي إبنه الصغير بين ذراعيها بعينان متألمه نظر وهو يحاول يتحكم بصعوبه شديده في دموعه بخوف الذي يجتاح كل خليه من خلايا جسده بعنف شديد وعندما خرجوا أشار لها ان تصعد إلي السيارة فتقدمت بعدما نظرت الي زوجها الواقف بعجز بألم شديد، ثم انصرفوا وأغلق شاهين الباب و تحرك للإمام بشرود.. لدرجه أنه لم ينتظر صعود إبنه الكبير معهم.


أما منذر كان يركض خلفهم وهو يلهث وقبل أن يضع يده فوق مقبض السياره ليصعد تفاجا بأن السياره تحركت ولم ينتبهوا إليه أحد منهم، ركض خلفهم خطوه لكن السياره كانت سريعه وحتى لم يسمعون صوت نداءه.


وجد نفسه بالشارع بمفرده وقلبه ينبض بعنف

و خوفاً، ليجد بعض الكلاب الضله تحوم بالشوارع ليتحرك برعب ويضطر ان يعود الى المشفى مجدداً! ليجد نفس الطبيب يقف بالداخل ونظر إليه بتعجب هاتفاً مستنكراً 


= انت بتعمل ايه هنا يا ابني لوحدك؟ هو مش انت اللي كنت جاي مع اهل المريض اللي عنده سنتين تقريبا .


أنفجر منذر باكي وهو ينظر له بخوف شديد وقال بصوت مرتجف 


= ده اخويا معاذ.


نظر حوله بصمت ثم قال باهتمام


= طب هم فين اهلك ما انا شايفهم خارجين من المستشفى هم نسيوك هنا ولا ايه؟ 


ظل محدق أمامه بأعين دامعة بخوف دون حديث ليفهم الطبيب الأمر وأن أسرته تركته هنا دون أن ينتبهوا له من صدمتهم بمرض طفلهم الأخر، وخمن بالتأكيد بأنهم خلال دقائق وسيعدون هنا يبحثون عنه! اقتربت منه أحد الممرضات التي كان يقفون في الخلف و يتبعون الحوار و ربتت علي كتفه بحنان وقالت بابتسامتها الهادئة 


= طب أهدي يا حبيبي وتعالى اقعد هنا أكيد شويه وهيجوا ياخدوك بعد ما ياخدوا بالهم.. أهدي و ما تعيطش مستحيل اهلك يسيبوك هنا لوحدك ولا ينسوك.


جلس منذر فوق المقعد وعيناه لم تتحرك أنش واحد عن باب المشفى ينتظر دخول أسرته باي وقت! لكن مرت ساعه وآخري وثالثة ولم ياتي أحد مطلقاً.. وكانت كل دقيقه تمر على منذر يشعر بالخوف أكثر وهو هنا وحيد لا يعرف أحد . 


وبعد ساعة أخري خرج الطبيب من غرفته و هو يرتدي جاكيته حتى يرحل وتفاجأ بالطفل مازال موجود بالخارج، عقد حاجبيه باستغراب وهو يقول باستنكار


= ايه ده هو الطفل ده لسه موجود؟ الساعه بقت ٣ الفجر ومحدش من أهله حس باختفائه! معقول كل ده مش ملاحظين ولا يكونوش بيدوروا في حته تانيه.


أخفض منذر رأسه بحزن ورعب شديد عندما مرت عليه كل تلك الساعات الطويله وهو مزال هنا بالمشفى وحيد دون أهله حتي ذلك الوقت المتأخر ثم أجابت الممرضة قائله بغرابة شديدة


= مش عارفه والله يا دكتور بس المفروض كان أول مكان يدوره فيه هنا لو فعلا لحظه اختفائه ده غير معاهم كل نمر المستشفى يعني حتى لو كانوا خدوا بالهم كانوا اتصلوا يشوفوا هنا ولا لاء.. متهيالي كده انهم لحد دلوقتي ما ركزوش انه مش موجود معاهم .


بقي الطفل في مكانه فترة أطول ولم يأتي أهله حتى استدعاهم الطبيب؟ والحقيقة أنهم فوجئوا بأنهم نسوا طفلهم في المستشفى طوال تلك الساعات ولم يعيروه أي اهتمام، لكنهم حاولوا اختلاق الأعذار لصدمتهم و خوفهم على طفلهم الثاني. أعتقد الطفل أنهم لم ينسوا للمرة الثانية، لكن منذر لم يكن يعلم أن هذه هي البداية!


❈-❈-❈


بدأت السنوات تمر سريعاً، والاخوان يكبرون سوا فا معاذ بدأت تظهر أعراض مرض القلب عليه مثل نبضات القلب غير المنتظمة (عدم انتظام ضربات القلب) والشعور بألم أو انزعاج في منطقة الصدر.. وأحيانا يشعر بالدوخة أو شبه الإغماء بالإضافة إلى سرعة نبضات القلب (تسرّع القلب) و ضيق النفس! 


ورغم محاولات الأسرة العديدة وذهابهم إلى أفضل الأطباء حتى يجدوا علاجا له ويتعافى تماماً من هذا المرض، إلا أن الجواب كان دائما

لا، فأمراض القلب هي أمراض مزمنة لا يمكن الشفاء منها بشكل كامل إلا عند اتباع نظام صحي مناسب يساعد على وقف تطور هذه الأمراض والوقاية من الأزمة القلبية. وعندما مر عام آخر دون أي جديد، بدأت الأسرة بالفعل بالتعود على ذلك المرض في حياة ابنهم، كما أخبرهم الطبيب سابقآ. والقيام بإعادة التأهيل لحماية طفلهم لمساعدته على التعافي من السكتة القلبية.


وبالطبع كان معاذ يحتاج إلى معاملة خاصة في كل شيء واهتمام أكبر! وهذا ما يبدو أنه يحدث بالفعل في حالته، التي تتطلب عناية فائقة من كل شيء، طعامًا خاصًا، وصحة نفسية جيدة، وعلاجًا منتظمًا! لكن وسط كل هذا بدأت الأسرة تهمل الأبن الأكبر تماماً رغم ذلك كان في البداية يحدث دون قصد؟ ولكن مع مرور الوقت وعلى مر السنين، بدأ الإهمال يحدث بشكل اعتيادي منهم .


حيث كانوا يعتقدون أنه لم يعد صغيراً وأن الأخ الصغير يحتاج إلى معاملة خاصة واهتمام أكبر بسبب مرضه، وهذا الأمر بدأ فعلياً يؤثر على نفسية منذر حيث رأى إهمال عائلته و اختلاف المعاملة بينه وبين أخيه، الذي حظي باهتمام أكبر منه في كل شئ! فحتى لو كان أخوه مريضًا، فقد شعر أنه أيضًا يحتاج إلى هذا الاهتمام مثله تمامًا... لكن الأسرة بدأت تهمله بشدة وبشكل ملحوظ! والأمر لم يتوقف عند هذا الحد. 


فمنذ صغره بدأ يتحمل مسؤولية أخيه طوال الوقت، حتى لو حدث له مكروه، يعاقب مكانه! لأنه لم يهتم أكثر لأخيه كونه الأخ الأكبر و المسئول عنه، وهو يعلم جيد بأن أخيه مريض!. 


بدأ يكبر وكانت الحياة هكذا، لدرجة أنه كان يشعر دائمًا أنه وحيد في ذلك المنزل وأن العائلة تكرهه ولا تحبه... وكانت الأمور تزداد سوءًا بالنسبة له لدرجة أنه في بعض الأحيان كان يتمنى لو كان مريضًا مثل أخيه حتى يتمكن من الحصول على هذا الاهتمام أيضًا.


الصفحة التالية