-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 1 - الثلاثاء 30/4/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثالث

1

تم النشر يوم الثلاثاء

30/4/2024


فتحت بسمة باب النافذة داخل منزل حماتها لتضع المفارش فوق الاحبال في الهواء الطلق، ألقت نظره عابره عن المرئين بالشارع ولمحت بعض الفتيات وهم ذاهبون الى المدارس تنهدت بقوه بحسرة شديدة علي حالها فكم تمنت أن تكمل دراستها بدلاً من الزواج من رجل عديم المسؤوليه والانجاب بوقت مبكر وتحمل المسؤوليه بمفردها بالاضافه إلى مساعده حماتها التي لا تمل ولا تكف عنها.


و زوجها يشاهد كل ذلك دون حديث! فلما سيتدخل وهو حبيب أمه المدلل لها حتى بعد أن تخطى عمر الرابعة والعشرين ما زالت تعامله كأنه طفل صغير، لكن هو لن يتغير والله لن يتغير .. أربع سنوات قادتهم هنا جعلوها تعرف جيد كيف تسير هنا الأمور! معاذ الابن المدلل والذي لا يستطيعون ان يرفضون له طلب عكس الابن البكري منذر .. 


وعليها أن تكون صادقة مع نفسها عدم تحمل المسؤولية والكسل الذي أصبح فيه معاذ بسبب عائلته التي أبقته على هذه الحالة لفترة طويلة منذ طفولته خوفاً عليه طول الوقت دون مبرر، رغم أن حالته الصحية تحسنت كثيراً عن ذي قبل!


لكنها ترى بنفسها كيف يرفضون السماح له بالعمل وبذل الكثير من الجهد. والأصل أن الذي يصرف على بيتها واحتياجاتها هي و أبنها هو والده وليس زوجها للأسف. وهو لا يرى في ذلك مشكلة، أو بمعنى آخر لا يرى الجميع مشكلة في ذلك.


تذكرت أيضا الحاح والدته على وجود طفل بينهما منذ أول زواجهم، كانت لا تريد والله كانت لا تريد الإنجاب و زوجها لا يعرف كيف يتحمل المسؤوليه لكنها بالنهايه حملت بعد شهر من زواجها وانجبت طفلها الأول مالك، لو كانت لديها خبره اكثر لكانت فعلت المستحيل حتى لا تظلم هذا الطفل معها .. 


لكن لا تنكر بنفس الوقت حب معاذ وحنيه إليها هو شخص جيد عاشت أيام لا تنسى وهي معه بين ذراعيه تحديداً، تستطيع ان تقول بثقه بأنه واقع في غرامها، لكن ما يفرقهم دائمًا هو عدم مسؤوليته تجاههم. وكيف ستحترم زوجها وهي لا تراه رجلاً حقيقياً ولا ينفق على البيت بنفسه بل ينتظر المصروف من والده؟ ولا يتعاون معها في شيء من أمور البيت، بل يحمل عليها كل شيء لأنه أعتاد على ذلك في بيت أبيه!


= ما تيلا يا اختي هتفضلي ساعه تحطي المفارش على السوره يلا عشان نجهز الأكل للناس اللي هتيجي من الشغل تعبانه.


تبدلت ملامحها للضيق والحنق وهي تنظر إلى 

الخلف واغلقت باب الشرفة وتحركت اتجاهها، لم تكن راضيه أبدأ على مساعده حماتها فهذا لم يكن واجب عليها بل مجرد احسان منها وبموافقتها، فيكفي عليها أمور منزلها الذي لا تنتهي مع زوجها المدلل لكن لمن ستقول و يفهم!. 


وهذا نظام العائلة هنا أن تطبخ زوجه الإبن الطعام بمنزل حماتها و يتناول الجميع مع بعضها البعض للحفاظ على الود بينهما، أو تأخذ نصيبها من الطعام وتتناول مع زوجها في منزلهما الخاص لكن ذلك يحدث قليل جداً.. الأهم أن تساعد الحماه بالطعام والتنظيف !. 


لكن بنفس الوقت لم تكن شخصيه بسمة تلك الشخصيه التي تستسلم أو ضعيفه فهي تفعل ما تريده وليس بالاجبار، تقدمت بابتسامة مشرقة نحوه المطبخ و وقفت جانبها تقطع الخضار وتطلعت إليها وجدتها مشغوله في إخراج باقي المكونات من البراد، ثم تركتها و ذهبت لتضع طنجره الماء فوق النار وانتظرت قليلاً وسكبتها بالأرض كأنها لم تتعمد وصرخت بقوة بألم شديد زائف، انتفضت مايسه مذعورة 

والتفتت تنظر إليها بصدمه وغضب


= في ايه عملتي ايه هو انتٍ كل ما تدخلي المطبخ لازم تعملي مصيبه وعلى طول مش مركزه . 


ذهبت بسمة بسرعه نحوه صنبوره المياه وهي تقول بألم زائف 


= آآه نار مش قادره يا طنط نار ما اعرفش آآ وقعت مني ازاي أيدي كلها اتحرقت ومش قادره احركها


عبست مايسة ملامحها بتهكم وضغطت علي شفتيها بامتعاض فمعنى ذلك لم تستطيع مشاركتها في عمل الغداء اليوم، بينما أبتسمت بسمة باتساع بمكر.


❈-❈-❈


في "حي السيدة زينب" بداخل محل شاهين، رأى منذر وجه جاره آدم المقيت أمامه لم يتحمل ملامحه تلك لأنها تذكره بوجه المقيت الذي تعرض له بسبب أفعال طليقته السابقة، لكنه يعلم جيد حاله الأستاذ آدم وما به فهو جاره منذ سنوات وصديق والده المقرب رغم فارق العمر بينهما.. تنهد شاهين وتحدث قائلاً مستنكراً


= لا حول ولا قوة إلا بالله، انا مش فاهم هي بنتك جايب الجبروت ده منين ولا خالتها اللي ما تتسماش دي وليه مستقويه صحيح عاوز نصيحتي اتبرى منها ولا اكنك تعرفها وهي غصب عنها لما تحتاج ليك هتيجي 


تشنجت قسماته كليًا، ومنع نفسه بصعوبة من الحزن الشديد مجدداً علي حاله مع أبنته، وهتف قائلاً بنبرة ضعيفة


= ما اقدرش يا حاج شاهين بنتي برده مهما عملت وبعدين برده انا لو سبتها لدماغ خالتها هتضيع اكتر وانا مسؤوله قدام ربنا برده عنها دي أمانه ربنا ليا وهتحاسب عليها في اخرتي وعلى تقصيري.


تنهد شاهين بضيق شديد وهو يقول باقتضاب 


=طب وانت في ايدك ايه تعمله وما عملتوش كلنا هنا عارفين ان خالتها دي كلبت فلوس ومستعده تعمل اي حاجه عشان مصلحتها إللي الهانم بنتك شايفاها ملاك و ما بتغلطش

وجايه عليك انت 


صمت آدم لحظة يفكر بيأس في حاله وأجاب هاتفاً مبرر


= معذره برده كبرت واتربيت وما شافتش غيرها قدامها و أي حاجه هتقولها لها عني وحشه مضطره انها تصدقها.


لم يستطيع منذر تمالك نفسه وتحدث قائلاً بجدية 


= ايوه بس يا استاذ ادم ما انت ما ينفعش تفضل طول الوقت مستسلم ليها يعني الفلوس اللي بتطلبها دي جرب تقطعها عنها فتره عشان تعرف قيمتك ما انت بنفسك قلت في مره انك متاكد انهم بياخدوا منها الفلوس هناك وهم اللي بيخليها تطلبوها، انت عملت اللي عليك فعلا وكلنا كنا شايفين حالتك والقضايا اللي كنت طول حياتك بترفعها وكنت بتخسرها للاسف وهي شايفك دلوقتي بالنسبه لها البنك اللي مش بيخلص لكن وقت ما يخلص هتعرف ساعتها قيمه اللي حواليها هناك.


أخفض آدم رأسه بتعب وتحدث قائلاً بتأثر


= ما اقدرش اعمل كده برده يا منذر عارف انهم هناك على قد حالهم وعمرهم ما هيدوها اللي هي نفسها فيه و انا مش عاوز حتى احرمها من اني اصرف عليها .


سحب نفسًا عميقًا زفره على مهل قبل أن يجيبه بجدية أكثر


= انت بتفكر بعاطفه زيادة و ده ما ينفعش في حاله بنتك، هم خلاص لعبوا في عقلها وعمرها ما هتحس بيك طول ما هي تحت طوعهم . 


وقبل أن يجيب أدم عليه، لوي شاهين شفتيه بسخرية لاذعه و ثار في إبنه هادرًا بقسوة


= شوف مين اللي بيتكلم؟ عامل دلوقتي فيها بتفهم وبتدي نصايح كنت نفعت نفسك يا اخويا الأول بلا خيبة، اجري شوف اللي وراك احسن وامشي من قدامنا و ما يتدخلش مره ثانيه في اللي ما لكش فيه.


إبتلع منذر ريقه بحرج من اهانة أبيه أمام صديقه و العاملين بالداخل، وتحرك يرحل قبل أن يرد عليه مطأطأ الرأس مكسور النظرات


= عند اذنكم.


رحل منذر من إمامها فاستدار آدم ناحية والده ليسأله بصوت محتد يحمل حنق صريح


= ليه كده بس يا حاج شاهين ملكش حق، فهمتك اكتر من مره ما ينفعش تتكلم مع ابنك الكبير بالطريقه دي قدام العمال ولا قدامي هو ما بقاش صغير.. وانت كده يتجرأ غيره عليه وهو أكيد بيزعل بينه وبين نفسه منك .


حدق في بجمود جدي، و رد عليه بتهكم ساخر


= انت فاكر بيحس يا استاذ زينا ده مطلع عيني ليل ونهار وما بيسمعش الكلام.. ده فاشل ولا نافع في حاجه.. وبعدين ده الكبير لازم يتشد عليه عشان يتحمل المسؤوليه هو اللي هيمسك كل حاجه من بعدي اديك شايف اخوه واللي فيه وموضوع مرضه يعني لازم يفلح ولازم اعمل معاه كده وأشد عليه لا إلا بعد عمر طويل لما أموت هيضيع الورشة باللي فيها . 


تحدث آدم بحذر وقد برقت عيناه من وجهه نظرة وتصرفاته الغربية فهو يري تعامله مع إبنه الآخر على العكس تماماً 


= يا حاج شاهين الأمر بيد الله ومحدش عارف من هيموت قبل مين، وبعدين مين قال لك ان الشده هي اللي بتعلم المسؤوليه جرب تصاحبه وتقرب منه وتفهمه براحه وجهه نظرك

وبعدين منذر شاطر ما تقولش عليه فاشل تاني ده ما شاء الله شغله مسمع في كل الحته اللي بيجولك من آخر الدنيا عشان يشتروه.. انت ليه باصص على اغلاطه بس ومش باصص على نجاحه كمان.


كان شاهين غير مقتنع بما قاله، و أشار له برأسه قائلاً بجمود


= قلت لك عشان هو الكبير و لازم أشد عليه يا استاذ آدم وهو اللي هيمسك كل حاجه من بعدي وبعدين يعني، لا مؤاخذه في الكلمه لو طريقتك دي كانت بتنفع بصحيح كانت نفعت مع بنتك زمان فخلي كل واحد ودماغه مريحه بقى في تربيته مع أولاده و هو أدري بيهم.


صمت آدم مجبراً لتهدج أنفاسه باضطراب ملحوظ أثر كلماته القاسية وحزن سريعًا من ثقلها، وحل الوجوم على تعبيرات وجهه ولم يستطع الرد عليه .


الصفحة التالية