-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 2 - الثلاثاء 30/4/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثالث

2

تم النشر يوم الثلاثاء

30/4/2024


تنهدت بسمه بارتياح لكون الأمر نجح وجلست تستريح كالمتفرجه دون أن تفعل شيء وتركت باقي الأعمال الى حماتها اليوم، والتي كانت كل فتره وحين تنظر إليها بغضب مكتوم و كانت الأخري بسرعه تصطنع الآلام الشديدة. لتكمل مايسة رص باقي الطعام فوق السفرة حتي انتهت، وفي ذلك الأثناء عاد شاهين و معه منذر إبنه. نهضت بسمه بسرعه ترحب بهم وأبتسم شاهين قائلاً باهتمام


= ازيك يا بسمه اخبارك ايه امال فين مالك حبيب جدو 


نظرت له مطولاً دون أن تبدل تعابير وجهها، ثم همست قائلة بمكر


= الحمد لله يا عمي مالك جوه نام من اللعب بس شويه وهصحي عشان ياكل، بس معاذ جوه من صباحيه ربنا ما خرجش وقاعد مع والدته!


أرادت أن تخبره بذلك لعله يشعر بالضيق و الحرج من كونه منذ الصباح يجلس بالمنزل دون عمل! لكن تفاجأت به كالعاده لم يهتم ورحل من أمامها، نفخت بضيق ويأس من تلك العائله وتصرفاتهم ضد إبنهم الأصغر.


بينما جلس منذر فوق الأريكة جانب بصمت و رفع وجهه إلي الأمام ليجد والدته تجلس فوق الأريكة وهي تمسح على رأس معاذ طفلها بحنان الجالس فوق فخذها و انهالت عليه بالقبلات لتغرق وجنتيه بهما مشبعة حبها له، زادت من ضمها له، ثم طبعت قبلة أمومية قوية على رأسه قائلة بجدية


= اوعى تكون نسيت تاخد الدواء 


هز رأسه برفض وقال بصوت هادئ


= يا أمي سألتني ثلاث مرات قلت لك ايوه اخذته هو انتم عاملين على الأكل ايه النهارده


أبتسمت بحب وهي تقول بنبرة حنونه


= عامله لك السمك اللي بتحبه و الرز الأبيض اللي مش بتاكله غير من ايدي.


لوت بسمة شفتيها بسخرية دون حديث، بينما أردف منذر قائلاً بصوت خافض وهو ينظر لباقي الأصناف فوق السفره


= وانا هاكل إيه يا أمي انتٍ عارفه ان انا مش بحب السمك ولا باكله


أجابت مايسة بنبرة غير مهتمة


= ماله السمك حلو ومفيد وبعدين ما انت عارف ما ينفعش اعمل اكل متسبك عشان خايفه على صحه اخوك، نعمه ربنا كل وانت ساكت غيرك مش لاقي .


أبتسم ابتسامة باهتة، واختنق صوته مرددًا 


= الحمد لله فعلا، بس انا مش عارف للمره الكام هقولها لك السمك بيعمل لي حساسيه.. انا هطلع انام تصبحوا على خير .


نظرت بسمة له بعطف فهي حاولت مع حماتها أن تصنع طعام آخر له لانها تتذكر جيد أنه أخبرها بذلك عده مرات لكنها لم تهتم لامره، حاولت التهون عليه وقالت بصوت عالٍ


= مش هتاكل يا منذر معانا، هتنام من غير غدا يعني.. طب تعالى كل اي حاجه موجوده تانيه غير السمك حتى .


هز رأسه برفض وتحرك يرحل لمنزله للاعلي واغلق الباب خلفه بهدوء، واكمل الجميع سهرتهم دون إزعاج أو التفكير بأمره.


❈-❈-❈


هبطت من الفراش وهي تلف جسدها بملاءه السرير الخفيفه واتجهت نحو المرحاض تبكي بندم علي تسرعها بالأمر لكنه انتهى ووافقت على الزواج منه بكامل إرادتها والآن اصبحت زوجته قولا وفعلا بينما هو جلس علي مقعد وثير بجانب الفراش يدخن اعقاب سجائره بشراهه وعيناه تنظر الي فراغها ويبتسم بخبث شديد فهو أخيرا حصل على ما يريده 

لذلك اقترب من تلك الصغيره منذ البدايه بنيه سيئة ورسم عليها الحب والعشق والغرام وهو في خاطره شيئا آخر.


يعلم ان تلك اللعينه الكفه الرابحه له ..اصبح يبتسم بمكر شديد وهو يدخن بشراهه كإن ذلك العٌقاب ينفث عن حقده الشديد رأها تخرج من المرحاض بعدما ارتدت كامل ملابسها فوقف واتجهت إليه وهو مبتسماً باتساع لتقول ديمة بصوت مخنوق 


= هيثم من فضلك امشي دلوقتي يبقى نتقابل بعدين انا خايفه حد من اخواتي يجي، و يشوفك هنا وتبقى مصيبه ما كانش لازم اصلا نتسرع بالامر لحد هنا احنا قلنا مجرد جواز ورق وبس.


ابتسم ابتسامة ساخراً لم تلاحظها وبدأ في ارتداء ملابسه بهدوء تام، وهي تتابع حديثها 

شاعرة بالذنب والندم


= احنا غلطنا يا هيثم حتى لو بنحب بعض كنا استنينا لما نتجوز رسمي، هو انت صحيح واثق في الناس اللي انت جبتهم يشهدوا على جوازنا؟ وكمان خدت الورقتين ليه مش المفروض اشيل ورقه معايا.. هيثم انت مش بترد عليا ليه


أغلق ازرار أكمام القميص ببرود وخرج صوتًا يتحدث بجمود


= اصل انا يا روحي ما اسميش هيثم اسمي حمدي رزق الشامي والاثنين الثانيين دول صحابي في المنطقه واثق فيهم بقى مش واثق مش فارقه كده كده الجواز باطل في الحالتين 


تعجبت من تبدل حاله من الحب والعشق الذي كان بينهما قبل قليل إلى الجمود الملحوظ، قطبت حاجبيها و سألته بعدم فهم كالبلهاء


= انا مش فاهمه حاجه انت قصدك ايه؟ معناه ايه كلامك يا هيثم .


سلط أنظاره عليها ليرمقه بنظرات باردة وهو 

يقول بصرامة


= ما قلت لك بقى يا حلوه ما اسميش هيثم أسمي حمدي احفظي الاسم ده كويس عشان هيكون عملك الاسود الأيام اللي جايه، ما هو لحد هنا لازم ابدا بقى اكشف كل اوراقي خلاص اللي انا عاوزه وصلت له فملهاش لازمه بقى اكمل في دور هيثم اللي بيحبك واللي مستعد يعمل المستحيل عشانك كل ده مجرد كلام عشان أعرف ارسم الدور بالظبط وانتٍ تصدقيني 


زاد توترها حينما التقطت أذنيها نبرته الجاده وكأنه ليس يمزح بالفعل شعرت بانزعاج حيث جف حلقها بصورة كبيرة، وشعرت بتسارع دقات قلبها خوفًا، فنظرت نحوه متوسلة بنبرة شبه مرتجفة


= انت بتهزر معايا صح الكلام ده مش حقيقي وانت اسمك هيثم وبتحبني زي ما انا بحبك، لا مستحيل تكون كل ده كنت بتخدعني.. انا متاكده ان انت بتحبني


وقف أمامها بكل جرأة موضح أسبابه للجوئه لتلك الوسيلة


= لا انا بحب فلوسك يا قلبي اللي عملت كل ده عشانها بس ايه رايك دخل عليك كل اللي انا عملته وصدقتيني لدرجه انك لحد دلوقتي مش مصدقاني، ما هو برده ما فيش واحد مغفل زيي هيسيب صيده زيك سهله عايشه لوحدها وما لهاش اهل يسالوا عليها ولا مهتمين بتعمل ايه وبتروح فين.. وبجانب كل ده معاهم اللي يكفيهم وزياده.. ومش هينقصوا لما تديني شويه


شخصت أبصار ديمة على الأخير بعد عباراته الوقحه تلك، وتدفق إلى عقلها الكثير من ذكرياتهم سواء فكيف يستطيع شخص مثله أن يمثل الحب طول تلك الفتره عليها وما كان يواسيها لتحمل من نهايات مأساوية مهلكة نتيجه إهمال اشقائها لها والآن هو يفعل المثل وأكثر.. فاندفعت بلا تفكير نحوه فلم تتمالك أعصابها من اهانته واستغلاله الحقير لها وكيف كان يوهمها ويخدعها كل هذه الفتره الطويلة، رفعت يدها تريد صفعه لكنه أمسك يدها بسرعه فبالطبع هي صغيره أمامه وليس لديها خبره باشياء كذلك مطلقاً تتعرض إليها لأول مره في حياتها، رد عليها الأخر بشراسة 


= انتٍ بترفعي ايدك عليا يا زباله يا واطيه انتٍ هتنسي نفسك ولا إيه، لا بقول لك ايه انتٍ لسه ما تعرفيش مين حمدي اللي قدامك و ممكن يعمل ايه فبلاش تخليني اوريكي الوش الثاني من اولها


تجاهلته متابعة حديثها وهي تصرخ بانفعال كبير


= اه يا زباله يا حقير انت مستحيل تكون هيثم اللي انا حبيته وحبني، انا مش قادره اصدق انت تعمل فيا كل ده طب ليه عملت لك ايه؟ تفضل اربع سنين بحالهم تفهمني انك بتحبني عشان الفلوس 


اشتعلت عيناي أكثر عقب حديثها المحفزة لانفعالاته المتعصبة، وفي لحظات لقد هوي على صدغيها بصفعات متتالية عنيفة بقبضتي يده، فتأوهت متألمه من قوة الضربات وخرج صوتها كالأنين متحشرجًا، لم يعد بها من القوة ما تستخدمها حتى في الصراخ، فهي تواجه مصيرها و تتعرض للأشياء جديده في حياتها وسيئة فلأول مره تتعرض للضرب من قبل احد، ضغط بأنامله على فكها صائحًا


= اول حاجه لسانك الحلو ده ما يشتمش تاني مره وتتكلمي معايا بادب، وثاني حاجه خلصنا وقلت لك ما اسميش هيثم و ايوه نصاب و بضحك عليكي.. ويلا اخلصي قومي شوفي لي اي فلوس هنا او حتى ذهب ابيعه 


لم تستطع مقاومته أكثر من هذا، فقد أُنهكت قواها بدرجة كبيرة، صمتت تطالعه بنظرات دامعة، واضطربت أفكارها وتداخلت معًا فلم تستطع التفكير بذهن صافٍ أو حتى التفكير كيف الهروب من ذلك المأزق، صاح بحدة


= قومي ما تنحيش انتٍ لسه هتقعدي تصدمي وتستوعبي اللي بيحصل.. ما تفوقي بقى انا مش بتاع حب يا ماما انا اخري ليلتين بقضيهم مع اي بنت وبعد كده أشوف غيرها بس شكلك انتٍ الوحيدة إللي هتطولي معايا .


وضعت ديمة يدها على صدرها تتحسس قلبها الذي بدأت نبضاته تتعالي بعد تداركها للموقف، و جسدها المرتعش لم يسكن بعد، صرخت بقهر لا إراديًا من بين شفتيها 


= حرام عليك انا عملت لك إيه لكل ده انا كنت فاكرك بتحبني وانت اللي هتعوضني 


كز على أسنانه بنفاذ صبر وتطلع فيها بنظرات مخيفة وسرعان ما أخرج شئ من جيبه وهو يلوح بيده مهددًا 


= لا ده احنا شكلنا مش هنخلص فعلا، شايفه إللي بايدي ده يا حبيبتي دي مطوه تحبي وشك الجميل ده اشوه هلك واعمل لك عاهه فيه وما خليكيش نافعه ليا ولا لغيري؟ ولا هتقومي زي الحلوه كده وتشوفي لي اي حاجه في البيت دي اقلبها .. 


خرجت منها صرخة مذعورة حينما رأت ما بيده وشعرت بالخوف الشديد منه وبالأخص هي معه بمفردها ومن الواضح بانه شخص خطير ولا يهدد فقط، فهي لم تكن أبدا تلك الشخصيه الشجاعه التي تواجه من صعوبات

كذلك وتستطيع التخلص منها، بل هي شخصيه رقيقه وضعيفه وبعيده كل البعد عن ما يحدث حولها، أضاف حمدي بنبرة عالية وهو يشير بيديه بتلك الاله الحاده بتهديد 


= واعملي حسابك اي حركه كده ولا كده انتٍ اللي هتدفعي ثمنها في الآخر لما اخواتك الحلوين يعرفوا كنتي بتعملي ايه من وراهم.. بتتجوزي عرفي وتدخلي واحد غريب البيت ونمتي معاه في الحرام!. 


واضاف عليها حمدي بتهكم ساخراً وهو يحدجها بنظرات مهينة


= دي الفضايح هتبقى حواليكم بالكوم ومش هتعرفي ترفعي وشك للناس ولا اخواتك.. هاه هتروحي زي الحلوه تجيبي اللي انا عاوزه ولا اخليها غصب عنك .


شحوب مخيف غطا تعبيرات وجهها بعد سماعها للحقيقة الصادمة مصحوب بانقباضة قوية اعتصرت قلبها، كتمت بيدها شهقة كانت على وشك الخروج من جوفها، فهي من أوصلت نفسها إلي هنا عندما وثقت به! بسبب بعد أشقائها فكانت بحاجه الى يد تعاونها على السير لكنها لم تعرف بأنها اختارت الشخص الخطأ.


نكست رأسها برعب واضح وهي تشعر بالعجز أمامه، كيف كانت تثق فيه وجارته في أفعاله السيئة تلك البلهاء ولم تاخذ بالها انه يفعل كل هذا ليستدرجها لصالحه لا أكثر.



الصفحة التالية