-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 3 - الثلاثاء 30/4/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثالث

3

تم النشر يوم الثلاثاء

30/4/2024


ارتدت بسمة ذلك القميص البيتي الجذاب ثم

أمسكت إحدى زجاجات العطر ورشت منه فوق ملابسها القليل ثم أغمضت عينيها تستنشق عنق الزجاجة بعمق تملي رئتيها من رائحته الزكية.. لقد قررت بان تغير من نفسيتها بتلك الطريقه بسبب افعال زوجها وحماتها ونفضت عنها ذلك الضعف المتخاذل البغيض وها هي تقرر أن تكمل عيش حياتها كما تريد وتستمتع بالخيارات المحدودة أمامها.. فهي تعشق التفاصيل بالاهتمام بالنفس لأجلها.. لأجلها فقط.


التفتت لتخرج للخارج لتقابل بوجهها معاذ وهو يجلس فوق الأريكة ويضع السماعه فوق أذنه وبيده يلعب بذلك الدرع الموصل بشاشه العرض امامه وهو يلعب بحماس شديد جزت زوجته علي أسنانها بغيظ شديد منه ثم ذهبت الى جهاز النت وفصلته، شهق بقوة ونهض وهو يقول بعصبية شديدة


= مين فصل الزفت ده دلوقتي.. انا لما صدقت وصلت للدور ده بالعافية .


مطت شفتها السفلى ببرود قائلة بزعل زائف كأنها تتحدث مع طفل صغير 


= الشركه هم اللي فصلوا يا روحي.. عادي النت بيفصل ذي كل مرة معلش يلا أبقي عوض الدور الجاي 


نفخ بضيق شديد وقال بعبوس


= الشركه دي لازم نغيرها مش اول مره يفصلوا اللعبه عليا واكون خلاص وصلت لجيم مهم، انا بكره هقول لابويا يشوف لنا شركه بدل المخروبه دي إللي كل يوم تفصل النت علينا . 


أبتسمت بشماته فيه وسرعان ما اتسعت حدقتاها بحسرة شديدة وهي تشاهد الفوضى التي فعلها في المنزل بسببه، نظرت في وجهه، بشراسة وهي تصرخ فيه بجنون


= ايه القرف اللي انت عامله في الشقه ده انا قبل ما انزل مروقاها وتعبت فيها وانت في ثواني خليتها مزبله من تاني، يا أخي حرام عليك ده ابنك الصغير مش بيعمل ربع اللي انت بتعمله ده.. انت عاوز تموتني مقهور يا معاذ ارحمني شويه مش كده


التفت برأسه للخلف ليحدق في وجه زوجته الغاضبة، وقبل أن تتفوه بكلمة أخري سألها معاذ بحدة قليلة


= في ايه يا بسمه ايه الأوفر ده .. شقه و بتتبهدل زي اي شقه، هو انتٍ فاكره يعني لما تروقيها هتفضل لك زي ما هي .


زفرت بسمة صائحة بنفاذ صبر 


= والله ممكن تفضل زي ما هي عادي جدا بس في حاله واحده انك تبطل بهدله واللي بتاكل منه تحطه جوه بالمطبخ وكيس الشيبسي والبسكويت اللي انت بترميها دي تتعود مره في حياتك ترميها في الباسكت اللي انا سايبه  جنبك وبرده ما فيش فايده بترمي في الصاله وغير الجزمه اللي ببوس ايدك كل مره تبطل تدخل بيها البيت والمفروض تتقلع بره وبرده تقول لي بنسى.. ولا هدومك اللي في كل حته.


هز الآخر رأسه بعدم مبالاة حيث بدأ يمرر أنظاره حول الاسلاك الكهربائيه يتأكد من توصيلها جيد، لتهتف زوجته قائلة بيأس


= هو انا بكلم نفسي ما تسيبك من الزفت اللي في ايدك ده مش هيطير وبعدين يا ريتك مهتم باللعب زي ما انت مهتم بمسؤوليتك تجاهنا وشغلك كان زمانك دلوقتي قاعد تحت في الدكان مع أخوك مش قاعد فوق بتلعب في الاتاري .


نظر معاذ لها مطولاً باشمئزاز وأردف بضيق نافر


= اتاري ايه يا جهله اسمها ببچي أولا، وثانيا ما ليش مزاج ارد عليكي عشان زهقت من الاسطوانه بتاعه كل مره؟ ومع ذلك هرد عليكي نفس الرد بنسى اشيل لك الحاجه و بنسى وبدخل بالجزمه عشان متعود كده تحت نفس اللي بعمله هنا بعمله عند أمي ومش بتعمل ربع اللي انتٍ بتعمليه.. و بالنسبة لي الشغل قلت لك بدل المره الف انا بشتغل بس في وقت ثاني .


نظرت له شزرًا وأجابته ساخرة من كلماته بقهر


= ما انا يعتبر برده اللي انت بتعمله تحت انا اللي بروقه يا حبيبي هي امك بتتحرك من مكانها، وبعدين شغل إيه اللي رحت لي و انت من صبحيه ربنا شايفك قدامي صحيت متاخر قعدت تحت معانا ودلوقتي بعد الغد طلعت  تلعب انت بتكدب الكذبة وتصدقها .. معاذ انا بجد تعبت ارحمني شويه وحاول تساعدني يا اخي شيل المسؤوليه عني شويه عرفنا ان ملكش في الشغل والله يسامحه ابوك السبب لكن هنا كمان مش عاوز تتعلم تشيل مطرح ما بتاكل وبتشرب لا كده كتير.


كان مشغول فيما يفعله باهتمام بالغ وفجاه انتفض يصرخ بشراسة 


= كنت متاكد ان انتٍ اللي عملتيها شلتي لي فيشه النت يا بسمه مش قلت لك بطلي تعملي الحركات دي.. انتٍ عارفه انا كان فاضي لي كام جيم واكسب الـ ..


صمت فجاه متطلعًا أمامه بنظرات حادة تحمل الكثير عندما وقعت عيناه علي ما ترتديه، بينما جزت علي أسنانها بغيظ وهي تنظر إليه بعدم تصديق فبالتأكيد هي تزوجت من طفل وليس رجل، تنفست بعمق لتخرج بعدها زفيرًا قويًا، ثم قالت بتريث


= يا اخي نت إيه، ارحمني انا بكلمك دلوقتي في مسؤوليتك كراجل البيت.


تجاهل كلماتها بصمت حيث تعلقت أنظاره على ملابسها القصيرة وذلك المكياج المثير من المفترض رجل مثله يشعر بالفخر والسعاده للاهتمام زوجته بنفسها لأجله لكن سرعان ما تهجم وجه وهو يصرخ بانفعال كبير


= ايه القرف اللي انتٍ عاملاه في نفسك ده و إللي حاطه على وشك كمان؟ انا مش نبهت عليكي الحاجات دي ما تلبسهاش قدامي عشان ابنك ولا تحطي المكياج ده على وشك تاني .


ارتفعت حاجباها بدهشة قليلة، وسألته مهتمة وقد تشكل على ثغرها ابتسامة عابثة


= ابنك نايم من بدري وبعدين انا مش فاهماك بصراحه كل ما تشوفني حاطه مكياج ولا لابسه قصير تتجنن مع انك راجل يعني المفروض تفرح أن مراتك مهتمه بنفسها .


بلغ قمة غضبه في أقل من ثوانٍ معدودة و

اغتاظ معاذ أكثر من جمودها و ردها الغير مهتمة على اوامره، هاتفاً بسخط


= عشان إبنك كبر يا هانم وما ينفعش يشوفك بالمنظر ده وحتى لو نايم ممكن يصحى في اي وقت يلا ادخلي غيري.. مش انتٍ عامله في نفسك كده عشاني أنا عجبني شكلك كده بلبس البيت ومبهدل و ما اعترضتش .


اعترضت على أسلوبه الحاد معها قائلة بعناد فهي لا تفهم لماذا يثور عندما يراها ترتدي ملابس كاشفه لجسدها كذلك من أول يوم زواجهما


= والله! طب انا بقى حاطه عشاني مش حاطه

عشانك يا معاذ هو انا بشتري الحاجات دي عشان احطها في الدولاب ولا ايه؟ ام أمرك عجيب صحيح 


أجابها بنبرة تحمل الوعيد وبإصرار أن تغير تلك الملابس التي تثير غضبه واشمئزازه 


= ودي اول مره تعرفيني فيها يعني ما انتٍ متعوده عليا كده ما بحبش اشوفك لابسه القرف ده وقلت لك ما تشتريهوش بس انتٍ بتصممي يبقى مش مشكلتي بقى! وبعدين انتٍ لسه بتتكلمي وترغري معايا كتير ليه يلا روحي من قدامي مش طايق شكلك كده 


كادت أن تتحدث لكن هتف معاذ مقاطعًا إياها بصلابة


= بسمه ما تختبريش صبري قلت لك على جوه

واياكي ادخل انام الاقيكي لسه لابساه .


استشعرت حالة العصبية المسيطرة عليه، فتراجعت عن عنادها مضطرة وهي ترد بامتعاض


= حاضر يا معاذ!


ثم دلفت للداخل تاركا إياه بكل حنق العالم متمتمه بهمس وهي تتهاوى جالسة على سريرها


= انا مش عارفه عملت ايه في حياتي عشان اتبلي بيك يا معاذ يا أبن مايسه النميسه . 


❈-❈-❈


وقف منذر في شرفة منزله، حرر أزرار قميصه ليكشف عن معظم صدره المتخم بالعضلات المشدودة، ثم بدأ يتنفس بصعوبه بالغة فكل مره يحاول فيها أن يتعود على الأمر الذي أصبح فيه ويحاول أن لا يؤثر علي نفسيته لكن رغم عنه ينهار من الشعور بالظلم والقهر من أسرته!. 


هواجس لعينة أصبحت شريكته في الليل .. عقل يعمل كالمكوك وجسد ذبل وروح تبعثرت لـ اشلاء.. أصبح لا يعد الأيام والليالي بعد ان فقد شغفه لكل شيء. فلم يجد الحب أو الاهتمام من أب ولا أم ولا اخ ولا زوجه! 


وهو رغم ذلك أخبر والده مراراً أن رغد ليست المناسبة له.. ليست المناسبة له ابداً.. لكن لم يجد كالعاده اهتمام الى رايه! لذلك أصبح يدفن بقاياه داخليًا.. بارع في رسم ابتسامات مجاملة وزائفة وكل ذلك يعود لـ فضل أسرته


يقولون ما هي أبسط طريقة لقطع العلاقات المتينة؟ التجاهل واللامبالاة تستطيع أن تكسر جميع الروابط والقيود المغلفة.. لكن هل معنى ذلك سيقطع علاقته مع أسرته لانهم بكل بساطه هم السبب في تلك الأزمات التي يعيشها كل ليله بمفرده ولا احد يشعر به


لطالما دائما تساءل نفسه ما شعور الدفء الأسرية؟ لم يستلذ به بالحياة من قبل؟ لم يجد يد حنونه تغمر إياه بشعور بالحنين و الاشتياق! لم يشعر بالحب الحقيقية والعطاء؟ ودفئ الاحضان! حرم و افتقد كل ذلك بشده ولم يجدة في حياته الطفوليه ولا حتى الآن! بينما اخية الصغير حظي بكل ذلك وأكثر امام عيناه وحتى الآن... وهو لأ.


يعلم ماضية جيداً ويتذكره ولا ينساه أبدا بل يستطيع ان ينطق كل حرف حدث وصار معه لكن هو بشر بالنهاية.. ولكل شخص له طاقة تحمل.. عدة ثوانٍ أو دقائق شرد فيها ليتذكر ذكرة سيئة للغاية حدثت بالماضي.


كان شاب في منتصف عمر السادس عشر واجتمع هو واخية على اصدقاء السوء، والذي في مره ارادوا ان يجعلهم يجربوا السجائر تردد منذر بشدة و رفض بالنهاية لكن تفاجئ بمعاذ شقيقه جذبها من صديقه ليجربها حاول بسرعه أن يمنعة من ذلك خوفاً على صحته وقبل ان يفعل شيء تفاجأ بوالده يقف في وسط الشارع وينظر إليه بأعين مليئة بالغضب و ركض إليه بسرعه و صفعه بقوة أمام الجميع بالشارع.. رغم أنه لم يكن المخطئ لكن هذه كانت عاده والده يعاقبه كونه لم يكن منتبه الى اخية أكثر من ذلك.


جذبه والده بعدها بكل قسوة من ذراعيه إلي المنزل وهو كان مستسلم يبكي فقط! مما جعل والده يصيح به أكثر هاتفاً مستنكراً بانفعال


= ما تسترجل يلا هتعيط كمان في الشارع! مش عاوز تعمل لي فيها راجل و رايح تشرب سجاير طب خليك راجل الأول وبطل تعيط زي النسوان!


ظل يشهق ويكتم بكائه بصعوبة بالغة فحتى التعبير عن مشاعره لقد حرم منها، تحت مسمى البكاء فقط للنساء وليس للرجال.. لذلك كان يستغل الفرصة عندما يكون وحيد للتعبير عن أبسط حقوقه.


آفاق من شروده وعض شفتيه السفلى بألم و هو يتذكر إهانه والده له طوال الوقت امام الجميع والأغراب! وكأنه كان دائما يغذي ضعف شخصيته داخله انحدرت الدموع علي وجنتيه و بدون وعي منه يشعر بخناجر تنغرس ويدي دكًا الي قلبه، وبكل هدوء تحرك لينام فوق الفراش وحيد! دون أن يواسي أحد احزانه وهل من الممكن يجد شخص كذلك؟ يشك بالأمر أن يحدث فلم يعد له ثقه بنفسه أو بالآخرين.



الصفحة التالية