رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 4 - الثلاثاء 30/4/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثالث
4
تم النشر يوم الثلاثاء
30/4/2024
في اليوم التالي، ذهبت بسمه بابنها مالك الصغير لتزور أختها غاده وتطمئن على صحه والدها، فقد تدهورت حاله الصحيه نوعاً ما بسبب تقدم السن و بالأخص بعد وفاه والدتهم! جلست جانب أختها ومرت أكثر من ساعه وكل منهم شارد في حياته وما حدث فيها، رفعت غاده إحدي حاجبيها إليها و قالت بضيق
= هو انتٍ الشويه اللي بتيجي تقعديهم معايا هتفضلي مبوزه زيي، هو ايه النكد اللي نحن عايشين فيه على طول ده.. كله من ولاد شاهين حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .
نظرت بسمة إليها ثم لوت شفتيها بسخرية هاتفه بإبتسامة عابثة
= طب يا اختي علي الأقل اللي انتٍ فيه بمزاجك منذر غير معاذ في كل حاجه، طيب وحنين وعارف يشيل المسؤوليه وكان بيساعدك وانا كنت بشوف بعيني بس انتٍ اللي ضيعتي بهبلك وسقتي فيها لما لقيتي طيب و بيقول لك على كل حاجه حاضر.. ده انتٍ يا بنت طلعتي الراجل عن شعوره وخليتيه مش طايق يسمع اسمك ولا حتى يشوف إبنه اللي من لحمه ودمه أموت واعرف عملتي ايه وصلتي للحاله دي
جلست علي حافة الفراش و تصنعت وجه الحمل الوديع قائلة بتمثيل إحترافي
= وانتٍ بتساليني انا ليه ما تروحي تسالي.. هو انا اللي منعته يشوف ابنه، انتٍ بس اللي بتاخدي بالمظاهر ومش عارفه كان بيعمل فيا ايه لما كنا بنكون لوحدنا ومقفول علينا باب واحد.. منذر ده مش سهل أبدا اساليني انا .
ضيقت بسمة عينيها بعدم تصديق فسألتها ساخراً بعتاب لاذعة
= عليا انا الكلام ده، ده انتٍ اختي وعارفك كويس وكنا ساكنين في بيت واحد وشايفه بنفسي ده حتى حماتك كانت بتسمع صوتك اللي بيجيب اخر الشارع معاه وهو يعيني ما بيقدرش يفتح بقه.. يا ما حاولت احذرك وقلت لك بلاش تزيدي فيها البني ادم لي طاقه برده لو كنتي احتويتي من اللي اهله بيعملوا فيه كنتي هتعرفي تكسبيه وتخليه زي الخاتم في صباعك ويعمل لك كل اللي انتٍ عاوزاه..
بس اديكي في الاخر خسرتي ومش هتعرفي تعوضي راجل زيه دي حتى أمه ما بيطقش هي كمان تسمع سيرتك
ردت غاده بحنق من بين أسنانها بغيظ
= ما خلاص يا بسمة هتفضلي تبكيتي فيا وبعدين في داهيه من حبي في امه اللي كل شويه عاوزانا ننزل لها نخدمها.. وبعدين مالك نازله شكرانيه في منذر كده ليه مش ملاحظه انك ساعات بتزوديها يكونش عينك منه وانا مش عارفه
عبست ملامحها وغمغمت بسمة قائلة بنبرة حزينة
= بس يا هبله انا عشان معايا اللي بيعمل عكس تصرفاته علشان كده بقول لك اللي فيها انتٍ مش عارفه يعني ايه تكوني عايشه حياتك مع راجل ذي معاذ والقرف اللي انا بشوفه منه؟ واحد عديم المسؤوليه كل كلمه لامه حاضر ونعم، ده غير الشغل اللي بيروح ساعه القبض وقاعد يلعب في البيت على النت يعني من الاخر مش راجل.. بلا خيبه
ضحكت الأخري بصوت عالٍ بسخرية هاتفه باستخفاف
= ومنذر هو اللي راجل قوي طب خليني ساكته أحسن، ما هو اللي ما يعرفش يقول عدس .
لم تكن تلك المره الوحيده التي تهتف بعبارات غامضه مثل تلك لكن أحيانا تشعر بانها تزايد بالأمر بلا معنى محدد! وقبل أن تسألها بسمه عن ماذا تقصد إذ فجاءة يصدح رنين الهاتف الذي أجفلها، شهقت عندما علمت بهوية المتصل فسرعان جعلت الهاتف علي وضع الصامت و بعدما أنتهي الإتصال تلقت رسالة كان محتواها كالتالي (إيه مش ناويه تيجي النهارده كمان! أنا شويه وهمشي، فبراحتك انتٍ اللي هتتضرري)
أتسعت عيناها والقلق ضرب قلبها، ثم نهضت بسرعه وهي تقول بهدوء زائف
= انا لازم امشي بقى عشان معاذ بيرن عليا عشان يستعجلني، بقول لك يا رغد معلش خلي مالك عندك هروح اجيب طلبات بسرعه واجي اخده واروح
نهضت غاده من فوق الفراش و وقفت عاقدة ساعديها أمام صدرها وقالت بعبوس
= طب ما تاخديني معاكي انا زهقت من قعده البيت وابوكي اللي على طول مقضيها نوم و تعبان من ساعه ما امك ما ماتت غير كده ما بيرضاش يخليني انزل لوحدي من بعد ما اتطلقت وانا بزهق .
رمقتها أختها بإمتعاض و قالت باعتراض
= بقول لك جوزي بيستعجلني و انتٍ لسه هتيجي معايا ونشد العيال خليها مره ثانيه انا مستعجله.. هي ساعه بالكتير وهاجي علي طول .
رحلت بسمه من أمامها بسرعه دون إنتظار ردها، بينما كظمت غاده غيظها وهي تعض أسنانها بحنق هاتفه بشك
= ساعه عليا انا برده؟ هي البنت دي كل يوم تاجي عندي و تسيب أبنها يجي ثلاث ساعات وترجع تاني، هتكون بتعمل إيه دي كمان .
❈-❈-❈
بداخل أحد المدارس الخاصه بالتحديد في مكتب شؤون الطلبه كانت ضحى تجلس فوق المقعد تراجع بعض كشاكيل التلاميذ وتصحح إليهم الاخطاء، حتي انتهت فقامت من مقعدها وهي تجذب حقيبتها الجلدية وتتوجه نحو خارج الغرفة رغم أن تبقى أربعة ساعات علي عودتها للمنزل لكن لا تعلم لما أصبحت تشعر بالجوع دائما وبل تبتاع أطعمه لم تتذوقها من قبل! ربما ذلك لأنها بدأت مؤخراً تجرب عمل رچيم قاسي لتخفيف وزنها الزائد بسرعه لأنها تعتقد بأن العرسان لا يتقدمون لها لذلك السبب.. لكن كعادتها لم تستطيع إكمال ذلك النظام الغذائي القاسي و ضعفت أمام رغبتها في تناول الطعام .
توقفت في مكانها لحظة عندما استمعت الى نداء أحد اولياء أمور التلاميذ تلك السيدة التي في نفس عمرها تقريباً، لـ تهرول نحوها قليلاً وابتسمت بشكر قائله
= معلش لو هعطلك يا ابله ضحى بس أبني قال لي ان انتٍ لما عرفتي انه كان غايب عشان كنت تعبانه وبولد قدرتي ظروفه و رجعتله اللي فات منه، وقلت لازم اول ما اخف اجي اشكرك بنفسي
زادت ابتسامتها اتساعًا وهي تنظر الي تلك المرأة قائلة بهدوء
= لا عادي انا ما عملتش حاجه ده واجبي، وبعدين الدروس اللي فاتته كانت مهمه عشان كده كان لازم اراجعها معاه لما لقيت عندي وقت المهم بس حاولي انتٍ كمان معاه عشان يفهم اللي فات ويعدي السنه دي على خير
أبتسمت المرأة بسعادة وهي تقول بتلقائية
= ربنا يخليكي يا ابله ضحى ويبارك لك في عيالك وتفرحي بيهم هم اسم الله ولادك عندهم كام سنه وفي المدرسه هنا بيدرسوا برده
طأطأت ضحي برأسها ارضًا مغمغًة بحرج
= لا انا مش متجوزه ولا عندي أولاد! أنا لسه انسه .
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بزعل
= يا حبيبتي معقول لا حول ولا قوه الا بالله.. انا عارفه يعني أن انتٍ من سني وفكرتك متجوزه.. معلش ياما اوحش منك واتجوزه
هزت رأسها بإقتضاب وتحركت بسرعه وهي تنفض تلك الغيمة الرمادية وتتجه نحو الخارج فلا تريد سماع المزيد لقد استمعت بما في الكافيه من هذه التعليقات السخيفه التي لا تنتهي! هل تري بها عيب لتقول شيئا كذلك عنها؟ لما يعتبر البعض في ذلك المجتمع بان تأخير الزواج شيء يدعي للاحراج او هناك عيب بها.
شعرت أنها لن تستطيع أن تظل أمامها أكثر و تضغط علي مشاعرها التي سحقتها بكل بساطة. كظمت غيظها الشديد منها ومن امثالها
كما أنها بدأت تشعر بعدم شهيتها وقد انعدمت رغبتها بالتناول بسبب حديثها.. وفي الوقت نفسه، فوجئت بشخص يقترب منها. رفعت رأسها نحوه لتجد الأستاذ صالح مدرس اللغة الإنجليزية رجلاً في الأربعينيات من عمره، إبتلعت ريقها بتوتر وهي تقول
= اهلا يا استاذ صالح ازي حضرتك
ارتفع حاجبه الأيسر وهو يتسائل بينما يرفع يده وينظر الى ساعته بغرابة
= تمام الحمد لله هو انتٍ كنتي مروحه ولا ايه مش لسه فاضل حصتين عندك .
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بنبرة خجوله
= ايوه بس كنت رايحه عشان اكل حاجه من الكافتيريا، لما لقيت لسه عندي وقت
أبتسم الآخر بـ برود قائلاً بغموض
= طب كويس انا كمان كنت رايح الكافتيريا وكنت بدور عليكي، عشان كنت عاوزك في موضوع
عقدت حاجبيها مغمغة بضيق
= خير يا استاذ صالح كنت عاوز حد يشيل عنك حصصك؟ عاوز تروح بدري ولا حاجه انا بجد ما ليش مزاج النهارده اشيل عنك حاجه وكفايه لسه عندي دروس
استقام في وقفته أكثر ليضع كلتا كفيه في جيب بنطاله مراقبًا تعبير وجهها بهدوء تام ثم أجاب موضحًا بجدية
= لا انتٍ فهمتي غلط انا عاوزك في موضوع خاص يا ضحي.
تخشب جسدها عندما استمعت إلي كلماته الأخيرة بغرابة، ضاقت نظراتها نحوه وهي تقول بدهشة
= موضوع خاص ازاي مش فاهمه؟.