رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 2 - 1 - السبت 27/4/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثاني
1
تم النشر يوم السبت
27/4/2024
بـعـد مـرور أربـع سنوات.
اشرأبت ضحي رقبتها محاولاً أن ترى وتسمع ما يتحدثون عنه بعيداً عنها، لكن حضورهم المهيب غطى عليها أجساد الأطفال المحيطين بها، فاصبح الأمر صعباً عليها، حيث كانت العائلة تتجمع في منزل والدها كالعادة في العطلة! وكعادتها عليها أيضًا أن تجلس مع الأطفال وتعتني بهم، فهي الوحيدة بينهم التي لم تتزوج بعد! ومن أجل السماح لهم بالحديث عن عدة مسائل وأمور تهمهم دون أن يغطيهم صوت آخر، بدأت أصوات الضحك ترتفع و شعرت ضحى بالغضب لأنها كانت الوحيدة التي تجلس بعيداً عنهم.. لم تتحمل أكثر من ذلك وقامت تناديهم بعصبية واضحة
= وبعدين بقى هو انا هفضل قاعده بره مع الاولاد لوحدي كده وانتم قاعدين هنا و سايبيني اخلي بالي منهم ما كل واحده تطلع تشوف أبنها
نظرت إليها اختها ندي قائلة بضيق شديد
= جري ايه يا ضحى عامله وش ليه؟ ما انتٍ يا حبيبتي الوحيده اللي فينا اللي مش متجوزه
غير كده ما ينفعش تقعدي معانا عشان أوقات بنتكلم كلام ما ينفعش تسمعيه دلوقتي وانتٍ لسه ما اتجوزتيش.
جزت علي أسنانها بغيظ شديد من كلماتها قبل أن تتحدث محاولة السيطرة على قهرها
= بس اولادكم مش بيسمعوا الكلام اطلعوا انتم وخلي بالكم منهم قال يعني انتم اللي بتقدروا عليهم عشان انا اقدر
لوت أختها الكبيرة شفتيها بسخرية هاتفه
= أهو يا حبيبتي سايبينلك عيالنا تدربي عليهم وتتعلمي، ما جتش على كام ساعه بقى خلي بالك منهم وبطلي صداع
وجدت صعوبة في ضبط انفعالاتها حينما بدأت تعايرها نوعاً ما بأنها الوحيدة بينهما لم تتزوج حتى الآن، لكنها رسمت ابتسامه صغيره قائلة بعناد
= هو لما انتم مش قد التربيه بتخلفوا ليه؟
بقول لكم ايه كل واحده عندها عيالها برة انا مش كل ما تيجيوا لازم اخلي بالي منهم انا طهقت ومش هتحرك من هنا بالعند بقى .
تحركت بالفعل نحو الجانب بعيدًا عن الضوضاء المحيطة بهما، فأردفت تلك المرأة قائلة عندما رأتها بابتسامة صفراء
= الله صحيح يا ضحى ما فيش حاجه كده ولا كده يا حبيبتي عاوزين نفرح بيكي.
خمنت ضحي ما ترمي إليه دون أن تفصح لها علنًا عن نواياها، فهتفت على مضض
= حاجه زي ايه يا خالتي مش فاهمه قصدك .
أجابتها المرأة بمكر غامض
= عريس يعني يا حبيبتي اصل يعني معلش في الكلمه انتٍ بقى عندك دلوقتي ٣٥ سنه
خدي بالك السن ما لوش أمان وانتٍ كبرتي أوي، و لو عندك حريه الاختيار دلوقتي بكره مش هيبقى عندك وهتوافقي غصب عنك على اي حاجه بعد كده.. وفرص الجواز للبنات اللي زيك بتقل كل ما السن يكبر فبلاش بقى دلع البنات ده عشان عاوزين نفرح بيكي ولا ايه يا أم ندي!
أبتلعت ضحي ريقها بتوتر وتحرجت من مجرد ذكر موضوع الإرتباط والتعليق بطريقه سيئه علي عمرها الذي بدأ يكبر دون ارتباط نهائياً، ولم تستنكر طريقتها الفظة في الإساءة إليها، فهذا ما يحدث دائمًا في أي تجمع عائلي! وبعد ذلك لا يمكنهم الصمت لمعرفة سبب عدم زواجها حتى الآن وهي في ذلك العمر! وكأنه شيء بيديها وهي تمانع.
ردت عليها والدتها كوثر بسرعه هاتفه بضحكة غير مريحة، فهي لم ترتاح إلى كلماتها لكنها لم تستطيع الرد عليها بأسلوب غير مهذب وهي ضيفه في منزلها و احد أقاربها
= دلع بنات بقى يا أم محمد، انتٍ عارفه دماغ جيل الأيام دي يقوليلك الجواز اخر حاجه يفكروا فيها دايما.. ده العرسان بيجوا ياما على الباب كل يوم والتاني بس هي اللي بترفض بقى هنعمل ايه واكيد مش هنغصبها
لوت شفتيها للجانب بعدم رضا وهي تقول
بعبثٍ لاهٍ
= ما لكيش حق يا ضحى هتفضلي ترفضي لحد امتى لما تكملي ال ٤٠ ولا ال ٥٠ يا بنت وافقي بسرعه بدل بعد كده مش هتلاقيهم اللي بيتبطر على النعمه مش بيلاقيها .. ده اللي قدك بقى عندهم عيال في المدارس و بلاش بقى الحكايه اللي طالعين بيها البنات اليومين دول أنا لازم ادرس و اشتغل.. رحتي ولا جيتي هتقعدي في البيت والست ملهاش الا بيت جوزها.
انزعجت ضحي من رد والدتها و صمتها علي تطاولها الذي يجعلها تتمادى أكثر، وشعرت أكثر بالخجل الشديد وظلت تفرق كفها بتوتر في بعض بحرج كون العيون بدات تتصوب عليها باهتمام و أنظار آخري بعطف! تعالت فجاه صوت ضحكات صغيره جانبها لتنظر نحوها بسرعه لتجد أخواتها الفتيات يبتسمون بشده على الحديث فهم يعرفون جيد بأن لا يتقدم إليها شخص مطلقاً، ثم علقت أحدهم قائلة وهي تحاول السيطره على ابتسامتها
= ايوه يا خالتي قوليلها لاحسن فعلا يطفشوا وهم كتير فعلا اوي وعلى يدي .
اتسعت ابتسامة المرأة الصفراء مبررة فضولها المُلح
= مش عاوزين يا حبيبتي يقولوا من كتر خطابها باردت! ليكون معمول لها عمل يا كوثر! ما تفكري تروحي لشيخ بيها ممكن يفك اللي عليها .
وهنا لم تتحمل واتجهت نحو غرفتها بخطوات سريعة تكاد تركض بجسدها الممتلئ، فبدأت دموعها تتساقط متأثرة بالحزن على حالتها المثيرة للشفقة.
فتاة تخطت الخامسة والثلاثين من عمرها ولم يتقدم لها أي شاب طيلة هذه الفترة الزمنية، بالإضافة إلى أن كل من حولها يتزوجون ويؤسسون أسرة. فيما عداها، وبسبب بعض التعليقات السخيفة، أصيبت بالإحباط وتفتقر إلى الثقة بالنفس. وباتت شبه متأكدة من أن كل ما حدث لها بالسابق كان بسبب وزنها الزائد.. والآن بسبب عمرها أيضا!.
❈-❈-❈
اخترق ضوء الشروق نافذة غرفة معاذ و زوجته بسمة النائمين وفي الوسط كان ينام طفلهم مالك ذات الخمس سنوات، وفي ذلك الأثناء وقفت مايسه أمام منزل أبنها لتضع المفتاح بالباب وتدخل بهدوء.. لم ينتبهوا أو يستيقظوا اثر الطرقات فوق باب غرفتهم التي كانت تتزايد.. حتى فتحت الأم الباب بحذر وطلت من فتحته لتنظر الي أبنها النائم براحه فوق الفراش وكان الغطاء تهوي قليلا بالارض لتقترب دون مقدمات و سحبته فوق أبنها و بدأت تربت علي رأسه بحنان، عاطفة الأمومة الجياشة فيها تعتقد بانها لا تفرق بين أبنائها الاثنين.. ولطالما اعتبرت أن لكل منهم ذات المحبة والمقدار.. لكن بحكم أن معاذ كان أصغر أبنائها وأحوج للاهتمام والرعاية بصغره مال قلبها له وحتى الآن دونا عن اخوة منذر.. ولأن أيضا مريض بالقلب تقصر في سؤالها عن منذر و لا يظل لديها إلا معاذ الذي تحب مجالسته في كل أوقاته .
فتحت بسمة عينيها ببطء وجفلت بذعر وانتبهت على وجود حماتها أمامها في غرفه نومها لتنتفض مكانها قائلة باعتراض
= طنط انتٍ بتعملي ايه هنا ودخلتي ازاي
هزت مايسه كتفيها ببرود وقالت
= مالك نطيتي كده ليه شفتي عفريت هيكون دخلت ازاي بالمفتاح طبعا، ما انا لو اعتمدت عليكي وسبتك تصحي براحتك يبقى مش هناكل ونشرب النهارده
فغرت شفتيها شاهقة متمتمه بحنق
= يعني عشان نمت شويه غصب عني تقومي حضرتك جايه لحد الاوضه هنا .. ما هو في اختراع إسمه تليفون كنتي اتصلتي عليه و كنت هسمع وقلت اكتر من مره على الموضوع ده مش لازم اصحى كل مره مخضوضه كده والاقيكي في وشي.
طالعتها بامتعاض مضيقة عينيها بعدم رضا فهي ترى دائما بان بسمة هي اكثر شخص عدوها بالحياة لأنها أصبحت تأخذ اهتمام أبنها أكثر منها ليس كما بالسابق، أردفت قائلة بعصبية واضحة
= في ايه يا بنت هو انتٍ هتنسي نفسك ولا ايه ده بيت ابني و اطلع زي ما انا عاوزه وفي اي وقت، وبعدين اديكي قلتيها بنفسك يعني مش اول مره.. وبعدين مش انا نبهت عليكي امبارح نامي بدري عشان تنزلي تجهزي معايا الاكل من الصبح، بس هنعمل ايه السهره على التليفون اللي بقى زي الإدمان ليكي مش عايزه تبطليه .
حاولت أن تتمالك أعصابها بصعوبة بالغة و
تنحنحت بسمة تجلي حنجرتها قبل أن تقول وهي تخفض قدميها أرضا
= طنط انا اكيد ما قصدتش انك ما تقربيش من البيت بس مش بالطريقه دي ممكن حضرتك تطلعي بره وانا هاجي ما هو ما ينفعش تدخلي عليا اوضه النوم افردي مش لابسه، ممكن تتفضلي دلوقتي وانا هحصلك.
أومأت مايسه بهدوء وهي تكتف ذراعيها و تراقبها كأنها تنتظر أن تنهض من مكانها.. و عندما انتبهت بسمة لها وطالت مدة الصمت.. حدجتها بنظراتها الواجمة بانتظار مغادرتها.. فظهر التردد على حماتها وهي تلتفت وتغادر أخيراً.
نظرت بسرعه إلي زوجها وضربت إياه علي كتفه بقوه لتقول بصوتٍ جهوري
= اصحى انتٌ التاني
التفت يطل عليها بشعره الأشعث البُني المائل للأحمر الغامق يفتح فقط إحدى عينيه هاتفاً باستغراب
= في ايه يا بسمه مالك.