-->

رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 12 - 1 - السبت 27/4/2024

 

 قراءة رواية ليتها تعلم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ليتها تعلم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مريم جمعة


الفصل الثاني عشر

1

تم النشر يوم السبت

27/4/2024



وقفت بسياراتِها أمام نادي كبير خاص بالطبقة الأرستقراطية كأمثالِها إعتادت على الإرتياد إليهِ دائمًا، وبعد أن وضعت السيارة داخل الجراج ولجت للداخل بخِطى سريعة مُتَّجِهة للمكان المُحدد وجهتهُ من قبل، وقد توقفت أمام كافتيريا كبيرة لا يُوجد بِها إلَّا القليلُ من الأشخاص الَّلذين لا يفقهون أي شيئ عن عِبادة الصوم وأكملت السير بداخِلها نحو طاولة يجلسُ عليها شخصٌ ما مواليًا إياها ظهره ووقفت أمامه، فرفع الآخرُ بصرهُ لها، وعندما رآها إبتسم قائِلًا وهو يُشيرُ بكفه على الكُرسيّ المُقابِل له..: 


_إتفضلي أُقعدي يانُوران هانم. 


_جبت الحاجة اللي طالباها منك؟. 


سألتهُ نُوران مُباشرةً دون أي مُقدمات بعد أن جلست، فضحك هو قبل أن يُجيبها..: 


_طب إستني الأول تاخدي راحتك والحاجة مش هتطير.. وبعدين لازم أشوف الفلوس الأول. 


أطلقت نُوران زفيرًا قويًا ينُم عن غضبها، وأمسكت حقيبتها وأخرجت منها رزمتين كبيرتين من النقُود ووضعتهُم على الطاولة وهي تقولُ بنبرة حازمة..: 


_الفلوس أهي.. هاتلي الحاجة الأول وهديهُملك. 


هز الآخيرُ رأسهُ مُتفهِّما، وإمتدت كفه نحو جيبهِ يُخرج كيسًا أسودًا متوسط الحجم ومدَّهُ نحوها، فانتشلتهُ منه سريعًا وأخذت تتفحصُ مابداخله بلهفة وبعض الحذر كي لا يُلاحظها أحد، بينما اخذ هو الأموال ووضعهُم مكان الكيس وإستمع لها وهي تقُولُ بإستياء..: 


_هُما قليلين أوي كده ليه؟.. أنا مدياك فلوس تجيب أكتر من بكتير.! 


_ماهو الصنف دا غالي عشان عالي ياهانم، وبعدين إحمدي ربنا إني بعرف أدخلهولك هنا أصلًا لإن أصلًا لو الأمن فتشوني ومسكوا المخدرات هترمي في السجن، وانتِ كده كده يعني ماشاءالله انتِ ماببفرقش معاكِ الرخيص من الغالي. 


لم تُرِد نُوران أن تتدخل معهُ في نقاش من المُمكن أن يتصاعد فتخسرهُ وهي في أمس الحاجة إليه، وبعد ذهابهِ تنهدت بقوة مُسنِدة ذراعيها على حافة الطاولة، ووضعت فوقهُما رأسِها تنتظِرُ مجيئ صديقتها، وقد صدح صوت رنين من هاتفِها، فأمسكتهُ لتجد أن المُتصل هارون، ولم تكُن في حالة تسمحُ لها بالرد عليه فأغلقت الهاتِف تمامًا وهي تعلمُ أن سبب إتصالِه هو مُلاحظتهِ أنها غادرت المنزل فجأة أو إخبار يعقُوب لهُ بعد أن كانت مُقررة أنَّها ستمكُث عدِّة أيام، وقد كان هُناك سببين دفعوها للتراجُع، 

الأول هو إنشغال هارون عنها وعدم تكليف نفسهُ دقيقتين يجلس فيهم معها ويسألها حتى عن أخبارها، والسبب الثاني والأساسي هو نفاذ كمية المُخدرات الَّتي كانت معها أو مُسكن الآلام الخاص بها كما تسميه وهذا بالنسبةِ إليها كارِثة، فلِهذا توجَّب عليها الذهاب. 


_هاي نُور. 


أجفلت نُوران من شُرودِها بعد سماعِها لتلك الكلِمتين من صديقتها الَّتي إقتحمت جلستِها فجأةً وجلست على المقعد المُقابِل لها، فنظرت لها وردت عليها ببسمة باهِتة..: 


_هاي سوزي. 


_مختفية كده بقالك كام يوم يعني؟، وإشمعنى طلبتيني أقابلك أنا بس من غير باقية صُحابنا؟. 


_سوزان أنا تعبانة. 


نطقت نُوران تلك الكلِمات بنبرة شديدة الإجهاد، فعقدت سُوزات حاجبيها تسألُها ببعضٍ من القلق..: 


_مالك فيكِ إيه؟. 


_ياريت اللي هقُولهولك دا مايخرجش برانا إحنا الإتنين ياسُوزي.. 


نبهتها نُوران بحزمٍ واهي وإجتمعت الدمُوع في مقلتيها وهي تُتابِع مُصرِحة مابجبعتِها دون أي مُقدمات..: 


_ أنا عندي كانسر في المُخ يا سُوزان. 


❈-❈-❈


في نفس المكان النائي عن مرمى الأعين إجتمعا من جديد لتدبيِر مكيدة أُخرى لعائِلة الأصلي، وكان أول من حضر هو حِلمي، وبعد بضع دقائق جاء شريكهُ والمدبر الأساسي لجرائمهِ وجلسا على المقاعد، وأول من بادر بالحديث هو حِلمي فاتِحًا الموضوع الَّذي إستدعاهُ من أجله دون أي مُقدمات بسؤاله..: 


_عملت إيه في موضوع زفت حمدي. 


_ما ينفعش تشتمُه ياحلمي ياحبيبي، هو دلوقتي بقى في مكان أحسن ومايجوزش ليه إلَّا الرحمة. 


أظهر حِلمي بسمة واسِعة وهو يتنهَّدُ براحة لأنهُ تخلَّص منه قبل أن يفضحهم، وأخذ يُنصت للجالس أمامهُ الَّذي أردف مُغيرًا دِفة الحديث..: 


_سمعت إن أخوك عزيز قتَل مراتُه ودخل السجن.. بقدِّم كامل المواساه ليك. 


_واجبك وصل ياحبيبي، ماتنساش بقى تدعي بالمرة ربنا ياخدُه. 


_حنين أوي إنت ياحِلمي. 


رد عليهِ الأخيرُ وهو يضحك بسُخرية، ثُم تابع يسألُه..: 


_مين اللي خطط لكِدة؟.. إنت ولا أخوك راجي؟. 


_أنا اللي خططت وراجي اللي نفِّذ، ومش عاوز أقولك مين اللي مسِك القضية بتاعته. 


_مين؟. 


_حبيبتك زهراء. 


_ياراجِل!!!. 


هتف بها بصدمة كبيرة مما سمِعه، في حين ضحك حِلمي ثُم تابع يقُول..: 


_وراجي بقى شغال ضغط عليها شوية بشوية عشان تسيب القضية لإن زي مانتَ عارف هي عقربة ومُمكن تطلَّعه، وأنا مصدقت أبويا الله يجحِمه اللي بيحميه مات عشان أعرف آخد حقي. 


أطلق زفيرًا قويًا بعد أن أنهى حديثهُ الَّذي كان يحمِلُ كراهية وحقد شديدين نحو والدهِ وشقيقهِ الأصغر وكأنَّهُما ألد أعدائه وليسوا عائِلته وقطعه منه، وإمتد كفِّهِ نحو جيب بنطالهِ يُخرج منها علبة التبغ، وتناول من العُلبة لفافتين ومد واحدة نحو صديقه وهو يسأله..: 


_الأوضاع عاملة إبه في بيت يعقوب؟..وهو وإبنه إتصافوا ولا لسا؟. 


هز الأخيرُ رأسهُ نافيًا وإلتقط القِداحة من حِلمي الَّذي إبتسم براحة كون أن الأب وولدِه لم يتصالحا للآن رغم أنهما يقطُنانِ في نفس المنزل وهذا شيئٌ جيد بالنسبةِ له، وبعد أن أشعل لُفافة تبغهِ غيرُ عابئًا بأنَّهُما مُفطرانِ في نهار رمضان قال..: 


_قولتلك قبل كده محمود الوحيد اللي كرامته ناقحة عليه أوي، وهو كان أفضل  مُناسب للفخ، وعُقبال إبن أخوه الزبالة اللي إسمه يُونس. 


عاد الكُره يملئ أعيُن حِلمي بعد أن وقع على مسامعهِ إسم ذلك الَّذي لم يتجاوز التاسِعة والعِشرون عامًا بعد ويؤرِقُ مضجعهُ ليل نهار، وهتف بنبرة شديدة الحقد..: 


_دا الوحيد اللي في العيلة اللي لازم أخلص منه حتى ولو بمُوته بس إنت اللي ماسِكني. 


وماكان من الآخر سوىٰ أن إبتسم بشيطانية وهو ينفُث من لفافة تبغهِ ثُم قال بعدها..: 


_عشان توقع عدوك لازم الأول تعرف نُقطة ضعفُه عشان تضربُه منها.. وأنا حددت الهدف وقريبًا جدًا هوقعه ومش هخليه يلاقي اللي يسمِّي عليه.


❈-❈-❈


وقفت زهراء أمام شقَّة جدِّها تطرقُ البابَ بعد أن أرسل لها معَ إبنةِ خالها مُودَّة يُخبرها بأنه يُريدُها في أمرٍ هام، وبعد أن فُتح الباب من قِبل دهب إبتسمت زهراء لها وولجت للداخِل دون أن تقُول أي شيئ، واتجت نحو غُرفتهِ ودلفت  على الفور دون الحاجة للطرق على الباب لأنه كان مفتوحًا، وفور ما أن رأت جدها جالسًا على فراشه، سارت نحو الكُرسيّ المُتواجد بجواره وجلست عليهِ قبل أن تسألهُ قائِلة..: 


_خير ياجدو.. حضرتك بعت إنك عاوزني!. 


_جدِّتك يازُهرة كلمتني إنهاردة وإتخانقت معايا عشان مفكراني إن أنا اللي مانعك من إنك تروحيلهُم.. ليه مش راضية تسمعي الكلام وتروحي تقضي معاهُم بقيت الشهر؟، انتِ بنت إبنها اللي مات ومن حقها إنها تشُوفك. 


تنهَّدت زهراء بثِقَل بعد أن أثار حديث يعقُوب المُعاتب لها حنقها، فتحدَّثت تُخبره عن ما يمنعُها عن الذَّهاب لهُم بنبرة متضجِرة..: 


_ياجدو أنا أول مابروح عندهُم بيرحبوا بيا وكإني ملكة العالم، وبعدها أعمامي بياكلوا راسي بالورث والزفت، وعاوزين إني أتنازلهُم على نُص الأراضي وجدتي موافقاهُم مع إنهم واخدين حقهُم وزيادة، ولما برفُض المُعاملة بتتغير وبيتجاهلوني، فأحسن خليني هنا وسط عيلتي الحقيقية اللي بتحبني من غير مُقابل. 


هز يعقُوب رأسهُ بتفهّّم وقرر أن يترُكها تفعل ما يحلوا لها، وعندما وجدها كادت أن تنهض ظانة بأن الحديثَ قد إنتهى إستوقفها بقولِه..: 


_إستني لسا كلامي ماخلصش.. في حاجة تانية مُهمة عاوز أقولهالك وأنا جايبك عشانها أصلًا. 


عادت زهراء تجلسُ في مكانها وهي تسألهُ بإهتمام..: 


_حاجة إيه دي ياجدو؟. 


_في واحد كلِّمني إمبارح إسمُه جوَّاد، وقالي إنه مُدير المكتب اللي انتِ شغاله فيه، وعاوز يجي يتقدِّملك إنهاردة. 


نظرت لهُ زهراء بصدمة تمامًا مما سمِعته منه، ولم تكُن حقًا مُتوقَّعة بأن جوَّاد جادًا لهذهِ الدرجة وطلب يديها سريعًا، فحمحمت ببعضٍ من التوتر وعاودت تسألُه..: 


_وحضرتك رأيك إيه؟. 


حرَّك يعقُوب رأسهُ نافيًا يُجيبها..: 


_أنا لسا ماشوفتهوش ولا أعرفُه عشان أقول رأيي، بس طالما انتِ بتشتغلي معاه يبقى تعرفيه.. وأنا وافقت يجي إنهاردة بعد صلاة التراويح عشان نشوفه، ولو حصل قبول هنسأل عليه ونشوف أصله وفصله، وقولت أبلغك عشان تجهِّزي نفسك بس خلي الموضوع مُفاجئة وماتقوليش لحد لأي حد، واللي فيه الخير ربنا يقدمه. 


الصفحة التالية