-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 16 - 1 - الثلاثاء 9/4/2024

  

قراءة رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السادس عشر

1

تم النشر يوم الثلاثاء

9/4/2024



توقف بها امام البناية المتهالكة ، ليشير لها بيده قائلًا بهمس:

- هنا يا سليمة.

طالعت المبنى بنظرة شاملة لتسأله بفضول:

- فين بالظبط؟ وانه دور؟ 


مال نحوها يجيب بحرص هامسًا:

- في اوضة ع السطوح، هتطلعي معايا من غير صوت وبشكل طبيعي، لحد ما نوصل لأوضته، مش عايزين شوشرة ولا اصطدام مع الواد، يعني الله يرضى عنيكي حاولي تمسكي اعصابك ومتتعصبيش عليه.


تطلعت اليه بأنفاس متلاحقة، ليقرأ ما بعقلها بشكل اثار ارتيابه فاستأنف مشددًا:

- فهماني يا سليمة؟ ولا نرجع ونبجيها خالص؟


قال الأخيرة وقد توقف عن السير في إشارة لعزمه على العودة، لتزعن له قائلة:

- خلاص فهمت، وهتبع كلامك يا فايز، بس ياللا خلصنا 

سمع منها ثم استجاب بأن خطا يسبقها في دخول المبنى وهي خلفه تتبعه، نحو وجهتهما. 


❈-❈-❈


أتت بخطواتها الرزينة ، تخطو داخل الرواق الطويل في اتجاه الغرفة المقصودة وحدها، وقد سبقتها روح مع زوجها، والاَن هو ايضًَا تركها مجبرًا بعد ان استوقفه احد الأشخاص في طريقهما الى هنا، فور خروجهم من المصعد، التقت عينيها بخاصتي ذلك المحب، والذي كان واقفًا مربع الذراعين في زاوية قريبة من جلستهن على مقاعد الانتظار ، يتحدث مع عارف بوجه عابس انبأها عما يشعر به:


- ايه اللي حصل؟

خرج السؤال منها باستفهام حول حالة هذه المنهارة من البكاء في حضن روح التي كانت تهون عليها في هذا الوقت وأتى الرد منها:


- بتبكي عشان اخوها يا نادية، ربنا يستر شكله مش هيفوتها على خير، كان عنده حق عارف لما اتصل بيا يبلغني عشان اجف معاها في اللحضة دي .


اومأت نادية رأسها بتفهم لتجلس بجوارهما على أحد مقاعد الانتظار ف المشفى، وقالت بدعم:


- ان شاء الله خير يا ورد، غازي لا يمكن يسيبه من غير ما يفهمه، وهو اكيد هيعمله حساب.


كالغريق الذي يتمسك بالقشة، رفعت رأسها اليها بسؤال بدا كرجاء:

- بجد يا خالة نادية؟ طب خليه يدخله على طول دلوك ويعرفه بالسبب اللي خلانا نعمل كدة، خليه يأثر عليه ويجوله اني كنت مجبورة، دا مش راضي حتى يسمعني، وانا كان بيدي ايه بس يا ربي؟


ربتت على ذراعها مهونة :

- هيجول يا حبيبتي واخوكي ان شاء الله هيسامح، بس اصبري شوية.


- تصبر ليه؟ هو غازي فين اصلا؟

سألها ذاك المحب بتوجس وقد اقترب هو الاخر ليشترك ف الحديث، فخرج رد الأخرى:

- غازي جه معايا، بس جبل ما نوصل، وجفه الظابط، انا سيبتهم يتحدتتو مع بعض، وجيت على هنا، بعد ما فهمني ان ده المسؤول عن الجضية، وانه أكيد جاي دلوك عشان يباشر تحقيقه مع بسيوني بصفته الشاهد الرئيسي 


اوما رأسه بتفهم ، ثم سرعان ما لاح على ملامحه خيبة الأمل وهو يتمتم:

- يعني لسة كمان هينشغل بالتحقيق، ومضطرين برضوا نصبر ونستنى.

قال الأخيرة بنظرة واضحة نحو ورد التي عادت للبكاء مرة أخرى، ليعلق بحنق:


- جرا ايه يا بنتي؟ ما تخفي شوية حنفية الدموع اللي ما بتقفلش دي، هتموتي نفسك من العياط .

احست روح بضيقه فقالت مهونة:

- معلش يا يوسف راعي حالتها هي روحها في اخوها، وكل اللي تعبها دلوك هو زعله منها،


- طب انا شرحت ورغيت على قد ما اقدر معاه، لكنه هو سادد ودانه، سمع مني وبعدها طردني انا وهي من الأوضة، من غير ولا اي كلمة زيادة، ولا اكننا اجرمنا.


تدخل عارف يدلي بدلوه:

- الموضوع مش هين يا عم الحج، حتى وانت الحق معاك، وجصدك كان نبيل وهو متأكد من كدة، لكنه لازم ياخد في نفسه، دي يعتبر بته، جبل ما تكون خيته اللي رباها لوحده، من غير مشاركة من حد. الصبر يا جماعة، اهدوا كدة وسيبوه يستوعب من غير الحاح ولا زن يزود من عصبيته. 


وكان بكلماته خير مقنع ليهون قليلًا عليهما. 


❈-❈-❈


التزمت بتعليماته، تبعته بهدوء في صعود الدرج حتى وصل بها الى اخره ، لتخطو خلفه الان فوق سطح البناية، تتجنب في خطواتها الاصطدام بالعديد من الاشياء التي تقابلها في طريقها، كقطع الاثاث القديم والمتاَكل والعديد من الزاوئد التي تخلى عنها السكان والقوا بها الى هنا، لعدم حاجتهم بها.


انتبهت لاقترابه من غرفة صغيرة تحتل الانفراد في المحيط وحدها، استنبطت بفراستها انها مسكن الشاب، لتتأكد من ظنها حينما وجدته يقف امام الباب يلتف اليها برأسه، ويشير بسبابته لها على فمه بإشارة نحوها حتى لا يصدر منها صوت 


اومات رأسها له بطاعة، ظنًا منها انه سوف يقوم بالطرق على الباب، ولكنه فاجأه بأن دفع الباب بقدمه وبحركة سريعة جعلتها تسمع لصرخة الفتى من داخل الغرفة بإجفاله:


- ايه في ايه؟ انتو مين؟....

تقدم فايز يدلف اليه ولحقت هي به، لتقابل بأبصارها الفتي جالسًا بجذعه على فراشه وكأنه قد استيقظ مفزوعًا من نومه على اثر الدفعة القوية


بوجه انسحبت منه الدماء راقب اقتراب الاثنان منه ، حتى جلس فايز على طرف الفراش بجواره يتحدث بشكل عادي، وكأنه لم يوقف للتو قلبه بفعلته:


- متأخذناش يا ولدي، صحناك من نومك وانت يدوبك حاطط راسك من ساعتين بس بعد رجعتك من الورشة اللي بتشتغل فيها طول الليل 


برقت عينيه وتعالت انفاسه باضطراب جلي، لتتحرك تفاحة ادم في عنقه، يبتلع في ريقه الذي جف، وهو يرد على كلماته، وابصاره تتنقل بينهما


- ايه جابك عندي يا عم فايز؟ وساحب الولية المجنونة دي معاك ليه؟ 

احتدت سليمة تردد خلفه باستهجان:.

- مجنونة في عينك جليل ادب.....


- استني يا سليمة.

هتف بها فايز مقاطعا لها، ليستأنف حديثه مع هذا الفتى بابتسامة صفراء:

- دا انت طلعت كمان عرفني، طب تصدج بقى، انا دي اول مرة اتعرف عليك مباشر كدة واتعامل معاك، كنت اعرف ان المرحوم ولدي عنده صحاب كتير ، بس للحق مكنتش اعرف منهم غير الجريب، اسمك انت حسين مش كدة برضوا؟ ساكن هنا لوحدك ، عشان طفشان من بيت ابوك الزحمة بخواتك وعيال خواتك، بتشتغل في ورشة ميكانيكا واللي بيطلعك من مكسب بتضيعه على مزاجك والسنكحة مع اصحابك الشمال زيك ، لا في حد يشكم ولا حد يسأل حتى لو غبت بالشهور. 


سهم حسين بنظره اليه، منعقد الحاجبين بتوجس للقادم، اما عن سليمة فقد تأكدت ان فايز هذه المرة قد أخذ الأمر بجدية متناهية، وهذه بادرة جيدة لتترك له دفة الحديث.


- انتوا عايزين ايه مني؟ داخلين هجم على بيتي ليه؟

خرج السؤال من حسين بتجهم نحوهما وقد ضاق به منهما، حدجته سليمة بنظرة صارمة دون صوت وجاء الرد من فايز بهدوء ما يسبق العاصفة:


- احنا جاين يا ولدي طماعنين في كرمك، تحكيلنا كل اللي تعرفوا عن المرحوم وغرضكم كان ايه انتو الاتنين لم اتهجمت على بيت سليمة ولا...... غرق المرحوم اخوه، امه شاكة كمان ان انتوا ليكم يد فيه....


صاح به حسين منفعلا:

- مين اللي ليه يد؟ انا مليش دعوة بكل اللي بتجولوه، انتوا جايين تتهموني بالباطل وتلبسوني نصيبة. 


- شكله عايز يتعبنا يا سليمة

صدرت من فايز نحوها بلهجة هادئة، ثم ما لبث ان يعود بحركة سريعة يقبض على قماش قميص الاَخر، ليهدر به بوحشية:


- اسمع يا واد، اكيد انت واخد فكرة من المرحوم عني،

انا راجل فاجد من كل شيء، وعامل كل المصايب في دنيتي، دا غير اني واكل عيالي الاتنين على حياة عيني، يعني معنديش شيء اخسره تاني، ودلوك بالذات على اَخري، لا حمل مماطلة ولا لت وعجن، يا تجاوب عن سؤالي يا تستلجى وعدك بأني احط غلب السنين كلها فيك .


انتفض حسين وقد شحب وجهه يقارب لون الموتي، ليواصل الاَخر بضغطه:

- ناوي تتعدل وتريحني بالحجيجة كاملة ولا اخد تار عيالي التنين منك انت، ما هو انا معنديش غيرك....


دافع بمظلومية:

- وانا مالي يا عم الحج، والله العظيم ما ليا دعوة بجتل أي واحد فيهم، انا مالي بكل ده....


- مالك انت كنت شريكه 

صرخت بها سليمة تخرج عن صمتها لتواصل:

- انت دخلت ع البيت واتهجمت علي وانا طخيتك في رجلك اللي بتعرج منها قبل انت ما تشق صدري بطعنة غادرة منك، ولما سألتك المرة اللي فاتت عن موت ولدي زاغت عينيك، وساعتها اتأكدت انك متورط.....

الصفحة التالية