رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 16 - 2 - الثلاثاء 9/4/2024
قراءة رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل السادس عشر
2
تم النشر يوم الثلاثاء
9/4/2024
❈-❈-❈
صرخ بدوره بخطأ منه وبما اثبت الشك داخلها:
- مش انا اللي متورط، انا أخري كنت مراجب.....
قطع الأخيرة حينما جذبه فايز بعنف، مقربًا وجهه المخيف منه، حتى أصبحت انفاسه تلامس بشرته، ليتمتم بفحيح:
- مدام اعترفت بدورك، يبجى تحكي كل اللي تعرفوا دلوك على طول، يا أما قسما بالله لاكون جاتلك في الأوضة المعزولة دي، وحتى الجيران ما تعرف بموتك غير بعد ريحتك ما تطلع.
زاده فزعًا فوق الفزع، يكتنفه شعور قوي بصدق تهديده، لينصاع مجبرًا لرغبتهما على مضض:
- انا هجول كل اللي اعرفه، على شرط ان محدش فيكم يجربلي بعدها، ترحوا لحالكم وتسببوني في حالي......
تردد فايز في الاستجابة لطلبه، عكس سليمة التي باغتته بموافقتها:
- لك مني الامان، بس اتكلم.
سمع منها ليطالعها بنظرة مترجية جعلتها تخاطب الاَخر:
- سيبه يا فايز وهو لو حاول يكدب بنص كلمة، انا هكشفه على طول.
تنفيذا لرغبتها، تركه على مضض، ليزفر بحنق ما يشعل صدره قائلًا:
- واديني سيبتك، خلصنا ياللا
التقط حسين انفاسه، يتمالك زمام امره قليلًا بعد الاختناق وتهديد الاخر، ليفرغ ما جعبته، كاشفًا الستار عن حقيقة ما حدث في الحالتين اخيرًا:
- انا هبتدي باليلة اياها، ليلة غرج المرحوم الكبير حجازي.
اهتزت سليمة بوقفتها، لتسحب سريعًا كرسي قديم، فتجلس بالقرب منهما مخاطبة له برجاء:
- جول يا ولدي، ريحني الله يرضى عنك بالحجيجة، مهما كانت جسوتها انا راضية المهم اعرف.
اومأ لها بهز رأسه، ليعود بذاكرته لهذه اللحظة المشؤمة حينما كان يعمل في ورشته بتركيز واقتحم عليه مالك بصوته:
((- حسين، تعالى عايزك بسرعة
ترك حسين اطار السيارة التي كان يعمل عليها ، ليرفع رأسه متسائلًا:
- عايزني في ايه؟
وقبل ان يستوعب وجد الاخر يفاجئه بجذبه من ذراعه لينهضه عن جلسته يسحبه للخارج قائلًا:
- هفهمك دلوك،
اعترض معبرًا عن حنقه:
- يا جدع ساحبني كدة زي البهيمة، طب اديني فكرة ع اللي انت عايزني فيه.
- يا بوي بجولك هتفهم،
هتف بها قبل ان يستوقفه امام القهوة الشهيرة في هذا المكان الممتلئ بعمال المنطقة الصناعية، او سائقي السيارات التي تتوقف هنا ليستريح قائديها من عناء الطريق بشرب القهوة او تناول شطائر سريعة ، تعد خصيصا لذلك
- اها هو دا اللي عايزك تشوفه.
اشار بذقنه نحو طاولة حجازي ومساعده ، ليردف بغل:
- انا شايف ان دا احسن وجت، الباشا جاعد هنا براحته ولا هامه وعربيته جاعدة في اخر الدنيا تحت الكبري
القى حسين بنظرة نحو السيارة ذات الحمل الثقيل بأجولة الدقيق الفاخر، ليستاَئل بتوجس:
- جصدك ايه؟ مش فاهم.
انفعل مالك في مخاطبته:
- يا جدع افهم، اللي قاعد قدامك دا اللي واكل حق ابويا في بيته، دا اللي منع ملايين كنا مستنينها وهترفعنا لفوق،
واكمل بحقد:
- دا اللي واخد حظه وحظنا كلنا، ومخلي الجميع يكرهنا حبا فيه.
- ااااه
تمتم بها حسين يحرك رأسه بتفهم:
- قولتلي بقى، هو دا حجازي اخوك اللي خد ورثكم ف البيت، طب انت جايبني هنا عشان اتفرج عليه يعني، خلاص يا سيدي عرفته .
- يا جدع متبقاش غبي وافهم، انا جايبك هنا عشان نويت انفذ اللي بخطط فيه بقالي ايام، دي انسب فرصة عشان اخلص.
سمع منه تبرق عينيه بتفهم سريع لمقصده، والذي طالما ايده عليه سابقا اثناء حديثهم، لكنه تفاجأ الاَن من جديته،
- مالك.... انت واخد بالك م اللي بتجوله، خلي بالك يا حبيبي دا مفيهوش هزار والغلطة هنا بفورة.
قالها بتحذير علٌه يتراجع، ليفاجأه الاَخر بتصميمه مشددًا بكلماته:
- بجولك دي فرصتي عشان انهي الكابوس ده، وبدل ما هو يورثنا في حياتنا نورثه احنا في مماته، عايزك بس تبجى ضهري وتراجب، فاهمني.
ذهب لتنفيذ ما عزم عليه بعدما اخذ الامان من صاحبه في تغطية ظهره، والذي فضل دخول المقهى يجاور الاثنان على طاولة اخرى، حتى لا يثير الشك بوقفته ف الخلاء وحده، يتعامل بطبيعية معتمدًا على عدم معرفتهم به، ليطلب من العامل كوب شاي يلهي نفسه بارتشافه، وابصاره لا تفارق جلسة الاثنان وضحكاتهم المستمرة حتى توقفت فجأة مع دلوف شخصان ليقتربا منهما ويشاركا الجلسا معهما،
انتبه حسين على لمحة التوتر التي اعتلت معالم المقصود، حتى استشعر مساعده الحرج، فقام بالاستئذان للذهاب نحو المرحاض، وتركه في التعامل معهما وحده.
تشتت حسين ما بين مراقبة المساعد الذي ذهب الى المرحاض وبين متابعة هذا الذي احتد في نقاشه مع الشابين حتى وصلت أصواتهم اليه:
- جولت لا وكفاية يا سند، انا غلطت لما تبعتكم من الاول ، لكن لحد كدة وكفاية، جدي اللي يباركله اتعامل بحسن نية، وانا مش جادر استحملها دي ولا استحمل حقد ابويا واخواتي عليا.
- يعني ايه؟ انت واعي للي بتهلفط فيه؟ دا احنا مصدجنا خلاص، عايز تجلب الطرابيزة علينا واحنا خلاص على وشك، ارسى على حيلك يا حجازي، انت عارف من الاول ان ابوك هيطردك من البيت بمجرد ما جدك يرحل ، هيستولى ع البيت ويمنع عن خواته نصيبهم، اهدي يا حبيبي وفكر في اللي جاي والخير اللي مستانينا،
- اسمع كلامك واد عمتك يا حجازي وبلاش غشم يخسرك اللي وراك واللي جدامك.
- ما انا كدة برضك خسران يا عم عيسى، ولا انتوا فكركم ابويا هيسكت لما يظهر المستخبي ويعرف اللي فيها ، دا مش بعيد ينفذ تهديده ويطخني صح جدام الخلج.
- ومين هيعرفوا؟ احنا زي ما كتمنا في الأول هنكمل للاخر، بعد كدة بجى تجدر اللي انت عايزه، ترجعله البيت ، تعطيه مما انعم عليك الله، تعمل انت عايزه، المهم تبجى خدت حجك واحنا خدنا حجنا.
استمر النقاش لدقائق، وهذا يتصنت بتركيز شديد
ينتابه الفضول بشدة لمعرفة الباقي السر الخفي وراء حديثهم، ولكن الحديث انتهى فجأة ونهض الثلاثة تزامنا مع خروج المساعد من المرحاض، ليخرج اربعتهم، ثم تفرقا كل اثنان في اتجاه،
تبعهم في الخروج وابصاره مصوبة نحوهم، حتى دلفا حجازي ومساعده للسيارة فتذكر هو امر صديقه، ليبحث بعيناه يريد اخباره بالجديد، حتى ظهر اخيرا بعد ان كان متخفيا بركن ما، ليتقدم نحو بضحكة ملأ فمه جعلته يتوجس سائلًا باقتضاب:
- نفذت يا مالك؟
رد بثقة لا تشوبها اي ذرة من ندم:
- طبعا ودي فيها هزار، خلينا ننهي يا عم الحج، وكل واحد يا خد حقه))
- معناوته ايه كلامك ده؟
صاح بها فايز يجفله ، ليقطع سيل ذكرياته ويستدرك الاَن خطورة ما تفوه به امامه وامام سليمة التي أغمضت عينيها بألم تذرف الدموع بصمت وقد تأكدت الاَن من صدق حدسها، ليعود مؤكدًا هو:
- انا بجول الحجيحة اللي انتوا طلبتوا تعرفوها، مالك هو اللي جطع فرامل العربية...
- وكمان بتأكد الله يخرب بيت ابوك
صرخ بها لينقض عليه يقبض على ياقتي قميصه، يردد بصدمة وعدم استيعاب، وكأنه ينوي الفتك به؟
- انت أكيد بتكدب ياد؟ ولدي لا يمكن يكون السبب في موت اخوه ، انا هموتك يا بن ال......
كان يهدر به بهياج وعدم تقبل، يضغط بقبضتيه على عنقه حتى كاد ان يخنقه، لولا سليمة التي كانت تجذبه بقوه حتى ابعدته عنه، لتدفعه عن الفتى حتى سقط منهارًا على الأرض:
- خلاص يا فايز سيبه في حاله........ سيبه واترحم ع المرحوم....... مش هيألف من مخه هو.
بصوت مختنق وبؤس ارتسم جليًا على ملامحه، خاطبها بتساؤل:
- يعني انتي مصدجه كلامه دا يا سليمة؟ ولدي انا يجتل اخوه؟
ظلت لبعض الوقت تطالعه صامتة، تتركه يستنبط الاجابة من نفسه، ويتذكر حماقاته، والأفعال العدائية نحو ابنه الأكبر، ليحصد الاَن نتاج غبائه، ويحترق بنيران الاثنان معاً بخسارتهما، وقد ثبت الاَن انه هو المتسبب في كل ما حدث بين الشقيقان، حتى عض الانامل لن تحدي نفعًا في ندمه.
اطرق بحزن قسم ظهره، لا يقوى على رفع رأسهِ في وجه ابنة عمه التي ظلمها واحرق الاخضر واليابس لها، البغض والكره هو اقل ما يستحقه الان منها.
- هات يدك يا فايز.
ارتفعت ابصاره إليها والى يدها الممدودة اليه، عالية الهامة، قوية كالجبل تقف امامه، وتصعقه بالمبادرة بمساعدته حتى برغم ما علمته الاَن.
- لا يا بت عمي، انا اجدر اجوم.
قالها ثم استند بكفيه، لينهض عن الأرض بصعوبة ولكنه اهتز في وقفته ليجد يداها تتلقف ذراعه،
- براحة على نفسك يا فايز.
التقت عينيه بخاصتيها يجتاحه خزي عظيم، ليجاهد ضعفه ويستقيم بوقفته ثم ينزع يدها بلطف يكفيه ذلًا وخسة، انه لم يترك لها شيئا واحد يشفع له!
كان ينوي الخروج ولملمة الباقي من كرامته ولكنه توقف على سؤالها لهذا المدعو حسين:
- انت جولت عن حاجة واحدة، دلوك انا عايزة اعرف التانية، ايه اللي خلاك تتهجم على بيتي؟
اجابها بتجهم:
- انا لما جيتلك مكنتش لوحدي كان هو تحت مستنيني اطلع واديله الامان، عشان يطلع بعدي ويفتش في حاجة جده، ويطلع ورق البيت، بس انتي فاكرة طبعا حصل ايه؟
قال الأخيرة بإشارة نحو قدمه التي يعرج منها حتى الاَن، لتومئ برأسها له زافرة دفعة ثقيلة من انفاس مشحونة بغضبها، وقد صدق ظنها للمرة الثانية، ليومض عقلها بتذكر سريع:
- حاجة تاني عايزة أسألك فيها، وياريت تجاوب من غير ملاوعة لو كنت تعرف، عمي عبد المعطي جد مالك، عرف كيف بجريمة حفيده رغم انه كان في غيبوبة.
توقفت صامتًا لحظات حتى ظنت بعدم معرفته، ثم ما لبث ان يجيبها:
- اللي اعرفه ان الله يرحمه مالك كذا مرة يروح يتكلم معاه ويأنبه على عملته، وانه كان السبب في كل اللي وصلوا ليه، هو و.............
توقف برهة يراقب رد فعل فايز، قبل ان يكمل بتردد:
- هو ووالده، كان دايمًا ساخط على كل فعل منه، مالك كان طول الوجت جواه نار بتغلي.