رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 20 - 1 - الأحد 21/4/2024
قراءة رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل العشرون
1
تم النشر يوم الأحد
21/4/2024
بداخل السيارة التي كانت تقلهم في طريق عودتهم من العاصمة، وقد مر على الرحلة عدد من الساعات ، ولم يتبقى الا القليل حتى يصلوا الى محافظتهم، ومنها الى البلدة.
كانت الأجواء مشبعة بالبهجة والمناكفات بين اربعتهم، تسودها المودة والرحمة وبعض الاحقاد الذيذة، تلك التي تخلق جوا من المنافسة والمرح ، قبل ان يصمت عن الجدال والنقاش معهم فجأة، ويتجمد محله، يغرق في دوامة من التفكير جعلتهم ينتبهون له:
- ايه يا عمنا؟ سرحت في ايه من بينا، ليكون زعلت من قرنا عليكم، انتوا طلعتوا ومخدتوناش معاكم يبجى اتحملوا
قالها عارف مخاطبًا له، فجاء الرد من نادية بقلة حيلة:
- يادي الطلعة اللي طالع عينا عليها دي، ما ترد ع الجماعة دول يا غازي، انا مش ملاحجة على لسان اختك ولا جوزها
قهقه عارف فتولت زوجته مهم الرد:
نعم يا ست نادية، وليكي عين تجاوحي كمان معانا، بعد ما اتفسحتي وكلتي درة ع الكرنيش يا جليلة الأصل، يخونك الدرة اللي كنت بسويه انا على نار الشواية في عز الطل والبرد.
- ايوة يا روح، في الفسحاية ورا البيت، على روائح البهائم القريبة منكم.
قالها عارف لتنطلق موجة من الضحكات منهم، الوحيد كان هو الذي لم يستجب لها، ليلفت النظر اليه هذه المرة بقلق عبر عنه ابن عمه:
- غازي طمنا، ليكون في حاجة حصلت في البلد، انت من ساعة الاتصال اللي جالك من شوية واتكلمت فيه بهمهمة مش مفهومة، وبعدها اتبدلت ودخلت في سرحان، جدتي فاطمة حصلها حاجة؟
- وه.
تمتم بها متفاجًأ من تخمين الاخر، لينتقل الزعر لشقيقته هاتفة به:
- يا مري، يعني جدتي فاطمة تعبانة صح؟ طب ليه مجولتش يا غازي؟
صفق كفيه ببعضها بقوة يعبر عن استيائه من فعلهما:
- لا حول ولا قوة الا بالله، مين اللي جاب سيرتها دلوك بس ولا جال انها تعبانة؟ هو انتوا تألفوا وتردوا على بعض!
تدخلت هذه المرة زوجته، والتي اصابها ما اصابهم:
- حجهم يشكوا يا غازي، ما انت مش شايف وشك اتغير ازاي؟ حن عليك لو في حاجة طمنا .
زفر يمسح بكفه الكبيرة على فكيه يحاول استجماع الهدوء، فقد ادخل بحماقته الشكوك بصدورهم، ولابد له الاَن من البحث عن حل سريع يسكتهم عن السؤال قليلًا، فرأسه المطحون بهواجسه القاتلة في هذا الوقت لا ينقصها:
- يا جماعة الحكاية مش زي ما انتوا فاهمين خالص، دي حاجة خاصة بالشغل، بلغني ان عيل صغير كان شغال في زرعنا، لاشته عقرب جبل سمها شديد، الواد كان هيروح فيها، لولا الرجالة خطفوه يجروا بيه على مستشفى البندر، وربنا يستر والدكاترة تلحجه.
يبدوا انه قد احسن بحبك قصته هذه المرة، والتي انطلت على المرأتان، لتضرب الأولى على صدرها بجزع:
- يا ساتر من المصايب يا رب، ربنا ما يحرق جلب ام على ضناها، واد مين دا يا بوي؟ خلي الرجالة ميجصروش معاه يا غازي، دي لطشتها واعرة يا جوي، ربنا ينجده يارب ربنا ياخد بيده
روح هي الأخرى:
- جولي على اسم المستشفى اروح اطمن عليه بنفسي، واجف مع اهله، لازم حد يأزرهم في المحنة:
زجرها بغضب رافضًا عرضها:
- تروحي فين وانتي راجعة دلوك من السفر؟ لو مش حاسة بالتعب، يبجى خافي على العيل اللي في بطنك ، ما تجولها يا عم الحج وعجلها البت دي.
توجه بالاَخيرة نحو ابن عمه، الذي استجاب سريعًا ينهاها، رغم شكه بعدم صحة القصة:
- اسمعي كلام اخوكي يا روح مش ناقصة جنان، ولا انتي عايزة تسجطي العيل؟
- لا يا عارف بعد متجولش كدة ولا تفول، اعوذ بالله.
هتفت بها وضعها كفها على موضع الطفل بأحشائها بحمائية، وعتب اثر بشقيقها، ليهادنها بقوله:
- الف بعد الشر عليكي يا بت ابوي، احنا بس بنفترض السوء عشان تخلي بالك من نفسك، الراحة لازمة، ولو ع الواد، ف انا نازل دلوك ورايح بنفسي، الرجالة على مدخل البلد مستنيني اروح معاهم.
تسائل عارف، بعدم ارتياح:
- رجالة مين؟ وهما يستنوك ليه؟ ما يلحجوا الواد وانت انزل مواصلات اول ما نجرب من المستشفى، او اوصلك انا بنفسي دلوك.
من محله في الكرسي الامامي، حدجه غازي بنظرة محذرة غاضبة، يضغط على اسنانه بغيظ حتى يفهم وحده دون أن يثير انتباه النساء:
- اسمع اللي بجوله ومتلتش في الكلام، انا عارف هتصرف ازاي؟ وصل الحريم على البيت الكبير وريحهم فيه، وانا هتصل بيك ابلغك على عنوان المستشفى تاجي تاخد بخاطر اهل الواد، فاهمني؟
لم يكن بحاجة للمزيد، فقد فهم عارف الاَن ان الأمر جلل، ولابد له ان يستجيب معه بما يناسب الحدث:
- ماشي يا غازي، اوصل الحريم وابجى معاك ان شاء الله، دي اصول واحنا خير مين يعرفها!
❈-❈-❈
في الشقة الجديدة للمكتب المزعوم، وقفت تتأمل بانبهار الديكور العصري، وبعض التحف الباهظة، بما يدل على الزوق الرفيع لصاحب الشركة،
- المكتب شكله يجنن يا صلاح، ربنا يجعلها عتبة خير .
التفت اليه متابعة بزهو:
- وابجى انا وشي حلو عليك وتشتغل النهاردة
تبسم لها بزهو يميل على البراد الصغير في زاوية الغرفة الشاسعة، ليخرج إحدى علب العصائر والتي كانت في جانب وحدها، ثم وضع بها الانبوب المجوف ليقدمها لها :
- دي حاجة انا متأكد منها، امال بقالي فترة بزن تيجي وتشوفيه بنفسك ليه؟ ما هو عشان كدة يا قلبي، خدي بقى حلاوة الافتتاح
تناولت منه، لتضع العلبة على الطاولة الزجاجية، ثم جلست على المقعد المقابل لمكتبه:
- يا سيدي وانا جولت اجبر بخاطرك، نبخت العتبة، مع اني شايفاه انه حاجة الاَجة ومحترمة، دا غير الموقع في نص البلد وع الكورنيش، كيف ده مشتغلش لحد دلوك؟
شرب من زجاجة الماء التي كانت على سطح المكتب قبل ان يجيبها:
- يا بنتي ومين قالك انه مش شغال، دا احنا ماشين ما شاء الله، انا مركز فيه اليومين دول، عشان يبقى عشرة على عشرة قبل ما ارجع القاهرة واتابع اللي متأخر هناك، بعد ما اسيب حد ينوب عني هنا.
التوى ثغرها باستنكار وحنق:
- يعني مرتب نفسك اها وماشية حلاوة، امال ايه لازمتها بجى العطلة والحجج اللي بتزرفها في وشي كل ما اكلمك؟
تبسم بلؤم، يعود بجذعه للخلف باسترخاء الواثق، بعدما اوقعها بشباكه :
- ومين قالك اني مش مرتب نفسي عليكي انتي كمان؟ يا قلبي انا حلفت ان مش هخطي عتبة البلد دي غير وايدك في ايدي، ولا انتي مخدتيش بالك ان من ساعة رجلي ما حطت هنا وانا متتعتش، ايه بقى؟ عاشق جمال الحر؟
مال برأسه نحوها يتابع بتغزل:
- ولا واقع في جمال العيون وسحر الجمال الفاتن يا فتنة انت يا اسم على مسمى
كالعادة استطاع بغزله ان يرى حجم تأثيره على ملامحها التي استرخت بزهو، رغم مكابرتها وادعاء القوة في وجهه:
- ما تحاولش تلهيني زي كل مرة، انا المرة دي عايزة فعل، يا اما هبعد نهائي، وكل واحد مننا يروح في طريج، حتى لو جيت تطلبني من اهلي بعدها هرفض.
رد بهدوء يزهلها:
- وليه يا قلبي التنشنة بس والعصبية؟ ما انا بالفعل المرة دي ناوي من غير تأخير...
عقبت بلهفة غير عابئة بمظهرها أمامه:
- بجد يا صلاح؟ يعني انت فعلا هتتجدم رسمي وتطلبني من اهلي؟
ردد ليؤكد لها:
- بجد يا عيون صلاح، النهاردة هتوصلني اول دفعة من صفقة مهمة عملتها قريب، وبكرة على طول هنزل البلد عندكم واروح اطلبك من والدك، ولو سألني عرفتها منين؟ هقولهم سألت على اجمل ست في البلد ودلوني عليكي........
- يا لهوي على كلامك اللي يدوخ
تمتمت بها بقلب يتراقص بالفرح، مراوغ ولكنه يجيد التأثير بها، يعطيها حقها من التدليل، إنه بالفعل يجيد التعامل مع النساء، يا لها من محظوظة؟ عكس ابن عمها وطليقها الجلف والد البنات، الاَن فقط تاخذ حقها منه، حين ترى النظرة في عينيه بعدما يفقدها بالفعل، وتنال هي ما تستحقه:
كان هذا ما يدور برأسها في هذا الوقت قبل ان تستفيق على قوله:
- مش هتشربي العصير بقى؟
وقبل ان ترفع العلبة الى فمها، تفاجأت باندفاع الباب، ودخول اخر ما كانت تتوقعه.......
- ايه ده؟ انتوا مين؟
انتفض هو صائحًا بهم، كما فعلت هي تتسائل بقلب سقط من الرعب :
- غازي! انت ايه اللي جايبك هنا؟