-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 20 - 2 - الأحد 21/4/2024

  

قراءة رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل العشرون

2

تم النشر يوم الأحد

21/4/2024

في منزل غازي الدهشان 

بعد وصولهن الى المنزل، والجلسة مع الجدة فاطمة في بهو المنزل الكبير، كان الحديث والرد على مشاكسات المرأة المشاغبة كعادتها:


- اه يا مضروبة الدم انت وهي، كل واحد رايحة وبطنها مادة جدامها، مفكرتوش تاخدوا المرة العجوزة، انتوا ما كان ليكم غير جوز جلامة على خدودكم،  لو العيال دي دي رجالة بصح؟ خدتوا الجلامة ولا لاه يا بت؟


توجهت بالسؤال نحوهما، ليستجبن بابتسامات ضعيفة ردا لها:

- مأجلين الحساب لبعد ما نولد يا جدة، كل واحدة هتاخدوهم من جوزها بالفوايد.

قالتها روح بادعاء الاندماج معها، لتضيف على قولها نادية بالسؤال الملح:

- هناخدوا تالت ومتلت كمان،  الا جوليلي يا جدة، متعرفيش واد مين اللي لاشته العجرب في زرعة القمح؟.


زوت فاطمة ما بين حاجبيها باستغراب:

- مين اللي لاشته العقرب في زرعتنا؟ انا اول مرة اعرف، انتوا مين جالكم؟


تبادلتا النظرات لبعضهما بقلق، يزدن من حيرة المرأة ، لتكرر بسؤالها بغضب:

- مين اللي بلغكم بالكلام دا يا بت؟ دا اكيد إشاعة مطلعها حد ابن حرام عشان يخوف الناس ويبطلوا شغل عندينا.


تحولت الملامح السمحة للجدة لشراسة يعلمنها جيدًا، تشعرهم بفداحة ما تفوهن به في نظرها، فكان لابد الاَن من التراجع، واجادة الكذب معها:


- يا جدة متعصببش جوي كدة، ممكن صح تبجى اشاعة وغازي اكيد هيكشفهم، ع العموم هو نزل على مصلحة تهمه في المحافظة،  اول ما ياجي هكلمه يشوف الامر دا بنفسه...


استسرلت نادية بهم، في محاولة لاقناع المرأة ، والتي توجهت بالسؤال نحو حفيدتها:

- وانتي يا ست روح، جوزك منزلش بعد ما وصلكم ليه؟ ليكون معاه مشوار هو كمان منعه ما يسلم على جدته؟


صححت مبررة على الفور:

- اه والله يا جدة كان مستعجل جوي، دا بلغني انه كان ناسي وافتكر بس ساعة ما وصلنا، اكيد هيخلص وياجي هوا، ما انتي عارفاه يموت ويناكفك.


- امممم

زامت بها فاطمة بفم مغلق تشيح بوجهها للناحية الأخرى، وقد ساء مزاجها بعد سماعها بهذا الخبر السئ والضار بسمعة العمل في الاراضي الشاسعة لهم.


اما عنهما فقد خيم الصمت عليهم، وحالة من عدم الارتياح تتسرب بقلب كل واحدة، ان كان الخبر شائعة،  اذن اين ذهب الاثنان؟


❈-❈-❈


دلف بهيئة لا تبشر بالخير على الإطلاق، عينيه مثل الجمر ، ملامحه السمراء كانت في هذه اللحظة مظلمة بحق، طاقة من غضب قادرة على إحراق من امامها بأقل مجهود. 


رعب شل اوصالها حتى تلجلجت في تكرار السؤال الذي لم يجيب عنه في المرة الاولى:

- غازي انا سألتك، ايه اللي جابك...هنا؟


ضيق عينيه  بنظرة زادت من بث الرعب بداخلها، قبل ان يتوجه للاَخر، والذي جف حلقه وتلجم لسانه، ليتوافق مع باقي اعضاء الجسد الذي اصابها شلل مؤقت ، ثن أجفل منتفضًا على صيحة وحشية:

- اترزغ مكانك ياض واستنى على ما يجي دورك..


سقط على مقعده لا إراديًا، ليستدرك بعد ذلك لنظرتها الحادة نحوه، فلم يعجبها خنوعه، لتعود نحو طليقها وقد عادت إليها شراستها بعد اهانة الاخر:


- انت ماشي ورايا ليه يا غازي؟ واحدة جاية مكتب محترم ، داخل علينا بزعابيبك ايييه؟ ظبطني في جريمة؟


رمقها بنظرة مستهزئة، ثم خرج صوته اليها:

- اهدي شوية، وبلاش تدي لنفسك جيمة اكتر من حجمك، اطمني هي كلها لحظات!


- لحظات ايه بالظبط؟ جاي تكلمنا بالالغاز اياك؟

تشجع صلاح يستلهم القوة من شراستها، ليخاطبه بنبرة تبدوا متعقلة:

- يا حضرت، انا معرفش حقيقية انت مين؟ وليه بتعمل كدة؟ مدام فتنة جاية عندي لشغل، اظن دي حاجة مش عيب ولا تمسك، عشان تتصرف بالعنف ده ومن غير سبب .


اطلق غازي ضحكة مجلجلة ليعقب على قوله بسخرية:

- وبدون سبب! اللي يسمعك يفتكر انك راجل عملي وصاحب شركة على حق.


- افندم حضرتك؟

تتمتم بها صلاح، لتضيف هي باستنكارها:

- انت كمان جاي تتمهزهق على خلق الله وتجل منهم، ايييبه؟ مش شايف غير نفسك وبس؟


قابل صيحتها ببرود متناهي،  ليومئ لها بكف يده اشارة للإنتظار، مع سماعه لبعض الاصوات القريبة منهم، ثم قام بفتح الباب لتنصعق هذه المرة بدخول شقيقها، ثم والدها ، الذي طرق على الأرض بعصاه مزمجرًا بتحفز، بصحبة الملعون ابن عمها الاخر، والذي اغلق باب الغرفة، مخاطبًا غازي:


- انا مشيت العيلين اللي برا، والدنيا امان دلوقتي، محدش هيحس بينا.


- محدش هيحس بينا.

رددت بها بتحريك شفتيها،.تشعر بعظم الخطر، بتوقف الاربعة امامها كجدار من نار سوف يسحقها بتهمة تتواتر الى ذهنها في هذه اللحظة، لتنقل بنظرها نحو هذا الذي تعول على شجاعته الاَن، فزاد عليها بهيئته المرتعبة، لتغمغم بالتساؤل نحوهم:


- هو فيه ايه؟


❈-❈-❈


بعدما تناول معها وجبته من الطعام، ليتسطح على التخت يريح جسده المنهك من تعب السيارة والتنقل من المشفى الى هنا، ووجع الرأس قد زاد اضعاف، لولا هيبته لتأوه كطفل صغير من الألم .


اعدت شقيقته المشروب الساخن لتقترب منه وتعطيه له:

- اشرب ده يا واد ابوي، وبعدها ريح ونام، اكيد على ما جومت يكون الوجع خف عليك...... هو العلاج مجابش فايد دلوك؟


لوح بسبابته بمعنى لا ، ثم اعتدل بجذعه ليتناول منها المشروب الساخن، ومالت هي لتعدل الوسادة كي تستند ظهره من الخلف:


- معلش وجع الراس مش هين ابدا، دلوك تريح وتبجى عال العال.

ارتشف من كوبه بتلذذ، ليرفع رأسه نحو صغيرته بحنو متمتمًا:

- يسلم الإيدين الحلوة، وحشني كل حاجة منك يا جلب اخوكي.


سقطت تجلس بجواره، لتقبل كتف ثم تضم الذراع الضخمة تقول بدموع متأثرة:

- مش اكتر مني يا حبيبي يا خوي، اللجمة مكانش ليها طعم في زوري من غيرك،  مهما كان الوكل حلو ، عمره ما يجيب طعم الويكة حتى من يدك ، ربنا ما يحرمني منك ابدا. 


قبل اعلى رأسها بابتسامة ممتنة، يتنهد بعمق الحمد لربه، ان اعاده للحياة مرة أخرى،  ليس من أجله،  وانما من اجل صغيرته، صغيرته التي عرف بها طعم الابوة منذ مولدها، تلك التي لم تكن تعرف معنى الدفء سوى في حضنه، تحكي له كل ما مر بيومها وهو يقرأ لها ويحفظها بالأيات الكريمة والأدعية، كي تنام قريرة العين دون احلام سيئة تزعجها، حضن شقيقها الذي لم تفارقه سوى عند عمر الثامنة، بعدما بدأت تكبر وتشعر بأنوثتها، 


انتفضا الاثنان فجأة على دوي الهاتف، بجيب بيجامتها المقابل له، ليظهر اسمه على الشاشة الصغيرة أمامه بوضوح، ضم فمه يطالعها بضيق جعلها تتوتر في قولها:


- دا اكيد ناسي حاجة وعايز يسألني عليها، 


تمتم بصوت خفيض حانق:

- هي الحاجات اللي بيسألك عنها دي مبتخلصش؟ مية مرة من ساعة ما جينا والتليفون مش مبطل رن. 


زاد توترها لترد بلجلجة وهي تنهض من جواره:

- ااا اممم، هو بس عشان كان متعود ع العيشة وحده، وانا باوظتله كل النظام، عن اذنك هاروح اشوفه عايز ايه؟ ريح ضهرك انت عشان تنام. 


قالتها وغادرت الغرفة بخطواتها السريعة، ليظل متطلعًا لإثرها،  ثم يتسائل مع نفسه باستهجان:

- بجى دي الصغيرة تتجوز يا ناس؟! 

عاد برأسه للخلف ليتسطح ويريح وجع الرأس الذي زاد به الألم لأضعاف:


- الله يسامحك يا بوي..... ماشي يا يوسف


❈-❈-❈


جلس الجميع تنفذا لامر  غازي، على المقاعد الموجودة بهذا المكتب الأنيق، واجهة مبهرة للخداع، وبدون الدخول في مناقشات او الجدال بلا معنى، اخرج من جيب سترته مجموعة من الصور وبدأ يوزعها على الجميع، ويخرج صوته امام الصدمة التي اللجمت معظمهم:


- الصور دي اتاخدت لمجابلات المحروسة مع الباشا ده اللي بتجول انها جاية عنده النهاردة في شغل 

دا كله كان في محل مشهور داخل مول تجاري معروف هنا في المحافظة، كذا طجم في كذا سورة، معناه المقابلات اتكررت كذا مرة

السؤال بجى واللي انا عايز اعرف اجابته منك يا عمي يا كبير ناسك سنًا وجيمة زي ما بتجول:


- بتك كانت بتجابل الواد ليه؟ ولو في شغل فعلا، ممكن اعرف ايه طبيعة الشغل اللي تخلي عميل يتجابل مع رئيس شركة في المحلات. 


ضرب سعيد على الأرض بعصاه، لتصدر صوتًا قوي ازعج الجميع، يرمي بنظرات نارية نحو ابنته وهذا الغريب، ثم يعود الى غازي بغيظ شديد يبحث عن رد ينفي عن نفسه هذا العار، لكن فتنة سبقته بصيحة اعتراض،  تفيقه من صدمته، هو وشقيقها:

الصفحة التالية