-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 21 - 2 - الجمعة 26/4/2024

  

قراءة رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الواحد والعشرون

2

تم النشر يوم الجمعة

26/4/2024

توقفت برهة مراقبة جمود المفاجأة على ملامحها، لتواصل المواجهة:

- مجاتش ليه معاكي نعيمة؟ خايفة ولا مكسوفة تورينا وشها بعد عملة المجرمين اللي جتلوا واد خالهم بدم بارد...


لاح الغضب جليًا على ملامح هويدا، غير مستوعبة لهذا الوجه الجديد من سليمة المنكسرة الصامتة والمفرطة في حقها طوال الوقت، لتهدر ردًا لها:


- كانك اتجنيتي ولا مخك لحس يا جزينة، بتعومي على عوم اللي لبسها للعيال، واكنك كنتي معاهم؟ جرا ايه يا مرا، طب افتكري غلاوتهم للمرحوم ولدك، افتكري انهم اتنازلوا عن حجهم في البيت عشانكم، اييه؟ هو دا جزاة المعروف. 


- معرووف!

صرخت بها وقد انفرط عقد تحكمها، وفاض الكيل من افعالهم الدنيئة والخسيسة، لتواصل بعنف ما تحمله بصدرها:


- بتسمي الغدر والطمع معروف، اتنازلتي عن البيت وزنيتي على ابوكي يكتبه بإسم ولدي، ليه يا هويدا؟ عشان فكر الشياطين، ان الاهم هو انكم تبعدوا فايز عن البيت ، خوفكم ان يكوش عليه ويمنعكم تشاركوه فيه، طول الوجت بتخططي، حتى بعد ولدي ما راح ضحية الطمع بسببكم موجفتوش، زجيتوا عيالكم التنين على مرة المرحوم لاجل ما واحد فيهم يتجوزها ان شالله غصب عنها، المهم انها هي وواد ولدي يبجوا تحت يدكم، ناركم جادت لما كل ترتيبكم باظ وبجى الاهم هو انكم تتخلصوا مني، سلطوا عليا مرة نعيم الراعي، تحطلي السم البطيء في الحليب اللي كانت تجيبهولي، عشان عارفين ان امكم مبتشربهوش، وبرضوا مهمدتوش، اول ما جات الفرصة وبعدت انا عن البيت ، جريوا عيالكم زي الديابة يلحجوا اللجية مع كبير الحرامية صدجي، واما اتدخل المرحوم مالك عشان يجاسم معاهم، كان جزاته الموت في نفس الحفرة اللي طلعوا منها اللجية، ايييه؟ هو انتوا معندكمش دين، مفيش ضمير يفكركم بالحلال والحرام، جايبين الفُجر دا منين؟


بصمود تحسد عليه، ظلت هويدا لفترة من الصمت تطالعها بحقد وعدم تأثر، غير ابهة بالحقائق التي القتها بوجهها، لا يعنيها سوى الإنكار، حتى اذا خرج صوتها اخيرًا:


- ألفتي الحكيوة وصدجتيها، خلاص دلوك ولد شربات بجى مظلوم، واحنا بجينا شياطين؟ بتدوري على حج فايز اللي رماكي زي البيت الوجف بجالوا سنين، حنيت له دلوك يا عديمة الكرامة، اخص عليكي، وانا اللي افتكرتك بني ادمة وكنت جاية اخد بخاطرك لكن طلعتي متستهليش..... 


- لمي نفسك واطلعي يا هويدا. 

صدرت فجأة من جهة غير متوقعة، جهة والدتها! لتنظر اليها غير مصدقة، او ربما ظنت ما سمعته وهما، قبل ان تؤكد لها بحزم لا يقبل الشك:


- اطلعي يا هويدا وروحي على بيتك، لا عدتي تلزميني انتي ولا اختك ولا عيالكم، انا رضيت بنصيبي ومستنية جضا ربي، بعد ما راح سندي، وانتوا اعتبرتكم موتوا . 


❈-❈-❈

في الجهة الخلفية، حيث المقر الهادئ له اسفل عرش الكرم يراقب الخيول وأفعال أطفاله في مناغشتهم واللعب معهم 

، بعيدًا عن صخب المنزل ومشاكل العائلة وهمومها، كان شاردًا هذه المرة بصورة اوضحت ثقل ما يشعر به، صورة انتبهت لها زوجته حينما اقتربت لتجلس بجواره بطبق الفاكهة التي اعدته من اجل الأطفال ومن اجله،   لتسأل وهي تضعه على الطاولة الصغيرة امامه:


- مخك فين يا غازي؟ لتكون سرحان في حد غيري؟


استجاب ليهديها ابتسامة خفيفة بدون ان يعلق، مما شجعها ان تواصل:


- اااه، دا اللي انا كنت خايفة منه، حكم الراجل لما يتنيها 

مش صعب عليه خالص انه يتلت ويربع كمان، يا وجعتك يا نادية بعد ما اتشبكتي بالعيال. 


استطاعت بدعابتها ان تنتشله من حزنه، ليميل عليها يقبل رأسها بامتنان قائلًا بغزل:

- ولا تلاتة ولا  اربعة، ولا مية حتى يسدوا مكانك يا نجمة غازي، ربي ما يحرمني منك يارب. 


ربتت على كفه لتسأله برقة:

- امال ايه اللي شاغلك طيب؟ دا انت يوم سعدك لما بياجوا البنتة، عشان تلعب معاهم وتلاطفهم، ايه اللي حاصل النهاردة؟ بتبصلهم وشايل الهم.......


توقفت فجأة باستدراك طرأ فجأة برأسها:

- هو انت زعلان ان امهم هتتجوز ؟ ولا...... تبجى لحد غير..ك.

تقطع الكلمات بفمها جعله يتأكد من ثقل ما تشعر به او يدور برأسها في هذا الوقت، ليصحح على الفور:


- مش حبًا فيها يا نادية،  او انها تبجى لحد غيري.

- أمال ايه؟

نبرة الشك المختلطة بغيرتها تدخل البهجة في قلبه، رغم ما يعتريه من حزن، ليطمئنها بصدقه:


- ام بناتي يا نادية وبت عمي، حتى وهي معوجة وراسها عايزة التكسير والادب من جديد، بس برضك امرها يهمني، اللي هتتجوزو دا غريب، يعني ما حد عارف اصله من فصله.... وربنا يستر بجى......


زفر يطرد دفعة من الهواء المكبوت بصدره، ليتابع بتمني:

- بس يطلع واد ناس، ان شالله حتى ياخدها ويرحل، المهم تريحنا من همها. 


اممت من خلفه:

- يارب يا غازي، انا مهما شوفت منها والله ما اتمنالها غير الخير. 


قالتها بصدق يعلمه جيدا من معرفته بها وبرقة قلبها الذي لا يقبل السوء حتى لمن بادر بأذيتها.


- جاعدين هنا وعاملين جاعدة رومانسية، اه يا غجر. 


هتف بها عارف الذي كان قادمًا نحوهم مع زوجته والتي علقت مثله:

- ايوة يا عارف، سايبين العيال مع الحصنة، وهما مجضينها تحت العنبة. 

- الله اكبر عليكم انتوا الجوز، ما تهمدوا بجى وارحمونا يا جوز الغربان انتوا. 


تمتم بها يلوح بأصابع كفه الخمسة في وجوههم، لتتنطلق ضحكاتهم يتبادلا المزاح والدعابات، قبل ان يتفرقا السيدتين مع الأطفال اسفل عرش الكرم، والرجلين مع الأحصنة:


- شوفت يا عارف عمك وجنانه، دا ناوي يجوزهالوا صح!


خرج رد الاخير بهدوء وهو يمسح بكفه على الخصلات الاماميه الحصان، 

- اللي بيشيل جربة مخرومة بتخر على راسه، والله خد بنصيحتك وسأل عنه كان بها، مسألش هو حر، دول مش صغيرين عشان تشيل همهم!


تحركت رأسه بعدم رضا:

- اخ، ياريت اجدر، حتى اريح من وجع المخ...... 

عاد عارف يعيد عليه بتصميم:

- اعمل زي ما بجولك، اينعم عمك عنده العنتريه والكبر اللي ع الفاضي، بس برضك مهوش هين، ولا ناجي كمان.... دا موته الجرش والفلوس..


تبسم غازي مع تذكره لطبيعة ابن عمه المتحفظة بشدة على المال، ليتخلل بعض الارتياح الى قلبه، فيرد امتنانًا لصديقه:


- كلامك زين يا عارف، خلى مخي هدي شوية من التفكير، ياللا بجى.... هي ونصيبها. 


وعند النساء، كان الحديث نفسه ما يدور بينهما، ولكن بصوت خفيض، حتى لا يلفتن النظر اليهم من الأطفال:

- طب انتي معرفتيش العريس دا من فين بالظبط يا روح؟


- عارف جالي من القاهرة، لكن اصل وفصل معرفش بالظبط هو من فين؟ لكن انتي بتسألي ليه؟ فضول الأنثي ولا حاجة تانية؟


قالت الأخيرة بمغزى فهمت عليه الأخرى، لتصحح على الفور:

- لا والله يا روح، انا بسأل عشان اطمن عليها، مدام بتجولوا غريب، يبجى لازم اقلق.


طالعتها بنظرة متمعنة، ترا الصدق جليًا في نبرتها،  عكس الأخرى، تلك التي كادت ان تسبب لها بفضيحة سابقًا، ولكن الله ستر، ليعود عليها فعلها بالأمس، وتزوق من نفس الكأس، من وقت ما سمعت بقصتها من زوجها، وعقلها لا يكف عن التفكير واسترجاع الأحداث، مع ما اكتشفته حديثًا من اشياء كانت غافلة عنها، لتتيقن من داخلها ان الله كان خير مدبرا حينما جعل من تكرهها سببًا في انقاذها. 


- روح انتي سرحتي ولا ايه بس؟

هتفت بها نادية لتنتشلها من شرودها،  لتعود اليها قائلة:

- لا يا ستي وانا اجدر، خلينا نحكي في اي حاجة تانية غير السيرة الفقر دي، الا جوليلي ايه اخبار الحمل في التوأم، زي الحمل في واحد ولا في اختلاف؟


❈-❈-❈


وفي منزل سعيد الدهشان

حيث كان حاضرا في هذا الوقت الجلسة مع ابنه امام هذا الضيف الثقيل، وقد اتى اليوم تنفيذًا للقرار الذي اصدره الرجل بالأمس لخطبتها والتعريف عن نفسه لهم، 


- انا يا عمي ابن أصول، ابا عن جد، والد والدتي كان من العيلة المالكة، ووالدي كان اكبر تاجر في بلده، من فئة الشعب المكافح، يعني حاجة تشرف اي انسان، اتفضل حضرتك، دي البطاقة بتاعتي، تقدروا تسألوا عني وتعرفوا انا مين بالظبط. 


قالها ثم نهض يعطي الاثنان، البطاقة، ليضيف عليها كرت صغير، مدون به اسم الرجل وتجارته كإعلان له .


بامتعاض شديد تطلعا الاثنان في الاسم وصورته في البطاقة، بالإضافة للكرت الصغير عن تجارة والده، بصورة اولية يبدوا انه صادق، خصوصًا مع هذه الهيئة الراقية والمهندمة برقي شديد،  ووسامة مختلفة عن سمرة الرجال هنا، ايدي بيضاء لم تعرف الشقاء ابدا،  ومع ذلك، يوجد هناك شيئا ما به غير مريح:


تجهم سعيد يخاطبه بغضب مدفوعًا بتذكره لذل الأمس من ابن اخيه اللدود، زوجها السابق:

- ولما انت ابن أصول ومن عيلة زينة كدة، مدخلتش ليه البيت من بابه من الأول؟ لزومه ايه اللف والدوران والشغل اللي مش مظبوط. 


سارع على الفور يبرر بدفاعية:

- يا عمي احنا معملناش حاجة غلط،  فتنة كنت بقابلها في محلات عامة بكل ادب واحترام، وحتى لما جاتني المكتب، كانت جاية تباركلي ، دي انسانة واعية وناضجة، وانا راجل محترم مش عيل صغير تافه.


- اممممم

زمجر بها ناجي بغل يأمره:

- اتكلم عن نفسك ومتجيش سيرتها خالص، بلاش تفكرني، يدي لساها سخنة ع الضرب من امبارح. 


سأله بتوجس:

- ضرب مين؟ هو انت ضربت فتنة؟

الصفحة التالية