-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 44 - 1 الأثنين 22/4/2024

 

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الرابع والأربعون

1

تم النشر يوم الأثنين

22/4/2024

توجهت للداخل بعد ان أغلقت الهاتف بتلك المكالمة التي قصت فيها لزوجها كل ما حدث ببيت عمه ولم تنتبه لتلك التي استمعت لحديثها، ولكنها فور دخولها رأتها أمامها تنظر لها بغضب وغل جعل ياسمين تدرك أنها استمعت بالتأكيد.


اقتربت منها وحدثتها بصوت هامس لازدحام الڤيلا من العائلتين:

-انتي واقفه هنا من أمتى؟


كتمت عبراتها وردت:

-من أول المكالمة يا ياسمين.


ارتبكت الأخيرة وقضمت شفتها بتوتر تلعن غبائها فلم يكن لا المكان ولا الوقت يسمحان لها بالتحدث بتلك الأريحية، ولكنها حقا لم تستطع كتم ما بداخلها مما حدث من والدة مازن دون لفظه ولا حتى التحدث مع زوجها بشأنه.


ظلت نرمين تحدق أمامها بشرود وحزن فهمست ياسمين وهي تحاول إخفاء عبراتها حزنا عليها:

-حقك عليا والله، متزعليش.


ارتعشت شفتيها من إثر كتمها لعبراتها وجاهدت لتخرج صوتها عاديا ولكن رغماً عنها خرج مكتوما ملكوما بحزنها وغضبها:

-ازاي متردوش غيبتي وهي بتخوض في عرضي قدامكم؟ للدرجة دي كل واحده منكم بتفكر في أهل جوزها أكتر ما بتفكروا فيا، حتى أختي توأمي وقفت ساكته!


سحبتها ياسمين بعيدا بعد أن لاحظت ضعفها وبداية انهيارها ودلفت لأحدى الغرف الفارغة وهدأتها:

-حقك عليا والله، أحنا حاولنا نرد عليها بس ملحقناش ومازن هو اللي....


قاطعتها صارخة بغضب:

-مازن هو اللي دافع عني قدام أمه واخواتي وقفوا يتفرجوا على اللي بيحصل! انتو ازاي كده؟


اقتربت منها ياسمين تحتضنها ولكنها رفضت ناهرة إياها:

-ابعدي عني، روحي طبطبي على جوزك وعيلته ونامي في حضنه بالليل وأنتي عارفه انه هيسكت على الكلام ده عشان جت في نرمين اللي كل من هب ودب داس عليها وبمساعدتكم كمان.


أدمعت عيني ياسمين وهي تستمع لها:

-لو كانت چنى اللي مكاني مكانش سمح لحد يجيب في سيرتها بالشكل ده، دي لما عملت الكارثة بتاعة جوازها بشادي راح خبى ع الكل عملتها عشان ميسمحش لحد يقولها كلمه تزعلها.


بكت تكمل:

-دي عاليا اللي كانت عامله بلاوي مكانش بيقبل حد مننا  يجيب سيرتها ولا حتى أنتي، لكن نرمين.


صمتت وانهمرت عبراتها:

-تتفلق نرمين، ويتخاض في سمعتها وعرضها وعادي طنط دينا متقصدش، عادي ماهي نرمين قويه وبستحمل، عادي ما هي تستاهل عشان سابت مازن فلازم تفضل تدفع تمن ده عمرها كله مش كده يا ياسمين؟


ارتمت على المقعد تبكي بحرقة وأكملت:

-ليه تكسروا فرحتي بالشكل ده وأنا فرحي كمان أسبوع؟ أنا للدرجة دي مستحقش منكم انكم تردولي اعتباري وسمعتي اللي اتهانت ولا فكركم خلاص طالما هتخبوا عليا يبقى مفيش اذى حصل.


انهمرت عبراتها أكثر وأكثر وهي تضيف:

-وانا بعد كل ده رايحه أتجوز من العيلة دي، العيلة اللي دايما بتكييل بمكيالين ﻷي حاجه تخصهم تبقى مباح وعادي وأي حاجه برة العيلة مش مهمه وملهاش قيمة.


نظرت لياسمين الصامتة، ولكنها لم تتوقف عن ذرف العبرات:

-عارفه إن عيلة الفهد برغم كل المساوئ اللي فيهم دي إلا أنها عجباني جدا، عارفه ليه؟


لم تجد تعقيبا منها فتابعت:

-عشان ايد واحدة مهما حصل لهم هم عيلة واحده وقلبهم على بعض، عمرهم ما يسمحوا لحد يدوس على حد فيهم، بس احنا.


صمتت وضحكت بأسى:

-أخواتي اللي من دمي سمعوا كل الكلام ده عليا ومفيش واحدة منهم حركت شعره من راسها عشاني..


سحبت أنفاسها ومعها ماء أنفها لداخلها والتفتت لتخرج تاركة ياسمين واقفة لا تتحدث وفقط تبكي منهارة وفور خروجها سقطت الأخرى أرضا مغشي عليها فانتبهت نرمين لوقع صوت السقطة فعادت أدراجها لتجد ياسمين على تلك الحالة فصرخت تستدعي النجدة:

-ياسمييين، الحقونيي.

❈-❈-❈


ظل يتنقل من هنا لهناك بسيارته حتى شعر بالضجر فقرر العودة لها وربما التحدث بصرامة تلك المرة ولكن جاءه هاتف أخيه يمزح معه:

-فينك يا عريس؟.


ابتسم مجيبا:

-بشتري شوية حاجات وراجع ع الڤيلا عندي، أنت فينك؟


أجابه واجما:

-هكون فين، في الشركة طبعا ما حضرتك سيبت الدنيا على دماغي وروحت الفهد.


زفر باختناق ونظر للطريق ضاغطا على مقود السيارة بغضب فشعر آسر بصوت أنفاسه الغاضبة وسأله:

-مالك يا يزن؟ ده انا قولت زمانك بترقص من الفرحه بس صوتك بيقول عكس كده..


صف سيارته أمام باب ڤيلته وتكلم بغصة:

-حصل موقف بايخ بيني انا ونرمين وماما وحاليا متخانق مع الاتنين.


ضحك آسر ساخرا:

-من أولها كده؟ يا بني أنا كل يوم بتخانق يا مع ماما يا مع لاميتا بسببهم هم الاتنين وعادي، بكره تتعود وتاخد مناعة.


لم يجد وقتا للضحك بعد أن استمع لصرخات نرمين فترجل من سيارته بسرعة دون غلق الخط أو حتى غلق باب سيارته ودلف مهرولا لمصدر الصوت فوجد الجميع قد سبقوه ووالدته جاثية على ركبتيها تحاول إفاقة ياسمين المغشي عليها.


لف وجهه سريعا تجاه نرمين وسحبها من ذراعها يحاول تهدأتها وهي تبكي بغزراة فاندمج أثر بكائها السابق بسبب ما سمعته مع بكائها الحالي فظهر وجهها بلون أحمر قاتم جعله يحدق بها ويربت عليها باحتواء:

-حبيبتي اهدي.


حركت رأسها تنفي حديثه فتركها وأبعد والدته عن ياسمين وحملها ليضعها على الأريكة والتفت ينظر لنرمين بطمأنة وبحث عن هاتفه، ولكنه تذكر أنه تركه بالسيارة فأشار لهن:

-حد يتصل بالدكتورة دينا بسرعة..


صرخت نرمين رافضة لدرجة انتبه لها كل من چنى وشيرين ليتأكدا من ظنهما أن أمرا كبيرا حدث بينهما جعل ياسمين تفقد وعيها.


لم يكن الوقت يسمح له ليسألها عن سبب رفضها فحمل ياسمين ورمقها بنظرة جادة:

-تعالي معايا.


تبعته لسيارته فأشار لها لفتح الباب الخلفي ووضع ياسمين مستلقية على المقعد ودلف سيارته فدلفت هي الأخرى ترافقه وتحرك سريعا للمشفى.


أمسك هاتفه المعلق أمامه ليهاتف زوجها الذي أجابه بعد عدة رنات:

-خلاص لقيت الملف يا بيه.


ضم شفتيه وتكلم فورا:

-احنا راحين بياسمين المستشفى.


تجهم وجهه وترك مقعدا فورا متسائلا:

-ايه اللي حصل؟


أجابه فورا:

-معرفش أنا دخلت عندي لقيتهم بيحاولوا يفوقوها..


أومأ وأخبره بلهفة:

-طيب روح بسرعة وأنا هتحرك حالا وجايلك.


صف سيارته أمام مدخل المشفى والتف للباب الخلفي منحنيا ليحملها ودلف مهرولا يستدعي الأطباء بصوت جهوري:

-حد يلحقني.


هرع الطاقم الطبي لإسعافها فحملها أحد الممرضين ووضعها على الناقل الطبي ودفعه لداخل غرفة الطوارئ فوقف يزن منتظرا خروج أي أحد ليطمئنه وبتلك الأثناء ظلت نرمين تبكي وتنتحب بحزن والتفتت تستمع لصوت توأمتها التي حضرت برفقة چنى وسحر وهدى:

-ايه اللي حصل؟ طمنونا.


ارتمت بحضن توأمتها تبكي:

-لسه مش عارفين حاجه.


ابتعدت عنها ووقفت تستند على الحائط تغلق عينيها بأسى وبداخلها تحدث نفسها:

-ليه بس بيحصل معايا كده دايما؟ أنا غلطت في ايه في حياتي يا ربي بس؟


شعر بها يزن الذي اقترب منها وأمسك راحتها مقبلا إياها كما عودها ولكن على غير العادة لم تعطه ردة الفعل التي انتظرها ونظرت له بجمود فظن أنها حزينة على مرض توأم روحها أو أنها لازالت تتخذ منه موقفا فهمس لها بحب:

-نرمين.


التفتت له باكية فهمس حتى لا يستمع له البقية:

-أنا عارف اني زعلتلك بس كان نفسي نقرب من بعض وأصلا خلاص الفرح فاضل له أقل من أسبوع.


لم تعقب عليه ولكنها تنهدت والتفتت لصوت فارس المكترث بلهفة:

-مالها ياسمين؟

❈-❈-❈

ردت هدى بأسلوبها المستفز:

-محدش طمنا يا باشا مش دي المستشفى بتاعتك برده!


زفر بحدة وانتظر خروج الطبيب الذي خرج توا ونظر لفارس وتكلم معه بعملية:

-المدام ضغطها واطي بس ده مش سبب الإغماء يا باشا.


سأله بحيرة عاقدا حاجبيه:

-أومال ايه السبب؟


رد ناظرا للجمع حوله:

-واضح انها اتعرضت لضغط عصبي، أنا عاصرت حالة المدام أكتر مره لما بتتعرض ﻷزمة نفسية وفي كل مره بتهرب من الأزمة دي وبتختار أن جسمها يفقد وعية، طبعا أخطر وقت كان الوقت اللي دخلت فيه في غيبوبه لمدة يومين.


أومأ فارس يعض داخل فمه والآخر يكمل:

-المرة دي حالة الإغماء موصلتش لغيبوبة بس طبعا تكرار الموضوع ده مش صحي أبدا وزي ما بلغت حضرتك قبل كده إنها لازمها متابعه مع دكتور نفسية وعصبية بشكل دوري.


أومأ متعجبا:

-الغريب إن مفيش حاجه حصلت عرضتها لضغط عصبي دي كانت لسه معايا ع التليفون و...


صمت ناظرا لنرمين الوحيدة التي تبكي بحرقة ولم تكف عن البكاء لحظة واحدة فتحرك ناحيتها وسألها:

-نرمين، أنتي كنتي مع ياسمين ساعة ما أغمى عليها؟


أومأت ولا زالت تبكي فسألها:

-ايه اللي حصل؟


انهارت تخبره بحزن:

-شديت معاها في الكلام شوية ويمكن أكون اتعصبت عليها بس مكنتش متخيلة أبداً إنها يحصل معاها كده.


عاد ينظر للطبيب وسأله:

-ممكن أشوفها؟


حرك رأسه موافقا فدلف للداخل واقتربت كل من چنى وشيرين من نرمين وحاولتا التحدث معها ولكنها صاحت بهما بحدة:

-محدش منكم يكلمني، ابعدوا عني.


نظرات يزن المتعجبة واعتراض چنى التي اقتربت منها تسألها:

-هو احنا زعلناكي في ايه بس؟


ضغطت على أسنانها فنظرت لها شيرين تمسك راحتها بقوة:

-سبيها لما تهدى يا چنى.


خرج فارس ورمق نرمين بنظرة جامدة وحدثها بصوت خشن:

-ياسمين عيزاكي.


تحركت للداخل فوجدتها تجلس على الفراش وأثر البكاء على وجهها يبدو جليا أنها بكت حتى انفطر قلبها من كثرة البكاء.


جلست امامها وسألتها بصوت ضعيف:

-عامله ايه دلوقتي؟


أجابتها بغصة حارقة:

-مش متخيلة انك تزعلي مني للدرجة دي، أنا عارفه إن ليكي حق تزعلي بس انتي ظلمتيني وظلمتي شيرين وحتى فارس..


افرجت عن نصف ابتسامة ساخرة فأكدت عليها ياسمين:

-مش مصدقاني؟ انا فعلا مردتش على طنط دينا لأني ملحقتش أرد أنا وشيرين أول ما سمعناها صرخنا وكنا هنرد عليها بس مازن اتدخل ومعرفناش نتكلم بعدها عشان هي ست كبيرة حتى لو كنتي مكانا مكنتيش رديتي احتراما للسن، بس انا كان في بالي أقول لفارس، لكبير العيلة وهو يتصرف يا نرمين وفعلا قولتله وهو أكيد هياخدلك حقك.


زمت نرمين شفتيها للأمام تومي برأسها:

-كتر خيره، بصراحه خيره مغرقنا ومش عارفين نودي جمايله فين!


النبرة التهكمية التي تحدثت بها جعلت ياسمين تنتحب بكاءا:

-معقول يا نرمين! للدرجة دي زعلانه مننا؟


رمقتها بعيون محتقنة وأجابت بحرقة:

-زعلانه وبس، أنا الدنيا كلها جايه عليا يا ياسمين وكل ما آجي أفرح ألاقي نفسي وقعت في حفرة ملهاش آخر من الحزن والمشاكل اللي ساعات بتكون مصايب.


شهقت غير متحكمة ببكائها وأضافت:

-وقت مازن كنت بحبه، بحبه بجد ولما سبته وأنا بموت كل يوم من القرار ده محدش حاول يصلح الأمور بينا ولا حتى هو، محدش اتدخل لا فارس ولا انتي ولا حتى بابا.


مسحت وجهها الباكي بمحرمة ورقية وتابعت:

-الكل كأنه ما صدق اننا انفصلنا ومفيش بني آدم حاول حتى يقوله أرجع عن الطريق اللي انت ماشي فيه عشان خطيبتك اللي بتحبك، وبعد شوية صغيرين أوي اتفاجئت بقصة چنى.


رمقت ياسمين بنظرات حانقة وهي تكمل:

-وانتي بدل ما تعرفيني الحقيقة وأنتي شيفاني بتعذب وأنا حاسه إن اتضحك عليا منه وأنه طلع بيحب بنت عمه كل الوقت ده، بدل ما تواسيني كنتي بتأكدي على القصة المتألفه دي عشان طبعا دي أوامر فارس مع انك لو كنتي حكتيلي عن اللي شادي عمله عمري ما كنت هروح احكي لحد بس على الأقل كنت هعرف إن مازن ملعبش عليا وأنه حبني بجد ويمكن ساعتها مكنتش اتسرعت بجوازي من مالك اللي بسببه مريت بأسوء سنه في حياتي.


تنهدت مخرجة زفرة قوية وتابعت:

-انا عمري ما حسيت بأي مشاعر لمالك وطول الوقت بمني نفسي إن الحب بييجي بالعشرة بس هو عشرته مكانتش طيبه ولا لمسته كانت بتحسسني بأي حاجه.


نظرت لها بحزن وتكلمت بأسى:

-عارفه يا ياسمين لما يزن باسني أول مرة، أنا كنت حاسه اني طايرة وعمري ما حسيت الاحساس ده مع مالك مع انه كان جوزي والموضوع بينا كان أكبر من مجد بوسه، أنا اتأكدت من حبي ليزن بعد البوسة دي ودلوقتي بقيت عارفه مشاعري كويس وعارفه اني اختارت صح لأول مرة في حياتي، بس مضطرة انهي الاختيار ده ﻷني مش هقدر أكمل معاه وهو واحد من عيلة الفهد، العيلة اللي سببتلي ألم أكتر من اللي اقدر استحمله.


لمعت عيني ياسمين تسألها بلهفة:

-ويزن ذنبه ايه؟ هو زعلك في حاجه؟


نفت معقبت:

-بس مهما حصل هيفضل من عيلة الفهد وأنا خلاص عايزه ابعد عن العيلة دي بأي شكل و...


قاطعتها بلمعة عينيها:

-بس أنا وشيرين بقينا من العيلة اللي عايزه تبعدي عنها دي، يعني عمرك ما هتعرفي تبعدي بالشكل اللي أنتي متخيلاه.


حركت رأسها معترضة وموضحة:

-ﻷ هعرف، هبعد عن كل عيلة الفهد وأي حد محسوب عليهم كمان، أنا هسيب البلد وأسافر ومش هفضل هنا عشان اتوجع أكتر من كده

❈-❈-❈


ظل يتبادل النظرات يمينا ويسارا ما بين چنى وشيرين المتهامستين بشكل أثار ريبته وما بين المكالمات الهاتفية التي لم تتوقف من فارس وهو يقف بالشرفة بعيدا عنهم ومغلقا وراءه الباب الزجاجي الذي ربما يكون قد حجب الصوت ولكن لم يحجب الرؤية؛ فاستطاع ان يرى عنفه وعصبيته وهو يتحدث بحدة لم يعلم مع من، ولكنه ليس بهذا الغباء فهناك حدث ما وكان أطرافه الأربعة هن الأربع فتيات وبالطبع الثلاث أزواج يعلموا ما حدث أو على الأقل واحد منهم يعلم والأخران علما عن طريق تلك المكالمات.


انتظر لحظات حتى خرجت نرمين من غرفة ياسمين ووقفت تستند على أحد الحوائط لا تنظر لا باتجاهه ولا باتجاه توأمتها الواقفة بجوار چنى، ولكن ارتكزت نظراتها على فارس المحتد بشكل أكد لها صحة حديث ياسمين من أنه سيتخذ موقفا مما حدث.


اقترب منها يزن وانحنى يهمس لها:

-طمنيني عن ياسمين.


حركت رأسها تطمئنه:

-كويسه الحمد لله.


دلف فارس من الشرفة واقترب منها يسألها بحنق:

-اتكلمتوا؟


أومأت فسأل:

-هديتي ولا لسه؟


أومأت من جديد ورمقته بنظرة تخبره بعدم معرفة ذلك الواقف على جمر من نار يود معرفة بواطن الأمور ففهمها فارس بالطبع وتكلم بحدة:

-لينا قاعده مع بعض يا نرمين بس لما أطمن على مراتي الأول، ولولا انها محلفاني مزعلكيش أنا كنت وريتك غلطك في حقها هي كمان طالما بتدوري على حقك بإهانة أقرب الناس ليكي.


لم تهتم به ولا بحديثه وربما توعده فهي قد اتخذت قرارها وانتهى، ولكن جاء صوت يزن المتسائل:

-انت بتكلمها بالطريقة دي على أساس ايه؟


رمقه فارس بتحذير:

-متدخلش.


رفع يزن حاجبه مندهشا وأخرج صوت اعتراضه بنبرة خشنه:

-افندم؟ ما اتدخلش! أظن من حقي اعرف ايه الموضوع طالما مراتي طرف فيه؟


ردت تحاول الخروج من هذا المأزق:

-حوار كده بيني وبين البنات متشغلش بالك أنت.


سحبها من راحتها وتوجه لنفس الشرفة التي كان يقف بها فارس منذ لحظات وأغلق الباب الزجاجي وراءه ووقف مستندا على حافتها واستهل حديثه:

-ايه الحكاية؟


ارتبكت وتهربت بنبرة مرتعشة:

-موضوع كده يا يزن بس...


صمتت عندما قاطعها:

-موضوع فارس عارفه وانا لأ، ممكن اعرف ليه؟


تحاورت معه تخبره:

-عشان موضوع يخص ياسمين ومش من حقي اقولك عليه.


ابتسم ساخرا منها:

-موضوع يخص ياسمين وزعلانه من چنى وشيرين على حسه، ورفضتي اكلم الدكتورة دينا تيحي تلحقها وفارس عارف بالموضوع وخرج اتكلم في الموبايل كذا مكالمه بخصوص الموضوع الهايف ده مش كده؟


لم يجد ردا منها فسألها بحزن وغصة:

-أنتي حبتيني يا نرمين؟


ارتفعت نظراتها المندهشة وهو يتابع:

-حبتيني بجد ولا أنا لهفتي عليكي كانت السبب في خطوبتنا السريعة وجوازنا الأسرع من وجهة نظرك طبعا.


سألته بتحاور:

-أنت شايف بعد كل اللي مرينا بيه سوا إننا استعجلنا؟


نفى مؤكدا:

-من ناحيتي أنا ﻷ، أنا حبيتك من أول لحظه، من ساعة ما شوفتك في بيت فارس ومكنتش عارف انتي مين حتى، وصبرت واستنيت لما كل مشاكلك تتحل عشان اقرب منك وبعد ما رفضتيني مستسلمتش وجريت وراكي لحد الصين.


ابتلع ريقه وهو يعقب:

-احنا بقالنا سنه كامله نعرف بعض فأنا شايف انه وقت كافي جدا، بس انتي دايما بتحسسيني اننا اتسرعنا، فهل احنا اتسرعنا؟


شعرت بوجعه وألمه الداخلي فهي قد عاصرت ذلك الألم من قبل عندما حاربت من أجل شخص لم يحارب من أجلها وبالنهاية اكتشفت انه ربما لم يحبها بالقدر الكاف ليحارب من أجلها:

-ايه لازمة الكلام ده يا يزن؟


أجابها بزفرة قوية فلمعت عينيها تسأله:

-معقول كل الكلام ده عشان بتكسف منك ومش قادره أقبل أني اتحط في موقف بايخ زي اللي مامتي ومامتك شافونا فيه!


حرك رأسه نافيا:

أنا مش تافه للدرجة دي يا نرمين، اكيد الموضوع مش عشان كده؟


سألته متوترة:

-اومال أنت بتقولي الكلام ده ليه ودلوقتي بالتحديد؟


رد ناظرا بعمق عينيها وسألها:

-تفتكري أنا ماأخدتش بالي إنك وقفتي فارس عن الكلام قدامي عشان معرفش اللي حصل بين وبين ياسمين ووصلها للحالة دي؟


الصفحة التالية