-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 40 - 2 الخميس 11/4/2024

  

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الأربعون

5

تم النشر يوم الخميس

11/4/2024

جالسا بمكتب عمه منتظرا خروجه بعد أن طال الوقت به وكم شعر بمرار حلقه يكبر ويتسع كلما مرت الدقائق والساعات فهو لا زال بالداخل يكمل فحوصاته ﻷكثر من ساعتين.


وقف يلف حول نفسه زافرا أنفاسه بقلق واتخذ قراره وخرج يبحث عن عمه أو زوجته حتى يتقصى منهما الأمر، ولكنه بحث طويلا فلم يجد أي منهما فتوجه للاستقبال محاولا معرفة أين مكان تواجدهما:

-الدكتور مراد أو الدكتورة دينا فين دلوقتي؟


أجابته موظفة الاستقبال:

-طلعوا الدور الرابع مع مازن بيه.


هو يعلم أن هذا الطابق مخصص لمرضى الأورام ولكنهم كانوا فقط يفحصونه للتأكد من فحوصاته التي أتمها خارج المشفى.


هرع بقلق ولهفة للطابق المنشود ولم يحتج للبحث كثيرا فوجده جالسا على أحد المقاعد المخصصة لجرعات العلاج الكيميائي وتلك الإبرة مغروزة بذراعه ومسندا رأسه على ظهر المقعد وكأنه غافيا ولكنه ما كان إلا محاولا تحمل الألم من إثر الجرعة الدوائية المؤلمة.


اقترب منه فارس مبتلعا ريقه وبحث حوله عن والديه فم يجدهما بجواره فهتف يناديه:

-مازن.


فتح الأخير عينيه ناظرا له بألم فسأله فارس فوراً:

-كيماوي؟


أومأ له موضحا بصوته المتألم:

-جرعة عالية أوي لحد العملية.


لمعت عين فارس متسائلا:

-انتوا حددتوا عمليه كمان؟ أومال أنا تحت بعمل ايه وانا مش عارف حاجه؟


استمع لصوت مراد الذي دلف لتوه:

-معلش يا فارس النتايج ظهرت وقولنا منضيعش وقت.


اقترب منه يسأله بلهفة:

-ايوه عرفتوا ايه نوعه؟


أومأ مؤكدا:

-نفس نتايج التحاليل اللي مازن عملها بره، بس فاضل الكتلة الصغيرة اللي جنب الورم مكناش عارفين نحددها بس الحمد لله ظهرت انهاردة في المسح الذري.


ظل ينظر له بانتباه منتظرا أن يخبره:

-طلع ورم تاني لسه صغير جدا اد حبه الملح وهيتشال مع اللي جنبه.


أومأ له وسحبه بعيدا عن رفيق دربه وسأله هامسا:

-كده بدأ يظهر أورام متعدده يا عمي! هو ده طبيبعي؟


نفى مراد وقد تخلى عن تلك البسمة الكاذبة التي يرسمها على وجهه:

-الورم الكبير حميد فعلا بس الصغير ﻷ.


اختنق فارس فوراً بعبراته المكتومة وسأله فوراً:

-نسبة نجاح العملية أد ايه؟


حرك مراد رأسه وهو يجاهد دموعه وعبراته:

-مش عارف، أنا مش جراح أورام عشان أحدد والدكاتره هنا عمالين يطمنوني بس أنا عارف أنه طالما بدأ يظهر النوع ده يبقى هنفضل في الموال ده كتير.


بكى رغما عنه وهو يحتضنه:

-نفس حالة أبوك الله يرحمه يا فارس، أنا مش هقدر أشوف ابني بيعاني نفس اللي أخويا عاشه ومش عارف ايه الحل؟


ابعده فارس عن حضنه ونظر له بقوة:

-الطب اتطور، من 30 سنه بابا علاجه مجبش نتيجة بس دلوقتي بقى في حالات كتير بتخف، فلو أنت شايف إن امكانيات الدكاتره عندك مش قدها يبقى بلاش تضييع وقت وهاخده وأسافر بيه انشالله انهارده.


وافقه هازا رأسه:

-انا كمان شايف كده وبدأت فعلا أعمل اتصالاتي عشان نشوف هيسافر فين ويتابع مع مين، ودينا روحت البيت تجهز باسبورها وهدومها عشان هتسافر معاه.


ربت عليه فارس:

-وانا كمان هسافر معاه مش هسيبه لوحده.


عاد له وقد انتهى من جرعة الدواء وبدأت الممرضة بإخراج الأسلاك الموصولة به وتساعده على النهوض للجلوس على المقعد المدولب فأبعدها عنه وساعده هو وبدأ بدفعه بعد أن علم مكان غرفته وتحرك يدفع مقعده والآخر يتألم بصمت.


ثبت أرجل المقعد حتى يستطيع مساعدته على الوقوف والاستلقاء على السرير الطبي ودثره بالغطاء فنظر له مازن يحاول رسم البسمة على وجهه وهو يسأله:

-شكله أخطر من المرة اللي فاتت يا صاحبي.


جلس فارس بجواره على طرف الفراش وأومأ له فتجهم وجه مازن ولمعت عينيه وبدأ يهزي بحديثه:

-مش محتاج أوصيك على مراتي وابني، أنا عارف انك مش هتسيبهم لو جرالي حاجه.


ركز فارس بصره عليه وعض جانب فمه من الداخل معلقاً عليه:

-انت هتخف إن شاء الله، بلاش التشاؤم ده.


دلف مراد راسما نفس البسمة الكاذبة ومتحدثا بمرح مصطنع:

-لقيتلك بقى سفرية حلوه أوي لأمريكا منها علاج ومنها استجمام ايه رأيك؟


هز رأسه متسائلا بحيرة:

-هو ورم خطر أوي لدرجة السربعة دي ولا ايه؟


نفى مراد مقتربا منه:

-لا خالص ده...


قاطعه فارس معقبا:

-انا قولتله يا عمي، مش فاهم ليه نخبي عليه حالته؟


جحظت عين مراد الغاضبة:

-ده مش قرارك يا فارس عشان تتخطاني أنا وأمه وتعمل كده، احنا عايزينه يبقى مرتاح نفسيا و...


قاطعه فارس بحدة:

-يبقى مرتاح نفسيا لما يعرف حالته وخطورتها عشان يتعامل على أساسها مش تخبوا عليه فيهمل هو في نفسه، مازن هيخف إن شاء الله بس لازم يعرف عشان يتحمل مسؤولية تعبه وميهملش في نفسه لا دلوقتي ولا بعدين.


أكد مازن على حديث فارس:

-فارس معاه حق يا بابا، انا مش عيل صغير تخبوا عليا ولازم أعرف عشان آخد قراري وأعمل حسابي على حياتي ومراتي وابني.


سحب شهيقا عميقا وطرده بتمهل والتفت يحدث فارس:

-المهم بلاش چنى تعرف حاجه دلوقتي وشوفلنا حجه تبع الشغل للسفرية دي.


قوس فارس فمه حائرا:

-مش عارف ممكن نقول لها ايه وأنا وأنت والدكتورة دينا هنسافر انهارده أو بكره بالكتير.


رفض حديثه ناظرا لوالده:

-ماما هتيجي معايا تعمل ايه؟ خليها يا بابا عشان تاخد بالها من مودي وچنى.


جلس مراد بالمقعد المجاور لسريره معقبا:

-امك هتتجنن ومش هترضى تسيبك يا مازن.


التفت مازن بنظره لفارس يسترجي منه العون فأومأ له مؤكدا:

-سيبها عليا، المهم نعرف ميعاد السفر بما إننا عرفنا البلد خلاص؟ بس انت قررت أمريكا على أي أساس؟


أجابه مراد موضحا:

-انا هسفره يتحجز في مايو كلينيك أكبر مركز لعلاج الأورام في العالم.


تسائل فارس وهو ينظر لمازن:

-لو قريب من فلوريدا ممكن نقول لچنى إن مركز من مراكز البيع عندنا هناك فيه مشكلة عشان لو فتحت لوكيشن معاها تبقى الكدبة محبوكه.


أكد مراد هاتفا:

-في كذا فرع هناك في ولاية مينيسوتا وفلوريدا وأريزونا فعادي ممكن أخلي الحجز في فرع فلوريدا.


هز فارس رأسه مستحسنا حديثه وعلق:

-كده فاضل ميعاد السفر ونبقى تمام اوي.


عقب مراد:

-أنا حجزت طيارة خاصة هتنزلكم ترانزيت في المغرب وهناك في حجز طيران لواشنطن ومن هناك فارس يأجر أي طيارة خاصة لفوريدا وانا هكلم المستشفى ائكد عليهم يبعتولكم هليكوبتر توصلكم عندها.


أومأ فارس بالرغم من تجهم وجه مازن الذي تمتم:

-ده الموضوع كبير أوي.


ربت فارس على كتفه:

-انا معاك ومش هسيبك لحظه، فاكر لما تعبت اول مرة قولتلي ايه؟


نفى فابتسم فارس يردد كلماته:

-قولتلي أنا قوي وهحضر عزا عيلة الفهد كلها قبل ما أفكر أموت، انت لسه عند وعدك مش كده؟


ابتسم بسمة باهته وأومأ له فالتفت فارس يسأل عمه:

-حجز الطيارة الخاصة دي امتى؟


رد مراد وهو ينظر بساعته:

-هتكون جاهزه على الـ Runway في المطار كمان 4 ساعات يعني يا دوب لو هتروحوا تجهزوا شنطكم أنت وهو وتظبطوا أموركم.

❈-❈-❈


صف سيارته أسفل تلك البناية الشاهقة والمتواجد بها العديد من المؤسسات التجارية وهاتفها وانتظر أن تجيبه وفور أن أجابت هتف:

-انا تحت يلا أنزلي.


وافقت بهمهمة بسيطة وردت:

-حالا.


أغلق معها وظل بمكانه منتظرا إياها فاستمع لرنين هاتفه؛ فنظر لشاشته متعجبا من ذلك الإتصال من ابن عمه فأجابه:

-ازيك يا فارس.


أجاب الأخير بصوت حزين:

-الحمد لله، اسمعني عشان عايزك ضروري.


هز يزن رأسه وانتظره أن يبدأ حديثه:

-أنا مسافر كمان 4 ساعات مع مازن ومش عارف هنرجع امتى وطبعا الفهد متنفعش تشتغل لوحدها ف...


قاطعه يسأله بحيرة وفضول:

-استنى بس، مسافر فين وايه الموضوع بالظبط؟


هدر به بغضب:

-ما تتنيل تسكت وتسمع، ما أنا بقولك أهو مسافر مع مازن وهتأخر وعايزك تكون مكاني في الفهد وسيب ساجد وآسر يشغلوا العالمية.


التفت ينظر لنرمين التي فتحت باب سيارته وجلست بجواره وقبل أن تتحدث بأي أمر لاحظت انعقاد جبينه فصمتت تنظر له بانتظاره أن ينهي تلك المكالمة التي لم تعرف مع من يتحدث بذلك التجهم:

-طيب أنت عايزيني مكانك في الفهد ودي فهمتها، انما لحد امتى ومين هيعرفني نظام الشغل لما انت ومازن مسافرين؟


رد فارس بعد أن زفر زفرة قوية:

-ياسمين هتنزل معاك اسبوع ولا 10 أيام لحد ما تتعود على الشغل بس بعد كده هتكمل لوحدك عشان تفضل هي مع الولاد.


أومأ منتهدا:

-ماشي يا فارس مع أني مش فاهم حاجه وواضح إن سفريتك مطوله ومع ذلك مش فاهم سبب سفرك انت ومازن مع بعض وكان المفروض واحد منكم يفضل عشان الشغل يمشي.

     

لم يجد تعقيب على حديثه بل استمع لصوت أنفاس فارس العالية فتأكد أن هناك أمرا هاماً يعكر صفوه فسأله باهتمام:

-في ايه يا فارس ما تقولي، سفر على سهوة ومش محدد المده وشكلكم كده مطولين!

الصفحة التالية