رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 41 - 1 السبت 13/4/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الواحد والأربعون
1
تم النشر يوم السبت
13/4/2024
ظل شاردا ينظر أمامه للفراغ فلاحظ فارس صمته الذي طال وزوجته تهتف بحزن:
-أنت زعلت؟ انا متفائلة المرة دي يا مازن إن شاء الله وهعمل كل التحاليل من بدري أوي وإن شاء الله البيبي يطلع كويس.
ظل على حالته فنبهه فارس بقرصة طفيفة بجانبه وهمس له:
-مازن، رد على چنى.
لم يستعب ما قاله فتمتم:
-بتقول ايه؟
غمز له يشير للهاتف بيده فركز بصره على شاشة الهاتف وأومأ دون وعي أو استيعاب وسألها:
-انتي حامل في أد ايه؟
أجابته مبتسمة:
-معتقدش كملت شهر حتى، انا لسه مكشفتش.
أوما وتسائل:
-ماما عرفت؟
نفت برأسها:
-أنا قولت أعرفك أنت وفارس الأول وبعدها هقول لمامتك ويمكن أروح أزور مامي وبابي وافرحهم.
هز رأسه هزات متتالية وعاد لشروده فسحب فارس الهاتف منه وابتسم لها مهنئا إياها:
-الف مبروح يا چوچو وإن شاء الله نطمن على البيبي ويطلع سليم.
أغلق معها وعاد للجلوس بجوار مازن الذي بكى رغما عنه فحاول فارس تهوين الأمر عليه مربتا على كتفه:
-هيطلع سليم إن شاء الله يا مازن.
نفى محركا رأسه باعتراض:
-ﻷ، چنى لو حامل في شهر يبقى حملت وأنا تعبان والأكيد إن البيبي مش هيطلع سليم خصوصا المرة دي الورم مش حميد.
زفر فارس زفرة قوية وهو يوبخه:
-بلاش التشاؤم ده يا مازن، خليك متفائل وأملك في ربنا كبير.
رمقه بنظرة حزينة وعبراته نزلت على وجنتيه وهمهم بصوت مختنق متحشرج:
-لو جرالي حاجه هتعمل ايه بطفلين يا فارس، چنى لسه صغيره أوي على الشيله دي كلها.
صر فارس على أسنانه وهدر به:
-ما بلاش النبرة الضعيفة والمكسوره دي، انت ليه مُصر تستلم؟ هو ده اتفاقنا يا مازن؟
أطرق بصره ينظر لأنامله التي يتلاعب بهما معاً وتكلم مجاهدا عبراته وحزنه:
-طيب أوعدني لو البيبي طلع مش سليم تخليها تنزله.
عض الآخر على شفته السفلى ورد:
-لو الدكاتره شافت ضروره طبيه لده فالاكيد اني هجبرها تعمله.
صاح به رافضا:
-مش ضرورة طبيه وبس، لو طلع عنده أي نوع إعاقة خليها تنزله يا فارس ابوس ايدك.
رفض بتعابيره قبل أن يجيب ففهم مازن رفضه الواضح من بكاؤه:
-يا فارس هجيب طفل مريض للدنيا يفضل من غير أب ويعاني حياته كلها بمرض ملوش علاج وفي الآخر اللي هتتظلم هي چنى بسنها الصغير وملحقتش تعيش حياتها وتفضل شايلة كل ده لوحدها.
بصوته الأجش عقب عليه:
-انت كل كلامك بيقول انك هتموت وهي هتخلف طفل مريض ونسيت إن رحمة ربنا بينا كبيرة أوي وأكبر من أي قضاء، والدعاء بيرد القدر يا مازن فاحنا كل اللي علينا بدل التشاؤم والتفكير في فعل الحاجه اللي حرمها ربنا المفروض عينا ندعي وبس.
❈-❈-❈
انتظرها بداخل أسوار القصر فنزلت برفقة ابنة عمها التي رفضت كعادتها الركوب معما وركبت برفقة حارسها وسائقها الشخصي.
انحنى يحكم ربط حزام الأمان على خصرها عندما علق ولم تتمكن من ربطه وابتعد فور أن لامست راحته خاصتها معتذرا:
-آسف.
قوست نرمين فمها وعلقت على أفعاله:
-انت هتفضل تتعامل معايا رسمي كده كتير؟
نفى موضحا:
-ابدا، أنا حاطط حدود عشان مفتحش باب للتجاوزات.
حاولت تمالك نفسها ولكن غضبها تملك منها فصاحت به:
-وقف العربية.
ضغط على المكابح بقوة فارتج جسدها منحنيا للأمام وعائدا للخلف فجأة فصرخت:
-في حد يعمل كده؟
اعتدل بجسده ناظرا لها بغضب:
-في ايه يا نرمين انتي مالك متعصبة ليه؟
ردت تحاول إخفاء نبرة بكائها:
-مش شايف تصرفاتك معايا!
شعر باختناق نبرتها فتذوق تلك الغصة التي تضرب قلبه إن شعر بحزنها فرقق صوته ممسكا براحتها ومقبلا إياها:
-طيب خلاص متزعليش، حقك عليا.
انحنى يقبل راحتها مجددا ونظر لعينيها وهمس:
-كنت عايز آخد موقف بس معرفتش، ضعيف أوي انا من ناحيتك.
حاولت إخفاء بسمتها ولكنها فشلت فصاح بسعادة:
-ايوه بقى وحشتني ضحكتك.
جعدت وجهها بشكل عفوي وطفولي وتكلمت بمعاتبة:
-متزعلنيش تاني.
حرك رأسه مؤكدا:
-أبدا.
علقت عليه بحزن:
-أنا الدنيا كلها مزعلاني يا يزن فعشان خاطري بلاش أنت كمان تزعلني.
شرد بملامحها وظل يرمقها بنظرات والهة وهو يرد:
-أنا بحبك يا نرمين، والله العظيم ما عايز حاجه غير حبك وقربك بس.
تكلمت بخجل ترد عليه:
-وأنا خايفه استعجل نلاقي شخصياتنا مش متوافقة و...
قاطعها بلمعة عينية:
-لا لا استني هنا، انتي بقيتي مراتي حتى لو مش مقتنعه بده، يعني الاستعجال حصل وخلاص ولو شخصياتنا شبه بعض فده هيكون مريح ولو عكس بعض فمعناه هنكمل بعض واللي عندك يكمل النقص اللي عندي، ولو فرضنا الاختلاف ده ممكن يعمل مشاكل بينا يبقى هنطوع حياتنا واختلافتنا عشان نفضل سعدا.
ابتسمت من حديثه وأطرقت رأسها تتمتم بخفوت:
-أنا عارفه اللي جواك ولو عليا موافقة على كل حاجه أنت عايزها بس مامتك مصممة على فرح وأنا بصراحه يا يزن مش عايزه فرح.
أمسك راحتيها معا وتكلم بصوت عميق:
-أنا عارف إن تجربتك الأولى مكانتش أحسن حاجه وأنك خايفه من حاجات كتير أوي منطقية جدا والفرح ممكن يكون بالنسبة لك حاجه مش مهمة، بس أنا عايز أفرح بيكي وأمي عايزه تفرح بيا وأهلك نفسهم يفرحوا بينا عشان يكون لينا ذكرى حلوه نفضل فاكرينها ونفرجها لولادنا لما يكبروا.
❈-❈-❈
نائما على سرير المرافق الموضوع بتلك الغرفة الفندقية المتواجدة بداخل المشفى ينظر لسقف الغرفة ويفكر برفيق دربه ومرضه الذي أنهكه هو أكثر من غيره لمجرد التفكير به، وها هو سيحمل لقب العم أو الخال مرة أخرى فأخته الصغرى تحمل بأحشائها نطفة أخيه الروحي للمرة الثانية وكم يشعر بالألم والخوف في آن واحد.
قطع عليه تفكيره رنين هاتفه فنظر لشاشته ليجده صديقه المقرب الذي انقطعت أخباره عنه منذ عدة أسابيع بعد آخر مشادة كلامية معه وانشغاله بتعب مازن فرد فورا:
-عمر الباشا، عاش من شافك.
هدر عمر على الفور بعصبية وغضب:
-أنت كنت ناوي تعرفني أمتى بتعب مازن؟ هو الزعل بينا يخليك تخبي عليا حاجه زي دي يا فارس؟
لم يمهله الفرصة للرد فتابع:
-طمني عليه، هو عامل ايه؟
أجابه فارس بعد أن صمت أخيرا:
-هيعمل العملية بكره إن شاء الله، ويا سيدي أنا مخبتش عليك حاجه بس انشغلت معاه والله ومفيش زعل بينا أصلا يا عمر.
قوس عمر فمه وسأله:
-مش محتاجني معاك؟
رفض موضحا:
-خليك في مصر وخلى مدام خديجة تفضل جنب ياسمين عشان بالي مشغول عليها.
تنهد عمر بحدة وسأله:
-طيب قولي لو عايزني أعملك حاجه، أنا حاسس اني مضايق عشان مش معاكم.
ابتسم فارس بحبور معقبا:
-خلاص يا عمر قلبك ابيض، أحنا إن شاء الله مش هنطول هنا بس دعواتك معانا.
عقب عليه مناجيا ربه:
-يارب يطنا عليه وإن شاء الله يخف ويرجع أحسن من الأول، أنت حتى مسألتنيش أنا عرفت منين.
ضحك فارس يخبره:
-مش محتاجه ذكاء، أكيد ياسمين قالت لمدام خديجة، أنا عارف انهم بيتكلموا مع بعض دايما.
همهم عمر فتكلم فارس بعد أن تذكر أمرا هاما:
-صحيح لو تقدر تاخد زين للكشف الطبي الدوري وتطمني عليه عشان أنا عارف لو راح لوحده هيرجع يقولي أنا زي الفل.
أومأ موافقا:
-تمام ماشي بس أصلا ملف زين مش عندي ولا بقى تابع للشركة من سنين.
زم فارس شفتيه معقبا:
-يا بني متتعبنيش على ما تفهم، بقولك روح معاه ومش حاجه تبع شغلك، ده عشان هو الحارس بتاعي وعايز يرجع الشغل وأنا عارف انه لسه تعبان فدي خدمة ليا ملهاش علاقه بالشركة ،يارب تكون فهمت