رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 41 - 2 السبت 13/4/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الواحد والأربعون
2
تم النشر يوم السبت
13/4/2024
عادت من عملها وصعدت لتتفقد صغيريها ودلفت جناحها لتهاتفه فهي تعلم أن اليوم هو موعد إجراء مازن لتلك الجراحة الخطرة؛ فأجابها فورا واستشفت من نبرته مدى ضعفه وانكساره:
-حبيبي، طمني.
أجابها بغصة:
-خلاص يا ياسمين كلها نص ساعه ويدخل العمليات والمفروض يكلم چنى بس مش عارف هيخبي وشه عنها ازاي.
لم تفهم عما يتحدث ففهم ملامحها فأدار كاميرا الهاتف تجاهه فرأت رأسه الحليق وملابس العمليات التي يرتديها ووجهه الشاحب فوضعت حجاب رأسها فورا وهي تتكلم بصوت مرتفع:
-ربنا يقومك بالسلامه يا مازن.
رفع وجهه ونظر لها مبتسما:
-أمين يارب، خدي بالك على چنى وميدو والبيبي الجديد.
أومأت مبتسمه فعدل فارس من وضعية الهاتف ورمقها بنظرات حزينة واضعا سماعات الأذن داخل أذنه عندما أشارت له ليفعل وتكلمت بجدية:
-فارس، بلاش شكلك ده أنت كده هتخضه على نفسه، ولو على چنى خليه يكلمها مكالمة صوت بس ويقولها جنبي ناس مش عارف افتح الكاميرا.
رد معلقا:
-ما هو بقاله كذا يوم بيتحجج عشان العلاج مخليه زي ما شوفتي كده.
أومأت تخبره:
-مجاتش من انهارده كمان.
هز رأسه موافقا على حديثها فحفزته:
-أجمد كده أنا قلقانه عليك وشكلك يخوف، أنت المفروض تكون داعم له مش كده.
سحب نفسا عميقا وأومأ لها موافقا وأغلق معها عائدا له عندما دلفت الممرضة تخبره باقتراب موعد دخوله لغرفة العمليات فتصنع البسمة وتكلم بمرح:
-ياااه يا مازن بجد نفسيتي بترتاح جدا وأنت حالق شعرك.
ضحك الأخير على مزاحه وسأله:
-أكلم أختك ازاي بالمنظر ده ازاي؟
أجابه ولا زالت البسمة المصطنعة مرسومة على وجهه:
-كلمها فويس بس واتجج بأي حجه، جنبك ناس ولا في الشغل ولا اي حاجه.
ضحك مازن وهو يذكره:
-شكلك نسيت لما عملت كده وقت ما أخدت الرصاصه في لبنان واختك صممت افتح الكاميرا وعرفت وقتها اني في المستشفى.
حركح فارس رأسه ممتعضا:
-ما أنت اللي مدلعها دلع مرء بصراحه، قولها أنا مشغول انهارده عندي اجتماعات وتحقيقات ومش فاضي عشان نخلص من زنها.
أومأ وهاتفها فردت فورا:
-مازونتي، وحشتني أوي.
ابتسم بسمة واسعه ورد:
-وأنتي أكتر يا حبيبتي، عامله ايه مودي والنونو الجديد عاملين ايه؟
ابتسمت تخبره:
-مودي جميل وزي الفل الحمد لله، وأنا روحت الصبح مع مامتك للدكتوره وعملت كل التحاليل اللازمه وإن شاء الله خير متقلقش.
هز رأسه بتفهم وكأنها تراه فسألته:
-أنت قافل الكاميرا ليه؟ افتحها وحشتني.
رد بجدية مصطنعة:
-مينفعش يا روحي أنا وسط ناس وعندي اجتماع كمان شويه وبكره إن شاء الله ممكن معرفش أكلمك.
جعدت جبينها تسأله بتخوف:
-ليه؟
أجابها مختلقا كذبة ساذجة:
-رايحين منطقه بعيدة شوية كده بنشوف الأرض فيها عشان فارس عايز ينقل مكان المعرض و...
قاطعته متعجبة:
-أمريكا فيها حته مفيهاش شبكة؟ معقول!
أكد لها فضحكت تسأله:
-فارس رايح يختار مكان مفيهوش شبكه ينقل فيه المعرض، ده أكيد مكان مفيهوش خدمات والاكيد مفيهوش زباين.
ابتلع ريقه تخوفا من كشف كذبته فاقترب منه فارس ممتعضا يوبخة بنظراته على كذبته الساذجه وكتب له ما يجيبها به:
-قولها مكان جديد الأسعار فيه كويسه والخدمات لسه بتركب فيه.
ردد ما كتبه فارس فاقتنعت وأغلق معها فور أن استمع لطرق الباب وما كانت إلا من الممرضة تتحدث بلباقة:
-حان وقت دخولك لغرفة التعقيم سيد مازن.
❈-❈-❈
ساعة وأثنين وثلاثة وهذا الجالس أمام غرفة العمليات يشعر بكل دقيقة وكل ثانية تمر كأنها دهرا كاملاً يذكره بكل مواقفه مع ابن عمه وأخيه الروحي ورفيق الدرب والكفاح الذي خطى معه منذ بداية حياته وأولى صفقاته ومحاولاته لانقاذ شركة العائلة من الإفلاس وما تبعها من نجاح فاق توقعه هو شخصيا، وكان هو فقط صديق الكفاح الذي شجعه دائما وأكد له أن النجاح حليفه مهما مر بعقبات.
خفة ظلة التي كانت المسكن بأوقات كثيرة لآلامه ومصائبه هي ميزته التي أحبها الناس به، عفويته ومجونه هي سمته التي اعتادها كل من حوله، وبالأخير تقبله لكل عيوبه ومساوئه والاعتراف بها ومحاولته لإصلاحها كانت السبب الأساسي لحب الجميع له.
التفت على صوت زوجة عمه التي تفاجئ بها برفقه عمه تهتف منادية:
-فاااارس.
ترك مقعده واقترب منهما وهي تهرع بلهفة متسائلة:
-طمني.
ابتسم بوجهها ونظر لساعته ليجد قد مر أكثر من أربع ساعات ولا زال لا خبر ولا حتى خرج ممرض واحد يطمأنه على حالته؛ فأجاب زوجة عمه يطمأنها وهو يحتاج حقا لم يطمئنه هو شخصيا:
-متقلقيش يا مرات عمي، هو قرب يخرج والدكاتره طمنوني عليه.
بكت فاحتضنها مراد مربتا عليها:
-ادعيله يا دينا.
سحبها وأجلسها على المقعد المقابل لغرفة العمليات وظل فارس واقفا ينظر من النافذة المستديره الصغيره الملحقة بالباب أملا أن يلمح أي شخص قد يطمأنه عما يحدث بالداخل.
مرت نصف ساعة أخرى كاد فارس أن يفقد هدوءه وتوازنه وظل يلف ويدور حول نفسه يحاول إخفاء قلقه عن والدي مازن ولكنه فشل فصاح رغما عنه:
-كل ده بيعملوا ايه؟
ضرب الحائط بجواره فتحرك مراد واقفا بجواره يهمس له:
-بلاش كده يا فارس، أنا مهدي دينا بالعافية.
صر على أسنانه يلتفت بجسده يوليها ظهره ليخفي عبراته وغصته المرة التي علقت بحلقه:
-مش قادر يا عمي خلاص، حاسس اني بموت بالبطيئ.
ربت عليه مبتسما بسمة حزينة:
-أنا اكتر واحد حاسس بيك يا فارس، من ناحيه ده ابني الكبير ومن ناحية تانية أنا عشت ده قبل كده بدل المرة تلاته، مره مع أبويا ومره مع أبوك ومره مع عمتك ماجدة ودلوقتي بعيشه لتاني مره مع مازن.
احتضنه فارس يعتذر منه:
-حقك عليا يا عمي، أنا المفروض ابقى أقوى من كده وأنا اللي اقويك بس مش قادر سامحني.
بنفس اللحظة انفتح باب غرفة العمليات وخرج منها الطبيب ومعه فريقة الطبي فهرع ثلاثتهم تجاهه وسألته دينا بلهفة أم أضناها البكاء:
-كيف حال ابني؟
أجابها الطبيب مبتسما:
-بخير لا تقلقي.
التفت يحدث فارس فهو المتابع لحالته منذ حضورهما لتلك المشفى:
-لقد نجحت العملية وقمنا باستئصال الورم الحميد كبير الحجم بالمنظار دون الحاجه لفتح شق برأسه.
ركزت أنظارهم عليه وهو يتابع:
-وأما عن الآخر فقد أحدثت شقا بطول سنتيمترا واحدا واستطعنا استئصاله كاملا ولم نتركه يتلاعب بنا لذا فالنشكر الله على نجاح الجراحة.
تنهد فارس بارتياح وسأله مراد بمهنية:
-وما الخطة التالية؟
أجابه وقد فهم أنه والده:
-انت والده أليس كذلك؟
أومأ له فأكمل:
-الخطوة القادمة هي العلاجات الإشعاعية حتى نتأكد تماما من خلو جسده من أي مسببات لظهور تلك الأورام حميدة كانت أم خبيثه
سأله مراد مجددا:
-هل وجدت السبب أم أن الأمر وراثي كما أظن.
نظرات الطبيب له جعلت فارس يتفهم حالته فعلق:
-السيد مراد الفهد هو طبيب أيضا ووالسيدة دينا زوجته طبيبه هي الأخرى فأظنك لن تبذل جهدا ليفهموا حالة وليدهما إن ما استخدمت معهما المصطلحات الطبية المعقدة.
ابتسم هازا رأسه وقال:
-لا يحتاج الأمر لاستخدام تلك المصطلحات سيد فارس، المرض الخبيث ليس وراثيا إلا بمرور عدة أجيال بمعنى أن يصاب الجد والابن والحفيد ولذلك لا أظن الأمر مطابقا هنا فأنا أرى السيد مراد بحالة جيدة.
علق مراد موضحا:
-أصيب به أبي وأخي وأختي.
عقب عليه:
-حسنا قد يكون اخويك ورثاه عن أبيك ولكن هل اصيب أي من ابنائهم؟
نفى برأسه:
-حمدا لله لم يحدث
أومأ الطبيب:
-إذا فالتاريخ المرضي قد كسر بالجيل الثالث لذا لا تقلق والأمر هنا مجرد صدفة وهو قيد السيطرة.