-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 24 - 1 - الخميس 18/4/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الرابع والعشرون

1

تم النشر الخميس

18/4/2024



وقف مزهولاً مُتصلبًا يُطالع الأوراق التي بين يديهِ بعقلٍ توقف عن أداء عملهِ وتجمد، الأوراق بين يديهِ تُثبت صحة ما تقول،ظل يوزع نظراتهِ المصدومة بين الوجوه من حولهِ، والذين كانوا يقفون مشدودين الأعصاب ينتظرون منه أن يقول أن هُناكَ شيئًا خطأ، وأنها كاذبة........ 


صمتهِ وصدمتهِ هذهِ جعلت قلوبهم تهوى بين أقدامهم، أزدرد لُعابهِ بتوتر، يُطالع الضابط بنظرات مُتضايقة، فتحدث ضابط الشُرطة يسألهُ بخشونة وجديّة: 


_هاا يا أستاذ عُمر تأكدت أن الورق كُله سليم ومفهوش أي تزوير.... 


هز رأسهِ ومازالت الصدمة مُسيطرة عليهِ، فأجابهُ بنبرة مُنخفضة أثر صدمتهِ: 


_أيوه...بس أزاي؟ أزاي بابا يعمل كده ولي أصلاً؟ 


تلك المرة أجابت زوجة عمهِ قائلة بشماتة ونبرة سمجة: 


_أزاي ولي دي تروح تسأله في تربته بقا؟ 


ألقي عليها سهام نظراتهِ الحادة والغاضبة، أنكمشت قليلاً، خوفًا منهُ، لكنها تمسكت بالبرود وعدم الخوف، تُطمئن نفسها أنه لا يُمكن لأحد أن يفعل لها شيئًا في حضور ضباط الشُرطة، فهتفت بقوة: 


_لو سمحت شوف شغلك يا حضرت الضابط، أنا عايزة أستلم بيتي دلوقتي، معنديش وقت أضيعه؟؟ 


علي الجهة الآخري وقفت" غالية"، وبجانبها "سيرين"، مُنصدمين لا يُصدقون ما يحدث أمامهم الآن هل يُعقل أن يتنازل أبيها عن كل أملاكهِ لها، يالها من صاعقة هبطت علي رؤسهم من حيث لا يدرون، لم يبدون أي ردة فعل، فقط يقفون مُتصنمين من هول الصدمة، حتى" عُمر"، نفسهِ مُنصدم أكثر من أي أحد، ما يحدث لا يُعقل، لا يدخل عقل بشر، متى ولماذا؟ لماذا؟ والدهُ يفعل هذا بهم، يكاد يجن، فكل الاوراق صحيحة مئة بالمئة وعليها توقيع والدهُ الأصلي وليس تزوير بالمرة........ 


لقد قاربَ علي مشارف الجنون لا محالة، فكل الأحداث تأتي خلف بعضها مُتتالية ومُتسارعة بطريقة مُهلكة لهُ، بالتأكيد هو بحلم ما وسيستفيق منهُ قريبًا، نعم نعم هو حُلم، بالتأكيد من المُستحيل أن يكون حقيقة..... حقيقةً كيف، أي حقيقة هذهِ، التي تُجبرهم أن يتركون كل شئ ملكهم والتنازل عنهُ بكل هذهِ البساطة....... 


_بعد أذنك يا أستاذ عُمر أتفضل قول للجماعة يفضوا البيت من مُتعلقاتهم الشخصية، عايزين نخلص كل حاجة بهدوء ومن غيرة شوشرة، أنتَ شوفت بنفسك أن كل الأوراق سليمة وتمام التمام....... 


كان صامتًا، لم ينطق بأي شئ، فقط هز رأسهِ، ووجهَ نظراتهِ ناحية شقيقتهِ، وزوجتهُ، قائلاً بهدوء: 


_لموا حاجتكم، وحاجة ماما! 


صرخت بهِ "سيرين"، بصدمة شديدة: 


_أنتَ بتقول أي؟ أنتَ هتسيبهم يطلعونا من بيتنا؟ بجد أنتَ مصدق الهبل ده، والست المجنونة دي؟ 


_هي مين دي اللي مجنونة يا حلوة، لو كان علي الجنان فـ أنتِ لسة مشوفتيش الجنان إللي علي أصله..... 


كانت هذهِ كلمات" ليلي"، الغاضبة من نعت الآخري لها بالمجنونة، طالعتها "سيرين"، بنظرات نارية كادت تحرقها، نظرات مُشمئزة نافرة لاطالما كانت تكرهها مُنذ زمن ولا تُطيق التواجد معها فـ أي تجمع عائلي كان يقومون بهِ فـ أي مُناسبة، صرخت بها قائلة بغضب، وقد أوشكت علي الأنهيار: 


_أيوه مجنونة وستين مجنونة كمان، أنتِ مين أصلاً، عمي دخلك العائلة وأنتِ مكونتيش تتمني تعدي بس من جنب أي بيت من بيوت عائلة التركي، أكيد إللي بيحصل ده لعبة منك، لعبة من ألعابك القذرة إللي زيّك..... 


قاطعها شقيقها يصرخ بها بعصبية: 


_أسكتِ يا سيرين لو سمحتي؟ 


نظرت له بصدمة، قائلة بكلمات قوية مُهينة في حق"ليلي"ولم تُبالي لكونها زوجة عمها رحمهُ الله: 


_نعم أسكت..... أنتَ عايزني أسكت، لا مش هسكت، لو أنتَ هتسكت أنا بقا مش هسكت، ومش هسمح لواحدة زيها تاخد مالنا وحياتنا إللي هي دخلتها بالعافية أصلا بعد ما كانتش لاقية تأكل، دي نسيت نفسها، نسيت هي مين؟!  


_لا منستشِ يا بنت نادية، أحب أصدمك أكتر وأقولك أنا مين بجد، والنبي لأقولك أصلك حبيبتي وتستاهلي بصراحه الصدمه دي بما أن نادية مش موجودة وخصوصًا أن الصدمة دي متفصلة ليها هي..... 


صمتت قليلاً، من ثم زجت بكلماتها النارية، التي تعلم تمام العلم أنها ستُصيبهم في مقتل دون شك،تحدثت ببرأءة حية متلونة : 


_أنا مقدرة والله موقفكم، أنا لو مكانكم بصراحة أعمل أكتر من كده، بين يوم وليلة لقيتوا مرات المرحوم عمكم جاية تقولكم أطلعوا من البيت لأنه بقا بيتي خلاص وكمان كل أملاك يوسُف كتبها بأسمي، طبيعي جدًا صدمتكم دي، بس عايزة أصدمكم أكتر وأقولك لكم لي يوسُف عمل كده، بصراحه مش شايفة أي غلط في أن واحد يكتب لمراته حبيبته أملاكه بيأمن مستقبلها....... 


ثانية، ثانيتين، لم يستوعبوا ما نطقت بهِ لتوها، هل قالت زوجتهِ حقًا، هتف "عُمر"، بأستنكار قائلاً يصرخ بها: 


_أنتِ بتقولي أي؟ 


_بقول إللي سمعته، أبوك متجوزني ومن زمان كمان أصلنا كُنا قصة حُب قديمة وجات واحدة عقربة الله يسهل لها بقا فرقت ما بينا.... 


صرخت بها" سيرين"، عندما أدركت أنها تقصد "بالعقربة" والداتها، بالعقل من ستقصد غيرها،أخذت تنهالُ عليها بسيلاً من الكلمات الغاضبة تُدافع عن والداتها: 


_أحترمي نفسك، وأتكلمي عن ماما كويس، أنا سكتالك من الصبح؟ 


_هتعملي أي يعني؟ هتضربيني مثلاً، هتمدي أيدك علي مرات أبوكِ، إللي في مقام ماما، يعني هي نادية علمتك كده برضو، لا بجد أخص علي التربية.... 


أرتفعت حدة صوتها: 


_بقولك أحترمي نفسك...... 


_شوف البت مُصممة برضو تقل أدبها علي مرات أبوها، فينك يا يوسُف يا حبيبي، لو كُنت موجود دلوقتي كنت زمانك كسرت رقبتها علشان تتعلم بعد كده أزاي تتكلم مع مرات أبوها 


أشتدت المُشاحنة بين الأثنين، يُلقون علي بعضعم الكلمات الغاضبة، بينما "غالية"، كانت تقفُ صامتة مُنذ البداية، فـ ليس لها الحق في أنّ تتحدث من الأساس، وكذالك ضابط الشُرطة كان يقف يُشاهد فقط، أنها مُشجارات عائلية لا دخل لهُ فيها، أنه قد جاء لمُهمة مُحددة ليس إلا، بينما" عُمر"، كان يُشاهد بصمت هو الآخر تلك المُشاحنة، لكن بداخل عقلهِ تُقام مُشاحنة أكبر وأقوي بكثير من هذهِ التي بالخارج، عقلهِ لا يتوقف عن التفكير يحاول أستيعاب كم المصائب التي تنهالُ عليهِ من حيثُ لا يحتسب..... يحاول ربط الأحداث ببعضها البعض، يحاول ترجمة شفرة ما يحدث لهم هذا.... 


أرتفعت صراخات "ليلي"، المُتائلمة والمُستنجدة، حينما أنهالت عليها" سيرين"، بضربات مُتتالية، تضربها بكل غل و بكُل ما أوتيت من قوة، صرخات الآخري التي أسفلها تذداد أكثر بسبب الألم التي تشعر بهِ من ضربات "سيرين" لها بعد أن أستفزتها بكلماتها المُهينة لوالدتها، هرول الجميع اليهم سريعًا يحاولون فض النزاع القائم بشراسة هذا، لكنهم لم يقدرو علي "سيرين"، والتي تحولت إلي وحشًا كاسر لا يهابُ شيئًا، فقط تُريد أن تُلقنها درسًا لن تنساه مهما حيّت، فأنقضت عليها بأسنانها الحادة تقضم أول مكان قابلها من جسد تلك المسكينة، وقد كان من نصيب، ذراعها العاري أمامها،للحظة شعرت أن دمائها القذرة في فمها، صرخت صرخة مداوية أهتزت لها الجُدران، ومن خلفها الضُباط يحاولون أبعادعها عنها بأي طريقة لكنها أبت نهائيًا أن تتركها وشأنها........


الصفحة التالية