رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 18 - 2 - الإثنين 15/4/2024
قراءة رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثامن عشر
2
تم النشر يوم الإثنين
15/4/2024
وفي المشفى
وقد وصل بها صباحًا، قبل ان يذهب لعمله، كي يوصلها لشقيقها، ويطمئن معها عليه، حينما توقفا امام الغرفة، توترت بقلق تخاطبه:
- يوسف، انا خايفة ليكون لساتوا زعلان مني .
ربت على ظهرها بدعم ، يسحب شهيق طويل يهدئ به روعه من الداخل رغم ادعائه غير ذلك في قوله لها:
- مفيش داعي للخوف، اكيد دلوقتي هو بقى مستوعب عن امبارح، جمدي قلبك كدة وتعالي بقى..... هنفضل واقفين مكانا اليوم كله؟
قال الأخيرة، وكفه اطبقت على كفها، يسحبها معه لداخل الغرفة، بعدما طرق على بابها بخفة، ليتفاجأ به واقفًا امامهما:
- ما شاء الله، دا ايه المفاجأة دي؟ صباح الخير يا بسيوني.
صدر القول من يوسف، قبل ان يجفله الاَخر بنظرته الحادة نحو الأيدي المتشابكة، ليزيد من توترهما ، فتململت هي بخوف، لتفلت نفسها وتركض اليه، تتعلق بذراعه:
- حبيبي يا خويا حمد الله على سلامتك، بركة انك واجف جدامي دلوك، دا يوم المنى والله .
تلقى قبلاتها على وجنته رافع حاجبًا واحدًا، يرد ببرود:
- الله يسلمك...... وانتي عاملة ايه بجى؟ شايفك حلوة ولابسة زين ولا اكنك بجيتي من اهل مصر .
ابتلعت ريقها الذي جف، ينتابها شعور غير مريح من تلميحه الغامض، فتدخل يوسف كعادته معها بحمائية، يجذبها نحوه:
- ورد مش محتاجة مجهود عشان تبقى من اهل القاهرة، هي حلوة وحدها، واي حاجة تلبسها تليق عليها .
اعتلت الشراسة ملامح بسيوني، وفعل الاَخر مع ترحيب شقيقته وكأنها تتلمس الامان منه، من احد غيره، ليزفر دخان من انفه بصمت مهيب، يزيد من بث الرعب في قلبها حتى جعلها تعاود الدفاع عن موقفها مرة اخرى له:
- انا جولتلك يا واد ابوي امبارح، عن اللي عمله معايا يوسف، لما وجف لابويا، واضطر انه يعجد عليا عشان افضل جمبك ومرجعش ع البلد وانا جلبي مجطع عليك، واديك شوفت بنفسك التغير عليا ، اكرمني من كله، من غير مقابل، ولا حتى حاول انه يلمسني ، رغم اني في بيته وتحت عينه.....
- يعني انتوا عايزني اصدق صح انه فعلا مجربلكيش؟
صدرت منه مقاطعًا لها، ليأتيه الرد من يوسف بلهفة:
- اه والله يا بسيوني، انا اختك عايزها على حلال ربنا، رغم انها حلالي على سنة الله ورسوله، لكني برضوا مصمم اني اخد مباركتك واعمل لها فرح بجد وشبكة تليق بيها، وافق بقى يا عمنا، خلينا نفرح ولا انت مش شايفني اليق بيها؟
كان في قوله الاخير، تملق واضح فهم عليه الاخر، لكن لم يعيره أدنى اهتمام، وقد انصب تركيزه فيما سبقها ، لتضيق عينيه بتفكير، دون ان ينطق ببنت شفاه، فواصل يوسف:
- ايه يا عمنا؟ وافق بقى خلينا نعلي الجواب ونشهر الجوازة.
حانت على وجهه ابتسامة غير مفهومة ينقل ابصاره نحو الاثنين، لتلتمع عينيه بمكر يجيبه:
- ومالوا يا يوسف؟ بس انا من رأيي المستشفى هنا مكان ماينفعش فيه الكلام ده، اصطبر على ما نطلع منها ، وبعدها يحلها الحلال .
تطلع اليه الاخير بعدم فهم، ليشرع في الجدال، ولكن بسيوني قطع عليه الفرصة من بدايتها:
- عن اذنكم بجى امشي رجلي شوية، الدكتور هو اللي أمرني بكدة عشان صحة المخ، وبالمرة اطل غ الغلبانة اللي دافعت عني.
قالها وخرج، يترك الاثنان في تخبطهما، فلم تريحهم الإجابة ولا تعبير الملامح على الإطلاق.
❈-❈-❈
وفي الغرفة المجاورة
كانت تتناول بفتور وبدون شهية الطعام من يدي والدتها حينما طرق بخفة على الباب ، قبل ان يطل عليها بهيئته الضخمة فترتسم ابتسامة بثغرها ، اشرقت على ملامحها السمحة، لتشجعه للدلوف وإلقاء التحية:
- صباح الخير يا جماعة، عاملة ايه يا ست مشمش؟
رحبت والدتها تسبقها في الرد:
- يا اهلا يا صباح الفل عليك يا بني، اتفضل...
توقفت برهة تتأمل ما يرتديه وهذا الشاش الطبي الذي يلتف حول رأسه، لتتابع سائلة له بفضول:
- هو انتي كمان متصاب يا بني ولا ايه؟
تكفلت مشيرة بالرد عنه:
- دا بسيوني ياما، اللي كنت كلمتك عنه، وقولتلك انه......
- اللي فاق من الغيبوبة،
تمتمت بها والدتها تهز رأسها لأعلى، ثم تتمعن النظر اليه، متابعة:
- يا ماشاء الله عليك يا بني، ربنا يحرصك من العين، بس انت كنت في غيبوبة ازاي؟
قالتها بمغزي نحو قوته البدنيه التي تتضح امامها، دون جهد منه، فتبسم هو لعفوية المرأة وسجيتها قائلًا:
- الضربة لما تاجي من الخلف بتوجع اجدعها راجل مهما كانت جوته يا خالة، وانا الحمد لله ربنا خد بيدي....... المهم دلوك مشمش، عاملة ايه يا بت الناس؟
انتبهت المرأة لنعته لابنتها باسم الدلال المحبب لها، وقد توهجت بشرتها بعد الانطفاء، واصفرار المرض، لتراقب بفراسة رد فعلها التعامل معه، رغم تعبها:
- انا كويسة والحمد لله، اديني باكل اهو ونفسي مفتوحة عشان اقوم واقف على رجلي واشتغل، الا قولي انت مين متابع حالتك دلوقتى؟ اوعى تكون مش مرتاح؟
اكتنفه الحرج رغم سعادته البالغة باهتمامها، هذه الفتاة حقا تزيده حيره بأفعالها:
- اطمني ومتشليش هم انتي، اهم حاجة صحتك، انا اديني واجف بصحتي جدامك اها،
قطع ليوجه الحديث نحو المرأة التي تتابع بازبهلال لأفعالهم:
- خلي بالك منها يا خالة، مشمش حتى وتعبانة بتفكر في الشغل
اومأت له المرأة بنظرة معبرة عما يدور برأسها في هذه اللحظة من أفكار تشطح بعقلها، ولكنها ملتزمة الصمت ، تراقب هذه النظرة الدافئة منه الى ابنتها المفضوح اهتمامها به، لتجيب اخيرًا:
- من عنيا يا ابني، وانت ربنا يتم شفاك على خير قريب، اللهم امين .
❈-❈-❈
عودة الى روح التي استيقظت اخيرًا، لتفاجأ بقرب الوقت من الظهيرة، وقد اخذ الجسد راحته، بعد فترة طويلة من السهر والسهاد في الليلة الماضية، لتخرج من غرفتها، عينيها تبحث في الأرجاء حولها، ينتابها التعجب من هذا الهدوء المريب.
- لا إله إلا الله، هما سافروا وسابوني لوحدي ولا ايه؟
غمغمت بها متسائلة مع نفسها، ليأتيها الرد من خلفها:
- لا يا ست البرنسيسة، جوزك لساتوا جاعد مربوط جنبك.
التفت الى الجهة التي يحدثها بها، من داخل المطبخ المفتوح، لتتوسع عينيها بدهشة وهي تراه مرتديًا لزي المطبخ ، وفي يده اداة ما .
لتتبسم بمرح مخاطبة له:
- ايه ده يا عارف؟ لابس مريلة المطبخ وماسك سكينة التجطيع في ايدك، معجولة تكون بتطبخ؟
- ومش معجولة ليه؟ وانا معايا ست بتصحى على جريب الضهر، رجعتيني لعيشة العزوبية يا دلوعة اخوكي.
قهقهت بضحكة عالية، لتقترب منه وتتخذ مقعدها امام البار مقابله، لتردف بلهجة متأسفة:
- نصيبك بجى يا واد عمي، بس انت ليه مصحتنيش، انا نومي مش تجيل للدرجة دي.
عبس يتصنع الضيق، ويداه مشغولتان بتقطيع الخضروات ليعلق:
- ما انتي لو بطولك لكنت جمدت جلبي ورشيت عليكي مية حتى، لكن للأسف دلوك حماية، اخاف اصحيكي واجلج حبيبي الغايب .
هذه المرة طالعته بحنو وقد أثرت بها كلماته، لتسأله بفضول:
- كد كدة انت مشتاج للنونو يا عارف؟ مكنتش اعرف انك بتحب الاطفال لدرجادي؟
- وفي حد ميبحبش الاطفال؟ انتي مجنونة؟
أجابت عن سؤاله ببعض التردد
- لا انا جصدي يعني..... عشان بجالك سنين من ساعة جوازتك الاولى ، وانت لا سائل في جواز ولا أطفال.
توقفت عما يفعل، يثبت ابصاره بخاصتيها قائلًا:
- عشان مكنتش عايز حريم غيرك، ولا اطفال من أي حد غير منك.... فهمتي بجى يا ناصحة؟
اومأت بهز رأسها بأعين لامعة:
- فهمت يا جلب يا روح، ربي ما يحرمني منك يا احلى عوض.