رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 4 - 1 - الثلاثاء 16/4/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ما بين العشق والهوس
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع
1
تم النشر يوم الثلاثاء
16/4/2024
دلف إلى شقته في الصباح الباكر بعد إنتهاء نوبة عمله كالعادة، تفاجأ بالسكون المسيطر على الأجواء من حوله مع عدم رؤيتها ولا الشعور بثمة حركة بشرية، جالت عيناه في جميع الأنحاء وهو يكمل حتى وصل إلى غرفته، ليجدها مازالت نائمة على تختها ولم تستيقظ.
في حدث نادر وعلى غير عادتها منذ زواجه بها، وما نشأت عليه هي في حياتها الريفية القائمة على الاستيقاظ مع شروق الشمس، لأداء الفروض اليومية في الزراعة وتربية الماشية وإطعامها.
تقدم بخطوات خفيفة حتى وصل إليها يتأمل وجهها الذابل من بكاء الأمس، يعلم جيدًا بهذا وبدون أن يخبره احد، لقد قسى بالكلمات وهي لا تستحق، أو حتى تستحق؛ فهو لن يهتم.
وقد فقد الثقة في جميع النساء وهي ليست أفضلهن؛ بهذا الجنون الذي يتملكها دائمًا كلما رأت نفسها في المرآة وشعرت بهذه الأنوثة التي تتفاخر بها، وتستفز شياطينه دائمًا لكي يؤدبها أو يعنفها بالقوة حتى تتعقل، نعم تتعقل وتعلم بأنها ليست مميزة.
بل هي زوجة عادية وعليها أن تطيعه وتخدمه بدون أن ترفع عينيها ولا ينفلت لسانها معه، هو أتى بها من الريف لأجل هذا الغرض، لو كان غايته الجمال، لما بحث واتعب نفسه بالذهاب لموطنه الأصلي في البلدة حتى ينتقي زوجة مطيعة ومتواضعة الحال وبتعليم أقل منه.
فلماذا تُصر دائمًا بغباءها على تذكيره بالماضي المؤلم لرجولته؟ ألا تُميز من نفسها أن الجمال لم يُعد يعنيه أو يفرق معه، وأن كل ما يشغله الاَن ويتمناه بشدة هو الراحة وهدوء البال، لماذا لا تفعل وتريحه وترتاح هي الأخرى براحته؟
تنهد من عمق ما يحمله بقلبه، ثم اقترب منها ليوقظها:
-ابتسام، ابتسام، أنتِ يا امرأة.
خرجت الاَخيرة بهتاف عالي أيقظها منتفضة بإجفال، تطلعت إليه قليلًا حتى استعادت وعيها جيدًا، لتنهض بجذعها تخاطبه باندهاش:
-عصام! متى جئت؟
رمقها بنظرة مستخفة قبل أن يتحرك من جوارها ينزع عنه معطفه الثقيل، ليُهم بخلع ملابس العمل، ويُجيبها بشبه ابتسامة ساخرة:
-جئت على ميعادي يا برنسيسة ابتسام، بعد سهر وعمل ليلية كاملة، كي أوقظ امرأتي جميلة الجميلات، بعد أن أغراها دفء الفراش بعدم تركه والنهوض عنه.
صمت برهة وهو يتناول بيجاما قطنية ليرتديها ثم أكمل بسخريته:
-ما رأيك زوجتي العزيزة، أسخن الطعام؟ أم أُعد الشاي؟ أم أجهز لكِ حمامٍك؟
تطلعت به زامة شفتيها بضيق ظهر بشدة على ملامح وجهها، لترفع عنها الغطاء وتننهض عن التخت سريعًا ترد حانقة منه وهي تلملم بشعرها لتعقده بعقدة في الخلف:
-لا داعي للسخرية والاستهزاء يا سيد عصام، لقد نهضت وسوف اقوم بكل ما ذكرته لأجلك، يا سيدي وتاج رأسي.
قالت الاَخيرة قاصدة رد السخرية ليتبسم لها بزواية فمه المغلق قبل أن يرد:
-بل افعلي لنفسك لو تريدي، لأنني لا أريد منك شيئًا .
قالها ليعطيها ظهره بتجاهل ثم اندس سريعًا بداخل الفراش الدافئ يردف إليها من تحت الغطاء.
-إذهبي واتركيني الاَن، لأني لا أريد شيئًا سوى النوم .
تطلعت إليه بدهشة سائلة:
-أتتكلم جديًا يا عصام؟ ألن تفطر أو تستحم قبل نومك؟
هدر بصوت مكتوم:
- اطفئي النور واذهبي، قلت لا أريد شئ، أذهبي.
انتفضت على صيحته الاَخيرة، لتتحرك نحو خزانة الملابس بخفة، لتُبدل ملابس النوم بعباءة بيتية، لتخرج بعد ذلك على أطراف أصابعها حتى لا تثير جلبة بحركتها وتوقظه، فضغطت على قابس الكهرباء قبل أن تغلق باب الغرفة من خلفها.
❈-❈-❈
خارج الغرفة كانت تحرص بخطواتها على عدم إصدار صوت أو أي حركة تُزعجه، أو تتسبب في عدم نومه، وهي لا ينقصها منه، إبتعدت حتى وصلت لوسط الصالة لتقف وتفرك بيديها على وجهها حتى تستعيد وعيها جيدًا.
ثم تفكر بما ينتظرها من أعمال تقوم بها في المنزل، مع صداع رأسها التي لم تأخذ كفايتها في النوم رغم هذا التأخير في الإستيقاظ، والذي لم تفعله منذ طفولتها، ولكن بسببه وبسبب الكلمات السامة التي ألقاها عليها بالأمس اذهبت عنها النوم بالتفكير والبكاء لمدة طويلة، مع عزة وبعد خروجها أيضًا.
ثم هذه المحادثة الغريبة التي قامت بها مع الطبيب بعد مفاجأته لها برسالته، لتكمل عليها بالحيرة فتظل ساهرة حتى اقتراب الفجر، وهي التي تضع رأسها على الوسادة فتنام على الفور دون انتظار.
فركت على وجهها مرة أخرى مستعينة بالله لفعل ما تقوم بفعله يوميًا في هذا الوقت، تتناول وجبة الإفطار أولًا ثم تقوم بترتيب المنزل وجلي الصحون، تحركت لتقف بوسط الشقة فجأة متفاجأة بهذه الكيس الموضوع على الطاولة الصغيرة التي تتوسط المنزل،
قطبت وهي تترقب لترا ما به، ليفتر ثغرها بابتسامة عريضة وهي تتبين محتوى الكيس لفاكهة التين التي تعشقها، تناولت ثمرة منه تنظر لها بفرحة تشابه فرحة الأطفال، لتنتقل أبصارها نحو باب الغرفة النائم بداخلها عصام.
هذا المجنون الذي ابتاع الفاكهة التي تعشقها من أجلها فهو لا يأكلها، إذن فهي بادرة منه للصلح ولكن بشكل غير مباشر، رغم عبوس وجهه معها والتهرب منها بالنوم دون تناول إفطاره، تنهدت مطولًا بقنوط، من طبع زوجها الغريب الذي يجعله حتى لو أراد الصلح لا يتجرأ على القول بفمه.
❈-❈-❈
-عزة يا عزة .
كان يهتف بها بعجالة فور أن دلف لداخل منزله، ليأتيه صوتها الضعيف من داخل المطبخ:
-أنا هنا يا عمران.
سمع منها وفي ظرف ثواني كان عندها.
وجدها جالسة على طاولة السفرة تتناول بعض الأطعمة الخفيفة، القى تحية الصباح وتسمر بوقفته وكأنه يبحث عن كلمات، فبادرت هي بمخاطبته:
-حمد لله على سلامتك، أتريدني فيى شئ؟
نفى بتحريك رأسه سريعًا وخرج صوته بلجلجلة مع تفكيره:
-لااا كنت أريد فقط سؤالكِ عن... شيئًا ما.
أجابتها بنبرة هادئة كعادتها:
-تناول معي الطعام يا عمران، وتذكر بعدها كما تريد.
نزلت عينيه نحو ماتتناول، لتكمل بدعوته وهي تشير على الأطباق التي فوق الطاولة:
-هذا عسل نحل أصلي ومن مصدر موثوق، أتت به جارتي من بلدتها قريبًا وأعطتني منه بالأمس، اجلس وتناول معي لقمتين
سمع منها وعلى ذكر الجارة جلس على الفور يتناول منه بنهم، ليقول بتعجب:
-العسل جميل ورائع ولكن لماذا لا تأكلين شيئًا اَخر معه، هل من المعقول أن يكفيكِ العسل والخبز في وجبتك؟
أجابته وهي تُغمس لقيمة من الخبز في الطبق:
-هذه وجبة خفيفة كي أسيطر الوحوش التي تعوي بداخلي من الجوع، ولتهدئة هذا الطفل الذي لا يتواني عن المطالبة بحقه في الطعام بالرفس بقدميه ليُوقظني حتى لو بأعز أحلامي .
أومأ لها برأسه مع ابتسامة خفيفة حفظتها عن ظهر قلب من كثرة ما رأتها منه، لتعلم بداخلها أنها مجاملة لادعاء استجابته مع المزاح، ليتها لا تتكلم ولا تمزح أيضًا، فما أقصى على المرأة من تجاهل زوجها وعدم التركيز لحديثها معه، ثم الرد بالمجاملة فقط لها.
تنهدت بداخلها لكي تضع همها في الطعام وليذهب المزاح والتفكير المرهق في طبع هذا الرجل للجحيم، ولكنها رفعت رأسها على أثر هتافه بأسمها:
-عزة.
رفعت إليه رأسها اليها بتساؤل فخرج صوته بلجلجلة:
-كنت أود سؤالك عن هاتفي القديم، الذي أعطيته إليكِ في العام الماضي، كي تأخذيه للاستخدام أو تحتفظين به في مكانٍ ما؟