رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 5 - 2 - الثلاثاء 16/4/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ما بين العشق والهوس
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس
2
تم النشر يوم الثلاثاء
16/4/2024
أومأ لها بالموافقة، لتنهض متلهفة رغم حرسها الشديد على صحة الجنين بخطواتها المتأنية، فظلت عينيه مثبتة عليها على ظهرها النحيل وهي تنصرف نحو المطبخ من أمامه بتفكير يحدث نفسه من الداخل:
-طيبة وتستحق كل الخير، ولكنها متواضعة في كل شئ، ولم تصل أبدًا إلى الصورة التي رسمها بخياله، ووضعت نصب رأسه في اختيارات العروس سابقًا، قبل أن يصدم من كم النساء الاَتي رفضنه جميعًا لصورته.
ولكنها الوحيدة التي وافقت عليه، ورغم امتنانه لموافقتها، ولكنه أبدًا لم يقدر أن يراها كما تمنى، أو يراها كما يرى جارته العزيزة إبتسام.
❈-❈-❈
في المطبخ
وبعد أن دلفت إليه وتناولت الأطباق من البراد فوضعتهم في السخان الكهربائي، توقفت محلها بالمدخل، وذهبت عينيها إلى الصالون حيث الاَريكة التي جلس عليها باسترخاء ومد أقدامه على الأرض أمامه، يقلب بجهاز التحكم في شاشة التلفاز بعدم انتباه لنظراتها.
وهي تشمله بعينيها بتفحص ليس بالجديد عليها، بل تفعله دائمًا حينما يكون منشغلًا أو غافلًا عنها، بغض النظر عن التشوه الكبيرة الذي أخذ نصف وجهه، فهو يمتلك بنية جسدية رائعة في طوله وعرض عظامه، لا هو بالسمين المترهل بدهونه، ولا هو رفيع بعظام بارزة.
عريض المنكبين، مستقيم الأنف رغم انفراج فتحتي التنفس قليلًا، شعره ليس بالمجعد ولا بالكستنائي الحريري، انما هو ناعم ومعظم الوقت لا يحتاج ألى التصفيف بالفرشاة، وإنما بأنامل أصابعه تكفي.
لديه مميزات بشكله غافل هو عنها كمعظم من يراه في المرة الأولى قبل أن يعرفه جيدًا أو يتعامل معه بعد ذلك ويعتاد عليه، تذكر اول لقاؤها به حينما تقدم لخطبتها، بعد أن دله أحد أقاربها عليها ثم تدخل هذا الرجل وكان الوسيط في تجميع رأسين في الحلال.
في هذا اليوم
تفاجأت بكم التعليقات الناقدة له من أهلها، وقبل حتى أن تدخل إليه وتراه؟ فقد أجمع الجميع على أنه لن يعجبها وسيخرج كما أتى، وعلى الوصف المبالغ فيه توقعت أنها سترى وحشا أو مسخ بتشوهه.
ولكن هذا لم يحدث فعندما دخلت إليه كانت مهيأة نفسيًا في استقباله، وحينما رأته لم تركز على تشوه وجهه لتعتبره عيبًا وتأخذه حجة للرفض، لا بل هي تقبلته بشكل وجهه هذا، رغم أنه لم يكن ينظر إليها من الأساس، أتاها إحساس أن هذا من حسن أخلاقه.
واتسمت فيه التعقل، فشعرت أنه مكسور باليتم مثلها، حن قلبها إليه وظنت أنها ستكون سكنًا له، ويكون هو سندها بعد أن فقدت سندها بموت والديها، فوافقت رغم استغراب ألجميع لموافقتها وظنهم أنها تمزح بالبداية، ولكنها فاجأتهم بإصراراها عليه، حتى استجابوا لرغبتها ووافقوا عليه.
تنهدت بعمق ما تحمله بقلبها نحوه، تتمنى لو يحمل بقلبه لها ولو النصف منه، لتمتم بداخلها بأسى:
-يا ليته يراها كما رأته هي من أول مرة، يا ليته أحبها كما أحبته دون النظر لوجهه لو صورته.
❈-❈-❈
-يا أبا عمران تريدها سادة أم زيادة؟ قولي يا رجل ولا تخجل، الخير كثير.
قالها عصام بتفكه وهو يخاطب الاَخر أثناء نوبة عملهما معًا، والذي كان يتابعه بسكون تام، مندهشًا من مزاحه الدائم وتغير مزاجه عن الأمس من النقيض إلى النقيض، فقال يجيبه:
-تعلم كيف أشربها يا رفيقي العزيز، فما داعي للسؤال؟
جلس على عقبيه عصام يرد متبسمًا وهي يحرك في مشروب القهوة التي يعدها على النار في الأسفل:
-ولكني أًريد أن أسمعها منك، فربما وددت التغير مثلي، أما رأيتني أشربها بالأمس سكر خفيف لكسر المرار فقط، ولكني اليوم سأشربها زيادة، زيادة جدًا.
بادله ابتسامة لم تصل لعينيه ليعقب على قوله:
-تبدوا لي رائق المزاج يا راجل، وهذا ما يجعلك منعتشًا بسعادة، وشهية مفتوحة على الدنيا وعلى كل شئ جميل وطعمه حلو أيضًا.
التف إليه عصام يتطلع إليه بذهول فقد تمكن رفيقه من وصف حاله بدقة، أو يكون هو مكشوفًا أمامه لهذه الدرجة، أومأ له برأسه موافقًا:
-نعم يا عزيزي، لا أعلم كيف تمكنت من إيجاد الكلمات المناسبة لحالتي، ولكنها فعلًا كما قولت هذا ما أشعر به، مزاجي جيد بحق.
اومأ له بابتسامة يدعيها بود عكس ما كان يشعر به بداخله من نيران، فقد تمكن من استنتاجه، لقد تصالحا، هو والغبية زوجته، والتي يجزم من نفسه وعلى غير معرفة، أنها هي من بادرت ولا يستبعد أن تكون ترجته أيضًا الحمقاء، مدام عصام مبسوط هكذا، مشرق الوجه بغبطة بداخله، فهذا يعني أن تخمينه هو الأكيد، غبية.
تفوه بها بداخله قبل يتمتم له بمجاملة:
-أدام الله عليك السعادة يا رفيقي، فمن لا يتمنى ذلك.
رد عصام وهو يُنزل الركوة من على النار قبل فورانها ليصب قهوتها في الكوبين الزجاجيين:
-لي ولك يا صديقي، ومن لا يتمنى؟ إذن فلتتفضل بتناول قهوتك وقد أعددتها مظبوطة لي ولك، فكما قولت، أنا أعلم بها.
تناولها منه ليضعها على الطاولة البلاستيكية بجواره بصمت، يستمع بتركيز إلى ما يردف به الاَخر بشرود:
-أتعلم يا عمران، أن هذه الدنيا دائمًا ما تعوضنا بالأشياء الجميلة بعد الإنكسار، ولكننا لا نراها أو نشعر بها، وذلك لوجود الماضي بأوجاعه بعقلنا فدائمُا ما يضع الحاجر بيننا وبينها.
على الرغم من علمه لما يقول وبدون أن ينطق لسانه بالكلمات، وذلك لمعرفته الوثيقة به منذ توليه العمل معه واخباره بقصة فشل زواجه الأول من المرأة الوحيدة التي أحبها بحق، ولكنه ادعي عدم الفهم ليسأله:
-ماذا تقصد بالحاجز؟ وما هي الأشياء الجميلة التي عوضك الله بها؟ فسر لي كي أعلم .
تبسم عصام يجيبه بمرواغة:
-لا تدقق يا رفيقي، هذه هي الدنيا، يوم جميل واَخر بائس، وهذا شئ لا يحتاج لتفسير أو تدقيق.
إستجاب إليه عمران بشبه ابتسامة جانبية، لعدم رضاه عن الإجابة المبهمة.
ليظل صامتًا يراقب الاَخر؛ الذي ونهض يتمخطر بخطواته وهو يرتشف من قهوته بتلذذ مع صفاء مزاجه، ليجفله فجأة بالتفافه إليه قائلًا:
-مارأيك يا عمران لو خرجنا قريبًا أنا وأنت وزوجتي مع زوجتك، كعائليتن معًا ونتنزه في مكان ما.
مال برأسه فجأة متعجبًا من عرضه المفاجئ ليسأله باستفهام:
-أين تقصد؟ ولما؟
على صوت ضحكة عصام لتزيد من احتقان الاَخر قبل يجيبه:
-يا رجل، أنا اعرض عليك نزهة للعائليتين، هذا شئ طبيعي ويكفله الدستور، نذهب لمجمع تجاري، أو حديقة عامة أو حتى صالة سينما نشاهد فيلم ما أو مدينة الملاهي نتمتع بالصخب واللعب فيها.
هم ليرد بالإعتراض رافضًا، ولكن لسانه أبى أن ينطقها بعد تذكره لها.
ورؤيتها هن قرب وسماع حديثها وقهقهاتها كما حدث في المرة السابقة في عيد شم النسيم، حينما جلسا أربعتهم في الحديقة وبين الخضرة على مفرش القماش وأكل معها من نفس طبق السمك المملح، ليشعر بسعادة شديدة؛ ينقصها فقط عدم النظر إليه على الإطلاق أو توجيهها الحديث إليه ولو مرة واحدة حتى.
-ما رأيك يا رجل؟ لما كل هذا التفكير في شئ صغير وعادي كهذا؟
هتف بها عصام بسأم يخرجه من شروده، فرد يجيبه وهو يزوم بفمه:
-أممم. مع عرضك هذا لا أستطيع الفكاك أو التنصل، فعزة لو علمت برفضي لن تمرر الأمر على خير .
أردف عصام بتفكه:
-نعم يا عمران فصديقك لن يبتلع رفضك بدون أن يخبر زوجته والتي بدورها ستُخبر زوجتك.
استجاب هذه المرة لدعابة عصام بابتسامة حقيقية ليرد بالموافقة ولكن بتحذير:
-إذن فقد استسلمت لقدري، ولكن احذر على ذكر عزة لا نريد إجهادها بالمشي الكثير، حتى لا يتضرر حملها، فا أنت تعلم بحالتها.