-->

رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 11 - 2 - السبت 6/4/2024

  

 قراءة رواية ليتها تعلم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ليتها تعلم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مريم جمعة


الفصل الحادي عشر

2

تم النشر يوم السبت

6/4/2024



_ذِكرىٰ روحي بسُرعة أوضة التعقيم.. الدكتور إسلام عاوزك. 


إتجهت ذِكرىٰ للمكان المنشود بخطواتٍ مُتعجِّلة بعد أن أخبرتها إحدى المُمرضات بتلك الكلمات، وعندما دخلت وجدت أمامها الطبيبُ إسلام يرتدي ملابس تخُص العمليات، فعقدت حاجبيها واقتربت نحوهُ تسألهُ بإستغراب..: 


_خير يادكتور إسلام.. حضرتك طلبتني!. 


_معلش يادكتورة ذِكرىٰ جبتك فجأة وبسُرعة من غير ما أعرفك وأخليكي تجهزي الأول، بس أنا محتاجك معايا دلوقتي حالًا في عملية لازملها تدخُّل سريع.. إجهزي بسُرعة وتعالي ورايا. 


ألقى إسلام قُنبلتهِ الَّتي جعلتها تتصنمُ مكانها وتركها واتجه نحو غُرفة العمليات الَّتي فُتِح بابها تلقائيًا فور إقترابهِ منها وإختفى بداخلها، وبدأت أطراف أصابع كفيها ترتعِشُ بقوة من الخوف والصدمة من أصعب خُطوة الَّتي كانت تُجاهد في التهرب منها جاءتها رغمًا عنها، فاستنشقت كمية كبيرة من الهواء وعبئتهُ داخل صدرها، وتمتمت بتوتر وتصميمٍ واهي..: 


_لازم.. لازم أدوس على خوفي وأتغلب عليه. 


والتقطت سريعًا المأزر المُعقم والمُعلق في أحد أركان الغُرفة وشرعت في إرتدائه، وأتبعت تغسلُ كفيها الَّذين لم يتوقفا عن الإرتجاف ثُم غطَّئتهُما بقُفازات طبية، وخبئت فمها وأنفها بقناعٍ طبي واتجهت نحو غُرفة العمليات وولجت بداخلها بإقدامٍ ترتعِش ولا تُريدُ إكمال السير، وعيناها وقعت على الطبيبُ إسلام يقفُ أمام بطنٍ قام بفتحها أُفقيًا بالمشرط الطبي، ويُجاوره مُمرضتين يناولونهُ المُعدات الطبية، فابتعلت ريقها بصعوبة بالغة وسارت نحو إسلام ووقفت جواره، وفور ما إن رأت بطن الرجُل المفتوحة وأحشائه تظهر أمامها بوضوح والدماء الَّتي كانت تتدفقُ منهُ جعلوها تكبتُ رغبت التقيئ بصعوبة بالغة وتتصنمُ في مكانها بشرود رغم أن كامل جسدها بدأ ينتفض شيئًا فشيئًا، وحادثها إسلام قائلًا..: 


_ذِكرىٰ ناوليني كيس الدم اللي جمبك على الطاولة بسُرعة. 


عقد إسلام حاجبيهِ عندما لم يسمع منها رد فعل لما طلبهُ منها، وقد إلتفت لها بوجههِ بعدما سمع إحدى المُمرضات تقولُ بفزع..: 


_ذِكرىٰ إلحقي انتِ بتجيبي دم. 


كان القناع الطبي الأبيض قد تلطخ بأكملهِ بدماءٍ قد خرجت تحديدًا من أنفها، وسألها إسلام بصوتٍ عالٍ حاد بعد أن وجدها لا ترُد على المُمرضة أيضًا..: 


_مالك ياذِكرىٰ فيكي إيه إنطقي؟. 


وهُنا أتى رد فعلٍ منها كان على هيئة إغماضِ عينيها وسقوط جسدها مُرتطدِمًا بالأرضية بقوة غيرُ متحمِّلًا الأحداث الَّتي تتوالى على رأسها دون هوادة.! 


❈-❈-❈


وقف هارون بسيَّارتهِ أمام ورشة تصليح كبيرة جدًا والَّتي تكون ملكًا له، وعندما ترجل من سيارتهِ أخذ يتأملُ اليافطة الَّتي نُقِش عليها إسم عائِلتهُ بإشتياقٍ كبير لإنه لم يأتي إلى هُنا منذُ فترة طويلة، وقبل أن يتجه نحو الداخل لمح بطرف عينيهِ سيارة تقفُ بعيدًا عنهُ قليلًا ويعلمُ تمام علم أنها تخُص من لأنها تتبعهُ دائِمًا أينما ذهب، وتمتم ببسمة ساخرة..: 


_برضوا مش ناوي يانبيل تبطل شكَّك الزبالة دا فيا وتمشي ورايا ناس يعرفوك خط سيري. 


وتحرَّك نحو الورشة، وعندما ولج بداخلها ورآهُ أحد العُمال صاح مُهللًا بسعادة كبيرة..: 


_بشمُهندس هارون!!.يا ألف مرحب بيك. 


صافح هارون العامل بحرارة دون أن يحتضنهُ لأن ملابسهُ مُتسخة ومليئة بالشحم، وتجمع باقية العُمال الَّذين كان عددهُم خمس عشر شخصًا وصافحوه بسعادة وإشتياق، وبعدها إتجه نحو غُرفة مكتبه ليُغير ملابسهُ ذات النمط المُعتاد بإختلاف الألوان، والَّتي كانت تتكونُ من سروالٍ أسود، وكنزة بنص أكمام مُماثلة للون السروال، وفوق الكنزة قميصٌ ذو لونٍ رمادي وأزارهُ جميعها مفتوحة، وبدلهُم بِقميص أزرق اللون مُلتصِق بهِ سروالٌ من نفس لون القميص، ثُم خرج وشرع ينهمِكُ في عملهِ الَّذي يعشقهُ بهمة ونشاط كبيرين.. 


وبعد فترة قصيرة هاتف إبن عمه نُوح وأخبرهُ أنهُ قد إنتهى من تصليح دراجته،ولم يمُر سوى عشر دقائق وحضر نُوح، فالورشة قريبة جدًا من مطعمهِ والمنزل، وعندما أبصر نُوح دراجته إقترب منها وأخذ يُمرر يدهُ فوقها وهو يقولُ بلوعة..:


_اه يـاغاليـة وحشتيني أوي وعرفت قيمتك بعد ما إتدشملتي وبعدتي عني..دا أنا من غيرك إتمرمطت وإشحطتت يانجلاء ياحبيبتي. 


ثُم نظر لهارون وإمتدت كفه نحو جيب سرواله يُخرج حافظة نقوده مُتابعًا حديثهُ المُوجه لهارون بنبرة مُمتنة..: 


_مش عارف أشكرك إزاي ياعم هارون والله.. دا انت غلبت توقعاتي وطلعت ميكانيكي فعلًا بتفهم ورجعتها عروسة تاني.


_طب ياحبيبي شكرًا على كلامك الزبالة دا ورجَّع محفظتك في جيبك بدل ما أكسرلك إيدك. 


نفى نُوح رأسهُ مُعارضًا لما قالهُ هارون وهتف بإصرار..: 


_لا طبعًا هتاخد حق تعبك فيها يعني هتاخد حقــ.. 


توقَّف نُوح عن إكمال باقية حديثه بعد أن قاطعهُ صوت رنين هاتفه، فأخرجه من جيبهِ ونظر لهوية المُتصل ، وقد رد سريعًا ببسمة واسعة عندما وجدها ذِكرىٰ هي من تُهاتفهُ..:


_دا التلفون مش مصدق نفسُه إنك رنيتي عليا ياست ذِكرىٰ.


ولكنَّ إبتسامتهُ إنمحت على الفور بعدما سمِع صوتًا آخر غير صوتها يُجيبه..:


_حضرتك تعالى المُستشفى بسُرعة عشان الدكتورة ذِكرىٰ تعبت وأُغم عليها من شوية.


❈-❈-❈


جلست زهراء في غُرفة مدير السجن بمُفردِها بعد أن أحضر لها جواد تصريحًا لمُقابلة موكلها، وبعد بضع دقائِق فُتح الباب ودلف عِبرهُ أحد العساكِر ومعهُ رجلٌ في بدى من سجيَّتهِ أنه في مُنتصف الأربعينات، وبعد أن ترك العسكري يدهُ خرج من الغُرفة، سار الآخرُ نحو زهراء بخطواتٍ شامِخة رغم حالتهِ الَّتي يُرثى لها وجلس على المقعد المُقابِل لها، فسارعت زهراء برسم بسمة على ثُغرها قبل أن تتحدث مُعرِّفة إياهُ عن نفسِها..: 


_إزي حضرتك؟.. أنا المُحامية زهراء طارق البدوي، وأكيد هُما عرَّفوا حضرتك إن في محامية تم توكيلها عشان حضرتك.


وعندما وجدتهُ ينظُر لها بصمت ولم يعقب على حديثها سألتهُ زهراء مُباشرةً..: 


_إيه اللي خلاك تقتل مراتك بدون أي أسباب وانت في كامل قواك العقلية زي ما الإشاعات اللي إتعملتلك أثبتت بكده؟. 


وهُنا نطق المدعو عزيز يُجيبها بنبرة باردة رغم كلماته الدفاعية..:


_أنا ماقتلتهاش، وأنا قُدامك أهو شايفاني مجنون بشد في شعري؟. 


_طب طالما ماقتلتهاش يبقى بصمات مين اللي كانت على السكينة حضرتك؟. 


_أنا كُنت في شُغلي عادي، وأول ما روَّحت بيتي وبعد ما أكلت حسيت بنعاس ونمت، ولما صحيت لقيت مراتي واقعة على الأرض سايحة في دمها وأنا كُنت جمبها وماسك سكينة في إيدي، ولسا يادوب بحاول أستوعب اللي شايفه قُدامه لقيت الشُرطة دخلت عليا. 


تعجَّبت زهراء من قصته وهدوئه وهو يتحدث عن التُّهمة المنسوبة إليه، ولو رآهُ أحدٌ غيرها وسمعهُ لن يُصدق أيًا مما قاله، وقد أغلقت جهاز التسجيل الرفيع الَّذي يُشبه القلم والَّذي كانت تُدوِّن فيهِ كُل حرفٍ خرج من فمه وعادت تسألُه..: 


_طب ليك أعداء في حياتك المهنية أو الشخصية مُمكن يكُونوا هُمَّا السبب في توريطك أو مُمكن يكون في بينك وبين إخواتك عداوة؟..أنا في عرض أي معلومة صُغيرة مُمكن تبقى مالهاش لازمة بالنسبالك بس إحنا لازم نمسك في أي قشة.


تنهد عزيز وهو يمسح بكفهِ على خصلاته، ورد عليها بعدم إهتمام..: 


_مش عارف، بس أنا والدي مات من شهر، ولما فتحت أنا وإخواتي الوصية لقيناه كاتب الأملاك كُلها بإسمي ووقتها إتخانقوا معايا، بس ما أظنش إنهم يوصلوا لدرجة إنهم يسجنوا أخوهُم ويعملوا فيه كده!. 


هزَّت زهراء رأسها بتفهُّم، ودخل العسكري يُخبرهُم إن وقت الزيارة قد إنتهى، فنهضت زهراء وودعتهُ مُخبرة إياهُ بأنها ستأتي في وقتٍ قريب، وخرجت وهي عاقِدة العزم في داخلها أن أول من ستبحثُ خلفهُم هُم عائِلته. 


الصفحة التالية