رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 4 السبت 4/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الرابع
تم النشر يوم السبت
4/5/2024
تعالى نحو بيتك تعالى إلى بيتك
أنت يا من لا أعداء له
أيها الشاب الجميل الطلعة
تعالى بيتك لكي تراني
لا تفترق عني أبدًا
أنا لا أراك ولكن قلبي يتطلع للقياك
وعيوني تبحث عنك
تعالى يا من توقف قلبه عن الخفقان
إننى أناديك ويرج صراخي أجواء السماء
ولكنك لا تسمع صوتي
أنت لم تحب امرأة أخرى سواي.
(النداء الأبدي لأوزوريس من قصيدة إيزيس العاشقة الأولى، بردية برلين رقم 3008)
❈-❈-❈
جلست تحرك قدميها أمام المياة الرائجة والنقية تتغنى بتلك الترنيمة وهي تبتسم لذلك الممدد بجوارها على الرمال ينظر لها بطرف عينه ومقوسا حاجبيه بشدة يحذرها من التمادي أكثر ولكنها لم تهتم أبدا وظلت على حالها فقضم داخل فمه ووقف منتصبا وتحرك تجاهها وانحنى ينظر لها بغضب وصرخ بقوة:
-توقفي عن الغناء بنتيرشيت وإلاااا...
اتسعت بسمتها وسحبته من عنقه ناحية فمها أكثر وقالت بمشاكسة:
-وإلا ماذا مولاي؟
ابتلع ريقه وتنفس بهدوء وروية وابتسم من أفعالها قائلا:
-توقفي عن إثارة غيرتي فهو ليس بمصلحتك أبدا.
ضحكت أكثر وردت:
-بلى إنه بمصلحتي وأكثر مما تتخيل أيها الفرعون العظيم سيتي، فبسبب غيرتك تلك تخطيت الحواجز وظهرت لي وأنا مستيقظة بل وتلبست ذلك الشاب المسكين.
ضحكت فصر على أسنانه محاولا تمالك غضبه أمامها و هي تكمل:
-وبسبب غيرتك أنت هنا معي واﻵن على الشاطئ وانتهي أمر ابتعادك عني، بل أصبحت ملازما وملاصقا لي وهذا جل ما أريده يا حبيبي.
قبلها قبلة خاطفة على وجنتها وهمس لها:
-ابتعادي عنكِ لأسباب قد اخبرتك بها قيثارة الحب. (معني اسم بنترشيت هو قيثارة الحب).
حركت كتفيها برفض وقالت:
-افتقدك وأشعر بانسحاب دمائي عن عروقي وأنت بعيد عني.
تنهد بفروغ صبر وقال بحدة:
-توقفي عن التصرف كالاطفال وتعقلي قليلاً ف.....
صرخت رافضة كلمته باعتراض:
-لا تحدثني كأنني مجنونة، فأنا قد اكتفيت من معاملتي كالمجانين؛ فعلى الأقل وأنا معك توقف عن معاملتي مثلهم مولاي.
ربت على رأسها بحنان وهتف:
-أخبرتك أن تلك الزيارات تأخذ من قوتي ومن أثر التعويذة التي ألقيها لأستعيدك، ولولا شوقي لكِ ما كنت قد أتيت إلا بالوقت المناسب لإعادتكِ فتوقفي عن العبث وأعلمي أن الأمر جدي وخطير وقد أفقد طاقتي بأي وقت ووقتها قد تعلقين هنا إلى الأبد.
ضحكت ساخرة وقالت:
-لا يهم طالما أنت معي.
رد بوجوم وضيق:
-لن أكن معكِ قيثارتي، إن فقدت قوتي فلن اكن معكِ ولن تعودي لحضني وستعلقين هنا بمفردكِ وحتى لن أستطع زيارتك بأحلامك؛ لذا توقفي عن العبث واللهو وحاولي أن تخُفي أمركِ أمام عائلة تلك الفتاة وتعاملي كأنكِ ابنتهم حتى تتمين عامك العشرون كما أخبرتكِ من قبل.
سألته بدلال وهي تتمايل بجسدها عليه:
-وما سيحدث وقتها فأنا على مشارف العشرون؟
قبلها قبلة عميقة على شفتيها وابتعد ينظر لها بعشق وهيام مجيبا:
-ستعودين لي وتصبحين ملكي قيثارتي.
❈-❈-❈
استيقظت على صوت والدها وطرقات حذاء والدتها فاعتدلت بجسدها على الفراش الطبي وبكت بتصنع فسألها إيدي بحزن:
-ما بها ابنتي الجميلة؟
ردت باكية بصوت مختنق:
-أريد الخروج من هنا أبي، أتوسل إليك فأنا لم أعد أحتمل المصحة والعلاج وكل هذا الألم.
ردت هانده هادرة:
-وتعودين لمجونك السابق وتحدثك الدائم عن لعنة الفراعنة وهذا الهراء.
قوست حاجبيها وعقبت:
-ومتى تحدثت أنا عن لعنة الفراعنة؟
انقشع وجهها بحمرة الغضب وردت:
-أنتِ تعلمين جيداً ما اقصده فلا تتحاذقي علي.
أومأت بهدوء وقالت:
-تقصدين التحدث عن الفرعون سيتي وكوني كاهنة؟
أومأت لها والدتها بترقب فردت مؤكدة:
-حسنا لن أتحدث مجدداً عن هذا الأمر فلقد اكتفيت.
سألها إيدي باهتمام:
-انتهى بمعنى ستتوقفين مرغمة أم أنه حقا قد انتهى بداخلك؟
نظرت له بحنين فهو كان ولا زال نعم الأب وحنون معها فردت بحب:
-لقد توقف أبي.
ابتسم بسعادة واحتضنها قائلاً:
-شكرا للرب .
وقف من مكانه وربت على رأسها مؤكداً:
-سأبدأ الآن بإنهاء المعاملات الورقية الخاصة بإخراجك من هنا إلى أن تجمعي متاعك وملابسك بصحبة أمك صغيرتي دورثي.
ابتسمت له باتساع فمها فخرج لتلتفت لها هانده تنظر داخل حدقتيها بتركيز فرأت لون عينيها العسلي فضحكت بسخرية وقالت بتحذير:
-تتصنعين أمام والدك أليس كذلك؟ إن كان هدفك الخروج حتى تهربي كما قلتي لي فانا لن أسمح لكِ.
بللت شفتيها وقالت بهدوء:
-لا تقلقي أمي، أنا لن أعود لذلك الأمر مجدداً.
لم تصدقها فهي تعلم جيداً ما يحدث فقالت بتحفز:
-تظنين أنكِ تستطيعين إقناعي بحديثك أليس كذلك؟
لم تعقب عليها فأكملت هانده حديثها:
-أعلم أنني السبب بكل ما حدث ولكن والدك قد تعب واكتفى مما رآه منكِ وعلى يديك لذا لن أسمح لكِ أبدا بهزيمته فهو من تبقى لي من هذه الدنيا بعد أن فقدتكِ دورثي، لذا اتوسل لكِ توقفي ابنتي عن تلك الأفعال.
مسحت دورثي على كتفها برقة وقالت بصوت رقيق وهادئ:
-لا تقلقلي امي، لقد انتهى كل شيئ الآن.
❈-❈-❈
وجدت نفسها محاطة بأُناس غريبة يصفعونها ويضربونها بشدة وهي جاثية أمامهم على ركبتيها تحاول المناص منهم ولكن دون جدوي حتى صاح ذلك الكاهن حليق الرأس الذي يبدو عليه الهيبة هاتفا:
-انطقي وقولي من هو؟
ردت ببكاء وهي حقاً لا تعلم عم يتحدث:
-لا أعلم.
نطق أحد الكهنة بجواره بتوقير:
-أيها الكاهن الأعظم، أظن أنها عادت للمراوغة من جديد ولن تخبرنا.
رد الكاهن الأعظم بحدة وشراسة:
-ستظل بمحبسها وتُحرم من الطعام حتى تخبرنا من فعل تلك الفعلة حتى تكون عبرة لأمثالها ممن يدننثن حرمة المعبد ولم يحترمن نذورهن.
بكت بانهيار و توسلت راجية:
-أتوسل إليك أيها الكاهن الأعظم، فقط أرسلني بعيداً عن المعبد حتى أضع مولودي و.........
قاطعها صافعاً إياها بشراسة ورفع حاجبه عالياً وقال بقسوة:
-اتطلبين مني مخالفة القوانين الخاصة بالمعبد وبالمعبود رع؟ أجننتي يا فتاة!
بكت بانيهار فانحنى بالقرب من أذنها وقال بحيرة:
-أنتِ صغيرة جداً على الموت، ولكن إن لم تخبريني بمن فعل تلك الفعلة الشنيعة ودنس قدسية المعبد بهذا الشكل فلن أرحمك وسأجعلك عبرة لمن يعتبر.
تنحنحت باكية فنظر لها بترقب وظلت هي تقضم شفتيها محاولة أن تتمالك نفسها أمامهم وهي تتضرع بداخلها راجية:
-عد إلي يا مولاي وحبيبي وانقذني من بين أيديهم.
ردد الكاهن الأعظم سؤاله:
-قلت لك أخبريني من دنسك بنترشيت؟
ابتلعت لعابها وتفوهت ببعض الحروف الغير مفهومة:
-إنه هو... لقد...
جلس بجوارها وسألها باهتمام:
-من هو؟ انا استمع لكِ بنترشيت، هيا ابنتي أخبريني فالتفريط بكِ أمرا صعبا ويؤلمني وأعدك إن اخبرتني بهويته سأحميكي إلى أن تضعي مولودك.
فكرت كثيرا وحركت رأسها رافضة وهتفت بنفي:
-لا أعلم، لا أعلم اسمه أو هويته.
زمجر الكاهن بضيق وحنق صارخاً بها وهو يصفعها بقوة على وجهها فسقطت أرضاً:
-هل تتلاعبين بي يا هذه؟ انطقي وإﻻ.....
صمت ليزيد من خوفها ورهبتها وعندما لم يجد منها جواب نظر للحرس وأمرهم بغلظة:
-استمروا بتعذيبها حتى تفصح عن هويته أو أن تفقد روحها.
فاقتربوا منها و بدأوا بضربها ضربا مبرحا حتى نزفت من أنفها وفمها وسقطت مغشي عليها.
استيقظت تنظر حولها فوجدت نفسها بالقبو المظلم والبارد وهي ملقاة على اﻻرض تنزف بلا توقف فاعتدلت بجسدها ومزعت جزء من ملابسها ونظفت فمها وأنفها من الدماء وانتحبت باكية:
-وكأن القدر انتظر ابتعادك عني يا مولاي حتي يُكشف أمري بهذا الشكل.
بللت شفتيها بطرف لسانها وهي تشعر بجفاف حلقها ولكنها لم تذق طعم المياة ولا الطعام منذ ثلاثة أيام وتحدثت مع نفسها قائلة:
-لولا غيابك لكنت انقذتني من براثن ذلك الكاهن الشرس والمعدوم الضمير والذي لم يرأف بي وبمن ينمو داخل أحشائي.
انتحبت وبكت وأكملت:
-لو يعلمون أن من ينمو بداخلي هو ابن الفرعون لما حدث ذلك أبداً، ولكنني لن أسخى بك مولاي وأجعل الكهنة يمسكون عليك ورقة رابحة يضغطون بها عليك بالاخص كهنة رع الذين يريدون فرض سلطتهم على معبودك المفضل ست.
ابتعلت لعابها لتجلي حلقها الجاف وأضافت:
-إن كانت حياتي هي ثمن استمرار جلوسك على عرش البلاد فسأهديها لك بكل حب مولاي وفرعوني، ولكن لا أستطيع أن أسخى بقطعة منك تنمو بأحشائي.
بكاؤها زاد حتى أصبح عاليا وأكملت:
-سأتحامل وأتحمل حتى تعود ولكن لا تتأخر فأنا قد انهرت بثلاثة أيام ولا أعلم كم سأصمد بعد!؟
انحنت وفردت جسدها على الأرض الترابية الباردة ونامت وهي تقول بتعب:
-احضر بأحلامي على الأقل يا فرعوني حتى اشكي لك قسوة الحياة.
❈-❈-❈
عادت دورثي برفقة والديها وهي طوال الطريق تبتسم لهما بتصنع حتى صعدت غرفتها فخلعت عن وجهها قناع اﻻبتسام الزائف وتربعت على فراشها تحاول تذكر ما حدث عندما غفت بالسيارة في طريق عودتها فجاء بعقلها مقتطفات جعلت حدقتيها تتسع بذهول فهتفت بحيرة:
-ما تلك اللعنة؟ كثيرا ما جائتني تلك الذكرى وأنا جالسة أرضا وهؤلاء الكهنة يبرحونني ضربا، ولكن تلك هي أول مرة أتذكر هذا الكم من التفاصيل المؤلمة والمزعجة.
امسكت دفتر وقلم وبدأت بتدوين بعض الملاحظات واللمحات مما تذكرته من حلمها أو رؤياها فهمست لنفسها بدهشة:
-كنت حامل، نعم لقد حملت طفل بأحشائي، لقد شعرت به يتحرك بداخلي وهم يوسوعونني ضربا.
عادت تدون اكثر وقالت بتفاجئ:
-أين كان الفرعون بهذا الوقت وكيف تركهم يفعلون بي ما حدث؟
استنتجت أمرا فقالت:
-بالتاكيد لم يكن موجود وإلا لكان أخرجني من بين قبضتهم، أو ربما فعل وأنقذني من براثنهم حقا.
ابتسمت فورا عندما جاء بمخيلتها انه عندما علم بما حدث قد اقتحم المعبد وهدر بالكهنة بشراسة وأنقذها من قبضتهم وأبتعدا عن أعين الجميع وعاشا معا بسعادة لتعود وتضربها ذكرى لقاءهما عندما كانت بجلسة طرد الأرواح التي حضرتها برفقة عمتها وهو يخبرها أنه يقوم بتحنيط جثتها فلمعت عينيها بالدهشة وظلت تدون ما تذكرته من تلك الليلة.
- عندما علمت ما حدث لكِ اثناء غيابى بالحرب أخبرت أكفأ قوادي وهو القائد توت بالعودة للتحفظ على جسدك حتى انتهي من الحرب وأعود، وبمساعدة تلك الساحرة أبقت جسدك على حالته تلك حتى عدت.
- عندما سخيُت بنفسك أسودت الدنيا بعيني وعدت إلى هنا لأجدك قد فارقت الحياة ففقدت معكِ الرغبة بالعيش.
- عندما ينتهي هؤلاء من تحنيط جثتك حبيبتي سأنقل روحك كاملة لجسد تلك الفتاة التي تسكنين جسدها في الوقت الحالي.
دونت ودونت حتى وصلت للكثير من الاستنتاجات ولم تحتج سوى لحضوره حتى يأكد لها ويجعلها حقائق فوقفت أمام المرآة وظلت تحدثه وكأنه أمامها:
-مولاي، أين أنت؟ أنا أريد التحدث معك رجاءاً.
ظلت تنظر أمامها تنتظره بترقب ولكنه لم يظهر فصرخت بانهيار وهي تلقي بالدفتر الذي بيدها فتهشمت المرآة لقطع صغيرة:
-قلت لك أظهر وتحدث معي سيتي.
❈-❈-❈
نظر بالبلورة الكريستالية وهو يجدها تصرخ باسمه بحدة ولكنه لم يلب ندائها وصرح معلنا:
-لا أستطيع الظهور الآن وأخبارك بحقيقة ما حدث لك، فقط انتظري حبيبتي حتى تستطيعين تفهم ما حدث وتقبله.
أمر الساحرة الجالسة أمامه بضيق:
-أهناك طريقة حتى تنسى ما حدث؟
نفت موضحة:
-لا أستطيع إهدار أي طاقة أخرى يا مولاي، فلقد استنفذنا الكثير بالفعل وأخشى أن تتبدد طاقتك ووقتها قد نخسر كل شيئ ونخسر معه تواجدنا بهذا العالم الافتراضي.
زفر أنفاسه بضيق وسألها:
-ألا يوجد طريقة لمقابلتها؟ هل سأظل بعيداً عنها حتى وقت التنفيذ؟ لا أظن أنها ستتحمل البقاء بمفردها كالماضي خصوصا بعد أن بدأت باسترجاع حياتها وذكرياتها واخشى أن تتذكر تفاصيل انتحارها فأخسرها مجددا.
أوضحت له الساحرة:
-كل ما أستطيع فعله أن أجمعكما بالأحلام كالسابق لأن الأحلام تستهلك طاقة أقل من الظهور العلني أو حتى التلبس.
اومأ لها بالموافقة وأكد:
-حسنا، اجمعيني بها مرة أخرى حتى أوضح لها الأمور بشكل أفضل حتى لا تعود وتسخى بنفسها من جديد.
وافقت مؤكدة:
-فور أن تسقط بالنوم سأجمعكما سويا ولكن احذر يا مولاي فتلك المرة اﻻخيرة حتى نستطيع استكمال التعويذة بشكل ناجح.
وافق وانتظرها حتى تغط بالنوم من كثرة الصراخ والنحيب فوجد والديها يحاولان اثناءها عن فعلتها دون جدوى.
هدأها إيدي بحزن وسألها:
-ما بكِ ابنتي؟ ظننتك بخير فلم يمر سوى ساعات على عودتك من المصحة النفسية!
رمقته بنظرة جامدة وغاضبة وردت بصوت حاد:
-إياك وإرسالي هناك مرة أخرى، أقسم إن حدث فسأقتل نفسي ولن أدعهم يصعقونني بتلك الكهرباء اللعينة.
بكت هانده رغما عنها وربتت على كتفها ترجوها بانهيار:
-أتوسل ليكِ دورثي توقفي عن تلك الأفعال، أنا أنتهي حرفيا كلما رأيتك هكذا.
هدرت بها بإهانة:
-وكأنك لا تعلمين حالي وأنتِ السبب بكل ما حدث لي سيدة هانده، هل تظنين أن اﻻمر سينطلي علي حتى أصدق أنك حزينة لأجلي! فقط ابتعدي عن طريقي واتركيني أعود لموطني.
حرك إيدي رأسه للجانب قليلاً وهو يقول بحزن:
-لقد كذبتي علينا دورثي عندما أخبرتنا أنكِ قد شفيت، أنتِ لا تزالين مريضة يا صغيرتي والأفضل أن تكملي علاجك حتى.......
قاطعته رافعة سبابتها أمام وجهه وقالت بتحذير:
-لقد حذرتك من إرسالي لتلك المصحة النفسية من جديد وإن كنت تظن أنني أهذي أو أهدد فذاك هو الدليل.
انحنت وأمسكت قطعة من زجاج المرأة المهشمة والمتناثرة أجزاؤها على الأرض وهمت بقطع معصمها فهرع والدها ناحيتها وأمسك منها قطعة الزجاج بقوة حتى جرحت يده وألقاها بعيداً وسحبها داخل حضنه وهي تبكي بانهيار وهو يربت على ظهرها مستمعا لنحيبها الباكي:
-آه يا إلهي، أنا مشتته لا أنا بعالمي ومع أهلي وموطني، ولا أستطيع التأقلم مع حياتي الجديدة وهويتي تلك التي تريدونها.
ابتعدت تنظر له بحزن وقالت:
-كم أنك أب مميز وحنون وكم تمنيت أن أكون ابنتك حقا، ولكنني لست كذلك ولا بد أن تصدقني فابنتك ماتت عندما كانت بالثالثة وأنا...
قاطعها مجيبا:
-أنتِ بنترشيت أو قيثارة الحب كما اخبرتني، كاهنة فرعونية وعشيقة الملك سيتي الأول فرعون مصر بالأسرة التاسعة عشر .
أومأت له فابتسم لها وأضاف:
-ولكنني اخترت أن تكوني ابنتي مهما حدث وسأتقبلك كما أنتِ ابنتي العزيزة فقط اتركي الأمر وحاولي تقبل حياتك الحالية لحين ظهور أمرا آخر، فقط لا تسخي بنفسك فأنا وأمك ليس لنا سواكِ حبيبتي، وكل ما تريدنه سأفعله مهما كان صعباً أو مستحيلاً.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية