رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 12 - 1 - الأربعاء 28/5/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثاني عشر
1
تم النشر يوم الأربعاء
28/5/2024
❈-❈-❈
أغلق آدم باب المنزل متنهداً براحة بعد أن أنتهي ذلك الحفل السخيف أخيراً وتخلص من نظرات المعازيم الفضوليه، خلع ربطة عنقه وسترته وألقاه جانبًا بضيق، بينما هي جرجرت ساقيها نحو مقعد في الزاوية بهدوء زائف التفت بأعينه نحوها وطالعها بنظرات أكثر عمقًا.
تعالت دقات قلبها حتى باتت أكثر عنفًا بل قد
انقبض إلى حد كبير خوفًا مما من الممكن يفعله بها الآن وهم بمفردهم، حاولت اشغال نفسها رافعة أطراف ثوبها الطويل كي لا تتعثر به، لتجلس فوق أحد المقاعد أمامه ثم تلفتت برأسها تجوب بأنظارها كل ما تقع عليه عينيها فكان المنزل رائع بحق!. لكن كل ذلك لا يهم بالتاكيد امام عمرها الذي سوف يضيع معه.
شعرت ديمة بنظراته المختلسة نحوها، و تحاشت قدر الإمكان عدم التحديق فيه ولو مصادفة رغم الآن يجمعهم منزل واحد، لكن رغمًا عنها بحثت عيناها عن عينيه لتختطف نظرة عابرة منه لتجده مزال ينظر لها، ابتسم بهدوء وهي أخفضت رأسها بحرج .
فالأمر صعوبة عليها حقا، فتنهدت بصوت مسموع ففي النهاية يجب ان تتحدث وتقول عما بداخلها لتعرف نواياه، وقالت بانزعاج واضح
= اونكل آدم أنا كنت آآ ....
أستشعر وجود خطب ما به، خاصة أنها صمتت بتوتر شديد فجاءه وعندما حاولت التحدث مجدداً قاطعها قائلاً بهدوء
= قبل ما تتكلمي ممكن أقولك حاجة!
تجمدت تعابيرها وهي ترد بريبة
= هاه، اتفضل.
جلس على طرف الأريكة جوارها ورسم تعابير جادة على ملامحه وهو يقول بعتاب
= هو اول حاجه مش عارف ليه الخوف والقلق ده كله مني يا ديمة رغم أنك ما شفتيش مني حاجه وحشه وانا وعدت اختك اني مش هاذيكي، بس انا ملاحظ ده من ساعه الفرح وانتٍ على الحاله دي؟
أحمر وجهها كونها كانت واضحه أمامه إلي تلك الدرجة الملحوظه، لكن صمتت عندما تفاجأت به يقترب ويجلس جانبها واكمل حديث قائلاً بجدية
= انا فاهم كل اللي مريتي بيه وعارفه ان انتٍ برده مهما كانت القرابه اللي كانت بينا زمان وكنا بنشوف بعض كتير فبالنهايه برده هفضل غريب عنك، لأن لا أنا ولا انتٍ كنا متوقعين ان احنا ممكن نتجوز بس اهو حصل ولازم نحاول نتقبل الواقع!. بس من غير الخوف و القلق اللي انتٍ فيه ده لان كده هتصعبي الامور عليا وعليكي اكثر
عجزت عن الرد عليه، فهي لا تستطيع تفسير تصرفاتها المندفعة فدومًا تكون متخبطة في قراراتها حينما تكون على المحك وتتسرع في حكمها دون تريث عندما تجد نفسها في خانة اليك. أطرقت رأسها حياءً منه ونظرت له مطولًا دون أن تجيبه.
تفرس وجهها باهتمام، ثم زفــر بصوت مسموع هاتفاً بعمق
= بصي يا ديمة واسمعيني كويس عشان احنا لازم نكسر الحجز إللي بينا عشان نعرف نتعامل المده اللي هنقضيها مع بعض مؤقتا و بعد كده كل واحد يروح لحاله، اولا انا عاوزك تعامليني زي ما كنتي بتعامليني زمان ما فيش حاجه هتتغير انا هفضل ابصلك على أنك اختي الصغيره زي ما كنت بشوفك زمان وكنت بعتبرك انتٍ ورانيا وزينب! وكان دايما والدك الله يرحمه يقول لي كده انا ما خلفتش ولد لكن بعتبرك اخو بناتي.. وانا بقيت اعتبر نفسي فعلا اخوكم عشان كده لما شفتكوا عاوزين مساعده ما ترددتش ولا لحظه .
ابتلعت ديمة ريقها بتوتر، ثم مدت يدها لتمسح على ساقها مرددة بخفوت حزين خائفة
= يعني انت فعلا هتطلقني بعد مده ومش آآ هتلمسني زي ما وعدت اختي
فهم آدم سريعًا ما تقصده بكلماتها، فأجابها بهدوء حذر
= اكيد يا ديمة انا كلمتي واحده غير أن ما ينفعش اضيع مستقبلك اكتر من كده، وعمري ما كنت هفكر اتجوز واحده اصغر مني بالعمر ده كله واخليها مراتي واضيع مستقبلها جنبي وفرق السن بينا كبير كده.. وده السبب اللي خلاني استحمل نظرات الناس فوق وهم بيبصوا لي على أني راجل بيدور على مصلحته ويستغل عيله صغيره ويضيع عمره اللي فاضله ويتمتع بيها.
أتسعت عينيها بعدم تصديق، و ردت عليه بتلهف
= بجد!.
هز رأسه مبتسماً بهدوء، شعرت براحه كبيرة من ذلك الأمر الذي كانت تخشاه، لكن شردت بحديثه فبالفعل لاحظت نظرات بعض الناس له الغير مريحه، لتعلم بأنه هو الآخر قد تنازل عن بعض الأشياء مقابل تلك الزيجة، ثم علقت ديمة بخجل لطيف مبررة الأمر
= بس انت مش كبير أوي يعني حسب ما فاكره، انت ما كملتش 40 لسه.. و اذا كان على الناس أبله رانيا هي إللي أصرت تعزمهم
أتسعت ابتسامته أكثر اتساعاً أثر كلماتها، لتشعر هي بالخجل أكثر بسبب عفويتها! ثم
رد عليها الآخر بتنهيدة مطولة
= فاهم بس مش فارقين معايا طالما انا عارف حدودي ونيتي كانت ايه من الجوازه دي، انا كل اللي عاوزه اوصلهلك انك ما تخافيش و هتفضلي هنا معززه مكرمه واللي ما رضاهوش على بنتي اللي مطلعه عيني ولحد دلوقتي مش عايزه تعتبرني والدها ما رضاهوش على غيري ولا على بنات الناس يا ديمة .
ضغطت على شفتيها بقوة، وهي تردد بصوت مرتبك
= هو حضرتك يا اونكل آآ اقصد يا ..
صمتت كونها لا تعرف بماذا تنادي بعد الآن! فالوضع أصبح مختلفه عن سابقا؟ كونها كانت معتادة أن تنادي منذ الصغر بذلك اللقب بسبب فارق العمر بينهما الكبير! الثامنة عشر.....!!!!! لكن الآن ماذا ستقول بعد؟
حافظ على ثبات نبرته وهو يتساءل بترقب
= قولي اللي انتٍ عاوزاه يا ديمه قلت لك كل حاجه هتفضل زي ما هي، عاوزه تقوليلي اونكل.. أو عمه براحتك بس بلاش قدام الأغراب عشان ما يشكوش في الموضوع لان احنا برده لازم نبقى قدامهم زي اي اتنين متجوزين عادي.. كنت عاوزه تسالي على ايه ما تخافيش قولي لسه مش واثقه فيا ان انا مش هلمسك ولا هاجي جنبك وهطلقك بعد شهور زي ما اتفقت مع اخواتك .
هزت رأسها برفض، وأجابته بتوجس قليل
= لا مش كده، بس هو حضرتك مش بتشوف بنتك خالص.. انا على فكره فاكراها لما كنا بنلعب واحنا صغيرين مع بعض بس لما كبرت بطلت اشوفها خالص .
حرك رأسه نافيًا وهو يوضح بفتور
= لا طبعا بشوفها مش كثير بس وقت ما هي تحب وتكون عاوزه حاجه مني، بتتصل بيا وتعملها حجه وبعد كده تطلب اللي هي عاوزاه وانا بصراحه فاهم ومكبر دماغي، وهي دي مقابلاتنا من ساعه ما استسلمت للامر الواقع وبطلت ارفع قضايا واخسرها.
ابتلعت ريقها مجيبة إياه بإرتباك خفيف
= هي تعرف ان احنا اتجوزنا .
هتف بنبرة مزعوجة وقد ارتفع حاجباه للأعلى
= لا وما اعتقدش هيفرق معاها في حاجه هي اصلا عمرها ما سالت عني عايش حياتي من غيرها ازاي ولا ايه اللي اتغير فيها، وما قلتش برده لحد من قرايبي في العيله عملت زي اختك قلت بدل ما اسمع كلمتين وما حدش هيفهمني وانا اكيد مش هعرف اقول لهم الأسباب الحقيقيه، هسيبهم يعرفوا بعد الجواز .
أخرجت تنهيدة قوية من صدرها محملة بالكثير من الأحزان وهي تقول بصوت شبه مختنق
= هو انا عملت لك مشاكل بسب جوازنا انا آسفه، بس لو الموضوع كبير كده ما رفضتش ليه من البدايه.. انا عارفه انها مشكلتي لوحدي اصلا وانا اللي مفروض اتحملها وادفع تمن غلطتي.
أدمعت عيناها بشدة عندما أضافت قائلة بقهر عاجز
= ده أنا بحمد ربنا إني فعلًا يتيمة! مش عارفه موقف بابا وماما كان هيكون ايه من اللي انا عملته في نفسي وفي اخواتي، انا مش بس اذيت نفسي انا اذيت الكل
أزعجه بكائها المقلق، فهتف باهتمام وهو يربت على كتفها برفق مرددا محاولة بث الثقة إليها مرة أخــرى لكنها لم تعترض على ذلك
= وبعدين يا ديمه بلاش الكلام ده خلاص أهدي، هم اكيد مش مبسوطين من اللي عملتيه بس أكيد برده مش مرتاحين وهم شايفين كده بتعذبي نفسك .
بدأت تتعالى شهقاتها تدريجيًا فدفنت وجهها بين راحتي يدها، وواصلت تعنيف نفسها بحدة
= ما تحاولش يا اونكل، أنا السبب في كل حاجة .. ايوه، أنا السبب!
اكفهر وجه آدم قليلًا، و رد بتأفف
= طب كفايه عياط خلاص، انتٍ غلطتي و معترفه بده ودي نقطه كويسه وبتصلحي كمان اغلاطك وبتتعلمي أهو منها كمان .
مسحت دموعها بضعف وهي تقول بانكسار
= و بابا وماما .
لم ينظر لها آدم وهو يجيبها بإيجاز
= ادعيلهم بالرحمة والمغفرة، هم زمانهم مرتاحين عشانك!
قطبت جبينها ناظرًه نحوه بلهفة وهي تتسائل بإحباط طفيف
= تفتكر يا اونكل؟
أخـــذ آدم نفسًا عميقًا حبسه للحظة في صدره، ثم لفظه ببطء وهو يقول
= طبعًا، طالما ندمانه فعلا وهتصلحي من نفسك عشانك و عشانهم، ديمة عاوزك تكوني فاهمه كويس ان الفرصه مش بتيجي غير مره واحده عشان نتصلح فبلاش تضيعيها من ايدك عشان احتمال مش هتجيلك تاني، وغيرك بيتمنى ربعها .
هزت رأسها بالإيجاب متفهمة إلي ماذا يلمح، ثم ردت عليه بعدم اقتناع وهي تشير بعينيها المجهدتين
= شكراً، بس انا هعمل لك مشاكل مع عائلتك .
ضغط آدم على شفتيه هاتفًا بامتعاض
= ولا مشاكل ولا حاجه يا ديمه كل الحكايه كل واحد هيدخل نفسه في اللي ما لوش فيه و يعمل فيها حكيم وهيخاف على سمعه العيله كاني عملت حاجه كبيره بس انا هكبر دماغي منهم هو ده الحل وبعد كده هم كمان هيزهقوا، وبعدين انا مش صغير وعارف بعمل ايه كويس و مش مستني حد يكون واصي عليا سيبك انتٍ من مواضيع العيله اللي مش بتخلص، بس انتٍ كنتي بتسالي على بنتي ليه معتقده يعني انها لسه فاكراكي وممكن تكونوا أصحاب زي زمان ما اعتقدش اذا كان هي ناسيه ابوها .
هتفت مرددة باضطراب قليل وقد توترت نظراتها
= هي العلاقه بينكم صعبه أوي كده، انا لما كنت بسال بابا قبل ما يموت كان يقول لي ان انت بتحبها أوي ومستعد تعمل كل حاجه عشانها فهي إزاي ما حستش بحبك ليها كل ده وسابت خالتها تأثر عليها للدرجه دي .
أبتسم باستخفاف مرير ثم هز رأسه بإيماءة خفيفة قائلاً بتوضيح جاد
= لما كانت معايا كانت لسه صغيره أوي يا ديمه بتاع خمس ست سنين، وبعد كده خالتها اخذتها عشان هي اللي وصيه عليها طبعا مش حبا فيها حسيت انها بتنتقم مني فيها واحده واحده ابتدأت تسيطر على دماغها وتكرها فيا
قعدت معاها برده سنين طويله عقبال ما حاولت ارفع قضايا وكلها فشلت والرؤيه طبعا اللي كانت ساعه كل شهر ولا شهرين مش هتخليني أحاول أصلح اللي كانت بتعمله فيها، كانت عندها مساحه كبيره عني وعرفت فعلا تكرهها فيا وتفهمها ان انا اللي مش عاوزها.. لحد ما لقيت نفسي بتعامل مع نسخه مصغره منها و حولتها..
عاتبت ديمة نفسها قليلًا لتسرعها في ذلك السؤال، فاعتذرت قائله بندم ملحوظ
= انا اسفه فكرتك باللي حصل زمان وقد ايه كنت بتعاني من موضوع القضايا ده .
ارتخت تعابير آدم إلى حد ما، وتحدث قائلًا بجدية وهو يشير بيده بعدم مبالاة جامده
= انا مش بنسى اصلا عشان افتكر، بقول لك إيه كفايه كلام عن الموضوع ده أنا ياما حاولت كتير وضيعت عمري وفي الاخر ما وصلتش لحاجه الكلام مش هيفيد، بصي إللي هناك دي هتكون اوضتك هي المفروض يعني كانت اوضه بنتي بس هي بقالها سنين طويله مقفوله ومحدش بينام فيها وانا كنت بروقها كل فتره على اعتقاد يعني ان هتيجي في يوم وترجع تبات زي زمان عندي بس كانت بترفض، ممكن تعتبرها من النهارده اوضتك وانا الاوضه اللي قصادها دي و لو احتجتي حاجه في اي وقت خبطي عليا وما تتكسفيش .
أسبلت عينيها نحوه ضاغطة على شفتيها بخجل ولم تتحرك من مكانها، ليقول باستغراب
= مالك واقفه ساكته ليه! عايزه تسألي على حاجه تاني قولي ما تتكسفيش؟