رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 5 - 2 الأحد 5/5/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الخامس
2
تم النشر يوم الأحد
5/5/2024
خلال ساعة لج الإثنين رانيا وأختها زينب إلى داخل المستشفى التي تقطن بها اختها ديمة بعد ما اخبرهم البواب بما حدث معها، دخلوا يبحثون عنها مثل المجانين بخوف عليها حتي
وقعت أنظارهم علي آدم وهو يقف جانب غرفة، أسرعت زينب تتسائل بلهفة وخوف
= استاذ آدم طمني مالها ديمه ايه اللي حصل لها، ابوس ايدك طمني على اختي وما تخبيش عني حاجه .
وعلى مقربة منهما وقفت رانيا الاخت الكبرى تطالعهما بنظرات دامعة، وأردفت برعب عليها
= ايه اللي حصلها ما كانت عندي من فترة وكويسه إيه اللي تعبها فجاه كده .
التفت آدم برأسه للجانب بعطف عليهم فهو بالأساس شعر بالاشفاق عليها وهي بين ذراعيه تنزف الدماء، أجابهم بصوت جاد وهو يشير بيده
= يا بنات اهدوا انا والله ما اعرف ايه اللي حصل لها زيكم، انا وانا طالع فجاه لقيتها على السلم مغمى عليها حاولت افوقها ولما مافقتش شلتها بسرعه على المستشفى وجريت بيها وقلت للبواب يتصل بيكم .. ما تقلقوش ان شاء الله حاجه بسيطه والدكتور دلوقتي هيطلع ويطمنكم .
هزت رأسها كلا منهما بقله حيلة ولم يتوقف لسانهم على الدعاء لها، ثم جلست زينب الاخت الوسطى على المقاعد المعدنية المقابله و سحبت حقيبتها نحوها مفسحة المجال إلي اختها لتجلس، لكنها قبل ان تقترب خرج الطبيب ونظر إليهم هاتفاً بصوت خشن
=مين اهل المريضه .
اقترب الجميع منه، وسألته رانيا بتوجس
= ايوه يا دكتور احنا اخواتها طمني على اختي الله يخليك مالها ايه اللي حصل لها .
تحدث الطبيب قائلاً بهدوء
= الحمد لله قدرنا نوقف النزيف في الوقت المناسب حالتها كانت صعبه فعلا.. والاستاذ جابها في الوقت المناسب بس هتفضل هنا اسبوع تحت الرعايه .
تبادل الاثنان الإخوات نظرات غريبة عقب جملته تلك، وانقبض قلب رانيا بقوة وهي تسأله بعدم فهم
= ما تفهمني اكتر يا دكتور نزيف إيه اللي حضرتك بتتكلم عليه وليه اصلا يحصل لها نزيف دي عمرها ما اشتكت من حاجه .
عقد حاجبيه باستغراب وهو يقول بجدية
= هو انتم ما كنتوش عندكم علم انها كانت حامل وفقدت الجنين ولا إيه؟ دي كانت حامل في شهرين وثلاث أسابيع
خلال ثواني مرت تعذر رانيا عليها التنفس فشحب لون وجهها، وتشنجت تعبيراتها معلنة عن دخولها مرحلة الهلاك مما سمعته للتو! صغيرتها وطفلتها التي تربت على يديها حامل بدون زواج! كيف؟ تحشرجت أنفاسها وهي تقول بعدم تصديق
= يا نهار أسود ومنيل، ايه المصيبه دي حامل يعني ايه؟ ومنين؟ وازاي؟ واحنا كنا فين.. يعني ايه كانت حامل !!!.
تحركت نحو اختها ترمقها بنظرات شبه مذعورة، فتوسلتها بصوتها المتحشرج بأن تنفي ما سمعته بأنه صحيح
= زينب انا سمعت صح مش كده؟ ليه كده يا ديمه ليه تعملي في نفسك وفينا كده .
وضعت الأخري يدها فوق رأسها بصدمه كبيرة وقالت بصوت متألم
= مش قادره أصدق؟ ديمة أنا اختي الصغيره كانت حامل؟؟.
بينما الصدمه لم تختلف على آدم كثير صحيح رغم أنه ليس من ضمن افراد العائله لكنه كان على مقربة شديدة منهما بالسابق ويعرف جيد اخلاق تلك العائله، لذلك شعر بالصدمه من فكره ان تكون تلك الصغيره حامل! لكن حاول أن لا يتدخل فيما لا يعني ولا يتسرع بالحكم فربما تكون متزوجه بالسر، سحب نفسًا عميقًا، لفظه ببطء محافظًا على ثابته و حمحم بحرج من ذلك الموقف الذي حدث امامه وهتف قائلاً بتريث
= احم طب الحمد لله انها بخير انا لازم امشي دلوقتي عن اذنكم.. بس لو احتاجتوا أي حاجه انا هكون موجود وما حدش منكم يتردد لو احتاجني في اي حاجه .
تحركت رانيا إليه بسرعه وتقطع صوتها واختنق على الأخير وهي تقول بإحراج شديد
= استاذ آدم لحظه بالنسبه يعني للي حصل وحضرتك سمعته ما ينفعش حد يعرف و...
رفع آدم أنظاره للأمام و قاطعها بجمود جاد
= من غير ما تقولي يا مدام رانيا انا ما ليش دعوه ولا عرفت حاجه من الأساس، ما تخافيش وانا بعتبر نفسي اصلا واحد من العيله و والدك الله يرحمه ياما ساعدني زمان ولي عليا افضل كتير.. وانا مش عشان السبب ده بقول لك مش هتكلم! لا لان هو ده الصح
أخفضت رأسها تبكي بعجز بألم، وتنهد مجددًا مخرجًا من صدره الكثير من الهموم مع زفيره مشحونة، وأضاف بصدق
= المهم انتٍ بس ربنا يعينك وتعرفي تحلي الموضوع وبالراحه حاولي تفهمي من اختك اللي حصل احتمال تكون كانت متجوزه ولا حاجه افهمي منها الاول.. وبقول لك ثاني لو احتجتي اي حاجه ما تتردديش تطلبيها مني .. عن أذنك.
❈-❈-❈
في منزل معاذ، جلست بسمة فوق الفراش الواسع تلاعب شعرها الأسود المجعد بأنامل يدها وبيدها الأخرى تمسك الهاتف وتتحدث مع صديقتها مروه التي كانت تسألها بفضول
= جوزك عمل إيه لما رجعتي متاخره المره اللي فاتت
هزت بسمة كتفها تقول ببساطة
= ولا حاجه ما خدش باله اني اتاخرت اصلا وكان مشغول في اللعب علي الكمبيوتر .. ولما سالني قلت له ان بابا تعب وكان لازم افضل جنب اختي وما تبقاش لوحدها لحد ما اطمن عليه
قالت لها مروة بصدمة
= معقول ما خدش باله خالص ولا بيلاحظ تاخيرك كل مره ولا واثق فيكي للدرجه دي ولا مهملك ومش فارقه معاه أصلا.
همهمت لها نافية ثم قالت بنبرة باترة
= مش موضوع فارقة معاه بس ما يجيش في دماغه خالص اللي انا بعمله، عشان كده بيقعد يزعق شويه على التأخير ويعاتبني وبعد شويه بيعدي الموضوع.. وبعدين أصلك ما تعرفيش معاذ شخص كوسلي جدآ ولما بزنقه في الكلام و بقول له لو مش عاجبك تعالى وصلني وجبني من عند بابا بيغير الموضوع ويطنش ويقول لي خلاص اعملي إللي تعملي بس بعد كده ابقي خلي بالك المره الجايه .
عادت الأخري تقول لها محذرة
= طب طالما الموضوع كده ما تواجهيه بدل ما يعرف بالصدفه أحسن
ارتعشت شفتي بسمة بتفكير ثم سارعت تقول
بقلق
= لا طبعا انا مش عاوزه مشاكل انا لو دخلت في مواجهه زي دي هكون انا الخسرانه والكل هيغلطني، وبعدين معاذ على قد ما بيكبر دماغه وبيتعامل مع المواضيع الكبيره بعدم مبالاة برده في حاجات بيقف معايا فيها وبيقلب الدنيا لما بيعرف..
مطت شفتها السفلى قائلة بضحكة ساخراً
= بس بصراحه يا بختك انا لو معايا واحد زي جوزك ده مكبر دماغه مني خالص واروح واجي براحتي يبقى افكر على كده اتجوز قريب.
غمغمت بسمة بامتعاض
= ما تاخديش بالمظاهر العيشه مع بني آدم سلبي وانتٍ مش فارقه معاه و شايفاه قدام عينيك مش مسؤول ولا بيتعب عشانك انتٍ وابنك نظرتك لي هتتغير وهتكوني قرفانه منه طول الوقت .
هزت كتفها مروة بعدم مبالاة وهتفت ببساطة
= ما تكبريش الموضوع أوي كده يا بسمه ما انتٍ كل اللي انتٍ عاوزاه بيجيلك من اكل وشرب ولبس، وبتعرفي تطلعي منه فلوس شويه عشان الموضوع اياه !. مش فارقه بقى يشتغل ولا ما يشتغلش وأنه بياخد المصروف من ابوه لحد دلوقتي .
زفرت بسمة بضيق ورفعت يدها الأخرى تبعثر شعرها الأسود المجعد لتقول بقهر
= لا طبعاً بتفرق امال الراجل اسمه راجل ليه مش اما يكون اسمه مسؤول وبيصرف على بيته من جيبه هو !.
تمتمت صديقتها بنبرة متهكمة
= طب لما انتٍ متضايقه أوي كده من العيشه معاه ما تطلقي وتريحي نفسك
تنهدت بعجز وقلة حيلة ثم قالت ساخطة
= هو انا لو بايدي اعمل حاجه ذي كده كنت هستنى تقوليلي؟ ابويا هيرفض لو طلبت منه يطلقني وهيقولي هو انا كنت بجوزك انتٍ واختي عشان تقعدوا جنبي، و غير لو قلت اسبابي محدش هيهتم بيها وهيكونوا شايفين الأمر بسيط وعادي زي اهله ما بيعملوا... ما قداميش حل غير أن ادعي ربنا يتعدل وما يعرفش حاجه عن سري!
❈-❈-❈
في اليوم التالي، عادت ديمة الى منزلها رغم انها لم تكمل فترة علاجها بالمشفى لكنها رفضت ان تظل اكثر من ذلك هناك، واخواتها لم يتركوها هذه المره بمفردها وحينها شعرت هي بالسخرية المريرة فكانت قبل ذلك تتمنى ذلك الأمر بشده قرب اشقائها وان يظلوا جانبها لكن لقد حدث ذلك متاخر جدآ .
بينما الأمر بالنسبه اليهم لم يكن جيد على الإطلاق فقد كان العبوس واضحاً على أغلبهم. وكلما حاولت رانيا ان تقترب من أختها لتعرف كيف فعلت ذلك ومن والد الطفل الذي اجهضته تقابلها بالصمت التام! لكن اليوم لم تستطع الصبر حتى تعرف ما الذي حدث معها
واقتربت منها بانفعال كبير هاتفه بصوت عالٍ
= لا بقى انا زهقت مش قادره استحمل اكتر من كده ولازم تتكلمي واعرف ازاي قدرتي تعملي فينا كده وفي نفسك ومن ابو إللي كان في بطنك ده؟ انتٍ داريه بالمصيبه اللي عملتيها ولا لاء يا بنت انتٍ
ركضت زينب مهرولة إلى داخل الغرفة بقلق كبير وهي تمسك كتف اختها قبل ان تتهور قائله بنبرة محذراً
= رانيا وطي صوتك واهدي عشان ما حدش يسمعنا، مش ناقصين فضايح اكتر من كده
حالة من الهياج والعصبية سيطرت عليها كلما تفكر في الوضع الذي أصبحت فيه فهي تعتبر الآن المسؤوله عنهم ويجب ان تحل الأمر لكن لم تجد أي حل مطلقاً فاختها وضعتها في وضع صعب حقا، كزت على أسنانها قائلة بجنون
= اهدي! هي بعد عامله اختك بقى فيها اهدي هو انتٍ مفكره الفضيحه كل ده وما طالتناش وأن الناس مش هتعرف؟ انا مش عارفه لو ما كنش دلوقتي نزل اللي في بطنك كنت هتصرف ازاي ولا اعمل ايه ولا ما انا برده في مصيبه ثاني، هنتصرف ازاي بعد اللي عملته ما تنطقي وتقوليلي ايه اللي حصل ومين أبوه اللي في بطنك انا مش هفضل مستحمله سكوتك ده كتير .. أنطقي واتكلمي قصرنا معاكي في ايه عشان تحطينا في البلوه دي .
نظرت ديمة إليهم وشعرت برجفة جسدها المرتعش وهي تنهض ببطء وتعب أمامهم، و بدأت تدمع عينيها أكثر بحزن عميق بارز على محياها
= هو أنتم بجد بتسالوا قصرتوا في ايه؟ و واثقين أوي كده ان انتم عملتوا اللي عليكم و زياده بالذات انتٍ يا استاذه رانيا يا اختي الكبيره واللي ابوك وامك وصوكي عليا قبل ما يموتوا.. عايزه تعرفي الفضيحة والمصيبه اللي بجد إيه اللي انتم وصلتوني ليها؟ المصيبه والفضيحه بجد ان انتم نسيتوني من حياتكم من ساعه لما كل واحده بقيلها حياتها ودلوقتي حتي خايفين على مصلحتكم مش خايفين عليا.
بكت ديمة بقهر حينما بدأت تعيد ذكرياتها كل ما حدث وابتلعت ريقها بتوجس خطير وبدا وجهها شاحباً للغاية وهي تردف بتهكم مرير
= عاوزه تعرفي مين أبو اللي كان في بطني وازاي قدرت اعمل كده؟ ابوه الشاب اللي انا جيتلك وحاولت اكون صريحه معاك وما اخبيش عليكي حاجه وقلت لك ان انا بحبه! ومن غير ما تعرفي مني تفاصيل ولا اي حاجه زعقتي فيا وامرتيني أن اقطع علاقتي بيه وابطل هبل وما فيش حاجه اسمها حب وانا في السن ده واركز مع مذاكرتي ودراستي أحسن! ومن بعدها لما كنت بحاول افتح معاك الموضوع تاني ولا ايه حاجه زي كده كنتي برده بتعملي نفس التصرف وتزعقيلي وما فكرتيش تسمعيني ولا مره أو حتى تفهميني الغلط فاللي انا عملته وقتها.