-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 18 - 2 الجمعة 24/5/2024

  

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الثامن عشر

2

تم النشر يوم الجمعة

24/5/2024


انتفضت من مكانها بلهفة تنظر للجميع وتقول بلهفة: 

-أعدني مرة أخرى، أرجوك أعدني بسرعة.


اقترب منها إمام وربت على كتفها بحنين: 

-حبيبتي! هل أنتِ بخير؟


التفتت تنظر له بتوتر وقالت: 

-لابد أن أعود حتى أمنعه من فعل تلك الطقوس، لا يمكن أن أتركه يفعلها.


التفتت تنظر للمعالج ترجوه متوسلة: 

-أعدني رجاءً سيد دان فلم أجد الوقت الكافي لمنعه، أرجووووك .


ابتلع ريقه وقال لها: 

-لا يمكن أن أعيدك فالأمر ليس بتلك السهولة.


سألته بحزن: 

-متى إذن تستطيع فعلها؟


أجابها وهو ينظر أمامه بذلك الكتاب السميك وقال: 

-جسدك لن يتحمل تلك الطقوس سوى مرة بالشهر.


صرخت مستنكرة: 

-لا، لا يمكن فقد يكون اﻵوان قد فات و......


قاطعها المعالج الروحاني موضحاً: 

-أي أوان تتحدثين عنه دورثي؟ لقد ألقى الفرعون تلك التعويذة منذ آلاف السنوات وانتهى ، ولا يمكنك تغيير الماضي والعبث بالزمن.


تذمرت مستنكرة: 

-لا يمكنني تغيير الماضي ولكن يمكنهم العبث بالمستقبل بذلك الشكل!


زفر منفسا عن إجهاده وتذمره ورد موضحا: 

-فقط هناك أمور نسبية أصعب من أن يفهما العقل البشري بهذا الزمن فلم نصل بعد للعلم والمعرفة اللازمة لكشف كل الحقائق.


ضحكت ساخرة وقالت: 

-تتحدث عن ملوك الفراعنة من آلاف السنوات.


رد مؤكداً: 

-ألا تعلمين أن القدماء المصريين وصلوا للعلم وللمعرفه التي لم نصل لها نحن حتى اﻵن، فإلى وقتنا هذا لم نستطيع معرفة سر التحنيط ولا كيفية بنائهم للأهرامات والمعابد والمسلات بذلك الاتقان وتلك الضخامة، وما بالك بمعبد أبو سمبل الذي شيده رمسيس الثاني ابن فرعونك الغالي والذي أبدع ببنائه لتتعامد الشمس على وجهه مرتين بالعام، مرة يوم تاريخ مولده ومرة يوم توليه العرش! أﻻ يعتبر هذا تقدم وإعجازاً لا يمكن لأي مهندس أو فلكي أن يفعلها بهذا اﻻتقان وأيضاً لتبقى وتستمر لآلاف الأعوام؟


جلست باكية وسألت: 

-إذن لن أستطيع منعه من تلك الطقوس؟


أومأ لها وأكمل: 

-ولكن نستطيع منعه من الإستمرار بإستغلالك والعبث بحياتك أنت و زوجك بهذا الشكل.


حركت رأسها موافقة ونظرت لعائلتها وقالت بحرج: 

-لا أجد كلمات حتى اعتذر بها عما بدر مني أو منه بحقكم، ولكن الأمور ستكون على ما يرام بدءً من اﻵن، أعدكم بذلك.

❈-❈-❈


لا يستطيع اي إنسان أن ينسى أموراً معينة مرت بحياته مهما حاول، فيتجه فوراً للمواجهة حتى يستطيع إتخاذ قراره بطي الأمر نهائياً أو أن يظل الصراع قائماً ما بين عقله الذي أبى أن ينسى ومع مشاعره التي أرادت النسيان حتى يحظى الإنسان بالهدوء و السلام النسبي حتى و لو كان بشكل مؤقت.


دلفت منزلها برفقة زوجها الذي تبعها بخطوات بطيئة وهو يراها تتخبط بأفكارها وكأنها تحارب عقلها ومشاعرها معاً. 


اقترب منها عندما وقفت متسمره أمام مرآة الزينة تنظر لنفسها بتمعن وكأنها تستعيد ذاكرتها بملامحها الشقراء.


أحاطها بذراعيه وانحنى هامساً بأذنها: 

-حبيبتي.


انتبهت لصوته ولمساته ففتحت عينيها وابتسمت لإنعاكس صورته بالمرآة وتنهدت ببطئ فقال بمواساة: 

-أنا معكِ، و لأجلك سأفعل الكثير حتى تمر تلك الأزمة نهائياً.


ابتسمت وبداخلها تسخر من حديثه فكيف ستنتهي ما أسماه باﻷزمة وتلك هي حياتها التي عرفتها منذ أن كانت بالثالثة من عمرها، وأصبحت لا تستطيع النوم بشكل مريح إﻻ عندما يزورها بأحلامها حتى يؤنس وحدتها وهي تعود معه لحياتها القديمة بعالمهما الخاص، ولكنها فعلا تشعر بالحيرة فقد تحركت مشاعرها تجاه إمام ولكن ليس بنفس درجة العشق والهيام التي تملكها لفرعونها وحبيبها سيتي.


ركز بصره على شرودها وسألها باهتمام: 

-ما بكِ؟ 


ردت بتهرب: 

-لا شيئ، ولكن عقلي ما زال مشوش فهلا تركتني استرح قليلاً إمام حتى أسترجع نفسي؟


أومأ لها مقبلاً جانب عنقها وتحرك خارج الغرفة فعادت تنظر لانعاكسها بالمرآة ودمعت عيناها وظلت تبكي بحزن ولفترة طويلة حتى استمعت لصوته الذي تحفظه غيبا هامساً: 

-لا تبكِ حبيبتي.


التفتت سريعاً ونظرت لعين إمام فتأكدت أنه هو فرعونها وحبيبها فهرعت ترتمي داخل حضنه هاتفة بأسف: 

-آسفه يا حبيبي، لم أستطع اﻻبتعاد عنك ولن أستطيع فعلها أبدا.


شدد من قبضته على خصرها وهمس لها: 

-أنا لكِ حبيبتي، لم اُخلق لغيركِ ولم تُخلقي لغيري.


ابتعدت عنه تنظر لوجهه وسألته: 

-كيف تلبسته مجدداً؟


أجابها مبتسما: 

-لقد غفى بالخارج سامحا لي بالحضور فلم أعد قوي كالسابق، فقط أستطيع فعلها وهو نائم وأظنه حلٌ أفضل حتى لا يشعر بوجودي.


ارتمت داخل حضنه متعلقه برقبته وبكت كثيراً وقالت بندم: 

-يا ليتني استمعت لك وجئت للعيش معك بعالمك اﻻفتراضي، حقا لا أستطيع اﻻستمرار دونك يا مولاي وحبيبي.


قبلها قبلة عميقة على شفتيها وابتسم لها مؤكدا: 

-لا يهم حبيبتي، فأنا سأظل معك حتى النهاية وما بعدها أيضاً ولكن ما يحزنني انكِ ستشيخين وأنا سأظل هكذا.


نظرت له بحيرة غير مدركة لمغذى حديثه فضحك على ملامحها الطفولية وسحبها وجلسا على الفراش وأطنب موضحاً: 

-عندما قدمت القربان حتى اجتمع بكِ لم يكن الأمر سيئا إلى هذا الحد، فظاهريا قدمت نصف عمري مقابل التعويذة ولكن حقيقة الأمر أنني فضلت أن أموت بسن صغير حتى لا يختلف شكلي وملامحي عندما اجتمع بكِ ويظل شكلي كما عاهدتِه يا حبيبتي، ولكن إن قدمت شيئا آخر كقربان لجئت إليكِ عجوزا مُسن ولما تقبلتني وربما لنفرتِ مني.


حركت رأسها نافية وقالت مؤكدة: 

-حتى وإن كنت بعمر الثمانين بعد المائه لظللت أعشقك وأحبك يا مولاي وحبيبي.


ترددت بسؤاله ولكنها عقبت: 

-هل معني حديثك أنك ستنفر مني عندما أشيخ وتتجعد ملامحي؟


ضحك ساخراً ورد مشيراً لنفسه: 

-هل يمكن لرجل مثلي انتظر آلاف الأعوام ليجتمع فقط بمن يحب أن يهتم لهكذا أمر تافه؟


حركت رأسها نافية ببسمة اتسعت لما بعد أذنيها فاتسعت بسمته هو الآخر بسعادة وسحبها لتستند على جسده وأقترب من أذنها هامساً بنبرة موججة للمشاعر: 

-حسنا حبيبتي، دعينا لا نضيع الوقت ودعيني أرتوي من شهد شفتيك وألعق العسل من جسدك حتى اُشبع اشتياقي لكِ.


لم يمهلها الفرصة حتى للرد باﻻيجاب أو الرفض فالتف سريعا و ببراعة واعتلاها مقبلاً إياها بشغف وضاجعها باشتياق وافتقاد حتى انتهى وارتمي بجوارها منهكا وقال وصدره يعلو ويهبط بعنف من إثر إجهاد بدنه: 

-كم اشتقت لكِ وكأنكِ ابتعدتِ عني لألف عام.


أسندت رأسها على صدره وقالت بتحذير: 

-إياك وأن تغفو على هذه الحالة فيستيقظ إمام ليجد نفسه عاريا بالفراش وهو سقط بالنوم بالخارج. 


أشارت لجسده العاري فابتسم وقبلها قائلا: 

-لا تقلقي لكنني لن أقبل أن يحاول التقرب منكِ أو مغازلتك ومضاجعتك بنترشيت، قد أقتله فوراً إن فعلها لذلك لابد أن تتخذي قراركِ النهائي.


اعتدلت بجسدها وسألته بحيرة: 

-قرار! قرار ماذا؟


أجابها بجدية وصرامة: 

-إما أن تكوني معي أو لا!


سألته بتوتر: 

-أنا معك ولكن كيف؟


اتسعت بسمته مجيبا: 

-بأن استولى على جسده نهائياً وإلى الأبد، وإياك أن تقولي لي أنه لا يستحق منكِ ذلك فلم تكن دورثي تلك الفتاة الصغيرة تستحق ما حدث معها أيضاً ولكن لأجلكِ لم أهتم إﻻ بكِ وأسكنتك جسدها.


ابتلعت ريقها وها هي تعود لترددها وتوترها فلمح تعابيرها فأعتدل بجسده ورمقها بنظرة غاضبة زافرا أنفاسه وهو يصيح عالياً: 

-بنترشيت، توقفي عن إثارة جنوني يا هذي واتخذي قرارك فكل مرة تطلبي ابتعادي أفعلها فقط لأجلكِ فتعودين لطلب عودتي من جديد، توقفي عن تخبطك وترددك واختاري؛ فإلى الآن أترك الإختيار بيديك.


صر على أسنانه وهو يرى عبراتها فصرخ بها: 

-هل تريدين إثارة غضبي وجنوني؟ توقفي عن البكاء واتخذي قرارك.


من بين بكائها سألته: 

-هل سيتألم؟


انعقد حاجبيه بشراسه وهي تكرر سؤالها بتوضيح: 

-هل سيشعر إمام بألم وأنت تستول على جسده؟


صر على أسنانه وحاول كبت غضبه وأومأ لها مجيبا: 

-سيموت لأحيا أنا، تماما كما حدث مع الفتاة دورثي لويز.


حركت رأسها موافقة فوقف يرتدي ملابسه والتفت لها قائلا بحدة: 

-لا يوجد تراجع بعد الآن بنترشيت، اتخذي قرارك النهائي واخبريني به بالمرة القادمة، فإن وافقتي لابد أن تقنعيه أن يعيدك لبلادنا مصر فهناك أكون أقوى وتأثير السحر أيضاً ولابد أن تحدث المراسم بمعبدي الجنائزي بأبيدوس أمام موميائي، اتفقنا؟


أومأت له محاولة التماسك ومجيبة: 

-اتفقنا يا مولاي.


اقترب منها وانحنى يقبلها من جديد قبلة مليئة بالشغف والعشق وابتعد لاهثا وقال بمشاكسة: 

-تلك القبلة حتى تساعدك باتخاذ قرارك حبيبتي، وإلى لقائنا القادم قيثارة الحب.

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة