-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 6 - 2 الأثنين 6/5/2024

  

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل السادس

2

تم النشر يوم الأثنين

6/5/2024


منذ تلك الليلة وقد ترك مشاعره تحركه دون احتساب أي عواقب وقد اتخذ قراره بالتقرب منها وربما سرقة قلبها كما فعلت هي تلك الساحرة الصغيرة؛ فانتهز فرصه جلوسها بالحديقة كعادتها برفقة ابنته وتحدث لابنته متسائلا: 

-أين أمك؟


وقفت تيا تنحنى باحترام لوالدها الملك وردت: تستريح قليلاً أبي، فكما تعلم لقد تقدمت بشهور حملها ولا تستطيع التحرك كثيرا.


أوما لها صامتها ومدققا بتلك التي أصبحت تنظر له بجرأه أكبر عن ذي قبل فابتسم وأمر ابنته: 

-حسنا ابنتي، اذهبي الآن واطمئني عليها.


تحركت فوراً من أمامه وعندما استعدت الأخرى لاتباعها وهى مطرقة رأسها باحترام وجدت يده تمنعها بعد أن أمسكها من ذراعها بقبضته القوية واقترب من أذنها هامسا: 

-تبدين ساحرة الجمال بهذا الزي قيثارتي.


لمعت عينيها من وضعه لياء الملكية بنهاية اسمها فكما وضع هو ياء الملكية بنهاية اسمه فتحول من ست إل سيتي أو المحبوب من ست فوضعه لحرف الياء تؤكد إنها تعني له الكثير ولكنها حقا لا تستطيع التصديق.


نظرت حولها لتتبين أنهما بمفردهما تماماً بالحديقة حتى الحرس غير موجودون فنظرت له بحيرة وقالت بتردد: 

-مولاي أنااااا...


قاطعها متلمسا خصلة من شعرها هامسا: 

-أنتِ ماذا أيتها الجميلة الساحرة؟


ابتسمت من غزله الرقيق واحمرت وجنتيها من الخجل فضحك بصوت خافت وأكمل تغزله بحُسنها قائلاً: 

-وكم تبدين رقيقة تحت أشعة الشمس باحمرار وجنتيك خجلاً قيثارة الحب.


لم تستطع مجاراته في تغزله بها فوقفت صامته واكتفت بالإستماع له وهو يردف متسائلا: 

-من أطلق عليكِ هذا اﻻسم؟


رد بخفوت: 

-لا أعلم فقد توفت والدتي وأنا بعمر الثالثة ومن وقتها أرسلني أبي لخدمة المعبد ولم أكن أراه إﻻ بالأعياد ولم يأت بعقلي أن أسأله هذا السؤال.


انحنى يداعب عنقها بأنفاسه الحارة وعقب: 

-ربما سأسأله أنا، فإن كان هو من أطلق عليكِ ذلك اﻻسم فسأكافئه على حسن اﻻختيار.


قضمت داخل فمها من كثرة ما تشعر به من مشاعر متضاربة وجديدة عليها فهمست بتلعثم:

-أنا لم أره منذ سنتين وأظن أنه ليس من المفترض بي التحدث مع أحد وخاصة الرجال يا مولاي لذا اعتقد أنه من الأفضل أن.....


قاطعها واضعا كفه على فمها يسكتها وقال: 

-أنا لست بأحداً ولا برجل، أنا الفرعون وبرواية الكهنة قديما كان الفرعون يلقب بألقاب الآلهه وبما أنكِ تخدمين الآلهه فأظن أنني أحق بتلك الخدمة بنترشيت.


❈-❈-❈


ظل حاله هكذا كلما سنحت له الفرصة أن يجتمع بها فقط ليكون قربها ويتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه حتى اشتعل قلبه حرفياً ذات يوم عندما لمحها من شرفة غرفته وهي تتحدث لأحد الحراس ويبدو عليها السعادة فخرج كالرياح العاتية والتي قد تؤدي بحياة من يقف أمامها وهدر بالحارس: 

-ماذا تفعل هنا؟


انحنى الحارس فوراً باحترام وأخبره: 

-احضر تلك الرسالة للكاهنة من والدها يا مولاي.


أشار له برأسه ليتحرك من أمامه ففعل صامتا ومنحنيا بجسده احتراما وتوقيرا له فاستدار فورا ينظر لها بعينين جاحظتين وصرخ بها: 

-غير مسموح لكِ بالتحدث لأحد، أتفهمين؟


أومأت بخوف وبللت وجنتيها بالعبرات ولكن قلبه المحترق بالغيرة جعله لا يهتم لها وسحب منها قطة البردي التي تمسكها بيدها بشراسة وسأل بغضب: 

-تستطيعين القراءة؟


أومأت له مؤكدة: 

-لقد مكثت بالمعبد أحد عشر عاماً مولاي تعلمت بها القراءة بالاضافة لعدة أمور أخرى.


انتظرها أن تكمل ولكن عبراتها المنسابة على وجهها جعلته يفقد نفسه وسيطرته وسحبها داخل حضنه وقام بتقبيلها قبلة عميقة عاشقة لم تستطيع هي أن توقفه ولا أن تبادله إياها فاستسلمت له قلباً وكياناً وروحاً دون أدنى مقاومة.


❈-❈-❈


لملمت اﻻغطيه على جسدها تداريه عن عيونه التي تنظر لها بدون خجل وقالت بحيرة: 

-مولاي! ما فعلناه منذ قليل لا أظنه مقبولا.


اسند رأسه بارتياح على ظهر الفراش وداعب جانب ذراعها بأنامله وهتف: 

-أعلم أنني لم أمهلك الفرصة حتى تُخبريني موافقتك أو رفضك ولكنني حقا لم أعد أستطيع التماسك أكثر، فقد أسرتني يا فتاة بلحظة وقوع عيني عليكِ بمراسم تتويجي.


ارتعشت من لمساته وهتفت بحيرة: 

-أنا فقط مذعورة إن علم الكهنة بفقدي لعذريتي فسيقتلونني يا مولاي.


ابتسم لها بهدوء وأخبرها مؤكدا : 

-أنا لن أدع شيئا يمسك قيثارتي، فقد التحمنا روحا وقلبا وجسدا أيضاً فقد اصبحتي خاصتي وانتهى.


رددت كلمته داخلها: 

-خاصته! أصبحت خاصته؟


نظرت له بحيرة وتخوف وسألته بتردد وكأنها خائفة من سماع إجابة سؤالها: 

-مولاي، هل لي أن أسألك سؤال؟


أومأ لها مستمعا بانصات فقالت: 

-من أنا بالنسبة لك؟ هل مجرد علاقة عابرة مثل بقية الحرملك أم أعني لك شيئاً مهما؟


اعتدل سيتي بجسده ورمقها بنظرة مطولة وداعب وجهها وهو يقول: 

-أنتِ من ملكتِ كياني ومشاعري وجعلتني اتخطى جميع الحواجز والعوائق فقط لاجتمع بكِ، ومنذ تلك اللحظة فأنتِ خاصتي بنترشيت، لستِ فقط خاصتي بل عشيقتي ومعشوقتي وحبيبتي أبد الدهر يا فتاة.


❈-❈-❈

تفقدت غرفتها بعد استيقاظها لتجده قد غادر فنظرت لجسدها المتألم قليلاً فهي مرتها الأولي بطبيعة الحال ليس فقط لكاهنة تخدم المعبد وإنما أيضاً لفتاة بالخامسة عشر من عمرها فجلست تبكي قليلاً خوفا وألما وربما ندما عما اقترفت بحق نفسها.


تحركت لتغتسل وخرجت تبحث عن تيا فوجدتها جالسة كعادتها بالحديقة فاقتربت منها بتمهل فلاحظت تيا تألمها فسألتها بحيرة: 

-ما بكِ بنترشيت؟


ردت بخجل: 

-لا شيئ أنا بخير مولاتي.


ربتت بجوارها لتجلس الأولي دون التحدث وبدأت تباشر مهام عملها بتعليمها الأمور الدينية والدنيوية التي تعلمتها بالمعبد، ولكن أثناء انشغالها استمعت مصادفة لحديث الحرس العفوي: 

-تحرك الفرعون بتلك السرعة لا يدل إﻻ على شيئ واحد.


رمقه الحارس الآخر بحيرة فأضاف: 

-إنه ذاهب ليس فقط لقمع ذلك التمرد بالجنوب ولكن أيضاً لتلقينهم درساً لن ينسوه.


اومأ له الحارس الآخر وعقب:

-معك حق فالملك من أكفأ المحاربين فقد خدم بحكم الفرعون حور محب والذي لم يكن يهتم بالشئون الخارجية مطلقاً وتركها للملك رعمسيس وابنه الفرعون سيتي.


ابتسم الأول مؤيدا: 

-لقد تنعمت تلك البلاد أخيراً بحاكم قوي وعادل وله طموح توسعية.


التفتت تنظر للأميرة تيا وسألتها بتردد: 

-عمٓ يتحدثون هؤلاء؟ 


ردت الأخرى بعفوية: 

-لقد سافر أبي لقمع التمرد الذي نشأ بجنوب البلاد.


تعجبت وأردفت متسائلة: 

-متى حدث ذلك لقد كان بالأمس....


صمتت عندما وجدت نفسها على وشك التفوه بحماقة وسعلت قليلا فردت الأخرى دون اﻻنتظار لاكمالها حديثها قائلة: 

-أظن أنه تلقى تلك الرسالة بوقت متأخر من الليل، سلمها له القائد توت كما أخبرتني أمي فتحرك فوراً لجمع الجيش ولم ينتظر حتى خيوط الصباح الأولى وتحرك ليترأس الجيش كعادته.


ضحكت تيا وأضافت: 

-أبي لم ينس أنه قائد ومحارب قبل أن يكون فرعونا للبلاد، وجدي تفرغ لإدارة الشئون الداخلية كما ترين.


أومأت بصمت ودعت بداخلها: 

-أعده سالماً أيها المعبود آمون لأجل محبيه.


❈-❈-❈


تحركه بتلك السرعة على ظهر جواده لم يكن إﻻ لاشتياقه لها هي وحدها بعد أن استطاع قمع التمرد والتمثيل بأعداءه والعودة منتصرا برفقة جيشه المنتصر، وفور أن وصل لمدينته استقبله العامة من الشعب استقبالاً حافلا وبترحيب مهيب لشخصه القوي.


انحنى يهمس لقائده الذي يسير بمحاذاته على ظهر فرسه وأمره بصوت خافت: 

-جهز لي ما أمرتك به قبيل سفرتنا أيها القائد توت.


رمقه توت بدهشة وقال يحذره: 

-مولاي، اتمنى أن تعُيد التفكير بهذا الأمر فالعبث به ليس لصالحنا وكل حب الشعب لك قد يتحول لكره ونقم إن علموا به.


رمقه بنظرة حادة وعينيه الجاحظتين نطقت قبله بشراسة: 

-نفذ أوامري دون نقاش فقد اتخذت قرارى وانتهي.


زفر توت بتنهيدة متخوفة وتذكر تلك اللحظات التي سبقت سفرتهم الأخيره عندما لمح فرعونه وقائده يقبل تلك الكاهنة بالحديقة الخاصة دون حيطة أو حذر فصرف جميع الحرس المتواجدين وقتها، وعندما استلم رسالة جواسيسه باندلاع تمرد وشيك بالجنوب تحرك صوب غرفتها وطرق الباب طرقة خفيفة فلملم سيتي ملابسه وارتداها بسرعة وفتح الباب فوجده قائده فنظر له بحيرة وسأله: 

-كيف علمت أنني هنا؟


رد هامسا: 

-رأيتك مولاي، ولا تقلق لقد اهتممت بالأمر.


أومأ مستحسناً والتفت ينظر لتك النائمة كالملاك وابتسم رغماً عنه وقطع ابتسامته حديث قائده: 

-مولاي، قد يؤدي هذا الأمر لتنحيتك عن العرش إن علم الكهنه خصوصاً أن الملك لا زال على قيد الحياة، ناهيك عنها هي التي ستقُتل لا محالة.


تخوف فوراً لمجرد فكرة خسارتها فسحبه من ذراعه بعيدا عنها وأغلق الباب وراءه وهتف بغضب: 

-استمع لي جيداً، لا يوجد غيرك يعلم بذلك الأمر وإن علم آخرون فستفقد عنقك الطويل هذا أسمعت؟


رد الآخر باحترام: 

-مولاي، أنا عبدك وخادمك وأتحدث فقط خوفا ونصيحة لا أكثر.


زفر سيتي بحدة وقال بصوت خافت: 

-اُحبها.


نظر له توت بدهشة وصمت مطرقا رأسه فاستمع له يأمره: 

-بدءا من اليوم هي خاصتي وأعلم ذلك لهذا أريد منك تجهيز بيت يبعد قليلا عن معبدي ومنزلي حتى لا اضطر لوضعها بموضع الخطر.


وافق توت مقتضبا فسأله فور أن انتبه سيتي لما يحمله بيده: لماذا أتيت بتلك الساعة على كل حال؟ وما هذا بيدك؟


رد مجيبا: 

-نحتاج لشن حملة لقمع ذلك التمرد مولاي.


نظر للبردية التي تحوي معلومات عن ذلك التمرد فتحرك فورا بجدية وحزم قائلاً: 

-استدع الجيش بسرعة وعلى عجاله فأنا أريد التحرك قبل طلوع النهار لأنهي ذلك التمرد سريعا حتى يكونوا عبره لمن يعتبر.


عاد توت من ذاكرته والملك يأمره: 

-هيا تعجل بفعل ما اخبرتك به ولا تتلكئ.


وافق باحترام وتحرك فورا لتنفيذ أوامر ملكه وفرعونه وهو يشعر بالتردد مرددا داخله باستنكار: 

-لقد أعماه العشق عن التمييز بين الخطأ والصواب و ستكون نهايته على يد تلك الصغيرة ونهايتها على يده.

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة