رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 24 - 1 - الإثنين 6/5/2024
قراءة رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح
الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع والعشرون
1
تم النشر يوم الإثنين
6/5/2024
يقود بحرص شديد، يجبر نفسه الا يزيد من السرعة التي يبتغيها حتى لا يلفت النظر نحوه من افراد بلدته الصغيرة من الأساس، سيقتله، لقد نوى وسيفعل، هذا الفاسد الذي اخطأ بحق نفسه والعائلة ف المرة السابقة حينما تركه ينفد دون عقاب، سينهي امره الاَن ولن يتركه يحيي ليوم اخر في تدمير شقيقته،
يقتله هو اولا ثم يأتي حسابها، هي وزوجته المصون بعدما اخفيا الأمر عنه، لقد كان حليمًا حين تركهم منذ قليل دون ان يعطي كل واحدة حقها في العقاب، ولكن لا بأس، ينهي مهمة هذا الفاسق الاَن، ثم يأتي دورهما
كان هذا الحديث الذي يدور بداخله اثناء قيادة السيارة في طريقه نحو الانتقام، والثأر لشقيقته وخراب حياتها
من ابن عمها بفضل هذا الرجل،
وصل الى المنطقة التي يعرف ان بها المنزل المقصود، يجهز نفسه لينال من هذا الوغد ، حتى لو اضطر ان يهجم عليه داخل منزله، ولكن وقبل ان يدخل جيدًا داخل الشارع المؤدي الى محل سكنه، تفاجأ بسيارة اسعاف تمر في الطريق المعاكس، وطيف صورته بداخلها من الخلف، ليضطر للتوقف، ثم سؤال أحد المارة ليستفسر منه:
- هي الإسعاف دي واخدة مين يا عم الحج؟
اجابه الرجل الخميسني:
- واخدة مرة عمر ولد عبد السلام، الله اعلم، بس شكلها عيانة جوي.
اومأ له بهز رأسه يصرفه بلطف، ليغمغم عقب ذهابه بتوعد:
- فلت منها النهاردة يا بن المركوب، لكن هتروح مني فين؟ لسة الأيام جاية بينا كتير .
❈-❈-❈
وبداخل السيارة .
كان المذكور بجوراها، ممسكًا بالكف البارد للمسكينة التي كادت ان تضيع منه منذ دقائق، لولا ستر الله ولحاق النجدة بها، يتمتم بتضرع ورجاء:
- يارب استر يارب، نجيها يارب هي والعيل.....
تطلع نحو الملاءة التي تغطي جسدها وقد تلونت ببقعة كبيرة من الدماء، ليصرخ بهلع نحو المرافقين له:
- ما تدوس بنزين وسرع يا عم انت، البنت دمها هيتصفى.
تجاهل السائق، ليتكفل رجل النجدة والذي كان يتولى تركيب المحلول معلق بعجالة وقلق لحالة الفتاة:
- ما براحة يا عم، يعني هو هيطير بيها، بلاش توتر الله يرضى عنك وسيبنا نشوف شغلنا، البنت صغيرة وحرام اللي حاصل معاها ده.
رمقه بحدة غير متقبلا تدخله، حتى هم ان يعنفه، لكن سرعان ما استعاد توازنه، لاستدراكه لجلل الحادث،
فهي بالفعل صغيرة وقد جنى عليها هو بغباءه
❈-❈-❈
- جتلته يا غازي، اوعاك تكون عملتها الله يرضى عنك.
صرخت زوجته تستقبله بها فور ان ولج عائدًا الى المنزل، فهيئته في الذهاب كانت تدل على نيته بالفعل ،رغم كل المحايلات منهما عليه وترجيه بألا يفعل:
- ما ترد يا غازي، ساكت ليه؟.
زفر بدخان من حريق مازال مشتعلا بداخله، ليرمقها صامتًا بتجهم، قبل ان ينقل بأبصاره نحو شقيقته التي شق قلبه هيئتها المزرية، لقد كانت تشهق دون صوت، وكأنها يأست ولم تعد بها حيلة، تتوقع الأسوء بعد انهيار عالمها الجميل وذهاب حبيبها عنها، رق لمشهدها، ليتنهد بوجع ثم توجه كي يجلس بجوارها على الاريكة، يلتقطها بأحضانه، رغم غضبه منها، لكنه لم يحتمل ان يراها بهذه الصورة، وهي كانت كالغريق الذي يجاهد للنجاة داخل عمق المحيط.
- خلاص يا واد ابوي، انا دنيتي ادمرت وبجى عندي الموت اهون من اللي انا فيه دلوك، ياريت تخلص مني وترتاح، العيب فيا انا، مش في أي حد تاني، وانت متستهلش تروح في داهية عشان واحدة غبية زيي.
ربت بكفه على ظهرها يخاطبها بحنان:
- لما انتي غبية، امال مين الذكي في البلد دي كلها، هو بس المرة خانك زكائك.
وعلى عكس ما كان يبتغي في تهدئتها، زادت من النحيب تردف بندم:.
- ياريتني ما فكرت ولا كان ليا رأي اصلا، دماغي دي لو بتعرف تميز ، كان زماني متجوزة ومتهنية مع واد عمي بجالي سنين ، بدل ما انا فضلت معلجة في حبال الهوى اللي اتلفت على رقبتي في الاَخر، تخنجني بعد ما خلاص لجيت نفسي وعرفت انا عايز إيه.
من يراه في لحظة الغضب وهو يقسم بأغلظ الإيمان على قتل هذا الرجل المتسبب في كل ما يحدث الاَن، لا يصدق انه هو نفسه من يضم شقيقته ويهدهدها بحنو ، رغم غضبه من فعلتها.
هذا ما كان يدور برأسها الاَن، وهي تراقبهم من وقفتها، قبل ان تجلس وتتخذ مقعدها مقابلهم، وتلتقي سوداوتيها بثقابتيه، فيحدجها بنظرة مرعبة لا تخلو من اللوم.
❈-❈-❈
- بتلوم علي انا يا غازي، طب وانا إيه ذنبي؟
تمتمت بها بعدم تصديق ردًا عليه، بعدما فاجأها، بصحة ظنها، ليؤكد لها بتصميم:
- ايوة يا نادية، عشان كان لازم تجوليلي اول ما عرفتي بأمر المجنونة دي، مش تخبي لحد ما تطربح فوج راس الكل.
قالت بأسف ونبرة مهتزة:
- طب وانا كنت هعرف منين ان كل دا هيحصل؟ دا غير اني معرفتش منها غير على اخر لحظة، يعني حتى ما ملحجتش افكر.
ظل على وضعه يستمع الى مبررها دون رد، ليشيح بوجهه عنها في الاخير، برسالة واضحة لعدم اقتناعه، وتنفجر هي في البكاء.
- يعني في الاخر الموضوع كله اترد عليا......
ضرب كفيه ببعضها، يتمتم الاستغفار بعدم احتمال لإمور النساء في هذا الوقت، ليزفر طاردًا من صدره دفعة كثيفة من الهواء، ممسكًا بأطراف اصابعه اعلى أنفه، يغمض عينيه سريعًا بتعب، قبل ان يعود إليها ملطفًا:
- يا بت الناس انا مش عايز احملك ولا اجيب اللوم عليكي، انا كنت عايزك بس تكوني حكيمة وتعرفي التصرف الصح في موقف زي ده، اختي رغم انها اكبر منك، لكنها طايشة ومتمردة، عكسك انتي....
- عكسي انا ازاي يعني؟
قطبت تساله وقد استرعى انتباهها بقوله، ليجيبها موضحًا بتعب:
- انتي عاجلة يا نادية، عاجلة زيادة عن اللزوم، مش محتاجة دي تفسير ولا تحليل.
لماذا تشعر وكأن العبارة بها شيء لا يعجبها؟ وكأنه يقصد بها شيء آخر ؟
ظلت على نظرتها الساهمة نحوه، والشرود بالمقصود من خلف كلماته، حتى اجبرته لسؤالها:
- انتي سرحانة في ايه؟
استدركت تعود من شرودها، لتنكمش ملامحها بتذكر وتعاتبه:
- حتى لو كنت عاجلة، زي ما جولت، برضك متجيش عليا يا غازي، انا كمان زعلانة زيك واكتر..... يعني هي تطبطب عليها وانا تكشر في وشي...
قالت الأخيرة بنبرة باكية، أثارت داخله ابتسامة، ليضمها بحنو يراضيها:
- انتي ليكي غازي كله، مش بس الحضن يا بت هريدي.
ليشدد بذراعيه عليها حتى تستكين، مستمعة باحتوائه لها، رغم كل ما يحمله من عتاب نحوها به بعض الحق، وهذا لا يمنع من الراحة التي اصبحت تتخلل روحه حينما يلامس منها هذه الافعال التي تصرفه لبعض الوقت عما يحدث، حتى اذا عاد لواقعه، غمغم بضجر:
- والزفت ده اللي جافل تلفونه عني، ماشي يا عارف، حسابك عليا
❈-❈-❈
في المشفى التخصصي
وبداخل الغرقة التي استقرت بها، بعد الخروج من غرفة العمليات وتسوية الأمر بمعرفة الأطباء، مع سحب كمية من الدماء منه هو لإنقاذها
وقف امامها يطالع وجهها الذي اصفر بشدة، وقد كانت في هذا الوقت غافية من اثر التخدير، ليأخذ وقته في تأملها، لقد كبرت البنت لسنوات تزيد عن عمرها الحقيقي بفضله، ذهبت عنها خفة الطفولة التي كان يبغضها بها قبل الزواج، ثم تطويعها على يديه بعد ذلك، كم هو اناني وغبي، ليقطف زهرة جميلة، ثم يدفنها في غابة ظنونه وانانيته المفرطة، طالبًا منها ان تزهرها بالبراعم الصغيرة كي تخضر ويمتد اثره، وهو في الأصل لم يحاوطها بالرعاية او الاهتمام الذي تستحقه.
سالت منه دمعة نادرة مع تذكره بما خسره اليوم، ليسقط فوق الفراش الطبي وينضم بجوارها، يقبل رأسها بندم مغمغمًا:
- سامحيني يا هدير، انا جلبي كان معمي، والحجد هو اللي سايجني، عايز انتجم لسنين عمري اللي راحت مني في غربة مكنتش جدها، غربة سرجت عُمر الحجيجي، وحطت بدالها مسخ......
توقف يلتقط أنفاسه، ليواصل الحديث معها وهي غير واعية لشيء وكأنه يقص على نفسه ما لم يجرؤ على البوح به امام احد:
- كانت حلم عمري، وكنت عايزاها بكل جوارحي، بس في نفس الوجت مكنتش راضي عن حالي عشان اتجدملها ، رافض مبدأ ان ابجى اجل منها، سافرت مخصوص لغرض اني اللم المال اللي يجوي عضمي جدام ناسها، كنت بعمل اي شيء عشان اجمع واحوش اتعب وانجص من لجمتي، وعلى جلبي زي العسل، لحد ما جابلت الصحبة اياها، جماعة كانوا بيخنصروا من بضاعة الشغل بلطافة ويبيعوا ويجسموا على بعض، لما كشفتهم ، عرضوا عليا ابجى شريكهم، كنت عايز ارفض لكن الفلوس شجعتني، مرة ورا التانية لحد ما الموضوع انكشف، وساعتها لجيتهم بيشهدوا عليا، ويشيلوني الشيلة لوحدي، اتكلمت وشكيت عليهم، لكن للأسف كلها كانت بتكوم اعترافات عليا، بضعف حجتي جصادهم، ودخلت السجن.......
خرجت منه تنهيدة مثقلة بالوجع، تطوف بعقله الذكريات السوداء التي مر بها:
- مرارة الايام في سجن غريب، في بلد غريبة، زي العلجم في الحلج، اهانة واهدار كرامة، وجلة جيمة، كنت هعفن محبوس بالسنين هناك، لولا هو ظهر لي من تحت الأرض، كيف التعبان لف عليا، يقنعني بجوازي من صاحبة الشغل، اتاريها كانت حاطة عينها علي والله اعلم اللي تم معايا دا كان لعبة منهم، ولا هو غباء مني..... المهم اني وافجت، وخسرت نفسي، بيعتها للي اشترتني بفلوسها، وضاعت مني روحي.....