رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 9 جـ 2 - 1 - الثلاثاء 21/5/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل التاسع
الجزء الثاني
1
تم النشر يوم الثلاثاء
21/5/2024
بعد مرور أسبوعين.
في المساء، جلست نسمة بإسترخاء على المقعد بغرفه المعيشه وقامت بتشغيل التلفاز وهي شارده الذهن بكل ما مر عليها، بينما كان معاذ جالس بعيد قليلاً عنها يلهو بأحد الألعاب المحفوظة علي هاتفه كعادته! وفجاه أغلقت الاضواء والتلفاز و راوتر النت! عقد حاجبيه باستغراب وهو ينهض بضيق هاتفاً باستفسار
= ايه ده! في ايه؟ ايه اللي حصل؟
مطت شفتها السفلى قائلة باهتمام
= عادي تلاقي النور قطع زي كل مره! مش عارفه امتي هنخلص من الهم ده
نهضت بسمة وفتحت باب الشرفة ناظرة إلي أسفل بذهـول عندما أخفضت بصرها نحو تلك الأنوار المضيئه بوضوح بالشوارع، ثم دخلت له متساءلة باستنكار واضح
= النور شغال بره عادي! ده قاطع عندنا بس.. معاذ هو انت شحنت كارت الكهرباء اللي قلت لك عليه من يومين .
وضع معاذ يده على رأسه هاتفاً بتفكير
= هاه لا نسيت.. هو كده قطع عشان كارت الكهرباء خلص .. يا خساره كنت واقف على مرحله مهمه في اللعبه .
رمقته بنظرات مزعوجة للغاية، و تمتمت من بين شفتيها بصوت هادئ لكنه يعكس الكثير عن نيرانها المتأججة بداخلها
= كنت واقفه على ايه سمعني كده تاني؟ معاذ هو انت بتستعبط ولا غاوي توجع قلبي معاك وتعصبني! ازاي تنسى تشحن كارت الكهرباء اللي قلت لك عليه وانت نازل من يومين ده انا ما قلت لكش حاجه صعبه يعني عشان تنساها وتطنش .
لم يلتفت نحوها، بل تحرك للجانب قليلاً قائلاً بعدم اكترث بها
= يوووه جري إيه يا بسمة هو انتٍ بتدور على اي حاجه عشان تعملي منها خناقة.. كارت ونسيت اشحنه ايه اللي حصل لكل ده .
نظرت له شزراً وهي ترد بسخط ساخراً
=معلش تعالى على نفسك واستحملني، من كتر الفضاء والهدوء اللي انا عايشه فيه بقيت أدور على اي حاجه عشان اتخانق واعمل جو واشغل نفسي ملل بقى تعمل ايه ؟.
رفع أحد حاجباه بغرابة منها و أجابها بجمود
= هو انتٍ بتهزري .
صاحت هادره وهي ترمقه بنظرات احتقارية
= امال عاوزني اعمل ايه انا خلاص جبت اخري منك يعني مكبر دماغك من البيت وقلت ماشي حتى الحاجات اللي بقول لك عليها وانت نازل اعملها لي برده بتطنشني، مش حاجه صعبه يعني كارت هتشحنه ما لو كنت واحد من صحابك واتصل بيك ان شاء الله حتى الفجر وقال لك تعالى نسهر ونخرج هتجري عليه انما مسؤوليه بيتك.. ما تعرفش
ونسيت .
تطلع بوجهها بنفاذ صبر ورد عليها معاذ بحنق
= ما خلصنا يا بسمه هو انتٍ فعلا مش لاقيه حاجه تتخانقي عليها كل ده عشان نسيت اشحن كارت الكهرباء الدنيا اتهدت خلاص! ايه ما بتنسيش انتٍ كمان حاجه.. ما هو مش معقول كل يوم خناق! كبري دماغك شويه مش حتي كمان على حاجات هيفاء وصغيره هنتخانق عليها .
نظرت له مغتاظة من ردوده الساذجة كونه لا يشعر باحتياجها وما تريده، ولم تعرف لما فجاه شعرت برغبة بالبكاء فبكت محدثة بقهر وهي تنظر له بأعين مغلولة
= انا مش عامله كل وجع القلب ده عشان شحن الكهرباء انا عامله كل ده عشان خلاص تعبت وزهقت منك، مهما بتكلم ومهما بقول كانك مش سامعني! انا بقيت حاسه ان انا عايشه في البيت ده لوحدي من كتر ما انا بحتاجك ومش بلاقيك.. من كتر ما انا بطلب وما بتنفذه.. ومن كتر ما بحتاج افضفض ومش بلاقيك برده .
تراجع معاذ مبتعداً عنها خطوة محاولاً استيعاب الموقف الذي لا يستحق كل ذلك الغضب منها! لكن لا يعرف بان ذلك الغضب نتيجه مخزون كتمان داخلها، بينما انتفض على صوتها الهادر فيه، ثم نظرت هي مباشرة في عينيه تضيف قائلة بصوتها المنتحب
= ما تحس بقى شويه بيا يا أخي! انا مراتك على فكره وانت متجوز ومخلف دي الحاجه اللي مش قادر تشوفها لحد دلوقتي ولا تنتبه ليها، انا بحس انك لسه عايش حياه العزوبيه ومش واخد بالك من المسؤوليات اللي بقت حواليك.. بس صحيح تاخد بالك ازاي طالما بتلاقي اللي يشيل مكانك .. خلي بالك انا لحد دلوقتي صابره ومستحمله وبطلب مش عارفه بعد كده ايه اللي ممكن يحصل لي من كتر القرف اللي انا عايشه فيه ده، وكل يوم بشتكي وما فيش حاجه بتتغير .
ورمقته بنظرات حادة وهي تسمح دموعها بعنف شديد وصرخت بقهر
= يا اخي كان يوم إسود يوم ما اتجوزتني وحبتني، ده إذا حبتني فعلا زي ما بتقول .
ضرب كفاً بالأخر بدهشة متابعاً رحيلها من أمامه هكذا، وهو لا يعرف ما الذي اوصلها الى تلك الحاله الغريبه دون مبررات.. لكن ليت أن ياخذ كلامها على محمل الجد لمره واحده .
❈-❈-❈
خلال تلك الأسابيع، حاول منذر قدر المستطاع أن يتقرب من ضحى وعائلتها وبالفعل بدأ أن يكسب ود والدها لكن والدتها كان الأمر صعب لديه! فما زالت غير مرحبه بفكره زواج ابنتها من رجل يصغرها، وكان الوضع لدى عائلته نفس الحال لكن لم يعد يهتم الى كل ذلك.. كل ما يهمة في الأمر هي ضحي! فإذا شعرت بالأمان والاطمئنان تجاهه بالتاكيد ضمن موافقه والدتها في الحاضر.
لكن حقا كان مستعجل على الزواج ولا يريد ان ينتظر سنه مثل ما اتفقوا بالسابق، لذلك حاول طوال تلك الفتره ان يكسب قلب ضحى ويجعلها تتقرب منه وتثق فيه! وذلك لم يحدث
إلا عندما تشعر بالأمان تجاهة، لكن حاول قدر المستطاع ان يجعلها تشعر ذلك الشعور خلال الهدايا التي دائما يحضرها اليها والتنزه الى أماكن كثيره طوال الوقت والاتصالات التي تستمر حتى منتصف الليل يتحدثون عن أي شيء بها، لكن يرغب ان يكون جزء من حياتها وهي كذلك .
وفي المنزل، سمعت كوثر صوتًا ذكوريًا يأتي من الخارج، فسحبت حجاب رأسها ووضعته حولها، ثم اتجهت للصالة لترى الضيف المتواجد بمنزلهن ومثل ما توقعت منذر الذي كل يوم والآخر يأتي هنا وذلك يزعجها بالتأكيد! رغم انها ترى سعاده ابنتها واهتمام الآخر بها المتواصل لكن ما زالت غير راضيه عن الفكره بأكملها.. وبنفس الوقت ليس بيديها شيء تفعله فابنتها كل يوم والآخر تتعلق به بشده وترفض الإستماع لها.
جلس منذر جانب حماه و بدأ أن ياخذ ترحيبه كالعاده، ويتحدثون عن عده أمور غير مهمه مثل لعبه كره القدم وأمور الحياه بالخارج و الأحداث التي تحدث بالوقت الحالي، لكن تلك الاحاديث كانت نوعاً ما تقربه منه.. فا فوزي لم يرى منه إلا كل خير لذلك بدأ أن يفتح له قلبه ويحبه ويعتبره بمثانه إبنه الذي لم ينجبه.. على الطرف الاخر كانت ضحى سعيده بذلك الاندماج.. فتعلقها بمنذر أصبح نوعاً ما خطر عليها فتالمها فكره أن ينسحب من حياتها و يصبح كل ذلك سراب وتعود وحيده من جديد .
بعد فتره نهض فوزي واستاذن من منذر بأن يذهب ليؤدي فرض الله و ظلت ضحي معه و شعرت بالخجل من نظراته التي تحولت عليها، ثم لوي منذر ثغره للجانب ليبتسم نحوها، و تحدث بصوت جاد
= رايحه بكره الشغل في نفس ميعادك عادي! عشان اعدي عليكي اوصلك .