رواية جديدة براديسيا (التميمة الملعونة) لبسمة بدران - الفصل 5 - 1 - الأربعاء 29/5/2024
قراءة رواية براديسيا (التميمة الملعونة) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية براديسيا (التميمة الملعونة)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الخامس
1
تم النشر يوم الأربعاء
29/5/2024
أمام المرآة الكبيرة
يقف يهندم ثيابه الرسمية المكونة من بنطال أسود وقميص أبيض وسترة تصل إلى ما قبل ركبتيه بقليل مرصعة ببعض الأحجار الكريمة
مشط خصلاته ومن ثم ثبت تاجه الملكي فوق رأسه
استدار يلقي نظرة أخيرة فوق فـ راشه
فانفلتت منه ضحكة صغيرة عندما أبصرها ما زالت نائمة بشكل فوضوي
فقد كانت خصلاتها متناثرة بشكل عشوائي وتنام بعرض الفـ راش
لكنه سرعان ما تجهم وجهه عندما تذكر أن ذلك الأمير البغيض سيمكث في المملكة تسعون يوما
زفر بقوة ومن ثم اتجه إلى الفـ راش طابعا قبـ لة عميقة فوق جبينها واستدار دالفا للخارج وهو يظفر بحنق
فهو مجبر في الفترة القادمة أن يعامل المدعو الأمير فخر باحترام فمهما كان هو ضيف مملكة براديسيا
والضيف يكرم حتى لو كان شيطانا
❈-❈-❈
وعلى الجانب الآخر في مطبخ القصر
تجلس السيدة رحيل فوق أحد المقاعد وابتسامة صغيرة ترتسم فوق محياها الحسن
فرغم عمرها الذي تجاوز الخمسون لا زالت تتمتع بجمال باهر
فهي تشبه ابنة أختها نور بشكل كبير خصلاتها الشقراء وبياض بشرتها لكن عينيها بلون الزيتون
أجفلت من شرودها على أحد الخدم يناديها بصوت مرتفع: سيدة رحيل هيا انهضي فالملك سيتناول فطوره الآن برفقة والدته والأميرة رغد
سألته بدهشة: وماذا عن الملكة علياء والأمير حكيم؟
أجابها دون اكتراث: الملكة علياء ما زالت نائمة والأمير حكيم خرج يؤدي رياضته الصباحية ولم يعد
هيا كفي عن الأسئلة وانهضي كي ننجز عملنا قبل أن تغضب جلالة الملكة آسيا علينا
اومأت موافقة ومن ثم هبت واقفة عازمة على الشروع في تحضير الفطور الشهي للعائلة الملكية
ولكن بنشاط زائد فحبيبها قادم اليوم
والأجمل من هذا أنه سيمكث بالقرب من مكان إقامتها بالقصر
❈-❈-❈
بعد أن انتهت من ارتداء ثوبها ذو اللون الأحمر الداكن الذي يصل إلى منتصف سـ اقيها ذات حمالات رفيعة
مشطت خصلاتها الذهبية للخلف فبدا كشلال من الذهب يسير خلفها بروعة
انحنت تنتعل حذاء مناسبا ومن ثم هرولت للخارج تدق فوق باب والدها بطرقات متتالية جعلته يفتح الباب بسرعة هادرا بها: كم مرة أقول لك كفي عن تلك الحركات الصبيانية وخاصة في الصباح
تعلقت بذراعه وهي تضحك بصخب: كثيرا يا والدي العزيز لكنني كالعادة أنسى كل شيء عندما يأتي يوما جديد
بالأحرى عندما أبدأ يوما جديدا امسح ذاكرتي كي يتبقى بها مكانا لتسجيل الأحداث الجديدة
أطلق ضحكة مزلزلة ومن ثم سألها باستغراب: وماذا عن الملك تميم؟
تبدلت ملامح وجهها للبعوث واجابته باختصار: هذا الرجل بالتحديد لم أستطع محوه من ذاكرتي
شعر بالحزن لأجلها
فغير دفة الحديث مغمغما بمرح: ألا تخجلين عندما تذكرين أنك تحبين شخصا أمامي ألست بوالدك أم ماذا؟
ضحكت بعذوبة: أجل أجل لكني أعتبرك صديقا قبل أن تكون والدي
ضرب رأسها بخفة ومن ثم امسك بيدها هاتفا بصرامة مصطنعه: إذا دعينا نذهب كي لا نتأخر على أول يوم عمل لنا
اومأت موافقة وبداخلها سعادة لا توصف
❈-❈-❈
بينما في مملكة النورس وبالتحديد في ملحق قصر الملكة جورية
يجلس الأمير عروة يقابله خادمه شعيب الذي راح يثرثر كعادته مذ أن تقابل بالأمير عروة أردف بحماس: أخبرني يا أمير كيف تقاتل بسيفين معا!
لقد سمعت أنك في المعارك الكبرى تقاتل بكلتا يديك كيف تفعلها يا رجل هيا أخبرني؟
ارتشف من فنجان قهوته رشفة كبيرة وهمهم باستمتاع مغمغما: حقا أنت ماهر في صناعة القهوة يا شعيب
يبدو أن هذا الشيء الذي تجيده في حياتك
فضلا عن الثرثرة طبعا
ابتسم باتساع هاتفا بفخر: أجل أجل يا سمو الأمير أنا أكثر شخص يجيد صناعة القهوة في مملكة النورس بأكملها حتى إنني لقبت بصانع القهوة الماهر
صمت قليلا ثم تذكر أمر السؤال الذي طرحه منذ قليل ولم يجد عليه ردا فقرر إعادته بفضول شديد جعل الأمير عروة يجيبه بنفاذ صبر: إنها مجرد إشاعات يا شعيب
أنا لا أحارب بسيفين ولا شيء من أخبرك بذلك كاذب
هل هذا تواضع أم ماذا يا سمو الأمير؟
أنك تخشى الحسد
حسنا حسنا لو كنت مكانك كنت سأخشى العين
وضع الكوب فوق المنضدة بعد أن أنهاه على آخره
ومن ثم هب واقفا مخاطبا ذلك الرجل بأمر: هيا لنذهب إلى اجتماع ملكتك اعتقد بأننا تأخرنا كثيرا
لكن يا سمو الأمير
قاطع حديثه بإشارة من يده: أتوسل إليك كف عن الحديث فألم رأسي ازداد فور دخولك إلى هنا
ألقى حديثه ومن ثم تقدمه للخارج ويتبعه الخادم شعيب وهو يبتسم ببلاهة
فهو يعتقد أنه يخلف برفقة رجلا ليس عاديا بل أسطورة من الأساطير الذي يتحدث عنها الجميع
❈-❈-❈
يا ابنتي صدقيني ما تنوين فعله دربا من الجنون
كيف ستقتلين شخصا بدم بارد هكذا؟
هل جننت أم ماذا؟
ألقت فرشاة الشعر التي كانت تمشط بها خصلاتها من يدها فوق طاولة الزينة بعصبية مفرطة
ومن ثم استدارت ترمقها بعدائية شديدة وكأن الماثلة أمامها ليست أمها بل إحدى جواريها
هتفت بغل: سأفعلها يا أمي حتى لو كان هذا آخر شيء سأفعله في حياتي
تلك الجارية أخذت مني حب عمري الأمير حكيم خاصتي أنا وحدي وأنت ووالدي لم تفعلان شيئا من أجلي
لذا كونا بعيدا عن تلك المشكلة وأنا ساحلها بمفردي هل فهمتني؟
هزت رأسها بعدم استيعاب
فابنتها تحولت إلى شخص آخر لا تعرفه
كيف لها أن تحمل كل ذلك الكره والحقد بداخلها؟
أليس الحب يملأ القلب بالتسامح والسلام النفسي ويبعث السكينة بداخل الشخص
كيف أصبح الأمر بالعكس عند ابنتها!
فرمقتها بحدة ومن ثم دلفت للخارج وهي تتمنى بداخلها أن يحدث شيئا يوقف ابنتها عما تنوي فعله قبل فوات الأوان
بينما الأميرة رحيق أمسكت بالفرشاة مرة أخرى وراحت تصفف شعرها وتدندن بصوت عذب وابتسامة واسعة ترتسم فوق محياها غير عابئة بالخوف الذي خلفته في قلب والدتها منذ قليل
❈-❈-❈
في جناح الملكة علياء
تجلس بأريحية فوق الأريكة الموجودة في نهاية فـ راشها
تقرأ كتابا باهتمام شديد
ثواني واستمعت إلى صوت جاريتها تردف وهي تنحني باحترام: جلالة الملكة الزائرة التي تنتظرينها أتت للتو هل ادخلها ؟
أومأت لها موافقة
دقائق قليلة وامتثلت فتاة أقل ما يقال عنها جميلة
تمتلك شعرا أسود طويل لامع وعينان بندقيتان واسعتان تغطيها أهداب كثيفة وبشرة بيضاء ناصعة ناهيك عن جسدها المتناسق الطويل
نكست رأسها بانكسار وانحنت بخفة هاتفة باحترام: تحيا جلالة الملكة علياء
ابتسمت باتساع ومن ثم أشارت إليها لتجلس فوق الكرسي المقابل لها
انصاعت رونق امتثالا لأوامرها وجلست وهي تشكرها باحترام: أشكرك يا جلالة الملكة
يشرفني وجودي أمامك الآن
أنا فقط أريد أن
قاطعتها بهدوء: لا تقولي شيئا يا رونق
فالذي أوصاني بك شخص عزيز على قلبي لذا لا تحملي هم
سأوفر لك كل ما تحتاجين فقط أريد أن اعلم قصتك هلا يمكنك إخباري بها؟
تنهدت بعمق وراحت تروي ما اتفقوا عليه بالأمس
مردفه بخفوت مبالغا فيه: أنا ولدت في مملكة قريبة من براديسيا لكن لم أعرف لي أهل
حاولت أن ابحث عن أهلي لكن دون جدوى
نبذني الجميع في مملكتي وكأنني وصمت عار عليهم
لم أجد بدا سوى الهروب إلى هنا فالمعروف عن براديسيا أنها تحتـ ضن الغريب قبل القريب
لذا مكثت هنا منذ عدة أشهر لكنني لم أحصل على عمل
فكلما وجدت عملا مناسبا يضايقني صاحبه
يعاملونني على أنني فتاة رخيصة يا جلالة الملكة
شعرت الملكة علياء بالحزن تجاه تلك الفتاة الجميلة فغمغمت بنبرة حزينة: لا عليك يا رونق إلى هنا وكفى
لا تكملي قصتك فيبدو أنك تتألمين عندما تذكرينها
رسمت الحزن جليا فوق قسمات وجهها الجميل
جعل التي تقبع فوق الكرسي المقابل لها تشعر بالشفقة تجاهها
صمتت الملكة علياء تفكر مليا بعد أن استمعت إلى قصتها المؤثرة تلك
حتى هتفت أخيرا: لا تقلقي يا رونق سأجعلك تمكثين معنا هنا في القصر
تراقص قلبها بداخل قفصها الصـ دري ومن ثم سألتها باهتمام وخجل مزيف: كيف يا جلالة الملكة؟
أنا لست من سكان تلك المملكة
غير أنني ليس لدى أهل
قاطعتها بصرامة: وما العيب في ذلك يا رونق أنت فتاة جميلة جدا
ويبدو انكي على خلق أيضا لذا اتخذت قرارا بخصوصك
سأطلب من الملك أن يجعلك وصيفة لي
وبهذه الطريقة سيكون لديك مأوى وعائلة
كادت أن تفلت ضحكة سعيدة لكنها تراجعت على آخر لحظة فيجب عليها أن تتماسك ريثما تحصل على ما تريد
لمعت عينيها بدموع مزيفة ومن ثم هتفت بامتنان: أشكرك يا جلاة الملكة كم أنت طيبة القلب كما يقال عنك
منحتها ابتسامة جميلة ومن ثم أومأت لها نافية: لا تشكريني يا رونق
أنت تستحقين ذلك تستحقي أن تعيشي حياة كريمة
ليس ذنبك بأنك ولدت دون أبوين
والآن سأطلب من إحدى الجواري أن تصطحبك إلى الغرفة التي ستقيمين بها
ولا تقلقي ستكون بالقرب من جناحي
تنهدت بارتياح واستقامت واقفة تنتظر تلك الجارية التي ذهبت لتحضر السيدة المسئولة عن جناح الجواري
وما هي إلا دقائق قليلة حتى حضرت السيدة سلمى التي انحنت احتراما لملكة براديسيا
خاطبتها الملكة علياء بأمر: اسمعيني جيدا يا سلمى أريد منك أن تأخذي رونق إلى الغرفة القريبة من جناحي فهي من الآن ستكون وصيفتي الخاصة
اومأت السيدة سلمى باحترام
ومن ثم اشارت إلى رونق كي تتبعها
انحنت رونق احتراما وهي ترسم ابتسامة سعيدة فوق شفـ تيها ومن ثم دلفت للخارج وابتسامة خبيثة تزين وجهها الجميل
فهي استطاعت أن تدخل القصر بكل سهولة
والأجمل من هذا أنها ستكون قريبة جدا من الملك تميم
فالملكة علياء استطاعت دون قصد أن تحضر أفعى سامة في عقر دارها