-->

قراءة رواية مملكة الذئاب 2 Black لزينب عماد - الفصل 17 - السبت 18/5/2024


قراءة رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة زينب عماد  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب عماد


الفصل السابع عشر

تم النشر يوم السبت

18/5/2024




"مقبرةٌ كامله لا تكفى ما قتلموه بداخلى"


للجميلة حنين هانى..


كانت الأيام تمر سريعاً ولكن دون جديد وكلما حاول أحدهم إيجاد خيط يدلهم على من تسبب بهذه الفوضى العارمه يجدون الطريق مسدوداً أمامهم..فقد بدأ بحثهم عن الأشخاص الذين قاموا بانتحال شخصية الملك نيكولاس...ولكن لم يجد أتباع لوشيوس أى دليل على وجودهم...وكأنه لم يكن لهم وجود من الأساس فلقد تم التخلص منهم بطريقة صحيحه جعلت من إيجادهم أمر مستحيل....


إلا أنهم لم يفقدوا الأمل فقد عادوا للبحث من جديد ولكن ليس عن هؤلاء الرجال..فقد أدركوا أن من خطط للأمر قام بالتخلص منهم بعد انتهاء مهمته...لهذا قرروا المراوغه والادعاء أنهم مازالوا يبحثون عن أشباه الملك نيكولاس...بينما فى الخفاء كانوا يبحثون بصمت عن تلك الأسلحه التى كانت تحمل شعار على شكل وحش الجيلا ذلك الحيوان السام...فهذا هو الدليل الوحيد الذى إستطاعوا أن يثبتوا أنه لهؤلاء القوم وذلك من أحاديث العامه عن شعارهم...وهذا أيضاً ما تغافل عنه عدوهم أو ظن أنهم لن يلاحظوا....فرغم أنهم كانوا يحملون شعار الملك نيكولاس...إلا أن بعض العامه بأكثر من مملكه ذكروا ذلك الشعار الذى تواجد على بعض سيوف الرجال المحيطين بالملك نيكولاس كما كانوا يدعون ....


وقد كان هذا هو الشئ الوحيد الذى تقاسمه جميع من حارب بإسم الملك نيكولاس...ألا وهو ذلك الشعار على سيوفهم...ولقد حاول رجال لوشيوس إيجاد أحد هذه السيوف بالممالك التى تعرضت للإذى من قبل هؤلاء المرتزقه...ولكن لم يجدوا سوى مملكة واحده قد يتواجد بها أحد هذه السيوف...ولكن جميع سكانها يرفضون تقديم المساعده خوفاً من عودة المرتزقه وقتلهم بأبشع الطرق كما فعلوا من قبل....


تلك المملكه التى تعرضت لأبشع أنواع الترهيب والتعذيب على أيديهم وهى مملكة كِينا..والتى فقدت الألالف من رجالها بهذه الحرب الخاسره...تأكد الرجال من تواجد أحد هذه السيوف بالمملكه بالفعل...إلا أن كافة محاولاتهم بأت بالفشل فى الوصول إليه...


كانت نتائج ما يقوم به رجال لوشيوس من بحث تصل للملوك الثلاثة...الملك إستيفان والملك نيكولاس والملك إيدان الذى كان على صله قوية بأحد من هذه المملكه فيما مضى....والتى كانت أُولا الممالك التى تم غزوها والتى لاقت مصير بشع على أيدى هؤلاء المرتزقه...التى تركوها خاويه بعدما دمروها وجعلوها لا تصلح لشئ...


لهذا لم ينتظر الملك إيدان كثيراً وخرج ليلاً من مملكته دون أن يعلم أحد بتحركاته سوى زراعه الأيمن ريكمان...والذى حاول اقناعه بأن يأخذ معه بعض رجالهم إلا أن الملك إيدان رفض ذلك بحجه عدم لفت الأنظار إليهم....


وبالفعل وصل بعد يوم ونص لمملكة كِينا وصدم مما رأى...فقد ظن أن الجميع كانوا يهولون من شأن ما حدث بهذه المملكه....إلا أنه أيقن الأن أنهم لم يوفوها حقها....فقد فقدت رونقها وبهائها بل فقدت كل شئ... وأصبحت أرضاً خاويه يملأها الحزن والألم...


امتلأ قلب إيدان بالأسى على حال هذا الشعب فقد كان شعب هذا المملكة معروف بهدوئه وحبه للسلام....ولكن الأن لم يعد يتبقى منه سوى أشلاء الماضى الذى تم سحقه....


بعد مرور بعض الوقت وصل إيدان لوجهته....ولقد كان منزلاً منفرداً بعيداً عن الأحياء...وقف إيدان أمامه وقام بطرق الباب منتظر خروج أحدهم...وبالفعل لم ينتظر طويلاً فقد فتح الباب على مصرعيه بعنف وهناك إمرأة عجوز بشعر أشيب وملامح غاضبه تمسك خنجر بيدها وهى تقول بحده:ماذا تريدون أيها اللقطاء ال....


ولكنها قبل أن تكمل سبابها توقفت وقد اتسعت عينها على مصرعيها....وهى تلقى ما بيدها وتحضناً إيدان الذى ينظر لها بمودة ويربت على ظهرها بحب قائلاً: لقد اشتقت لسلاطه لسانك أيتها العجوز...


ابتعدت عنه السيدة العجوز وهى تجذبه ليدخل منزلها المتواضع...وهى ترحب به بسعادة غامرة عكس ما كانت حينما فتحت بابها...جلس إيدان على أحد المقاعد بينما جلبت له العجوز ما لديها من طعام وشراب....وجلست أمامه وهناك ابتسامه حانيه على شفتيها وهى تربت على قدمه بين كل فنية والأخرى تحثه على تناول الطعام....


وحين انتهى نظر لها إيدان بحرج قائلاً:لقد ظننت أنكِ ستقومين بطردى حين ترينى وجهى...فأنا لم أقدم لكِ يد العون وأنتِ بأمس الحاجه إليها...أكمل وهى يمسك بكلا يديها:أعتذر شارول لقد كنت فتى سيئ لم يقدم المساعدة للمرأة التى اهتمت به طوال فترة صباه....


ختم حديثه وهو يقبل يدها وعينه مليئه بالندم والإعتذار...ارتسمت ابتسامه حانيه على وجه العجوز وهى ترفع يدها وتربت على رأسه قائلة:أعلم بمقدار ما توجهه من مصاعب يا صغيرى لهذا لا أشعر بالغضب نحوك....فأنت كنت ولازلت صغيرى المدلل...


ابتسم لها إيدان بحب ثم تنهد بعمق وهو يفكر بكيف سيبدأ حديثه...فرأت العجوز تلك النظرات وفهمتها جيداً...مما جعل ابتسامتها تتسع وهى تضغط على يده بهدوء....


فنظر لها إيدان بتوتر فقالت العجوز شارول:أعلم لما قطعت كل هذه المسافه لزيارتى يا صغيرى...صدقنى هذا لا يحزننى كما أننى سأحاول مساعدتك بما جئت من أجله....ولكن الأمر سيأخد منا بعض الوقت...فقد يرفض الكثيرون تقديم المساعده بعدما فقدوا الكثير ولم تحاول أى مملكة مساندتنا...فهذا ما أقسمنا عليه حين تخلى الجميع عن تقديم يدى العون لنا وتغافل الكثيرون عن صرخاتنا التى ملأت السماء والأرض.... 


امتلأت عينى شارول بالدموع وهى تكمل بألم وتشير لأذنيها:لازال صراخ الرجال الذين تم تعذيبهم والنساء اللاتى أغتصبن تملأ أذانى...فقد كان اللعناء لا يقومون بتعذيب ضحاياهم سوى ليلاً حتى تصل صرخاتهم لزويهم وهم لا يملكون قدرة الدفاع عن أبنائهم وزوجاتهم...ما حدث هنا كان ضرباً من ضروب الجنون...فقد كانت المنازل مسكن لهم بينما الطرقات المليئه بأجساد موتاهم منزلاً لنا ولأطفالنا...


كانت العجوز تبكى وهى تروى ما عايشته وهى تنظر أمامها بشرود....وحين انتهت نظرت ل إيدان الذى لم يستطع منع عيناه من ذرف الدموع...فمن كان يتخيل أن يحدث مثل هذا الأمر لهذا الشعب المسالم...


تنفس إيدان بقوة وهو ينظر للعجوز شارول قائلاً بصدق:أقسم أن أقتص ممن فعل بكم هذا ولكن أريد أن تساعدينى شارول...


أومأت له العجوز بالموافقه واستقامت واقفه وهى تمسك بيده تجره خلفها وهى تقول:سنبدأ من الصباح الباكر....ولكن الأن أنت تحتاج لبعض الراحه ف غداً سيكون يوماً شاق على كلينا وسنحتاج لطاقتنا كامله....


أومأ لها إيدان بتفهم وهو يدخل تلك الغرفه التى كان يمكث بها طوال فترة بقائه بمنزل هذه العجوز.... وتسطح على الفراش وهو يظن أنه لن يستطع النوم كما كان يحدث معه طوال الفترة الماضيه...ولكن لم يمضى سوى دقائق حتى سقط بنوماً عميق لم يحصل عليه منذ فترة طويله...


❈-❈-❈


على مدار اسبوعين أو أكثر هو يعيش بالظلام لا يرى شئ....بل يستمع للكثير من الأصوات وأكثرها صراخ وبكاء حاد لرجال...وهذا جعل قلبه يسقط بين قدميه خاصة أن الرجل الذى حدثه بأول يوماً له هنا لم يأتيه مرة أخرى كما ظن...فهو لا يعلم ما الذى سيحدث له... وفكرة أنه سيكون التالى الذى سَيُسمع صراخه بمثل هذه الطريقه يوماً ما تصيبه بالرعب...فهو وإن كان يعشق المال ف عشقه لجسده وشكله أكبر من حبه للنقود....لهذا تخلى عن فكرة مقايضه من سيتحدث إليه حتى لا يثير غضبه ويسبب له الأذى... 

وهذا لأنه حاول فعلها مع ذلك الحارس الذى يقدم له الطعام والذى لم يكن سوى قطعة خبز متحجره وكوب ماء فقط....حاول إغوائه بالمال بل الكثير منه إلا أنه لم يكن يجيبه حتى...وغير ذلك كان يعامل معاملة العبيد فقد كان مقيد ولا يستطيع التحرك سوى بضع خطوات معدوده....

بمرور الأيام كان قلب كرستيف يمتلئ خوفاً يوماً بعد يوم منتظر مصيره الذى لا يعلمه...وهذا جعله يبكى وينتفض كثيراً حتى وصل أنه بلل سراواله بأحد الأيام من شده صراخ وبكاء أحد الرجال الذى كان يتم تعذيبه....والذى اختفى صوته فجأة كما ظهر فجأة....هنا انهار عالم كريستف من حوله وهو يبكى بحرقه دون توقف متذكر تلك الأصوات المشابه لتلك الأصوات التى كان يسمعها...ولكنها كانت لنساء فقدت أبنائها وأزوجها بسبب أوامره التى كان يلقيها لرجاله لقتل كل من يخالفه...الأن فقط أدرك معنى ما تسبب به من خوف ورعب للكثير...فهو يعيشه الأن ولكن بطريقة أكثر بشاعة لم يظن يوماً أنه سيصل إليها....

كان الحارس الذى يضع له الطعام يلاحظ كل هذا طوال فترة حراسته...ويذهب بنهاية كل يوم لإخبار رالف بما يحدث وبينما كان الحارس يخبر رالف بهذا كان نيكولاس يتعجب من طريقة رالف فى استدراج ضحاياه....

كما لم يستطع صمويل هو الأخر منع نفسه من سؤال رالف عن ذلك قائلاً بعدما خرج الحارس الذى أتى مسرعاً لأخبار رالف بحالة كريستف التى تدهورت:لازلت لا أفهم طريقتك هذه...فنحن لم نحصل على شئ منه حتى الأن...والأجتماع القادم سيكون بعد أيام قليلة من الأن ونحن لم نأتى بشئ...
لما لا تحاول التحدث معه منذ أتيت به إلى هنا...فأنا لازالت لا أفهم ما تفكر به....

نظر له رالف بهدوء وأجابه بالهدوء ذاته:فالتخبرنى ماذا كانت تفعل الأمهات حينما كان يقوم أحد صغارها بالكثير من الشغب...وهى لم تعد لديها القدره على إيقافه أو منعه...كما أنها تخشى أن يفعل أشقائه كما يفعل هو... أتعلم ما الذى كانت تفعله؟!...

أومأ له صمويل بالنفى فأجابه رالف بإبتسامه رأها صمويل مخيفه:تصنع وحش خفى لا يرونه ولكن يسمعون عنه...يفعل ما يعجز البشر عن فعله ومواجهته مما يسبب هلاكهم....ولكنها أثناء ذلك لا تخبرهم بطريقته فى إيذاء من يواجهه....أتعلم لما؟!...

عاد صمويل ليؤمى له بالنفى وهو يبتلع ما بجوفه بتوتر....فأجابه رالف بإبتسامه جعلت صمويل يشعر كأنه لا يعرف الشخص الذى أمامه:لأنه لم يخرج أحد حى ممن واجه هذا الوحش حتى يروى لنا كيف هو هذا الوحش أو كيف يقتل ضحاياه....فقط يترك لهم اصوات ضاحياه المرعبه...وحينها تترك صغارها وحدها تتخيل ما سيفعله ذلك الوحش إذا أمسك بهم....

أنهى رالف حديثه وهو يقف مستقيماً بهيئته المرتبه التى تبث الهيبه والخوف فى قلوب كثيرون...وخرج من المكتبه الذى وقع بصمت لبعض الوقت....حتى تحدث صمويل بشرود:فى الكثير من الأحيان أشعر أننى لا أعرفه جيداً كما حدث الأن...أنهى حديثه وهو ينظر ل نيكولاس بتشتت....

فأجابه نيكولاس بهدوئه المعتاد:هذا هو رالف صمويل قليلاً ما يتحدث وإذا فعل إما ليخبرك بأمر لتقوم بتنفيذه أو ليخبرك بما يخيفك.....وقليلاً ما يتحدث كما يفعل البشر....

تنهد صمويل وهو ينظر للباب الذى خرج منه رالف وهو يقول:أتعلم أشعر بالطمأنينه لأنه معنا فكلانا يعلم أنه مصدر تلك القوة التى نملكها...ولكم تمنيت أن أراه يعيش كما نفعل نحن...فأنا كنت أظنك أغرب رجل إلتقيت به حتى أتى هو وكسر هذه القاعده.... 

ابتسم نيكولاس بهدوء وهو يؤمى له بإتفاق قائلاً: لديك كل الحق ولكن لا تنكر أنه لم يظلم أحد قط... وأن من يحاسبهم بمثل هذه الطريقه هم من قاموا بإيذاء غيرهم وفعلوا بهم ما هو أبشع...لهذا هو يرى أن ما يفعله هو أقل ما يقدمه لمن تعذبوا بدون وجه حق....

أجابه صمويل بتنهيده:أخشى أن يغرق يوماً ما ويفعل عكس ما اعتاد على فعله....فأنا لازلت لا أفهم ما فعله بضيفتنا حتى الأن....فقد قام رالف الذى لم يقترب من فتاة يوماً بالإقتراب منها ولكن ليس للتعرف عليها بل للتعدى عليها...وهذا يثير قلقى فأنا أراه يراقبها فى كثير من الأحيان...وليس هو وحده من يقوم بمراقبتها....فأنا أراك أنت الأخر تكثر من النظر إليها خاصة أثناء تناولها لطعامها تحت تلك الشجره أم أننى مخطأ نيكولاس...

نظر له نيكولاس بجمود وهو يجيبه بثبات:أنا بالفعل أراقبها وذلك لأننى أشعر أنها ستتسب لنا بكارثه وليس لشئ أخر كما تعتقد أنت...

ابتسم صمويل ساخراً وهو يجيبه بهدوء: وكم كنت أتمنى أن يكون لشئ أخر...توقف صمويل عن الحديث للحظات ثم عاد ليقول:نيكولاس كلانا يعلم أن هذه الفتاة ليست ناجحه فى الخداع وأكثر ما يثبت ذلك ما فعلته أثناء الحرب...إنها شخص مباشره لا تخفى كرهها أو حبها لأحد...لهذا نصيحتى لك يا صديقى حاول رؤيتها كما هى على طبيعتها...ولا تحاول وضع حاجزاً على قلبك فهى لن تتسبب بإيذائك مادمت لم تؤذها...ولا تفعل كما يفعل هذا الأرعن الأخر...وأخيراً أريدك أن تعلم جيداً أنه إذا حدث وأصيبت هذه الفتاة بأذى هذه ستكون الكارثه بحق....فأنا لا أريدك أن تنسى تلك الشعلة المتوجه التى كادت تطيح بنا جميعاً يوم أردنا أخذ شقيقتها منها....

أنهى صمويل حديثه وخرج ليكمل عمله...وهو يقول لذاته"يا ترى من منكم سيفوز بحربه فى النهايه؟!.."

بينما نيكولاس ظل يفكر بحديثه ويتذكر أفعالها الطفوليه التى تنم عن فتاة تفعل ما تريد دون تفكير...فأغمض عيناه وهو يتنفس بصوت مرهق مسموع لبعض الوقت...ثم عاد لفتحها من جديد وهو يحاول التركيز على ما أمامه من أوراق لينهى عمله هو الأخر ليحصل على قسط من الراحه....

❈-❈-❈

كانت جامده وكأنها تمثالاً رخامياً لا حياة به...قليلاً ما كانت تظهر مشاعرها لأحد وأغلب أوقاتها كانت تجالس جرائها أو صغارها....وبالليل تختبئ بأحضان زوجها تبكى لبعض الوقت حتى تسقط بنوم عميق... 

لقد ذبلت سابين حتى أصبحت خاويه كزهرة أمتنع أصاحبها عن ريها فتشققت جزوعها وتصدعت جزورها فتهالكت....لقد حاولت ولكنها لاتزال تشعر بالألم يفتك بقلبها...وظلت تتسأل هل خانت الأمانه كما إدعت والدتها....هل هى من أودت بحياة صغيرتها للهلاك؟!.أم أنها تلك التى لم تستطع التفريط بصديقها رغم ما تسبب به من ألم حطم قلب شقيقتها....

تنفست سابين بصوت مرهق وهى تنظر للجراء أمامها بشرود خاصة جرو ليلى العزيز...الذى كانت تقربه لها وتقبله دائماً لإلتصاق رائحه شقيقتها بها... 

كانت سابين أكثر من تحطم لما أصاب ليلى وليس كما تدعى والدتها....التى لازمت غرفتها وامتنعت عن الخروج منها منذ حديثهم معاً...وكأن رؤيتها ل سابين ستصيبها بالمرض...وكم رغبت بالذهاب لها والتخفيف من ألمها إلا أنها لم تعد تملك تلك القدرة...فقد فقدت الكثير ولم يعد بمقدورها أعطاء والدتها ما يجب أن تعطيه هى لها....كما كانت شقيقتها تساندها على قدر استطاعتهن وهذا كافى....

كما كان عقلها مليئ بالكثير والكثير من الأفكار الغير مترابطه...وأكثر ما كان يثير فضولها وقلقها هو سؤال واحد لا غير لما؟!...ظلت خلال هذا الاسبوع تفكر فى اجابة لهذا السؤال ولم تجد له حلاً حتى الآن...إلا أنها قررت التخلى عن صمتها والخروج للمشاركه...

فكما ترى كان هذا الإسبوع مليئ بالكثير من الأحداث والتى كانت تتراكم عليهم الوحد خلف الأخر....من اختفاء العم دراكوس وعدم ظهور أى خبر يريح قلوبهم عن مكان تواجده....وبدأ البحث عنه وذلك منذ ذهب للبحث فى شأن ذلك الملك وهم لا يعلمون عنه شئ....وذلك الأخر الملقب بالقشعام الذى تناقلت الأخبار عن عودته للعمل من جديد والذى داهم ملجأ المرتزقه وأخذ ذلك اللعين كريستف من وقر دارهم وأخفاه عن أنظار الجميع....وذلك الخراب الذى حل على الكثير من الممالك والتى تحتاج للمساعدات.... 

الكثير والكثير من الأمور التى تراكمت على أكتاف زوجها العزيز الذى يحاول السيطرة على تلك الأوضاع...وفى المقابل يحاول التخفيف عنها كلما سنحت له الفرصه...أدركت سابين أن فترة بؤسها دامت طويلاً ويجب أن تعود لتتحلى بالقوة...فهى ليست تلك التى تسمح لحزنها بقتلها....لهذا تركت الإسطبل وتحركت لغرفتها واغتسلت وارتدت ثيابها وخرجت من غرفتها متجه لمكتب الملك...وكل خطوة تخطوها كان عقلها يحلل كل ما كان يحدث خلال الفترة المنصرمه من أحداث كما اعتادت...وخاصة ل تلك الأمور التى لن يلتفت إليها الكثيرون....

توقفت أقدام سابين للحظات وعقلها يخبرها أنها تحتاج لخريطة الآن...وبدون مزيد من التفكير غيرت مسار اتجاهها من الذهاب لمكتب الملك للمكتبه العامه للقصر....وبالوقت الذى دلفت فيه للمكتبه إلتفتت لها جميع الأنظار....فهى تكاد تكون مختفيه عن جميع الأنظار طوال الإسبوع المنصرم ولكنها عادت الآن وهى تنظر للجميع بإبتسامتها التى عاهدوها عليها.... مما جعل كم هائل من الطاقه الإيجابيه تنتشر بالمكتبه العملاقه....والكثير من التحيات تلقى عليها وهى تردها بوجهها المتبسم حتى وصلت لمبتغاها... وبدأت تخرج الخرائط الواحده تلو الأخرى حتى وجدت ما تريد....

ظلت سابين تنظر لتلك الخريطه لبعض الوقت الذى لا تعلم مدتها....ولكنها باللحظة التى عادت لواقعها شعرت بوجود عيون تعرف صاحبها جيداً تراقبها بهدوء...مما جعلها ابتسامه ناعمه ترتسم على شفتيها وهى لاتزال تنظر للخريطه التى أمامها بتركيز قائلة بثبات وحاجب معقود:لو كنت أنت من قمت بشن هذه الحروب....لما لم تفكر بتوظيف كل تلك القوة لإرادتك الخاصه بدلاً من تدميرها...وذلك حتى تستطع تدمير عدوك والذى يمثل القوى الأكبر فى تلك البقعه....

نظر لها إستيفان بتسأل فرفعت سابين عينيها تنظر له بهدوء قائلة بتوضيح أكثر:عندما أقرر مواجهة من هم أكبر منى قوة وأكثر سلطة....أقوم بأحد الأمرين محاولة جمع قوة تماثل قوة خصمى لأستطيع مجابهته وهذا سيكون ملفت للأنظار...وأما ترهيبه وزعزعة راحته واستقراره وتشتيته حتى يخطأ هو وحينها قد انتهز تلك الفرصه للقضاء عليه....ولكن هذا أيضا يجعلنى أعود للأمر الأول ألا وهو أننى من المؤكد أننى سأحتاج لقوى أكبر تساعدنى على القضاء عليه نهائياً....

تنهدت سابين بصوت مسموع وهى تعيد شعرها للخلف وهى تشرح أكثر:ما أراه أن ما حدث خلال الشهور المنصرمه ما هو إلا تمويه لشئ اكبر بكثير... انظر هنا وأشارت بيدها لأحد الممالك التى تدميرها عن بكرة أبيها...لما سأقوم بتدمير أرضاً تصلح لتكون مخزون لإطعام جيوشى أثناء الحرب...وهؤلاء الرجال الذين تم قتلهم فى هذه الممالك سواء كانوا محاربين أو مدنيين لما لم أقم بإجبارهم على الانضمام لصفوفى والمحاربه من أجلى فى مقابل ترك زويهم... لما سأقوم بحرق أكثر من اسطول بحرى قد استخدمه فى شن هجوم قوى ضد خصومى...
لما؟!.أظن أننى استطيع الإجابه عن هذا السؤال الآن....فأنا لن أفعل ذلك إلا إن كنت أريد محو تلك الممالك جميعها من على هذه الخريطه..و ولكن ليس قبل أن أدمر كل ما هو جميلاً بها أولاً ورغبتى هذه لن تأتى من فراغ...فلابد لى من سبب قوى حتى يحركنى بمثل هذه القوة التى ستجعلنى أدمر كل من يحاول الوقوف أمام مبتغاى....

توقفت سابين عن التحدث للحظات ثم نظرت ل إستيفان وقالت:ماذا لو أنها تريد أن تمحو وجودكم جميعا لأنكم تغافلتم عن معانتها...بل وتركموها تتلقى عقاب ما لم تقترفه وحدها دون أن يحاول أحدكم تقديم يد العون لها....لهذا لما لا تحرق كل من أخطأ وتمت معاقبتها بدلاً منه...

تشوش عقل إستيفان من حديثها المبهم فى كثير من أجزائه...فهو لم يعد يعلم هل تتحدث عن المتسبب بهذا الدمار أم تتحدث عن نفسها...إلا أنه قرر مجارتها بالحديث وقال متسائلاً:إذا كان ما تتحدثى بشأنه صحيح...إذا ما ذنب تلك الممالك التى لم تكن تعلم بوجودها من الأساس؟!...

أجابته سابين بإبتسامه مؤلمه:إذا فهؤلاء أول من يستحقون تدميرها لهم...لأنهم لم يلتفتوا لصرخاتها أو حاولوا مواستها...بل شاهدوا ولم يحركوا ساكناً لهذا هم استحقوا ما أصابهم...فقد تم تدميرهم ولم يلتفت لهم أحد كما لم يلتفت لها أحدهم ظنن منهم أنها تستحق الإباده...

تنهد استيفان وهو يدلك ما بين حاجبيه وقد تيقن أنها تتحدث عن ألمها....إلا أنه لم يستطع احباطها فمن الجيد أنها تحدثت لهذا اقترب منها مقبلاً رأسها بحنان قائلاً بهدوء:أظن أنه من الجيد لو تذهبين لغرفتك لتحصلى على قسطاً من الراحه... 

لم تعطيه سابين أى إشارة تعبر عن حزن أو سعادة من حديثه...فهى لاتزال لم تصدق بعد أنها أصبحت تعلم كيف يفكر خصمها وهذا ما هى أكيدة منه.... وهذا ما سيتأكد منه زوجها العزيز قريباً...وحينها سيعود ليستمع لهرائها من جديد... 

إلا أنها ابتسمت له وأومأت بطاعة غريبة عليها وابتعدت عنه خارجة من المكتبه دون الإلتفات له.... وهى تبتسم بهدوء قائلة:والآن بعد أن تأكدت أنكِ إمرأة...يا ترى هل سأستطيع التنبأ بخطوتك التاليه أم أننى أحتاج للراحه كما يدعى زوجى؟!...


يتبع....

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب عماد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة