-->

رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى 5 لنورا محمد علي - الفصل 43 - 1 - السبت 25/5/2024

  

قراءة رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى5 كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية للذئاب وجوه أخرى5 رواية جديدة قيد النشر

من قصص وروايات 

الكاتبة نورا محمد علي


الفصل الثالث والأربعون

1


تم النشر يوم السبت

25/5/2024

 


نظر لها مطولا وهو يرفع حاجب واحد، ولسان حاله يسأل هل هذا ما خطر على عقلك؟ هل هذا ما تظنينه فيا؟ ازدرد لعابه  هو هو يدعي الثبات حتى لا يثور في وجهها، ولكنه لم يستطيع ان يقاوم لوقت طويل، وهو يقول: 


_ انت بتهزري صح! هو انا لو عايزة اعمل حاجة هستنى لما تبقي هنا؟ هخاف مثلا! 


_ما اقصدش بس..


_ ما بسش تقدري تغيري هدومك ويلا..


_  يلا ايه؟


_ يلا اتفضلي معايا تحضري التمرين بما ان الغيرة جننتك يا هانم، وخليتك مش عارفة تركزي انت بتقولي ايه…


_ انت زعلت!


_ مش من حقي لما اكون موضع شك، مش من حقي..


_  بلاش تقلبيها جد


_ بس هي جد يا سهام نظرة الشك اللي في عينيك دي مش عجباني، مش انا الراجل الضعيف اللي يستنى لما مراته تغيب عشان يعمل اللي هو عايزه، لو عايز اعمل حاجه هعملها قدامك…


_ تعمل ايه؟

 نظر لها بنفاذ صبر وهو يقول: 

_ هتغيري هدومك وتيجي معايا ولا هتفضلي هنا ياريت تقرري الوقتي عشان متأخر..


_ هفضل هنا.


_ ليه؟ مش حابة تيجي تحضري معي التمرين


_ لا؛ هفضل مع ماما


_ يبقى ياريت تتصلي بدكتورة تشوف الحاجة لان حالتها مش عجباني..

 هزت رأسها وهي تقترب منه، تقف على أطراف أصابعها تتعلق في عنقه، تمس وجنته بخفة وهي تقول: 

_ الموضوع مش شك…


 نظر لها بعدم تصديق لكنه لم يرد وهو يتحرك إلى خارج جناحهم.. 


ام هناك كانت دانا تخرج بسيارتها من فيلاتهم تتحرك الى الجامعة، لكنها لم تلاحظ  ذلك الواقف بسيارته كالعادة، ينتظر ان تمر من أمامه يكتفي بأن يراه من بعيد كعادته اليومية.. 

ابتسم ما أن رأها مرت من جواره، وكادت ان تتخطاه لكنه أشار لها لتتوقف.. 


ترجل من سيارته وهو يسير تجاهها، وابتسامة محملة بالشوق تظهر على وجهه الوسيم وملامحه الملفته.. 

بينما هي تنظر له باستفسار، وعيونها تنتقل على وجهه الأشقر وخصلات شعره المرتبة، رغم تلك الخصلة النافرة  والتى تنساب على جبينه كلما رتب شعره، لحيته الشقراء المهذبة ووسامته الأوروبية التي ورثها عن والده وهو يقول: 

_ صباح الخير  يا دانا 

_ صباح النور.. 

نظرت له تنتظر السبب الذي جعله يوقفها على غير العادة، فكل يوم تلتقي به في طريقها يكتفي بابتسامة وهزة خفيفة من رأسه تحية صباح لها.. 

همس بصوت ثقيل كمن لم يتكلم منذ زمن 

_ ازيك يا دانا 

نطق اسمها  بعذوبة كمن يتزوق الأسم وعينه تنتقل على تفصيلها, تنظر في عمق عينيها كأنه نسى نفسه, وسمح لروح بالارتواء من وجهها العذب، وعينيها التي تقض مضجعه،  حيث لا يكتمل يومه دون ان يحلم بها،  وها هو ينتظر أن تكمل تلك السنة لتكون شريكته في الحياة 

_ الحمد لله بخير وانت يا احمد كويس.. 


_  يارب دايما بخير يا دودي، بس انا مش أوي 


ابتسمت بخجل لنطقه اسم الدلال خاصتها، وكأنه من حقه، ولكنها لم ترد أن تحجيمه فهو صديق الطفولة منذ الصغر، نشأوا في نفس البيئه تقريبا عائلتهم متقاربة كما انها ليست المره التي تراه وتتكلم معه، ففي بعض اجتماعات  تحضر نيابة عن والدها ويكون هو نيابة عن والده، إلا أنها المرة الأولى التي يناديها باسم التدليل خاصتها، تجاوزت عن الأمر لكي تهرب من عينيه التي تحاصرها وهي تسأل: 


_ انت مش أوي ليه؟ 


_ عشان وحشتيني


 ابتلعت ما في فمها بخجل وهي تشير إلى نفسها باستفسار وكأنها لا تصدق جراته، فهو لم يقولها من قبل! لم يتكلم معها بتلك الطريقة تسألت 


_ تقصد ايه؟ 


_هي ليها اكثر من معنى يا دودي؟ المعنى واضح وواحد، مر ثلاثة أيام ومش طلعتي من البيت، ممكن اعرف السبب..

_ ايه.. بتقولي ايه؟


❈-❈-❈


 بدأت الخيوط تتقارب وتظهر امامها، هل هذا ما تكلم عنه رحيم؟ هل كان يعني أحمد عادل عبد الله؟ حينما قال ان هناك احدهم قريب منها إلى حد كبير يعشقها لحد بعيد، يتابع تفاصيلها دون ان تدري وهي بالفعل لم تكن تدري من قبل! بأنه يكن لها تلك المشاعر القوية التي تظهر في عينه، اكمل كلامه يخرجها من تلك الدوامة التي تعصف بها من الداخل فهل كانت عمياء عن مشاعره ام كان حريص حاى لا تظهر عليه تلك المشاعر التي قرر البوح بها الآن كانت تتساءل بداخلها عن السبب..


ولما الآن قرر الافصاح عما يكنه لها.. شعر بالحيرة على وجهها فقال: 


_ من كام يوم شفت عربيتك بس ما كنتش انت اللي فيها، كانت داليدا.. 


هل هذا دلو من الماء أم صفعة أم هدهدة من الدنيا هي تستحق العشق، وها هو يبوح به دون ان يدري لكنها بحاجة الى التساؤل علَ عقلها يرسى على بر وقلبها يدرك  لمن   عليه أن ينبض ولكن هل الأمر بيدنا 


دانا: وانت عرفت انها مش انا ازاي؟ انا وداليدا واحد..


_ ممكن قدام الناس كلها انتم الإثنين واحد،  نفس الشكل بالملي، بس قدامي انا انتم إتنين.. 


حمحمت لتجلي صوتها الذي فر هاربا مع افكارها التي تأخذها وتتركها لكنه لم ينتظر منها رد يعلم ان كلامه صَادم،  أشار الى قلبه اعترافا صريح بمشاعره، وهو يقول 


_ ده يطلعك من وسط 1000 وحدة نسخة منك


 الدهشه الممزوجة بالخجل على وجهها كانت ردا واضحاً، وهي تتساءل: 


_ ايه؟ 

وكأنها لم تعد. تذكر من اللغة غير تلك الكلمة.. 


_زي ما سمعتي، ولا انت عمرك ما حسيتي ان في حاجة في قلبي ليكي، مش اي حاجة دي حاجة قوية أوي، قلبي بيدق لك انت يا دانا، سنين طويلة وانا مبفكرش غير فيك، روحي ما بتردش في جسمي غير وانا شايفك، كل ده وانا مستني تخلصي دراستك عشان ما ابقاش اناني بفكر في نفسي وبس 


رغم ان  كلامه يدغدغ اوتار انوثتها يعزف لحن منفرد من  الخجل الممزوج بالاضطراب في كيانها  إلا انها ردت بصوت بالكاد يسمع:


_ انت شايف ان الوقت والمكان مناسبين


_ لا طبعا مش مناسبين بس قلقي وتوتري وشوقي ليكي هو السبب، على العموم انا محتاج ردك عشان ادخل البيت من بابه، لاني مش معتاد على اللي انا بعمله ده،  مش عاجبني أني أقف استناكي كل يوم عشان عربيتك تعدي من قدامي، مش مرتاح وانا بسرق لحظة ابص فيها في عينيكي، لاني مش عايز لحظة بس أنا عايزك عمري كله 


_ بس..  انا عمري ما فكرت فيك 


_ عارف..


_ وعارف ايه كمان؟


_ انك متغيرة من فترة وده السبب اللي خليني اتكلم خفت افضل صابر لحد ما تخلصي دراستك اكون اتاخرت اوي…


 كادت ان تقول له لقد تاخرت بالفعل، لكنها نظرت له بخجل لا تعرف ما هو الرد المناسب علي رجل يبوح بكل ما يشعر به، وكانه لا يخجل من ان يتجرد من تلك الهالة من التباعد التي صاحبته والتي كانت تراها هي الاخرى، فلقد كان طفل أعقل من سنوات عمره يتكلم بالقرآن ويلتزم بفروضه، لايسمح لنفسه باللهو وما ان وصل الى اعتاب المراهقة كان كرجل أعمال صغير محنك في عمله، مدركا ما الذي يفعله حتى في تلك الاجتماعات التي تجمعهم، وفي إدارته لتلك الشركة  انه بالتقريب اكبر منها بثلاث سنوات ولكنه عجن في شركة العائلة مثلها.. 


يعلم جيدا كل خباياها وكل ما يمت بصلة لمجموعة 7A لهذا كان بعيدا عن العلاقات والنزوات, ربما تربيته السوية وأسرته المتمسكة هي من جعلت منه ذلك الرجل، الذي يقف أمامها ولو وضع في كفة وذلك الداعر الذي تعشقه في كفة اخرى، لطبت كفته بكل المقاييس، ولكن هل القلب يخضع لمقاييس العقل؟ ام هي غبية سوف تضيع الممكن وهي تبحث عن المستحيل..


دانا: لازم امشي


_ اكيد خذي وقتك، فكري براحتك وخذي قرارك واي أن يكون  قرارك، تاكدي انه مش هيأثر على علاقة العيلتين، هنفضل عيلة حتى لو ما كنتش.. 


سكت لم يستطيعوا ان يكمل الكلام، هل يستطيع ان يكون دبلوماسيا في هذا الأمر، قلبه الذي يرتجف نياطه التي تتمزق من مجرد التفكير، انه العشق الذي غزا روحه منذ الصغر، ولكنه استطاع أن يسيطر عليه، ولا يخرجه للعلن..


 تحركت بسيارتها لا تدري ماذا عليها ان تفعل بالتحديد؟ هو الحل الأمثل لخروجها من تلك المعمعة ولكن هل يستحق ان يكون مجرد حل؟ ان يكون مجرد حبل تتشبث فيه من الغرق في وحل ذلك المستنقع، الذي يجرفها إليه ذاخر.. 


هل يعرف أحمد شيء عن ذاخر؟ ام هو فقط أثره الشوق فلم يستطع أن يصبر كعادته أم اكتفى من الصبر ووجد ان الطريق ممهد له او لغيره، فعليه ان يقتنص الفرصة..


 كانت تصل الى الجامعه بعد وقت وهي شاردة الذهن متضاربة الأفكار


الصفحة التالية