-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر - الفصل 25 والأخير - 1 - الجمعة 10/5/2024

  

قراءة رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الأخير

1

تم النشر يوم الجمعة

10/5/2024



تصدر له بسيارته، يمنعه من المرور الى داخل البلدة، ليضطر الاخر للتوقف وسط الطريق الذي يتوسط الأرض المملوكة له، تلك التي ابتاعها منذ سنوات بصفقة مع ادارة املاك الدولة ليستصلحها ازواج شقيقاته، يرفع من قدرهم بالعمل لديه، ويثبت اقدامه هو كرجل اعمال قادم لينافس بقوة، كبار العائلات، واضعًا نصب عينيه ان يصبح ندا لهم، وبالأخص هو؛ غازي الدهشان الذي فطن لكل ذلك منذ البداية ولكنه كالعادة لا يشغل نفسه بأمثاله، سوى عند الخطأ منهم او في حالة هذا الأخرق كما فعل.


- انزل يا عمر، وجابلي وش لوش، راجل لراجل، اذا كنت تعرف معنى الأخيرة  


هيئته الاجرامية أثارت الزعر بقلبها، تلك التي كانت ترافق زوجها، بعودتها من متابعة احد الاطباء لحالتها في المدينة، لتتمتم بخوف سائلة:

- مين دا يا عمر؟ وليه بيكلمك كدة؟ هو اتجن عشان يسد الطريج عنينا واحنا مروحين بلدنا. 

التف إليها بقلق لا يخفيه، يخلع عنه حزام الأمان،  ليأمرها بحزم قبل ان يفتح باب السيارة ليترجل منها:


- خليكي مكانك يا هدير ، ومهما حصل متنزليش منها .

تشبثت بقميصه تمنعه:

- يا مري لتكون نازل تتعرك معاه، خليك مكانك يا عمر، لحد ما نتصل وياجي البوليس،  دا شكله مجرم، رغم هدومه النضيفة 


لاحت ابتسامة ساخرة بزواية فمه، ليربت على كفها يخاطبها بتعقل:

- شيلي يدك يا هدير، جوزك مش عويل عشان يفضل محبوس في عربيته لحد ما ياجي البوليس، وحتى لو جه برضو مش هياخده، دا حساب ولازم نصفيه مع بعض


تمتم الأخيرة بصوت خفيض،  وهو ينزع نفسه عنها ببعض اللطف، ويتركها مكانها في الأمام، ترا المشهد من محلها بوضوح، وتفهم أيضًا!:


فتحرك ليقف مقابله، وكأنه كان متوقعًا المواجهة، خاطبه بذقن مرفوع:

- نعم يا غازي بيه، اتفضل لو عندك كلام جوله.

عض الأخير على نواجزه، بغضب شديد يتمتم ردا له:


- يا برودك يا واض،  دا على أساس اني هنولك الشرف ده ، ولا انا ليا مرارة لأمثالك..... انا يدي هي اللي بتتحدت. 


قال الاخيرة، ليباغته بقبضة قوية حطت على فكه، حتى جعلته يرتد للخلف تأثرًا، وقبل ان يبتعد جيدًا،  جذبه ليكيل له عدد اخر من اللكمات عل الوجه والجسد، والأخر تعمد ان يتلقى الضربات دون ان يرد،  ولكنه كان فاقدًا السيطرة على لسانه:


- ما انت لو كنت جوزتهالي من الاول، مكنش دا كله حصل؟ ...... اه....... عرفت اللي فيها وبرضك نفذت وجوزتها واد عمك وصاحبك....... طاوعتك نفسك تكسر بخاطري وخاطرها، بحجة كلام فارغ من طليجتك...... هي اللي اخترعته....... وانت عارف...... اااه....... انها شريفة.....  وبتحبني وبحبها......


- اسكت ياض...... بدل ما اطلع روحك في يدي.....

صاح بها غازي وقد وصل لأقصى درجات الاستفزاز من هذا الذي كان مستسلمًا للضربات وفمه يتفوه بما يفقد العقل رزانته، وكأنه يبتغي القتل على يديه، لتأتيه 

الصرخة التي افاقته:


- سيبه حرام عليك، عايز تجتله جدامي وتحرق قلب والديه عليه.....


إلا هنا ولم يقوى غازي على المواصلة،  لينتفض ناهضًا عنه، بعدما كان مثبتًا له بين ركبتيه، يأخذ فرصته كاملة في افراغ شحنة الغضب به،


وابتعد يشيح بوجهه بعيدًا عنها، لتجثو هي على ركبتيها، فترفعه عن الأرض التي كان متسطحًا عليها،  تناديه برجاء وألم لرؤيته على هذه الهيئة المزرية:


- جوم يا عمر، سايبه يلطش فيك وانت ساكتله، كنت هتتحرك امتى؟ لما يطلع روحك؟ انا كنت عايزة اتصل على نمرة البوليس بس معرفتش الرقم. 


تطلع إليها بوجهه الملئ بالكدمات، يربت على كفها التي تضمه إليها بحنان، يزفر بأنفاس لاهثة، ويرمقها بتقدير لخوفها عليه رغم كل ما حدث منه،  


فصدح صوت غازي معقبًا:.

- متجيش في نص عمرك، واجدع منك مية مرة، والله خسارة فيك بنت الناس، لكن اجول ايه، ما هو دايما كدة الندل ما يحسش بجيمة النعمة اللي بين ايديه..... اخص.


بصق كلماته، ثم صار الى سيارته، ليعتليها ويذهب حيث يشاء،  وقد بردت ناره قليلًا بضربه، رغم مجاهدته بصعوبة، حتى لا يستسلم لرغبة النفس في الفتك بهذا الفاسد الساخط.


❈-❈-❈


بعد قليل 

كان قد وصل الى منزله، يدلف بالسيارة داخل محيط المدخل الكبير، ثم صار بها حتى يصفها في المساحة المخصصة لذلك، ليتقدم بخطواته داخل الحديقة نحو شقيقته الجالسة اسفل المظلة بوجه شاحب، انطفئت حيويته، وفتر الحماس الذي كان يقودها دائما في فعل ما تحبه، بالإضافة لثقة النفس التي تميزتها عن الجميع، لكن الاَن...... تبًا، رؤيتها بهذه الصورة تدفعه بقوة لأن يعود الى ذلك ال........ ويكمل عليه، حتى تهدأ بعض من نيرانه، زفر بقنوط ليرسم ابتسامة بصعوبة اغتصبها، ليلقي التحية مداعبًا لها: 


- مساء الورد والياسمين على احلى روح.

رفعت رأسها ترد  بصوت خيفض بالكاد يخرج:

- صباح الفل يا حبيب اختك، تعالي اجعد جمبي، الجو هنا يسحر.


- ياختي ما انا عارف، مش انا اللي عاملها في الأصل عشان كدة.

قالها بدعابة قبل ان يسقط بجسده الصخم، ويجلس مجاورا لها، يضمها اليه، مقبلا اعلى رأسها بحنو، ثم يسألها؛

-'عاملة ايه النهاردة يا جلب اخوكي؟

- زينة يا حبيبي وعال العال، مش باين عليا .


- لاه مش باين. 

غمغم بها داخله، فقد اعتاد منها على هذا الجواب هذه الأيام،  تدعي التحسن حتى لا تزيد من حزنه عليها،  وقد فقدت حيوتها القديمة، حتى وزنها نقص، حتى أصبح يشعر بالقلق على حال الطفل داخلها.


- بجولك ايه يا روح، انا هاخدك  بكرة انتي ونادية نزورو  الدكتورة عشان نطمنوا على  العيال، 


عبست ترفض المقترح:

- روح بيها هي،  انما انا زينة يا واد ابوي، ولسة جدامي سبوعبن ع المتابعة بتاعتي......


- جدامك ولا وراكي، انا جولت رايح بيكم انتوا الاتنين ، يعني مش عايز حديت ولا رط، دماغي مش حاملة....


ردد بها وهم ان ينهض ويتركها ولكنها استوقفته سائلة بلوعة:

- بيكلمك يا غازي صح؟ اوعى تنكر 

صمت بارتباك، لا يعرف ان كان عليه ان يخبرها ام لا، فواصلت بيقين:

- انا متأكدة منها دي عشان عارفة بمكانتك عنده، بس يا ترى مكانتي انا راحت خالص، ولا متبجي في جلبه جزء صغير، يستوعب ويسامحني على غلطتي؟ جولي يا غازي ، انت اكيد عارف؟


زفر قانطًا بثقل ما يشعر به  يجيبها:

- الصبر يا بت ابوي،  الصبر، كل خصام وليه وجت وينتهي، هيجيبه جلبه صديجيني هيجي


غمغمت بيأس تشيح بوجهها عنه:

- واد عمك شكله مش هيسامح، انا عارفاه وعارفة جلبته، هو يبان طيب، لكن في جلبته ياللا السلامة.


لم يجد ردًا اخر لها، ليتحرك ويغادر متهربًا منها، حتى اذا ابتعد بمسافة كافية، رفع هاتفه يتصل على الرقم الجديد لهذا المتمرد:


- ايوة يا زفت، وبعدهالك يعني؟ مش ناوي بجى تعجل وترسى على حيلك، انا معنديش دماغ ليك 


جاءه الرد من الجهة الأخرى:

- يا غازي بلاش كلامك ده، يا اجفل الخط دا كمان، وابجى جطعت اخر خط تواصل ما بينا .


- اتفلج 

صاح بها ليكمل بغضبه:

- دي اخر مكالمة بيني وبينك اصلا، انا بس حبيت ابلغك،  بكرة هاخد الجماعة واروح بيهم المحافظة، للدكتورة  اطمن منها على حالة الاتنين وصحتهم في الحمل، جيت تطمن على ولدك كان بها، مجيتش، في داهية حتى، وياللا غور. 


بصق كلماته ثم انهى على الفور دون ان يسمع لرد الاخر ، ليزفر بعدها انفاس متهدجة بانفعاله، مغمض عينيه بتعب، حتى شعر بلمستها الحانية على ظهره من الخلف، ليستدير إليها بملامح مجهدة، ليأتي ردها السريع، وتجذبه إليها، تضمه برقة، وتريح رأسه المنهك فوق كتفها، فتسير كفها صعودا وهبوطًا على ظهره، تغمره باحتوائها:


- خفف عن نفسك يا غازي، لتجع مرة واحدة من طولك،  وانت الكتف اللي الجميع بيستند عليه.


غمغم لها متنعمًا ببعض الراحة التي تخللت روحه بفعلتها البسيطة، وعبير رائحتها العطرة يتسلل داخل صدره، يستنشقه بنهم، يعيد لروحه الصفاء، بل ويًحيها:


- انا تعبان جوي يا نادية، حاسس اني مهلوك وروحي مجطعة ستين حتة، يعني مش كفاية الهموم اللي فوج راسي، عشان يطلعلي جوز المصايب دول بعمايلهم، يكدروني أكتر ما انا متكدر، 

شددت من لف ذراعيها حوله تهون عليه بقولها:

- معلش يا حبيبي، مسيرهم يتصالحوا، هو بس يرجع للبلد ولبيته، وبعدها كل شيء يتحل، دي روح غلبانة ونفسها بس تطمن بشوفته، وانا خايفة البعد ده يزود الجفا ما بينهم.


تنهد بقنوط وقد فطن لوجهة نظرها، ليردد بحنق:

- هو حر عاد، انا عملت اللي عليا معاه، ولا فاكرني هترجاه اكتر من كدة، خليه يزود في استهباله، عشان بعدها تجلب فوج راسه في الاخر.


❈-❈-❈


في اليوم التالي .

دلفت الى داخل الغرفة التي ظل متسطحًا فيها منذ الأمس، تأثرًا بألاصابات التي لم تشفى حتى الاَن، ولا حتى خف وجعها سوى بالمسكنات.


اقتربت حاملة بيدها مشروب ساخن لتضعه على الكمود المجاور لتخته، ثم جلست جواره على طرف الفراش لتوقظه:


- عمر..... يا عمر، اصحى احنا بجينا الضهر، 

غمغم بنعاس:

- روحي يا هدير، انا عايز انام، مش واري حاجة .

قلبت عينيها بضجر تعقب على كلماته:

- عارفة انك فاضي، بعد ما اديت كل اللي شغالين عندك اجازة، انا جايا اصحيك تشرب حاجة سخنة وتجوم تاكلك لجمة، ما انت مش هتفضل لازق في السرير، ولا تكون استحليتها....


الصفحة التالية