-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 13 - 1 - السبت 1/6/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثالث عشر

1

تم النشر يوم السبت

1/6/2024


منذ الصباح الباكر تركت بسمة طفلها عند حماتها ولم تهتم الى أسئلتها وفضولها الى أين ستذهب، لكنها اخبرتها باختصار قبل ذهابها بأنها ستمر على شقيقتها! لكنها في الحقيقه كانت تكذب وذهبت الى جمعتها، حتى تجمع المحاضرات الفائته كالعاده .


ثم عادت بسرعه حتى لا تسير الشكوك نحوها، وأخذت طفلها من عند حماتها أولا وبعدها بدأت في تحضير الطعام والترتيبات اللازمه بالمنزل بمفردها مثل كل مرة!. وبعد عده ساعات كانت منغمسه فيه غسل الصحون بالمطبخ وهي شارده في حالها وحال زوجها بدون فائدة! فهي لا تريد ان تستمر الحياه هكذا وهي تكذب وتخفي أشياء كثيره عنهما.. لكن هم من يجبروها على فعل ذلك؟ وكلما حاولت أن تفتح معهم موضوع الجامعه تتفاجأ برده فعلهما الصعبه .


وفي ذلك الأثناء وهي شاردة دخلت حماتها المنزل بالمفتاح دون أن تطرق علي الباب و تستاذن لتدخل تبحث عنها بالمطبخ، قفزت بسمة بذعر بخضه عندما رأتها فجاه بدون أي مقدمات أمامها؟؟ انكمش قلبها وهي تقول بصوت لاهث


= بسم الله الرحمن الرحيم، طنط مايسة 


لوت شفتاها ساخره من رده فعلها المبالغة فيها ثم علقت بصوت متعجباً


= آه يا أختي طنط مايسة امال هيكون مين هو انتٍ يا بنت كل ما تشوفيني في وشك هتشهقي كده.. ما إبنك معلي التلفزيون و قاعد بيتفرج على الكرتون بره.. مش لوحدك يعني! ايه لازمه الخضه دي بقى .


جاهدت بصعوبة أن تتحكم بأعصابها كي لا تثور عليها وتندم هاتفه بغضب مكتوم 


= يا طنط ارحميني قلتلك بدل المره عشره نفسي مره واحده تخبطي على الباب حتى و بعد كده تخشي لكن نبهيني مش فجاه الاقيكٍ في وشي كده وتخضيني.. هيجيلي سكته قلبيه في مره حرام عليكي 


عقدت حاجبيها متهكمة لتقول متبرمة


= ربنا كريم وقادر على كل حاجه، ودي اعمار مش بايدي 


ظهر العجب على وجهها وهي تقول باقتضاب


=هو انتٍ بتفولي عليا يا طنط بدل ما تقولي لي بعد الشر .. هي بقت كده تمام! 


عبس وجهها وسألتها بحدة


=ما انتٍ عملتيها قبل كده ورميتيلي كلمتين وقلتلي انتٍ وجوزك مش عايشين العمر كله لابنك كنت زعلت؟ المهم هتنسيني اللي طالعه عشانه؟ فين الكنبه اللي عاوزه تتغير وباظ القماش بتاعها خالص، معاذ كان قال لي عليها من أسبوع وانا قلت لابوه وقال لي لما يبقى معاه هيديني ونعملها.. وهاتي كمان معاكي بالمره حاجه نقيس بيها عشان بعد كده أتصل بالراجل واتفق معاه 


بسمة بحماس وهي تقول قبل أن تقترب مهرولة


= بجد! طب كويس أحسن منظرها يقرف و مكسوفه منها لحد يشوفها كده وهو بيزورنا ولا حاجه.. حالا هجيبلك اللي طلبتيه


بعد مرور ربع ساعة انتهوا من القياس ذهبت بسمه تحضر لها قهوتها وعندما عادت، تفاجأت بحماتها وهي تقول لها باختصار


= خلاص اتفقت مع الراجل علي التلفون على كل حاجه و خلال اسبوع هتكون عندكم واحسن من القديمه كمان . 


تغضن جبينها وهي تتقدم منها سائلة بدهشة 


= اتفقتي معاه فين؟ انا سبتك خمس دقائق ودخلت اعمل لك القهوه اللي طلبتيها.. وكمان كنت لسه هقول لك على المواصفات اللي انا عاوزاها عشان ناويه اغير اللون القديم واجيب لون ثاني أحسن و موضه الأيام دي هو انتٍ ليه استعجلتي يا حماتي 


هتفت بها بحسم بنظرات حادة


= هو انا هجيبلك اي حاجه برده ولا انتٍ تفهمي في الحاجات دي، ما تقلقيش انا اتفقت لك على احسن حاجه عنده واخترتلك كمان لون حلو أحمر كده وشكله فرايحي 


انعقد حاجبيها ولم تستطع منع نفسها من أن يظهر الضيق والاستياء وهي تقول


= أحمر!! بس انا مش عاجبني اللون ده ما كنتش عاوزاه.. انا كنت مرتبه في دماغي من وقت ما باظت وانا قايل لمعاذ المره الجايه هنختار لون كشميري عشان عاجبني.. ده أنا خمس دقائق بس دخلت اعمل لك قهوه كنت استنيتيني وانتٍ بتتفقي مع الراجل


ظلت تنظر لها للحظات طويلة حتى أدركت عما تتحدث عنه، فقالت بضيق 


= كشميري إيه وقرف ايه دي الوان فاتحه هتبوظ معاكي مع اول إستعمال بس.. بس انتٍ تفهمي إيه في الحاجات دي، انا خلاص اتفقت مع الراجل على كل حاجه واتفقت كمان على العربون اللي هدفعه وانا بستلم منه..


اتسعت عينا بسمة بصدمة! ثم ابعدت الأخري تواصل العينين واضافت بنبرة ذات مغزى


= ما هو ساعه الاستلام يا حبيبتي اللي هياخد الحاجه اللي معاه الفلوس واللي بيدفع عشان كده بيشتري على مزاجه واللي يعجبه.. وانا عاجبني لون الكنبه يكون أحمر .


تأملتها بسمة بغير وضوح وكانت تلوح في عينيها آثار الغبن والقهر والغضب.. من نفسها ومن معاذ.. ومنها أيضا.. فطال الألم ثنايا قلبها وهي تسمع ما تنطقه ولأول مرة تجد نفسها عاجزه بالفعل حقا ولا تستطيع الاعتراض او الرفض! فكيف لم تفكر بنقطه مثل تلك؟ الأمر الناهي ومن المتحكمون بذلك المنزل باكمله؟؟  الذين ينفقون عليه وليس الذين يسكنون بداخله.


تشتت نظر بسمة بحرج بالغ وقالت متفهمة 


= آه العربون اللي انتٍ هتدفعي من جيبك أو من تعب وشقي جوزك تمام فهمت.. و انا مالي صحيح هو انا اللي هدفع ولا جوزي هتكلم باي عين؟ .


❈-❈-❈


قد حان موعد تناول الفطار وكالعاده جهز آدم كل شيء بنفسه لكن هذه المره ضاعف الطعام أكثر لأجل وجود شخص جديد معه في المنزل سيشاركه أخيراً الطعام ولم يعد يتناول بعد الآن بمفرده.


بينما ديمة كانت ما زالت نائمه حتى الآن ففي الأيام السابقة كان النوم يهرب منها بسبب تفكيرها في حياتها مع آدم كيف ستكون وماذا سيفعل معها، لكن ليله أمس طمنها نوعا ما بأنه لم يؤذيها لذلك وضعت راسها فوق الوساده ولم تشعر بنفسها ولم تستيقظ إلا عندما ربت بقوة على كتفها مرارا هامس بحنو


= ديمة يلا كفايه نوم واصحي 


أفــاقت من غفوتها المؤقتة شاعره بتلك اليد التي تجتاح جسدها، بدت الرؤية مزعجة بالنسبة لها فاضطرت أن تغمض جفنيها لأكثر من مرة وتفتحهما حتى تعتاد على الإضاءة  حركت رأسها للجانب لتجد آدم محدقًا فيها  بحنان، شهقت مذعورة وهي تنهض من فوق الفراش بخضه! هتف قائلاً بسرعه وحذر 


= اهدي ما تخافيش ده انا، معلش بس فضلت كتير انده عليكي وانتٍ ما ردتيش فاضطريت ادخل! يلا قومي أنا جهزت الفطار بره


رحل بهدوء لكنه كان مزعوجًا من خوفها الذي ما زال يحتل قلبها ضده ورغم ان قد طمنها ليله أمس بأنه لم ياذيها لكنها من الواضح لم تثق به.


بعد دقائق، خرجت ديمة من غرفتها فتفاجأت بكم الأطباق الشهية التي تم تجهيزها خصيصًا لها، عقدت حاجبيها بتعجب متسائلة بدهشة 


= ماشاء الله! لازمته ايه التعب ده كله، هو الاكل ده انتّ اللي عامله 


هز رأسه بعدم اكتراث قائلاً وهو يشير بيده لتجلس أمامه تشاركه الفطور


= ايوه انا اللي عامله، مالك متفاجاه كده ليه مش مصدقه هكون جايبه جاهز يعني؟ انا عشت سنين طويله لوحدي اكيد مش هقضيها كل السنين دي اكل من بره اتعلمت مع الوقت واتعودت كمان علي الطبخ.. وبعدين ده فطار بسيط هبهرك اكتر وقت الغداء .


أجابته بصوت خافت مشيرة بعينيها الحزينة


= انا برده قعدت كذا سنه لوحدي بس مع ذلك ما تعلمتش اعمل اكل لوحدي خالص وكل محاولاتي كانت فاشله وما عرفتش اتعلم لوحدي، رغم أن رانيا كتير كانت بتقول لي انها هتعلمني بدل ما اجيب كل شويه اكل من بره بس ما كانتش فاضيه وانشغلت مع حياتها 


لوي ثغره للجانب قائلًا باقتضاب


= معلش مشاغل الدنيا والحياه برده صعبه و ساعات بتلهينا كلنا من غير ما ناخد بالنا ان احنا بنقصر مع غيرنا .


استرسل متسائلاً بحذر كنوع من التمهيد لما يريد البوح به


= قوليلي بقي أخبارك ايه؟ عرفتي تنامي كويس امبارح ولا لسه مش متعوده 


اقتربت وجلست أمامه وهي تقول بنبرة عادية


= كنت تعبانه أوي وما نمتش كويس الأيام اللي فاتت عشان كده حطيت دماغي نمت على طول.


هز آدم رأسه متفهمًا وهو يرد بجدية هادئة


= طب كويس، عاوزك تفتحي الشنط وترتبي حاجتك في الدولاب وخلاص اعتبري الاوضه بتاعتك من دلوقتي.. ما قلتليش بقى صحيح عجبتك الشقه انتٍ ما دخلتهاش قبل كده عمرك صح 


بدأ آدم في وضع مربى التوت فوق الدست وبعد ذلك قدمها لها حتى لا تشعر بالحرج وتتناول براحه دون إزعاج، لكن هي لاحظت ذلك وقد أحبت هذا الإهتمام البسيط منه والذي افتقدته أيضا، ثم لمحت إله بيانو في زوايا الصالون و قد استغربت ذلك وارادت ان تسأله عنه، هل هو ديكور أم يجد استخدامه لكنها تراجعت عن ذلك بسرعه من الخجل، وهتفت بانبهار


= شكلها تحفة، بصراحة ذوقك يجنن


أومــأ لها بعينيه وهو يقول بهمس جاد


= شكراً، هو انتٍ ما عندكيش مواعيد في الجامعه النهارده 


أطرقت رأسها في حرج وهي تردد بحذر


= لا ما انا بقيلي فتره طويله مش بروح من ساعه اللي حصل 


انزعج قسمات وجه آدم هاتفاً بعتاب


= طب ده كلام! خلاص بقى احنا قلنا نبدا صفحه جديده يعني ننسى اللي فات مش نقصر.. عايزك من بكره تبداي تروحي بلاش النهارده عشان صاحيه متاخر وكمان اكيد لسه تعبانه، لكن من بكره عاوز التزام 


همست بنبرة شبه متلعثمة وقد اعتلت الحمرة وجهها


= مش عارفه اذا كنت هلحق ولا لأ ، اصل انا داخله في اكتر من شهرين ما بروحش خالص 


حرك رأسه كتشجيع لها قائلاً بإصرار


= معلش شوفي المحاضرات اللي فاتتك و حاولي من اول وجديد، لو بداتي تذاكري كويس وتعوضي اللي فات هتحاولي ان شاء الله تلحقي.


بقي وجهها خاليًا من أي تعبيرات مزعوجة 

أو اعتراضا، مجرد ابتسامة خفيفة ظهرت وهي تقول بتردد مع الإيماء برأسها


= حاضر اوعدك هحاول، بس مش هتبقى شكلها بايخ يعني ان انا انزل من تاني يوم جواز 


هز رأسه بعدم مبالاة وهتف قائلاً بهدوء جاد


= ايه يعني ما تهتميش انا كمان اصلا هنزل من اول النهارده عشان عندي شغل مهم ما عرفتش ااجله ولا ده هيضايقك .


هزت رأسها برفض أو عدم اهتمام للأمر، و بعدها تنهد آدم بعمق وهو يقول 


= ماشي انا فطرت خلاص كملي انتٍ أكلك وانا هروح ألبس عشان الحق شغلي في الجامعه،  آه صح كنت هنسى خدي الفلوس دي عشان لو احتجتي حاجه . 


ضغطت على شفتيها بقوة بحرج متفاجئه، لكنها هتفت باعتراض


= شكرًا يا اونكل آدم، بس معلش اعذرني انا مش هقدر أقبل الـ .....


قاطعها صائحا بعتاب عابس


= أعذرك ايه بس مش عاوزه اعتراض.. ديمة انتٍ دلوقتي بقيتي مراتي حتى لو جوازنا مؤقت وبشكل معين فده ما يمنعش ان انتٍ برده بقيتي مسؤوله مني.. 


ابتسمت ديمة له بتوتر مبررة


= متشكره، بس انا لو عاوزه حاجه هطلب من اخواتي زي ما متعوده، غير ان انا معايا فيزا بصرف منها من حسابي في البنك او يعني الورث بتاع بابا وماما .


امتعض وجهه على الأخير المتجهم نحوها، فرد بجمود 


= طب هعتبر نفسي ما سمعتش الكلمتين دول عشان ما نزعلش من بعض من اولها، وفلوس امك وابوك او اخواتك ما ليش علاقه بيها.. ولو عاوزتي حاجه بعد كده تعالي اطلبيها مني أنا مش من اخواتك.. تمام!. 


خفق قلبها بقوة رغمًا عنها لكلماته معها و التي توحى الى اهتمامه بها منذ اللحظه القادمه...  

و إن رجلاً بحق! لمحت ديمة وجهه المتجهم أثر رفضها، فاضطرت أن تستسلم الى الأمر وتأخذ الأموال قبل أن تهز رأسها مبدية امتنانها الكبير نحوه .


❈-❈-❈


لاحقاً، أمام أحد المستشفيات خرجت ضحى تسير بخطوات سريعة والدموع تنهمر من عينيها بقهر مكتوم! و منذر خلفها شبه يركض يحاول اللحاق بها وهو يهتف باسمها لكنها تجاهلته تماماً.


فلقد فعلت ما يريد للتو! ذهبت معه الى احد الأطباء ليتأكد من عفتها وأنها لم يلمسها أحد  قبل زواجهم، لتشعر بالإهانة الشديده بعدها وهي تشتم داخلها وتلعن وتسب المجتمع و الناس والأصدقاء وكل من كان له يد في الضغط عليها لتتقبل تلك الأوضاع الغير مرغوبة، وتوافق على ذلك الوضع.. لأجل أن تتزوج وتتخلص من لقب عانس .

الصفحة التالية