-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 18 - 1 الأربعاء 19/6/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثامن عشر

1

تم النشر يوم الأربعاء

19/6/2024 

❈-❈-❈

فغرت ضحي شفتيها مشدوهة، ولوهلة شعرت أن أمر الطبيب ربما يكون نجاة مؤقتة له من ذلك الموقف المتأزم.. فتحركت تجاه وهي تهتف غير مصدقة


= انت ازاي تعمل كده يا منذر انا اعتقدت انك كشفت وجربت تاخد علاج كمان! مش مجرد حكمت على نفسك انك ملكش دواء وعمرك ما هتتعالج وخلاص أسست نفسك تعيش حياتك بالشكل ده من غير ما تجرب 


تأملت بغير وضوح كيف تلوح في عينيه آثار الغبن والقهر والغضب من نفسه التي يحملها فوق طاقتها طوال الوقت..فطال الألم ثنايا قلبها عليه وهي تسمع ما ينطق بانفعال ولأول مرة


= اجرب ايه هو انتٍ مستوعبه عقلك بيقول ايه؟ انا كل اللي يهمني في الموضوع ده اهلي ما يعرفوش وبالذات ابويا! وبعدين مين قال لك أن اللي زي ليهم علاج انا اللي زيي هيموت ويعيش كده! امال هم ليه اول ما يعرفوا هيفضلوا يعايروني ويلوموني كأن الموضوع بايدي عشان عارفين و متاكدين ان انا ما ليش علاج


حاولت أن تضبط أعصابها من عناده الأحمق و رفضه التام فسحبت نفسًا عميقًا، ثم زفرته على مهل وهي تقول بتجهم


= يا منذر غلط تفكر بالطريقه دي، وكل حاجه ليها علاج دلوقتي والموضوع اتطور عن زمان

والمفروض أصلا كنت كشفت من زمان جايز الموضوع يكون بسيط ومش مستاهل كل اللي انت عامله في نفسك ده.. انا الفترة اللي قعدتها معاك لاحظت الموضوع ده بالذات مؤثر على نفسيتك بشكل كبير وغير انك خايف طول الوقت والدك يعرف ويانبك كأن الموضوع فعلا بايدك انت.. بس هو فعلا بايدك لحد ما تروح تكشف 


انحنى يمسكها من اگتافها يهزها بعنف وزمجر قائلاً بغضب شديد 


=اسمعيني كويس عشان مش عاوز افتح الموضوع ده كتير مروح عند دكاتره مش هروح! ما هو انا مش كل اللي عامله ده عشان ما حدش يعرف وفي الآخر اروح افضح نفسي 

انا ما ليش علاج وهفضل كده وحتى لو سمعت كلامك ورحت مش هينوبني غير ان الدكتور هيضحك عليا وهيفضل يديني في ادويه ملهاش لازمه ويديني امل على الفاضي 

ارضي زي ما انا رضيت يا ضحى عشان ده الواقع 


توجست خيفة من غضبه الصريح لكنها حافظت على ابتسامتها الباهتة وهي تردف بنبرة عقلانية متريثة


=لا مش ده الواقع خالص، الواقع بيقول ان انت تروح تكشف وتعمل اللي عليك ولو ما فيش امل والدكتور بنفسك قال لك كده ولا انت حتي لاحظت ان حالتك ميؤوس منها خلاص مش هفتحك الموضوع! لكن ما يبقاش قدامك امل حتى لو بسيط وانت مش راضي... يا منذر هو انت مش عاوز تتغير ما فكرتش لحظه واحده انك ممكن تكون شخص عادي واحسن كمان من كل إللي حواليك ومع الوقت تتعالج 


هوى على المقعد يفتح زر قميصه عندما أحس بعدم قدرته على التنفس، كأن لا يوجد اكسجين بالغرفة ثم ضحك بسخرية مريرة علي حديثها كأنها قالت شيء يدعي للسخريه

لكنها مع ذلك التزمت الثبات ولم تغضب و تعاتبه! لأنها تقدر جيد ما به خصوصاً ذلك الموضوع، فعندما تري مآسي الآخرين و إنكسارهم.. إياكَ أن تبتسم، تأدًَب في حَضرةُ الجرح.


نهض من مكانه،و أظلمت نظراته بازدراء و ارتفعت صيحاته حتى زلزلت المكان يعنفها غاضبًا


= بطلي تتكلمي بالطريقه دي كأن الموضوع سهل كده عشان انتٍ في حاجات كتير لسه ما تعرفهاش.. ما هو صحيح اللي ايده في الميه مش زي اللي ايده في النار


تنفست ضحي الصعداء ثم هتفت بجدية


= طب تعالي نتكلم في اللي أنت ساكت عنه، وانا لسه ما اعرفوش ومش فاهمه حاجه على رأي كلامك؟ تعالي نفتح الجرح علشان نقفله على نضافة.


كور قبضة يده ضاغطًا على أصابعه بقوة وهو

يرد عليها بفتور


= ايه فجاه دلوقتي بس لاحظتي انك مراتي بجد وهتعملي فيها عاوزه تساعديني ما انتٍ طول الفتره إللي فاتت مش طايقاني.. ولا فاكراني مش واخد بالي أن كل اللي بتعمليه و مساعدتك ليا من باب الشفقه لما شفتي اهلي بيعاملوني ازاي؟ والدليل انك لحد دلوقتي بتكلميني عادي بس رافضه اوضه واحده تجمعنا! وانا لسه بنام في اوضه الاطفال من اول يوم جوازنا لحد اليوم.. انا فاهم كويس نظارتك ليا عامله ازاي؟ زي غاده بالظبط قرفانه مني و شايفاني مش راجل وعاوزاني اروح للدكتور عشان ممكن اتعدل شويه في نظرك بما انك خلاص اتدبستي فيا..


تشكلت علامات الانزعاج على وجهها، لقد خاب ظنها تماماً من عدم موافقته وحديثه لكن مع ذلك حاولت التحدث لكنه قاطعها قائلاً بنبرة منكسرة 


= اجيبها لك من الآخر يا ضحى انا واحد قلبه مات! والموضوع حتى مش موضوع أن مش قادر المسك وبس انا واحد عندي مشاكل وعقد كثير مش بتتحل وما لهاش علاج بسبب اهلي ولو هتمشيها دكاتره وكده.. يبقى هنمشي في الموضوع ده كتير لان انا ما ليش علاج او حتى لو ليا كل ما تعالجي حاجه هتطلعلي عقده ثانيه، نصيبك بقى تقعي مع واحد ضعيف الشخصيه و مليان كلاكيع ما لهاش أول من آخر 


ألمها رؤيته يفعل هذا، فقد شاهدت جزءا من شراسه والده معه، وهي أصبحت تعلم جيد خوف منذر الأول والأخير من معرفة والده حتى لا يسمع كلمات تجرحه كعادته. أمعنت النظر في ملامحه الجادة، وهي تهمس بصعوبة


= مفيش جرح الزمن مش بيداويه يا منذر كل حاجه صعبة فاكر نفسك مش هتقدر تعديها هتلاقي نفسك عديتها وكملت مع الوقت، أي ألم كنت فاكر إنه مش هيخف هتلاقيه مع الوقت مختفي ومالوش أثر، كل حاجه بتخسرها وبتبقى فاكر إنك مش هتلاقي زيها تاني هتلاقي جايلك الأحسن منها .. الزمن كفيل يشفي أي جرح، ويعوّض مكانه.. 


ثم تجهمت قسمات وجهها أكثر عندما تذكرت وجه المقارنه بينها وبين تلك المزعومة غاده، واضافت قائله بصوت حانق


= وانا مش بقول لك كده عشان الكلام الاهبل اللي انت قلتهلي عشان عاوزاك تتعالج عشان مصلحتي وأن شايفاك مش راجل وقرفانه منك ونفس نظريه طليقتك القديمه اللي انت بتقارني بيها.. بس مش هنكر أن فعلا عايزاك تتغير ونفسي فعلا تتعالج بس ده عشانك وعشاني، اي اثنين متجوزين المفروض يخافوا على بعض ولما يبقي واحد منهم محتاج مساعده يقف جنبه وانا بعمل كده عشان ده واجبي! ولا انت لما تجيلك فرصه وتشوفني محتاجه مساعده هتطنشني يا منذر


ظل منذر صامت لبرهة معيد تفكيره فيما قالته، لكن مشاعره القديمة بفقدان الأمل لا تزال هي المحرك الأساسي له، أغمض عيناه رافض تصديق ما سمعه منها، وصرخ فجــأة بعصبية


= ما بلاش طقم الزوجه الصالحه والحنيه اللي نزلت عليكي مره واحده دي مش هتاكل معايا

انا عارف ومتاكد ان انا هعيش حياتي كده حتى لو هتفضلي معايا في بيت واحد هفضل لوحدي منبوذ من الكل! ومش راجل وضعيف الشخصيه على راي اهلي


حل الوجوم على تعابيرها وهي ترد قائله بإنزعاج


= انا ما ليش دعوه بغيري وبطل تسمع لهم وتبقى واثق أن كلامهم صح! هو انت عمرك في حياتك حسبتها ان العيب فيهم هم مش فيك وان هم اللي ضعافه مش أنت وعندهم عقد وكلاكيع بيطلعوها عليك طول الوقت.. مش جايز الغلط فيهم هم مش فيك !. هم مش ملايكه يا منذر يبقى ليه مؤمن أوي بكلامهم

ومصدقه .


هتف فيها منذر بصوت متصلب وهو يرمقها بتلك النظرات المقهورة نفسها 


= بقيلي اكتر من عشرين سنه بسمعلهم جايه دلوقتي تقوليلي ان ممكن العيب يكون فيهم؟ بعد كل حاجه وحشه عملوها معايا.. فينهم يسمعوكي مش بعيد كانوا خلوني طلقتك في نفس الساعه اللي فكرتي تنتقديهم ولا تقولي عليهم حاجه غلط اصل هم ماشيين بقى بمبدا انهم ينتقدوا كل كبيره وصغيره فيا انما حد يفكر ينتقدهم مستحيل.. وبعدين هو انتٍ بتتكلمي على جيران بشوفهم فين وفين صدفه! دول أهلي ؟!. فاهمه يعني إيه ؟ 


دفعته من كتفه بقوة قائلة بتحدٍ


= افهم من كلامك ان الاهل عمرهم ما يغلطوا ولا بيجرحوا اولادهم


ارتجفت شفتا وازدادت وتيرة أنفاسه بينما تشق صدره بألم عند هذه الذكرى هاتفا بقهر كبير 


= ومين قال الاهل مبيكسروش.. اومال مين اول ناس بتعاير !!

الصفحة التالية