رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 18 - 2 الأربعاء 19/6/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثامن عشر
2
تم النشر يوم الأربعاء
19/6/2024
❈-❈-❈
صمتت لحظة ثم ابتلعت ريقها وهي تتساءل
بحده
= امال انت ليه حاطط نفسك في خانه ان لازم افضل مطاطي ومستسلم ليهم على فكره لو مفكر اللي انت بتعمله ده من طاعه الوالدين تبقى غلطان عشان هم كمان هيتحاسبوا على اللي بيعملوه فيك.. الانسان لازم يكون كويس لنفسه قبل ما يختار شريك حياته والتغيير لازم يكون لنفسك مش عشان حد بتحبه!
خفق قلبه بعنف بحسرة ثم ابتلع ريقه مرددًا بصوت حزين للغاية
= حد بحبه أو يحبني هو انا في حد بيحبني!
انا كل اللي حواليا وقابلتهم بيبقى هدافهم حاجه واحده بس يدمروني
هزت رأسها متفهمة حديثه ثم أجابت بإصرار
=الإنسان الذكي مابيقفش ويقدر يحول لحظة تعاسة في حياته للحظة فرح وسرور هديك مثل.. لو إحنا فضلنا حاطين إيدينا على خدنا والدموع في عينينا طول حياتنا.. هتقدر ترجع الزمن وتغير معامله اهلك ليك؟ طبعا ماكانش هيحصل، يلا ابدأ من جديد ايه مش حاسس ان جي الوقت خلاص انك تقول لمره واحده لأ وترفض النرجسيه اللي بيعاملك بيها طول الوقت وانهم صح .. ابدأ من دلوقتي حياة جديدة ان شاء الله حتى بعيد عنهم
كلماتها كانت كحد السيف، أغلبها صائب.. فهو قد رأى الجانب الأخر من حقيقة عائلته!
بدت نبرته أكثر خشونة وهو يتسائل بنبرة
غير مفهومة
= ابعد عنهم ازاي مش فاهم انتٍ عاوزاني امشي من هنا يعني
هتفت ضحي قائلة باعتراض
= انا ما قلتش تسيبهم اكيد لكن ما تسمعلهمش في الحاجات الوحشه ولا تديهم اهتمام و مارس حياتك بشكل عادي، لكن بنفس الوقت غير من نفسك.. يعني أي مكان في الحلو وفي الوحش، لو ركزت مع الوحش الحلو هيتنسي ولو ركزت مع الحلو الوحش هيتنسي، فوق وبطل تشجع غيرك اللي ما بيصدق يطلع كل الوحش إللي فيه عليك بانتقاده.
كاد أن يتحدث لكنها قاطعته قائلة بجفاء
= على فكره انت مش الوحيد اللي كده وكلنا بنعاني و طبعا كل واحد بيختلف عن الثاني.. بس في حياة كل حد مننا فيه حد عمله عقدة ومش قادر ينساها سوا بقي حصلت لنا واحنا صغيرين ولا كبار و من حقنا نزعل! كل حد فينا عنده عقدة بسبب شخص معين في حياته
حتي أنا اكيد في حد عملي عقدة في حياتي؟
زي لما كانوا بيضغطوا عليا كلهم عشان اتجوز كنت بحس فعلا الموضوع بايدي وانا فيا حاجه غلط بس مش عارفه اعمل ايه ولا اصلح من نفسي إزاي؟
تنهدت بقله حيله وهي تتذكر تلك الفترة الصعبة عليها التي جعلتها تستسلم إلي أي رجل دون التفكير بشكل كبير في العواقب و كان هدفها الأساسي هو الزواج للتخلص من المجتمع والاهل! تابعت حديثها قائلة بشرود
= بس عارف لما اتجوزتك عرفت ان العيب كان فيهم هم مش فيا.. هم طبعهم كده ناس حشريين ووحشين اتربوا على الطريقه دي ما يرعوش مشاعر غيرهم ولا يفكروا في كل كلمه بيقولوها ممكن تجرح اللي قدامهم قد ايه؟ وانا تجاهلت كل ده وبصيت اني فعلا كلامهم صح وانا غلط، وما فكرتش كمان أن ممكن يكون عندهم عقد وان أكيد في حد وهم صغيرين كان بيتنمر عليهم بالطريقة دي عشان كده شايفينها شيء عادي وانا كمان اعمل زي ما كان بيتعمل فيا وانتقم! مع اني مش انا اللي ظلمتهم ولا عملت لهم العقده دي بس هم طبعهم كده مش بيتشطروا غير على الضعيف.. وما لقوش اللي يوعيهم ويقول لهم ان ده غلط
تهدل كتفيه للأسفل قائلًا بنبرة غير مبالية زائفة
= طب كويس واضح من كلامك أن عالجتك من العقده بتاعك مع الناس اللي بيتدخلوا في حياتك.. بس انا غيرك يا ضحى في كل حاجه انا مش شخص واحد اذاني ودمرني و اللي عملي جرح في حياتي؟! مش هعرف اتخلص منهم لانهم بكل بساطه اهلي! لسه في تعويرة سايبة علامة في حياتي، بتفضل مهما مرت السنين و ما فيش مراهم تقدر تعالج التعويره دي؟
نفخت مستاءًه من عناده الأحمق ثم هتفت من بين شفتيها بجدية
= الحياة كلها مراهم يا منذر.. بس انت اللي مش واخد بالك حواليك.. العمر و السنين و الشغل والحياه الاسريه.. كل دول بينسوا
انتفض في مكانه عندما انتهت من الحديث، ثم هدر فيها بصوت متشنج
= اديكٍ قلتيها بينسوا انما مش بيعالجوا!
هزت رأسها برفض وهتفت بصوتها المبحوح
= لا ممكن ينسوا، وممكن بعد كده لما تفتكر الحاجه دي ما تتوجعش ذي دلوقتي! بس تبتسم ابتسامه بسيطه وتقول يااه كانت أيام ربنا ما يعيدها وانا اتعلجت دلوقتي منها.. بيقولوا دايما كل الجروح الى زوال و الى نهاية
قست نظرات منذر ثم رد بغل يحمل الصرامة
= غلطانه عشان فيه حاجات الزمن مش بينسيها خالص.. الزمن ممكن يعوض.. ممكن بيغلوش ممكن بيلهي.. لكن فيه جروح ما بتتنسيش أبداً، بس انتٍ ما بيقاش قدامك غير اني اتجاهل عشان اقدر اعيش بس مش هنسى.. وده اللي انتٍ بتحاولي توصله لي دلوقتي
شعرت أنها تصارع الأمواج العاتية بوهن كبير، دون فائدة معه لذلك تساءلت بيأس
= منذر هو انت بتصعبها عليك ليه؟ كلامك صح تمام، مش كل حاجه نقدر ننساها بس ممكن تلاقي حاجات تعوضك وزي ما قلت لك هتتجاهلها بعد كده لما تفتكر بس مش هتتوجع.. أنت ما اخترتش الوضع يكون كده، لكن ممكن تغيره للاحسن... وانا فاهمه كويس ان الموضوع هيكون صعب بس المحاوله في حد ذاتها كويسه والنهايه هتكون لصالحك اكيد
بس بلاش التشاؤم اللي انت فيه ده.
جذب انتباهه شيء ما، فدقق النظر في جفنيها اللذين كانا يتحركان بسرعه وهي تقف أمامه ثابته وقد ظهر و رأى عبراتها تنساب ببطء لتبلل وجنتيها، زاد تعجبه فهل تبكي على حالها أم حاله! لذا لم يعقب علي ذلك.... لان الاحتمال الأكبر أنها تبكي على حياتها التي ضاعت بجانب رجل ضائع أيضا .!
حاول أن يبرر لها رفضه لذهابه إلي الطبيب قائلًا بوجه خالٍ من التعابير
= عشان قلت لك ده الواقع اللي انا عايشه اكتر من عشرين سنه فشيء طبيعي اتعود بقى، حتى على وجعي.. وانتٍ كمان مع الوقت هتتعودي عشان انا كمان خدت شوية وقت علي ما استوعبت.. عارفه انا علاجي مش أني اتجاهل لأ .. انا علاجي ذاكرتي تتمسح
شعر أن روحه ستخرج من جوفه لمجرد يعيش تلك التجربة المفزعة من جديد وبأيد مرتجفة حركها علي وجهه ليمسح أثر دموعه التي تشعره بالإهانة دوماً لأن نشأ وتربى في بيئة تعتبر بكاء الرجل من علامات قله الرجلة وكأن الرجال ليس لها مشاعر أيضاً.
مسح على جبينه برفق وهو يتنهد بعمق، لم يكن ليتحمل فاجعة أخرى تصيبه يكفيه ما لاقي من مآسي متعاقبة في فترة زمنية طويلة منذ طفولته لذلك الأمر صعب حله، جلس على المقعد الملاصق للفراش، ظل منذر محدقًا في عينيها دون أن يطرف له جفن، ثم تابع محذرًا بجمود
= آه ولله نفسي امسح من ذاكرتي كام سنه علي كام موقف حصلي علي كام بني ادم دخل حياتي انا عايز امسح لخبطه كتير حصلت في حياتي.. وطبعا ده مستحيل يحصل زي ما انتٍ قلتي ما اقدرش ارجع الزمن! اعتبريني بقى شخص ما ميئوس منه
بالفعل لم تجد ضحي أمامها إلا شخص ميئوس منه، لا زال حتى الآن يرتعش قلبه كلما تذكر كل لحظة ألم أو ظلم مر عليه! ولا زال يتذكر كل لحظة تعالي نحيبه وبكائه بمفرده بسبب كلماتهم المسمومه والتفريق في المعامله بينه وبين أخيه حتي في أبسط الأمور.. ورغم علمه أن مسألة التفريق ليس السبب الوحيد لبكائه وعقدته التي لم يتخطها إلا أن لا يأبى التحدث بأكثر من هذا ويكتم داخله.. و اهله لا يساعده بل دائما هم السبب في جفائه .
وبالنهاية كان هو المجرم المستعمر الظالم في قصتها وهي المظلومة؟ الا أن كلاهما أتضح ضحية!